☼ كان النبيُّ أحسنَ الناس خُلقًا وأكرمَهم وأتقاهم، وقد شهد له بذلك ربه جلَّ وعلا وكفى بها فضلاً؛ قال تعالى مادحًا وواصفًا خُلق نبيِّه الكريم : " وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ" [القلم: 4].

☼ يقول خادمه أنس بن مالك رضي الله عنه: «كان النبي أحسن الناس خلقًا» (البخاري ومسلم).

☼ وتقـول زوجـه صفيـة بنت حيي رضي الله عنها: «ما رأيت أحسن خُـلقًا مـن رسول الله صلى الله عليه وسلم» (أخرجه ابن حجر والطبراني).

☼ وقالت عائشة لما سئلت رضي الله عنها، عن خلق النبي ، قالت: «كان خُلُقه القرآن» (أخرجه أحمد واللفظ له ومسلم).

فهذه الكلمة العظيمة من عائشة رضي الله عنها، ترشـدنا إلى أن أخلاقـَه هي اتباعُ القرآن، وهي الاستقامة على ما في القرآن من أوامرَ ونواهٍ، وهي التخلق بالأخلاق التي مدحها القرآن العظيم، وأثنى على أهلها، والبعد عن كل خلق ذمَّه القرآن.

قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره: «ومعنى هذا أنه صار امتثال القرآن أمرًا ونهيًا سجيةً له وخلقًا.... فمهما أمره القرآن فعله، ومهما نهاه عنه تركه، هذا مع ما جَبَله الله عليه من الخُلق العظيم من الحياء والكرم والشجاعة والصفح والحلم، وكل خُلقٍ جميل» (تفسير القرآن العظيم لابن كثير).

☼ وقد جاءت صفاته وخصاله الكريمة في كتب أهل الكتاب نفسها قبل تحريفها؛ فعن عطاء رضي الله عنه، قال: قلت لعبد الله بن عمرو: أخبرني عن صفة رسول الله في التوراة.

قال: «أَجَلْ، وَالله إِنَّهُ لَمَوْصُوفٌ فِي التَّوْرَاةِ بِبَعْضِ صِفَتِهِ فِي الْقُرْآنِ؛ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ﴾ وَحِرْزًا لِلْأُمِّيِّينَ، أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي، سَمَّيْتُكَ المتَوَكِّلَ، لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غَلِيظٍ وَلَا سَخَّابٍ فِي الْأَسْوَاقِ، وَلَا يَدْفَعُ بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ، وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ، وَلَنْ يَقْبِضَهُ الله حَتَّى يُقِيمَ بِهِ الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ؛ بِأَنْ يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا الله، وَيَفْتَحُ بِهَا أَعْيُنًا عُمْيًا وَآذَانًا صُمًّا وَقُلُوبًا غُلْفًا» (البخاري).

وصدق الله: " وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ" [القلم: 4].

فإلى هذه الروضة الفيحاء، والجنة الغنَّاء، نتنسم عبيرَها، وننهل من معينِها.

* * *