محمود سلطان : بتاريخ 30 - 6 - 2006

تستعد الكنيسة الأرثوذكسية ، لتنظيم مهرجان "السينما القبطية" في نوفمبر القادم ، وهو المهرجان الذي ، يجري التفكير فيه منذ عامين ، وكان في كل مرة يتعثر ، لأسباب لا علاقة لها لا بالمسلمين ولا بالأجهزة الأمنية .

كان تعثره يرجع لأسباب "طائفية" استعلائية ، تمارسها القيادة الدينية الحالية ازاء الأقباط الأخرين ـ قبل المسلمين ـ ممن ينتمون إلى مذاهب وطوائف مسيحية مخالفة للطائفة الأرثوذكسية .! رغم أن الكنيسة في مصر تنقسم إلى 100 طائفة مسيحية من بين 400 ملة على مستوى العالم كما أحصاها ميلاد زكي في كتابه "الكنيسة". ولـ 100 طائفة مسيحية في مصر تنقسم إلى 73 طائفة بروستانتية وانجيلية مختلفة ، و27 طائفة ارثوذكسية وكاثوليكية متباينة ومختلفة اختلافا حادا ، فضلا عن الملل الأخرى غير المعترف بها في مصر ولكن لها كنائسها أيضا ، مثل كنيسة الرب الخمسينية والمرمون ، والأدفانتيست .

ذكرت هذه التفاصيل على عجل ، لأبين للقارئ الكريم أن الكنيسة المصرية ، ليست واحدة ، ولكنها فسيفساء واسعة ومتنوعة ومختلفة ، ولنعلم حجم عملية التهميش التي تمارسها الكنيسة الارثوكسية في حق الكنائس الأخرى .

المهم أن الكنيسة الأرثوذكسية ، وضعت شروطا للمهرجان "السينمائي" وللمشاركين وللمكرمين فيه ، كلها شروط "طائفية" تكرس مفهوم الاستعلاء الكنسي الأرثوذكسي ، وتستبعد أي معيار يعتمد على مفهوم "المواطنة" والمساواة بين المصريين في "مهرجان فني" ، يفترض أن لا يكون الفرز فيه على أساس طائفي ولكن وفق معايير فنية ومهنية محضة ، غير أن المفاجأة كانت في اكتشافنا أن كل شروطها وضعت بروح مترعة بمشاعر الكراهية والعنصرية والتعصب والعنف تجاه الأخر غير الأرثوذكسي . إذ اشترطت بصرامة أن يكون أعضاء لجنة التحكيم من الأقباط فقط ، ورفض قبول أو عرض الأفلام المسيحية غير الأرثوذكسية ، حتى لا يكون ذلك بمثابة اعتراف من الكنيسة بالملل والمذاهب المسيحية الأخرى . ليس ذلك وحسب بل إن إدارة المهرجان ترفض ايضا تكريم سينمائيين مسلمين !. رغم أن غالبية الأفلام التي تنتجها الكنيسة يؤديها ممثلون مسلمون ونجوم كبار ومعروفة !.
هل ينكر منصف أن هذا المهرجان هو في واقع الحال مهرجان طائفي خطير ، يغرس روح الكراهية بين المسيحيين أنفسهم أولا قبل أن يكون بين الأقباط والمسلمين تاليا؟!

من المسؤول عن هذا الحال ، في قت الأجواء فيه مشحونة ومحتقنة ؟! لقد قرأت مؤخرا للناقد السينمائي سمير فريد ، يستغيث بالبابا شنودة التدخل لعقنلة الشروط وترشيدها والحيلولة دون تحويل المهرجان إلى تصرف صبياني غير مسؤول يصب مزيدا من البنزين على النار !
و لا أدري كيف يعتقد الزميل "فريد" أن البابا شنودة لا يعلم شيئا مما يجري بشأن هذا المهرجان "الخبيث" ، والبابا شخصية تميل إلى الهيمنة والسيطرة على كل أوعية وقنوات صناعة القرار في الكنيسة ، بل ومعاقبة وشلح وحرمان كل من يعارضه في أي شأن يخص الكنيسة بداخلها أو الوطن الأم خارجها .

لقد سبق لنا أن حذرنا من الممارسات العنفية التي تمارسها القيادة الدينية الحالية للكنيسة ضد معارضيها ، باعتبارها ممارسة غير مسؤولة تؤصل لثقافة العنف داخل الكنيسة وتُنقل بلا وعي إلى التلاميذ والأتباع من بعدها ، فضلا عن قراراتها التي تصدر بدافع طائفي ، لأنها سينظر إليها باعتبارها تقليدا مستقرا ومتبعا ، يلغي "السماحة" من الضمير القبطي العام ويحل محله "العنف" ومشاعر "الكراهية" تجاه الآخر المخالف حتى لوكان مسيحيا أرثوذكسيا .

وفي تقديري أن هذا المهرجان هو نتيجة طبيعية للممارسات التي تلقاها على يد البايا ، تلاميذه وهم يرونه يصدر قرارات الشلح والتحريم لقساوسة وكتاب ومثقفين كبار مسيحيين وطنيين ومصلحيين ، بعضهم كان زاهدا في كل متع الحياة مثل الصديق العزيز الراحل الإصلاحي الكنسي الكبير القس إبراهيم عبد السيد وغيره ، وآخرهم الراهب متى المسكين الذي ذاق مراة التهميش والاضطهاد والتجاهل ، حيا وميتا ، عقابا له على صراعه مع البابا شنودة على الكرسي البابوي !

http://www.almesryoon.com/ShowDetail...D=20244&Page=1