اقتباس
1- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنكم ستفتحون مصر
وهي أرض يسمى فيها القيراط فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلها فإن لهم ذمة
ورحما أو قال ذمة وصهرا فإذا رأيت رجلين يختصمان فيها في موضع لبنة
فاخرج منها قال فرأيت عبد الرحمن بن شرحبيل بن حسنة وأخاه ربيعة
يختصمان في موضع لبنة فخرجت منها. رواه مسلم.
وقد تحققت هذه النبوءة وفتحت مصر.

2-
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله زوى (أي جمع وضم) لي
الأرض , فرأيت مشارقها ومغاربها وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها.(رواه مسلم ).
وقد تحققت هذه النبوءة بأن عمت الفتوحات الإسلامية مشارق الأرض ومغاربها.

3-
عن أبى قبيل قال: كنا عند عبد الله بن عمرو بن العاصي و سئل أي
المدينتين تفتح أولا القسطنطينية أو رومية ? فدعا عبد الله بصندوق له حلق ,
قال: فأخرج منه كتاباً قال: فقال عبد الله: بينما نحن حول رسول الله صلى الله
عليه وسلم نكتب , إذ سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي المدينتين تفتح
أولا أقسطنطينية أو رومية ? فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مدينة
هرقل تفتح أولا. يعني قسطنطينية ( مسلم ).
وتحققت هذه النبوءة بأن فتحت القسطنطينية على يد محمد الفاتح.

4-
وفي يوم الخندق شكا الصحابة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم صخرة
لم يستطيعوا كسرها، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم – وأخذ الفأس وقال:
(بسم الله) فضرب ضربة كسر منها ثلث الحجر، وقال: (الله أكبر، أعطيت
مفاتيح الشام، والله إنى لأبصر قصورها الحمر من مكاني هذا)، ثم قال: (بسم
الله)، وضرب ثانيةً فكسر ثلث الحجر، فقال: (الله أكبر، أعطيت مفاتيح فارس،
والله إنى لأبصر المدائن وأبصر قصرها الأبيض من مكاني هذا)، ثم قال: (بسم
الله) وضرب ضربة كسرت بقية الحجر، فقال: (الله أكبر، أعطيت مفاتيح اليمن،
والله إنى لأبصر أبواب صنعاء من مكاني هذا) (رواه أحمد)
وتحققت هذه النبوءة بأن ملك المسلمون الشام وفارس وصنعاء.

5-
قال ‏عدي بن حاتم:
‏بينا أنا عند النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏إذ أتاه رجل فشكا إليه ‏ ‏الفاقة ‏ ‏ثم أتاه
آخر فشكا إليه قطع السبيل فقال يا ‏ ‏عدي ‏ ‏هل رأيت ‏ ‏الحيرة ‏ ‏قلت لم أرها وقد
أنبئت عنها قال ‏ ‏فإن طالت بك حياة لترين ‏ ‏الظعينة ‏ ‏ترتحل من ‏ ‏الحيرة ‏ ‏حتى
تطوف ‏ ‏بالكعبة ‏ ‏لا تخاف أحدا إلا الله قلت فيما بيني وبين نفسي فأين دعار ‏
‏طيئ ‏ ‏الذين قد سعروا البلاد ولئن طالت بك حياة لتفتحن كنوز ‏ ‏كسرى ‏ ‏قلت ‏
‏كسرى بن هرمز ‏ ‏قال ‏ ‏كسرى بن هرمز ‏ ‏ولئن طالت بك حياة لترين الرجل
يخرج ملء كفه من ذهب أو فضة يطلب من يقبله منه فلا يجد أحدا يقبله منه
وليلقين الله أحدكم يوم يلقاه وليس بينه وبينه ترجمان يترجم له فليقولن له ألم أبعث
إليك رسولا فيبلغك فيقول بلى فيقول ألم أعطك مالا وأفضل عليك فيقول بلى
فينظر عن يمينه فلا يرى إلا جهنم وينظر عن يساره فلا يرى إلا جهنم قال ‏
‏عدي ‏ ‏سمعت النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يقول اتقوا النار ولو بشقة تمرة فمن لم
يجد شقة تمرة فبكلمة طيبة قال ‏ ‏عدي ‏ ‏فرأيت ‏ ‏الظعينة ‏ ‏ترتحل من ‏ ‏الحيرة ‏
‏حتى تطوف ‏ ‏بالكعبة ‏ ‏لا تخاف إلا الله وكنت فيمن افتتح كنوز ‏ ‏كسرى بن هرمز
‏ ‏ولئن طالت بكم حياة ‏ ‏لترون ما قال النبي ‏ ‏أبو القاسم ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏
‏يخرج ملء كفه (رواه البخاري).
شايف النبوءة تحققت إزاي

