خطابٌ مفتوح، إلى القمّص المنكوح!
بقلم: إبراهيم عوض
الكل يتبرأ من القمص المنكوح ويقول إنه لا يوافق على شتمه للمسلمين ونبيهم ودينهم، يستوى فى ذلك المهذبون، والسفلة الذين لا يقلون عنه بذاءة وتطاولا. والغاية من ذلك واضحة: أن نسكت فلا ندافع عن ديننا وقرآننا ورسولنا وأمتنا، تحت ذريعة أن من غير اللائق مجاراته فى أسلوبه. وهذا كلام حق يراد به باطل، وبخاصة أننا لا نجاريه فى أسلوبه، رغم أننا لو فعلنا ذلك فلا ملام علينا، لأن جميع القوانين والأعراف تعطى كل إنسان الحق فى الدفاع عن نفسه، وبذات الطريقة، بل كل ما نفعله هو الرد المنطقى الباتر الذى يترك الخصم واقفا مبلولا لا يحير جوابا لا من فوق ولا من تحت، اللهم إلا الشتائم العاجزة التى لا يأبه بها إلا أصحابها ومن على شاكلتهم، وإن كنا لا ننكر أن ما نكتبه لا يخلو من شىء من التهكم يكشف خزى الطرف المعتدى السافل وهشاشته، غير متطرقين إلى المساس بسيدنا عيسى ولا بأمه وحوارييه ولا بالمؤمنين به عليه السلام سواء فى ذلك من يراه نبيا رسولا أو من يؤلهه فيقول إنه ابن الله أو الله ذاته. فكل إنسان حر تمام الحرية فيما يعتقد، والآخرون الذين لا يعتدون علينا ولا على إلهنا وديننا وقرآننا ونبينا هم منا على العين وعلى الرأس. نقول هذا دون مجاملات كاذبة، ذلك أنهم بشر مثلنا، ويحبون دينهم كما نحب نحن ديننا ونغار عليه ونفديه بالغالى والرخيص. ونحن على إدراك وفهم تام للقانون الكونى الذى على أساسه خلق الله البشر مختلفين فى أشياء كثيرة منها الدين، مثلما هم متفقون فى أشياء أخرى كثيرة أيضا. لكن لا يمكن أن يحظى المتطاولون المتباذئون مشعلو الحرائق بمثل هذه المعاملة الطيبة. ولو كان الحق هو مقصد هؤلاء المتبرئين من القمص المنكوح لكان الأولى بهم أن يحوّلوا رسائلهم إليه بدلا من توجيهها إلينا. ولَكَمْ يكون الأمر مضحكا لو أننا تركنا القمص المنكوح دون أن نُرِيَه مركزه، فمضى بغير حياء يشتم ويتطاول ويتحدى ونحن واضعون أيدينا على خدودنا كالولايا، فإذا ما طلبنا منهم إسكاته ردوا فى شماتة وهم يضحكون فى أكمامهم من سذاجتنا: "إنه خارج علينا، ولا نملك من أمره شيئا"! عظيم، فلماذا تغضبون لما نقول فى حقه إذن؟ دَعُونا له ودَعُوه لنا، وكونوا على الحياد، فلا تعاونونا عليه ولا تعاونوه علينا. أما إذا لم يعجبكم هذا الحل فلا أدرى ماذا أفعل، لأنه ليس لدىّ للأسف حلٌّ سواه. ترى هل هذا الكلام يصعب فهمه؟ ثم إننا لا نحرّض ولا نهيّج، بل ولا نتعصب تعصب الذى لا يرى فى نفسه وفى أمته إلا كل جميل، والدليل على ذلك أننا نُسْمِع أمتنا من قارص القول ما نرى أنها تستأهله، ودائما ما نقول إنها تستحق ما يحدث لها بل ما هو أفظع منه لأنها رضيت بالهوان فأهانها الله: أهانها على أيدى حكامها، وعلى أيدى أعدائها، وعلى أيدى كل ذليل وغد يطمئن إلى حسن عاقبة التطاول عليها وعلى دينها ونبيها وكتابها. نعم لقد أذلت نفسها بركونها إلى الجهل وانتهاجها ثقافة البكش والبلادة والجعجعة بلا طِحْن ونفاد الصبر وكراهية العمل والإتقان واللامبالاة بقِيَم الجمال والنظام والذوق والنفور من ضريبة المجد والسيادة. وكل ما نفعله هنا هو أننا نرد على الشبهات الطفولية المتخلفة عقليا بالحجة المفحمة المخرسة، ولا نسكت على ما يوجهه الأوغاد اللئام لنا ولديننا ولرسولنا وصحابته والكتاب الذى أنزله الله عليه من إهانات، وهذا كل ما هنالك.