اقتباس
اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الفقيـر لله مشاهدة المشاركة
بســـــــــــــــــــــــم الله الرحمن الرحيم

فيه شبهة أخرى غبيه بس انها ذكيه ..... اعطانيها ملحد بعد حوار طويل
بعدما تحاورنا في قصه ادم وإبليس
وقول ابليس ( فبعزتك لأغوينهم أجمعين * إلا عبادك منهم المخلصين )

قال لي ..كيف لا يستطيع إغواء الصالحين وقد استطاع إغواء ءادم ؟
يعني نحن لسنا بقوة إيمان ادم ...يعني يستطيع إغوائنا

أرجوا منكم مساعدتي ف الرد عليـــــــه ............والسلام عليكم
لا أقول لك قل للملحد، بل أنا أقول لك أنت، فمن تجربتي في المحاورة معهم؛ أيقنتُ أنَّني أحاور صخورًا، فهم معاندون، وقد قال قديمًا "القاضي عبد الجبار" بما معناه:"الحوار مع المعاند مضيعة للوقت".
ولا يغرنَّك تشبثهم بما يقولون، فهناك أحوال نفسية قاهرة يمرون بها، تجعل خروجهم مما هم فيه في غاية العُسْر، فالملحد يمر بأطوار نفسية مختلفة، تبتدئ بالشك بوجود الله، إنْ لم يكن له دين أصلًا، وإنْ كان له دين؛ فقد تبتدئ أحواله بالشك بالدين قبل الشك في وجود الله، وقد يشك بوجود الله قبل شكه بالدين، وشكه بوجود الله، يجعله بالضرورة يشك بالدين، فإنْ شعر وقال بلسان الحال، أو بلسان الحال والمقال بأنَّه ميقن بأنَّ الله غير موجود؛ فهنا لم يعد الشك يتعلق بنسبة الدين إلى الذي كان يشك في وجوده، بل صار ميقن بأنَّه من تأليف الذي ادَّعى بأنَّه من عند الله وحيًا إليه.
ليس بالضرورة أنْ يكون الملحد في مدة ما مُساق من أحوال نفسية قاهرة، فقد تزول الأحوال النفسية القاهرة عنه، ويبقى متشبثًا بإلحاده، فلا بد من التمييز بين هذه الأحوال، وكذلك الشك ليس بالضرورة أنْ يكون متعلقًا بأحوال نفسية قاهرة، ولكن صاحب الشك؛ لا شك كان يمر بمراحل نفسية قاهرة تتعلق بالشك.
إنْ كنت قد قرأت كتاب المنقذ من الضلال لأبي حامد الغزالي، فستعلم أنَّه قال بما معناه "أنَّني شككت حتى في الضروريات"، وقد قال بأنَّ حال الشك هذا "لازمه مدة شهرين"، وقال خروجه من هذه الأحوال كان بما معناه "بنور قذفه الله في قلبي وليس بترتيب أدلة".
لاحظ كلمة "بنور قذفه الله في قلبي، وليس بترتيب أدلة"، فهذا حال خاص بالغزالي، فهو فيلسوف، ومتكلم كبير، وأصولي، ولذلك فهو يملك الأدلة، ولكن الأدلة لا تنفع مع من أصيب بهذا الحال، فلا بد من أنْ يخرُج من هذا الحال القاهر، وقد عَبَّر عن خروجه من حاله القاهر بالكلمة "بنور قذفه الله في قلبي".
إذ يصل الشك إلى الضروريات؛ فاعلم أنَّ أحوال نفسية قاهرة يمر بها وهو شاك، والحوار الذي يبلغ أقصى درجات العقلانية؛ لا يجدي نفعًا بسرعة مع الذي يشك حتى في الضروريات، ففئة الشكاك حتى في الضروريات؛ يحتاجون إلى وقت لكي يعودوا إلى أحوالهم الطبيعية.
فإنْ سألتني: ما المقصود بالشك بالضروريات؟
أقول: أنت الآن تشعر بوجود نفسك، وبوجود الأشياء التي تراها أمامك والأصوات التي تسمعها، فهذا الشعور بوجودك وبوجود الأشياء التي تراها؛ هو من الضروريات، فإذ تشك في وجود نفسك، ووجود الأشياء من حولك؛ فهذا هو نوع من أنواع الشك الشك في الضروريات، وهو أقصى أنواع الشك.
واعلم بأنَّني قبل عدة سنوات كنت أحد الذين مروا بمثل هذه الأحوال، وأفهمها جيدًا، وأُجزم إنْ لم يكن كل قراء علم الكلام والفلسفة قد مروا بمثل هذه الأحوال، فلا أقل من أكثرهم.

أما بعد:
صاحب الشبهة يريد أنْ يلزمنا بصحة أقوال إبليس، وإبليس كذوب، ولكنه يمكن أنْ ينطق بالصدق أحيانًا.
هذا قول إبليس، ونحن نكذب إبليس.
ولكن لنفترض جدلًا أنَّ إبليس صدق فيما قال، فهل العبد هو الإنسان في مختلف تقلباته في الحياة?
بالتأكيد لا، فليس كل إنسان عبدًا مخلصًا لله في كل أوقاته، وليس كل عبد لله إنسانًا، والملحد إنسان، ولكنه ليس عبدًا لله، ولكنه ربما كان ملحد ما عبدًا مخلصًا لله، فالعبد المخلص ليس هو الإنسان إنما هو حال يمر به الإنسان، قد يدوم، وقد يطول وقد يقصُر، وقد يتقلب الإنسان بين طور العبودية لله، وبين طور العبودية الخالصة لله، وطور الكفر، فيعود إلى العبودية، أو العبودية الخالصة؛ وبهذا فانتفاء حالة العبودية الخالصة عن إنسان ما - آدم مثالًا -؛ لا يقتضي انتفاء العبودية، فإبليس الكذاب حدد الأمر فقال "إلَّا عبادك المخلصين"، فآدم إذ انتفت عنه العبودية الخالصة لله، فلم تنتفِ عنه العبودية لله، هذا على افتراض صحة كلام إبليس الكذاب الكذوب.

الملحدون من جهلهم تجدهم يدندنون على شبهة أخرى من جنس الشبهة التي أتيتَ لنا بها منهم، وشبهتهم هي:"عين حمئة"، فهم الذين يدَّعون الذكاء، من غبائهم وقلة عقولهم لا ينظرون لمن يُنْسب الكلام، فالآية "ووجدها تغرب في عين حمئة"، والضمير في وجدها يعود إلى ذي القرنين، وليس إلى الله، وعلى افتراض أنَّه نبي؛ فالله لم يعلمه صحة هذه المسألة قبل أنْ يقع في الخطأ، هذا إنْ كان المقصود بالغروب الشمس في العين الحمئة هو الظاهر، فنحن نقول في حياتنا:"جاءت الشمس" مع علمنا بأنَّ الأرض تدور حول محورها، فنحن لا نقصد بكلمة "جاءت الشمس" انتفاء حركة الأرض حول محورها، بل نثبت الحركة للأرض حول محورها، ومن ثم يجب على الذي يسمع منَّا كلمة "جاءت الشمس" أنْ يحملها المفاهيم التي نثبتها.