6-
‏تفتح ‏ ‏اليمن ‏ ‏فيأتي قوم ‏ ‏يبسون ‏ ‏فيتحملون ‏ ‏بأهلهم ومن أطاعهم ‏ ‏والمدينة ‏ ‏
خير لهم لو كانوا يعلمون وتفتح ‏ ‏الشأم ‏ ‏فيأتي قوم ‏ ‏يبسون ‏ ‏فيتحملون ‏ ‏بأهليهم
ومن أطاعهم ‏ ‏والمدينة ‏ ‏خير لهم لو كانوا يعلمون وتفتح ‏ ‏العراق ‏ ‏فيأتي قوم ‏
‏يبسون ‏ ‏فيتحملون ‏ ‏بأهليهم ومن أطاعهم ‏ ‏والمدينة ‏ ‏خير لهم لو كانوا يعلمون. (رواه البخاري).

وقد تحققت النبوءة وفتحت اليمن والشام


و أيضا

اقتباس
إخباره r بكيفية ومكان وفاة بعض معاصريه
ومن دلائل نبوته وأمارات رسالته e ما أخبر به عن أمور تتعلق بوفاة بعض أصحابه وأهل بيته وغيرهم من أعدائه، وتبيانه لكيفية ومكان وحال مصرعهم، وهو علم لا يعرفه النبي من تلقاء نفسه.
فالموت وما يتعلق به علم اختص الجبار - تبارك وتعالى - نفسَه بمعرفته، فهو وحده من يعرف أعمار البشر وأماكن قبض أرواحهم، فلا تعلم نفس ماذا تكسب غداً، وما تدري نفس بأي أرض تموت ] إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير[ (لقمان: 34).
وقد أعلم الله نبيه e بزمان أو كيفية موت بعض أصحابه وأهل بيته، كذلك بعض أعدائه، فأخبر به r، فكان تحققه برهاناً على نبوته وعلماً من أعلام رسالته، إذ لا يمكن لأحد معرفة ذلك ولا التنبؤ به إلا من قِبلِ اللهِ علامِ الغيوب.
ومن هذه الأنباء الباهرة؛ إخبارُه r عن شهادة عمرَ وعثمانَ وعلي وطلحة والزبير، رضي الله عنهم أجمعين، وأن موتهم سيكون شهادة، وأنهم لن يموتوا على فُرُشِهم أو سواه مما يموت به الناس.
وقد صعد رسول الله r على حراء، هو وأبو بكرٍ وعمرُ وعثمانُ وعليُ وطلحةُ والزبيرُ، فتحركت الصخرة، فقال رسول الله r: ((اهدأ، فما عليك إلا نبيٌ أو صديقٌ أو شهيد)).[1] فشهد r لنفسه بالنبوة، ولأبي بكر بالصديقية، ولعثمانَ وعليَ وطلحةَ بالشهادة.
قال النووي: " وفي هذا الحديث معجزاتٌ لرسول اللّه r: منها إخبارُه أنّ هؤلاء شهداء, وماتوا كلٌّهم غيرَ النبي r وأبي بكر شهداء ; فإنّ عمرَ وعثمان وعليّاً وطلحة والزّبير رضي اللّه عنهم قُتلوا ظلماً شهداء ; فقتلُ الثلاثةِ [أي عمر وعثمان وعلي] مشهور, وقُتلَ الزّبير بوادي السّباع بقرب البصرة منصرفاً تاركاً للقتال, وكذلك طلحة، اعتزل النّاس تاركاَ للقتال, فأصابه سهم، فقتله, وقد ثبت أنّ من قُتل ظلماً فهو شهيدٌ".[2]
وقد بشّر النبي r عمر بالشهادة مرة أخرى حين رآه يلبس ثوباً أبيضَ فقال له: ((أجديدٌ ثُوبُك أم غسيل؟)) قال: لا، بل غسيلٌ. فقال النبي r: ((اِلبس جديداً، وعِش حميداً، ومُت شهيداً)).[3]
وكان كما قال عليه الصلاة والسلام، فقد قتله أبو لؤلؤة المجوسي وهو قائم يصلي الصبح إماماً بالمسلمين في مسجد النبي r سنة ثلاث وعشرين للهجرة النبوية، ليكون مقتله t مصداقاً لنبوءة النبي r وعلامةً من علامات نبوته ورسالته.
وأما ثاني الشهداء، أمير المؤمنين المظلوم عثمان بن عفان، فقد بشّره النبي r بشهادته، وأنبأه أنها ستكون في فتنة طلب منه أن يصبر عليها، وذلك لما جلس أبو موسى الأشعري مع النبي r على بئر أريس في حائط من حيطان المدينة .
يقول أبو موسى: فجاء إنسان يحرك الباب، فقلت: من هذا؟ فقال: عثمانُ بن عفان. فقلتُ: على رِسْلك، فجئتُ إلى رسول الله r فأخبرته، فقال: ((ائذن له ، وبشره بالجنة على بلوى تصيبه)).
