بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أكمل ما بدأت فاقول و بالله التوفيق :
الدليل الثاني :
لم يرتكب العرب الأخطاء و يفشو فيهم اللحن إلا بعد أن خالطوا العجم من الفرس و النـــصـــ.ــارى . إذن فالطامة الكبرى و الداهية الدهياء جاءت من الروافض المجوس و النـــصـــ.ــارى الأعاجم و من هؤلاء لا يأتينا إلا كل قبيح و العياذ بالله.
قال أبو عمرو الداني في نقط مصاحف الأمصار:
باب ذكر المصاحف وكيف كانت عارية من النقط وخالية من الشكل ومن نقطها أولا من السلف والسبب في ذلك
ذكر الداني سبب شكل المصاحف فقال : وإنما أخلى الصدر منهم المصاحف من ذلك ومن الشكل من حيث أرادوا الدلالة على بقاء السعة في اللغات والفسحة في القراءات التي أذن الله تعالى لعباده في الأخذ بها والقراءة بما شاءت منها فكان الأمر على ذلك إلى أن حدث في الناس ما أوجب نقطها وشكلها
وذلك ما حدثناه محمد بن أحمد بن علي البغدادي قال ثنا محمد بن القاسم الانباري قال ثنا ابي قال حدثنا أبو عكرمة قال قال العتبي كتب معاوية رضي الله عنه إلى زياد يطلب عبيد الله ابنه فلما قدم عليه كلمه فوجده يلحن فرده إلى زياد وكتب إليه كتابا يلومه فيه ويقول أمثل عبيد الله يضيع فبعث زياد إلى ابي الأسود فقال يا أبا الأسود إن هذه الحمراء قد كثرت وأفسدت من ألسن العرب فلو وضعت شيئا يصلح به الناس كلامهم ويعربون به كتاب الله تعالى فأبى ذلك أبو الأسود وكره إجابة زياد إلى ما سأل
فوجه زياد رجلا فقال له اقعد في طريق أبي الأسود فإذا مر بك فاقرأ شيئا من القرآن وتعمد اللحن فيه ففعل ذلك فلما مر به أبو الاسود رفع الرجل صوته فقال إن الله بريء من المشركين ورسوله فاستعظم ذلك أبو الأسود وقال عز وجه الله أن يبرأ من رسوله ثم رجع من فوره إلى زياد فقال يا هذا قد أجبتك إلى ما سألت ورأيت أن أبدأ بإعراب القرآن إلي ثلاثين رجلا فأحضرهم زياد فاختار منهم أبو الأسود عشرة ثم لم يزل يختار منهم حتى اختار رجلا من عبد القيس فقال خذ المصحف وصبغا يخالف لون المداد فإذا فتحت شفتي فانقط واحدة فوق الحرف وإذا ضممتهما فاجعل النقطة إلى جانب الحرف وإذا كسرتهما فاجعل النقطة في أسفله فإن اتبعت شيئا من هذه الحركات غنة فانقط نقطتين
فابتدأ بالمصحف حتى أتى على آخره ثم وضع المختصر المنسوب إليه بعد ذلك.
و ذكر الداني السبب صريحا مرة أخرى فقال:
اعلم أيدك الله بتوفيقه أن الذي دعا السلف رضي الله عنهم إلى نقط المصاحف بعد أن كانت خالية من ذلك وعارية منه وقت رسمها وحين توجيهها إلى الأمصار للمعنى الذي بيناه والوجه الذي شرحناه ما شاهدوه من أهل عصرهم مع قربهم من زمن الفصاحة ومشاهدة أهلها من فساد ألسنتهم واختلاف ألفاظهم وتغير طباعهم ودخول اللحن على كثير من خواص الناس وعوامهم وما خافوه مع مرور الأيام وتطاول الأزمان من تزيد ذلك وتضاعفه فيمن يأتي بعد ممن هو لا شك في العلم والفصاحة والفهم والدراية دون من شاهدوه ممن عرض له الفساد ودخل عليه اللحن لكي يرجع إلى نقطها ويصار إلى شكلها عند دخول الشكوك وعدم المعرفة ويتحقق بذلك إعراب الكلم وتدرك به كيفية الالفاظ ثم إنهم لما رأوا ذلك وقادهم الاجتهاد إليه بنوه على وصل القارئ بالكلم دون وقفة عليهن فأعربوا أواخرهن لذلك لان الإشكال اكثر ما يدخل على المبتدئ المتعلم والوهم اكثر ما يعرض لمن لا يبصر الإعراب ولا يعرف القراءة في إعراب أواخر الأسماء والأفعال فلذلك بنوا النقط على الوصل دون الوقف وأيضا فإن القارئ قد يقرأ الآية والأكثر في نفس واحد ولا يقطع على شيء من كلمها فلا بد من إعراب ما يصله من ذلك ضرورة. انتهى قوله بالحرف.
الدليل الثالث :
و هو مبني على فهم ما قيل قبلا . فلا شك و لا ريب أن النحو العربي إنما وضع لحفظ كتاب الله تعالى من اللحن و الخطإ .ففي الدر المنثور للسيوطي :أخرج أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري في كتاب الوقف والابتداء وابن عساكر في تاريخه عن ابن أبي مليكة رضي الله عنه قال : قدم اعرابي في زمان عمر رضي الله عنه فقال : من يُقرئني ما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم ؟ فاقرأه رجل فقال ** أن الله بريء من المشركين ورسوله ** بالجر فقال الأعرابي : أقد برىء الله من رسوله؟ إن يكن الله برىء من رسوله فأنا أبرأ منه . فبلغ عمر مقالة الأعرابي ، فدعاه فقال : يا أعرابي أتبرأ من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : يا أمير المؤمنين إني قدمت المدينة ولا علم لي بالقرآن ، فسألت من يقرئني؟ فاقرأني هذه سورة براءة . فقال ** أن الله بريء من المشركين ورسوله ** فقلت : إن يكن الله برىء من رسوله فأنا أبرأ منه . فقال عمر رضي الله عنه : ليس هكذا يا أعرابي . قال : فكيف هي يا أمير المؤمنين؟ فقال ** أن الله بريء من المشركين ورسولُهُ ** فقال الأعرابي : وأنا والله أبرأ مما ما برىء الله ورسوله منه . فأمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن لا يقرىء الناس إلا عالم باللغة ، وأمر أبا الأسود رضي الله عنه فوضع النحو .
وأخرج ابن الأنباري عن عباد المهلبي قال : سمع أبو الأسود الدؤلي رجلاً يقرأ ** أن الله بريء من المشركين ورسوله ** بالجر فقال : لا أظنني يسعني إلا أن أضع شيئاً يصلح به لحن هذا أو كلاماً هذا معناه .
للموضوع بقية و البدء بالدليل الرابع على تخرص النصارى إن شاء الله تعالى .
![]()
![]()
![]()
المفضلات