يقول أبو موسى: فجئتُه، فقلت له: ادخل، وبشّرك رسول الله r بالجنة على بلوى تصيبُك.[4]
وفي رواية أن عثمان (حمِد الله، ثم قال: اللهُ المستعان).[5] أي حمِد الله على بشارة النبي له بالجنة، وطلب من الله العون على بلائه حين تصيبه الشهادة.
وثالث المبشرين بالجنة في قوله r: ((اهدأ، فما عليك إلا نبيٌ أو صديق أو شهيد)).[6] هو علي t ، أبو السِّبْطين ، وقد أنبأه رسول الله في حديث آخر بأن الأشقى [أي ابن ملجِم] سيقتله بضربة في صِدْغَيه.
وذات يوم مرِض علي t مرضاً شديداً ، فزاره أبو سنان الدؤلي، فقال له: لقد تخوفنا عليك يا أمير المؤمنين في شكواك هذه.
فقال له علي: لكني والله ما تخوفتُ على نفسي منه، لأني سمعتُ رسولَ الله r الصادقَ المصدوقَ يقول: ((إنك ستُضرب ضربةً ها هنا، وضربةً ها هنا - وأشار إلى صُدغَيه - فيسيل دمها حتى تختضب لحيتُك، ويكونَ صاحبها أشقاها، كما كان عاقر الناقة أشقى ثمود)).[7]
ولأجل هذا الحديث ما كان t يخاف على نفسه الهلكة في مرضه، فلسان حاله يردد ما قاله عبد الله بن رواحة t:
وفينا رسول الله يتـلو كتابَـه إذا انشق معروف من الصبح ساطع
أرانا الهدى بعد العمى فقلوبـنا بـه موقـنات أن ما قـال واقـع
وتقبل فاطمة بنت النبي e تمشي ، فيقول لها أبوها: ((مرحباً بابنتي))، تقول أم المؤمنين عائشة: ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله ، ثم أسرَّ إليهاً حديثاً، فبكت، ثم أسرَّ إليها حديثاً فضحكتْ.
فقلت لها: ما رأيتُ كاليوم فرحاً أقرب من حزن، فسألتُها عما قال؟ فقالت: ما كنت لأُفشي سِرَّ رسول الله r .
فلما قُبِض النبيُّ r سألتُها، فقالت: أسرَّ إلي: ((إن جبريل كان يعارضني القرآن كلَ سنة مرة ، وإنه عارضني العام مرتين، ولا أراه إلا حضر أجلي، وإنك أولُ أهلِ بيتي لحاقاً بي، فبكيتُ، فقال r: أما ترضَينَ أن تكوني سيدةَ نساء أهل الجنة أو نساءِ المؤمنين))، فضحكتُ لذلك. [8]
وفي رواية أخرى أنها قالت: (فأخبرني أنه يُقبض في وجعه الذي توفي فيه؛ فبكيت، ثم سارَّني، فأخبرني أني أولُ أهلِ بيته أتبعُه؛ فضحكت).[9]
وفي هذا الحديث يخبر النبي r بثلاث غيوب، أولُها: اقترابُ أجله، وقد مات عليه الصلاة والسلام في تلك السنة.
وثانيها: إخبارُه ببقاء فاطمة بعده، وأنها أولُ أهل بيته وفاة. وقد توفيت بعده r بستة أشهر فقط، فكانت أولَ أهل بيته وفاة.
وثالثها: أنها سيدةُ نساء أهل الجنة، رضي الله عنها.
قال النووي: " هذه معجزة ظاهرة له r , بل معجزتان , فأخبر ببقائها بعده , وبأنها أول أهله لحاقاً به, ووقع كذلك , وضحكت سروراً بسرعة لحاقها".[10]
وأيضاً، من دلائل نبوته وأعلام صدقه r ؛ إخبارُه أمَ المؤمنين ميمونةَ أنها لا تموت في مكة، فقد مرضت ميمونة في مكة، واشتد عليها المرض، فقالت لمن عندَها: أخرجوني من مكة، فإني لا أموتُ بها، إن رسول الله r أخبرني أني لا أموت بمكة.
فحملوها حتى أتوا بها سَرِف، إلى الشجرة التي بنى بها رسول الله r تحتها في موضع الفَيئة .[11] فماتت هناك ودفنت، وقبرها معروف اليوم في ضاحية النوارية بمكة، فكانت وفاتُها خارجاً عن مكة، كما أخبر الذي لا ينطق عن الهوى.
ومن هؤلاء الذين تحدث النبي r عن وفاتهم، سِبطُه الحسين بن علي ريحانة أهل الجنة، فقد قال النبي r لإحدى أزواجه: ((لقد دخل علي البيت ملَك لم يدخل عليَّ قبلًها فقال لي: إن ابنك هذا حسين مقتول، وإن شئت أريتُك من تربة الأرض التي يقتل بها. قال: فأخرج تربة حمراء)). [12]
وهكذا كان فقد قُتل t في كربلاء العراق عام 60 هـ، فمن أدرى نبيه r بأن الحسين مقتول؟ ومن الذي أراه تربة مقتله؟ إنه الله العليم.
والأعجب منه تنبؤ النبي e بشهادة امرأة ، وهي أم ورقةَ بنتَ عبد الله بن الحارث، فقد كان رسول الله r يزورها كل جمعة، وكان يسميها الشهيدة فيقول: ((انطلقوا نزور الشهيدة)).
وذلك أنها قالت: يا نبي الله، أتأذنُ فأخرجُ معك، أمرّضُ مرضاكم، وأداوي جرحاكم، لعل الله يُهدي لي شهادة؟ قال: ((قَرِّي، فإن الله عز وجل يُهدي لك شهادة)).
وقد أدركتها الشهادة زمن عمر t ، وكانت أعتقت جارية لها وغلاماً عن دُبرُ منها [أي يُعتقان بعد وفاتها] فطال عليهما، فغمّاها [أي خنقاها] في القطيفة حتى ماتت.[13] فكانت وفاتُها شهادة كما أخبر النبي r.
فكيف جزم النبي r بوفاتها غيلة دون سائر الميتات، وهو أمر يندر في النساء؟ إنه دليلٌ آخرُ من دلائل نبوته وآيات رسالته.
ويغدو النبي r إلى تبوك، ويتأخر عن الجيش أبو ذر لبطئ بعيره، فيتركه، ويحمل متاعه على ظهره، ليلحق بالنبي r في تبوك.
وبينما المسلمون يتفقدون من تخلَّف عنهم، لاح في الأفق سوادُ رجلٍ يمشي، قالوا: يا رسول الله، هذا رجل يمشي على الطريق، فقال رسول الله r: ((كن أبا ذر))، فلما تأمله الصحابة، قالوا: يا رسول الله، هو واللهِ أبو ذر.
فقال r: ((رحم الله أبا ذر، يمشي وحده، ويموت وحده، ويبعث وحده)).
لقد عرَف النبي r شخصَ أبي ذر قبل وصوله إليهم بما أعلمه الله، كما تنبأ r بأن أبا ذر، كما هو الآن يمشي وحده بعيداً عن أصحابه ، فإنه سيموت وحده بعيداً عنهم، ثم يبعث من ذلك المكان وحده.
وتمضي الأيام لتُحقق نبوءةَ النبي r ، فتدرك الوفاةُ أبا ذر في الربذة، فلما حضره الموت أوصى امرأته وغلامَه: إذا مِت فاغسلاني وكفّناني، ثم احملاني، فضعاني على قارعة الطريق، فأول ركب يمرون بكم، فقولوا: هذا أبو ذر.
فلما مات فعلوا به كذلك ، فاطلع ركب من أهل الكوفة، وفيهم ابن مسعود، فما علموا به حتى كادت ركائبهم تطأ سريره [أي من إسراعهم إليه].
فاستهل ابن مسعود رضي الله عنه يبكي، ويقول: صدق رسول الله r ((يرحم الله أبا ذر، يمشي وحده، ويموت وحده، ويُبعث وحده)).
فنزل ابن مسعود فولِيَ دفْنه. رضي الله عنهما.[14]
وفي رواية أن أم ذر بكت لما حضرته الوفاة، فقال لها: ما يبكيك؟ قالت: وما لي لا أبكي، وأنت تموت بفلاة من الأرض، ولا يدَ لي بدفنك، وليس عندي ثوب يسعُك، فأكفِنك فيه؟
قال: فلا تبكي وأبشري، فإني سمعت رسول الله r يقول لنفر من أصحابه وأنا فيهم: ((ليموتَن رجل منكم بفلاة من الأرض، يشهده عصابة من المؤمنين))، وليس من أولئك النفر أحد إلا وقد مات في قرية أو جماعة، وإني أنا الذي أموت بفلاة ، والله ما كذَبت ولا كُذِبت.[15]
لقد بشرها t بمقدَم من يعينها على دفنه، لأن النبي r قال متنبئاً عن ذلك الذي يموت بفلاة بأنه ((يشهده عصابة من المؤمنين)).
وجزْمُ أبي ذر أنه ذلك الرجل ، لأن الباقين ممن شهدوا هذا القول قد ماتوا في قرية أو جماعة، ولم يبق إلا أبو ذر ، وهو الذي حقق ما أخبر عنه محمد r.
فمن ذا الذي أخبر محمداً r بموت أبي ذر وحيداً؟ ومن الذي أخبره بمقدم جماعة من المؤمنين يتولون تجهيزه ودفنه؟ إنه عالم الغيب والشهادة العليم الخبير.
ومن دلائل نبوته r إخبارُه عن موت النجاشي في أرض الحبشة في يوم وفاته، وهذا خبر تحمله الركبان يومذاك في شهر ، يقول أبو هريرة t: (نعى رسول الله e النجاشي في اليوم الذي مات فيه، خرج إلى المصلى، فصف بهم، وكبر أربعاً). [16]
قال المباركفوري: "وفيه عَلمٌ من أعلام النبوة لأنه r أعلمهم بموته في اليوم الذي مات فيه، مع بُعدِ ما بين أرض الحبشة والمدينة". [17]
وفي اليوم السابق ليوم بدر، تفقد رسول الله أرض المعركة المرتقبة، وجعل يشير إلى مواضع مقتل المشركين فيها، ويقول: ((هذا مصرع فلان)).
قال أنس: ويضع يده على الأرض هاهنا هاهنا. فما ماطَ أحدهم عن موضع يد رسول الله r.[18]
وهذا الحديث من أعلام النّبوّة ومعجزاتها، وذلك لإنبائه r بمصرع جبابرتهم , وتحديده أماكنَه، وقد وقع كما أخبر r .
وأخبر r بقتل المسلمين لأمية بن خلف، وتفصيل ذلك أن سعد بن معاذ كان صديقاً لأمية، وكان أمية إذا مر بالمدينة نزل على سعد، وكان سعد إذا مرَّ بمكة نزل على أمية، فلما قدم رسول الله e المدينة؛ انطلق سعد معتمراً، فنزل على أمية بمكة ... فقال سعد: يا أمية، فوالله لقد سمعت رسول الله e يقول: ((إنهم قاتلوك)).
فقال أمية: بمكة؟ قال سعد: لا أدري. ففزع لذلك أمية فزعاً شديداً.
فلما رجع أمية إلى أهله قال: يا أم صفوان، ألم تري ما قال لي سعد؟ قالت: وما قال لك؟ قال: زعم أن محمداً أخبرهم أنهم قاتلي، فقلتُ له: بمكة؟ قال: لا أدري. فقال أمية: والله لا أخرج من مكة.
فلما كان يومُ بدر؛ استنفر أبو جهلٍ الناسَ، قال: أدركوا عِيرَكم، فكره أمية أن يخرج، فأتاه أبو جهل فقال: يا أبا صفوان، إنك متى ما يراك الناس قد تخلفْتَ وأنت سيد أهل الوادي؛ تخلفوا معك، فلم يزل به أبو جهل، حتى قال: أما إذ غلبتني، فوالله لأشترين أجود بعير بمكة.
ثم قال أمية: يا أم صفوان، جهزيني. فقالت له: يا أبا صفوان، وقد نسيتَ ما قال لك أخوك اليثربي!؟ قال: لا، ما أريد أن أجوز معهم إلا قريباً.
فلما خرج أميةُ أخذ لا ينزل منزلاً إلا عَقَل بعيرَه، فلم يزل بذلك، حتى قتله الله عز وجل ببدر".[19]
والعجب كل العجب من يقين أمية بتحقق موعده r وفَرَقِه من ذلك، لكن أنى له أن يُكذِّبَ الصادقَ الأمين الذي مازالوا منذ شبابه يشهدون له بالصدق ] فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون [ (الأنعام: 33).
ومن أخبار الغيوب الدالة على نبوة النبي e؛ إخباره بسوء خاتمة بعض من يظن أنهم يموتون على الإسلام أو قد يدخلون فيه، فقد تنبأ النبي r بهلاك عمه أبي لهب وزوجِه على الكفر، حين أخبر - فيما نقله عن ربه - ببقائهما على الكفر وهلاكهما على ذلك، قال تعالى: } تبت يدا أبي لهب وتب % ما أغنى عنه ماله وما كسب % سيصلى ناراً ذات لهب % وامرأته حمالة الحطب % في جيدها حبل من مسد { (المسد: 1-5)، فكيف جزم النبي e بضلال عمه، وهو أقرب الناس إليه، ومَظِنة الميل إليه؟ هل كان ذلك إلا بإعلام الله له.
قال ابن كثير: " قال العلماء: وفي هذه السورة معجزة ظاهرة ودليل واضح على النبوة فإنه منذ نزل قوله تعالى: } سيصلى ناراً ذات لهب % وامرأته حمالة الحطب % في جيدها حبل من مسد { فأخبر عنهما بالشقاء وعدم الإيمان، لم يُقيَضْ لهما أن يؤمنا، ولا واحدٌ منهما، لا باطناً ولا ظاهراً، لا مُسِراً ولا معلناً، فكان هذا من أقوى الأدلة الباهرة الباطنة على النبوة الظاهرة".[20]
ومثله في الدلالة على النبوة إخباره r عن سوء خاتمة رجل قاتل مع المسلمين فأحسن البلاء والجلاد، يقول أبو هريرة t: شهدنا مع رسول الله e فقال لرجل ممن يدعي الإسلام: (( هذا من أهل النار)).
يقول أبو هريرة: فلما حضر القتال قاتل الرجل قتالاً شديداً، فأصابته جراحة، فقيل: يا رسول الله، الذي قلتَ له: إنه من أهل النار؛ فإنه قد قاتل اليوم قتالاً شديداً، وقد مات! فقال النبي e: ((إلى النار)).
قال أبو هريرة: فكاد بعض الناس أن يرتاب. فبينما هم على ذلك إذ قيل: إنه لم يمت، ولكن به جراحاً شديداً.
فلما كان من الليل لم يصبر على الجراح، فقتل نفسه، فأُخبر النبي e بذلك، فقال: ((الله أكبر، أشهد أني عبدُ الله ورسولُه)) ثم أمر بلالاً فنادى بالناس: ((إنه لا يدخلُ الجنة إلا نفسٌ مسلمة، وإن الله ليؤيد هذا الدين بالرجلِ الفاجر)).[21]
وروى الشيخان من حديث سهل بن سعد الساعدي t نحواً من هذه القصة ، في قصة رجل يدعى قزمان، حيث ذكرا أن المسلمين اقتتلوا مع المشركون , وفي أصحاب رسول الله e قزمان لا يدع لهم شاذّة ولا فاذّة إلا اتّبَعها يضربها بسيفه, فقيل: ما أجزأ منا اليوم أحد كما أجزأ فلان [أي قزمان]. فقال رسول الله e: ((أما إنه من أهل النار))، فقال رجل من القوم: أنا صاحبه.
قال سهل: فخرج معه، كلما وقف وقف معه, وإذا أسرع أسرع معه.
قال: فجُرح الرجل جرحاً شديداً، فاستعجل الموتَ، فوضع سيفَه بالأرض، وذُبابَه بين ثدييه ، ثم تحامل على سيفه، فقتل نفسه.
فخرج الرجل الذي يتابعه إلى رسول الله e فقال: أشهد أنك رسول الله، فقال e: ((وما ذاك؟)) فأخبره بخبر الرجل، فقال رسول الله e عند ذلك: ((إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة - فيما يبدو للناس - وهو من أهل النار، وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار - فيما يبدو للناس - وهو من أهل الجنة)).[22]
قال ابن حجر: "في الحديث إخباره e بالمغيبات، وذلك من معجزاته الظاهرة".[23]
وبينما النبي r وأصحابه قادمون من سفر؛ إذ هاجت ريحٌ شديدة، تكاد أن تدفن الراكب، فقال رسول الله e: ((بُعِثَت هذه الريح لموت منافق))، فلما قدم المدينة، فإذا منافق عظيم من المنافقين قد مات.[24]
[COLOR=window****]قال النووي عن هذه الريح: "أي عقوبةً له، وعلامةً لموته وراحةِ البلاد والعباد به".[25][/COLOR]
وهذه الأخبار المتواترة في معناها؛ دليل على نبوة النبي r وأنه مؤيَّد ببعض علم الغيب من ربه ] عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً % إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصداً % ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم وأحاط بما لديهم وأحصى كل شيء عدداً [ (الجن: 26-28).
ولله دَرُّ حسان بن ثابت إذ يقول عن خليله e:
نبيٌ يرى ما لا يرى الناسُ حولَه ويتلو كتابَ الله في كل مشهد
فإن قال في يومٍ مقالةَ غائبٍ فتصديقُها في ضحوة اليومِ أو غد
--------------------------------------------------------------------------------

[1] رواه مسلم ح (2417).

[2] شرح النووي على صحيح مسلم (15/190).

[3] رواه أحمد ح (5363)، وابن ماجه ح (3558)، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه ح (2863).

[4] رواه البخاري ح (3674).

[5] رواه البخاري ح (3693).

[6] رواه مسلم ح (2417).

[7] رواه الحاكم (3/122)، والطبراني في الكبير ح (173). قال الهيثمي: إسناده حسن. مجمع الزوائد (9/188).

[8] رواه البخاري ح (3624)، ومسلم ح (2450).

[9] رواه البخاري ح (3626)، ومسلم ح (2450).

[10] شرح النووي (16/5).

[11] رواه أبو يعلى ح (7110)، والبخاري في التاريخ الكبير ح (379). قال الهيثمي: "رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح" مجمع الزوائد (9/401).

[12] رواه أحمد في المسند ح (25985)، والحاكم (3/194)، ووافقه الذهبي على تصحيحه، وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح. مجمع الزوائد (9/301)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة ح (882).

[13] رواه أحمد ح (26538)، وأبو داود ح (571)، وحسنه الألباني في صحيح أبي داود ح (552).

[14] رواه الحاكم في المستدرك (3/52)، وحسّن إسناده ابن كثير في البداية والنهاية (5/9).

[15] رواه أحمد ح (20865)، وابن حبان ح (6670)، وحسّنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب ح (3314).

[16] رواه البخاري ح (1254).

[17] تحفة الأحوذي (4/115).

[18] رواه مسلم ح (1779).

[19] رواه البخاري ح (3950).

[20] تفسير القرآن العظيم (4/366).

[21] رواه البخاري ح (3602).

[22] رواه البخاري ح (2742), ومسلم ح (112).

[23] فتح الباري (7/542).

[24] رواه مسلم ح (2782).

[25] شرح النووي على صحيح مسلم (6/141).

(كتبه منقذ السقار)