ملاحظة: الشبهة التي أتيتِ بها، تابعة لشبهة أُخرى، وهي "النساء ناقصات عقل ودين".

هنا نرد على هذه الشبهة الأُخرى:
نسأل سؤالًا: هل يوجد في القرءان كله والسنة كلها أنَّ العقل اسم وليس فعلًا؟
الجواب: لا يوجد، فالعقل حسب القرءان والسنة، فعلًا وليس اسمًا، وإذا كان ذلك كذلك، فمَ نصيب الرجال من نقصان العقل حسب القرءان؟
نجيب على هذا السؤال ببعض الآيات:
قال تعالى"وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ" المائدة، 58.

هل هؤلاء الذين "لا يعقلون" ناقصو عقل، أم غير ناقصي عقل؟
لو كانوا غير ناقصي عقل لمَا وصفهم الله بأنَّهم "لا يعقلون"؛ وبهذا فهؤلاء الرجال "ناقصو عقل".

قال تعالى:"وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ" يونس، 100.

هل هؤلاء الذين "لا يعقلون" ناقصو عقل، أم غير ناقصي عقل؟
لو كانوا غير ناقصي عقل لمَا وصفهم الله بأنَّهم "لا يعقلون"؛ وبهذا فهؤلاء الرجال "ناقصو عقل".

قال تعالى:"وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ"، النحل، 12.

كلمة قوم تشمل الإناث، فلا يوجد قوم بلا إناث، فلو فُرِض عدم وجود إناث؛ فسيلزم عن هذا الفَرْض "عدم وجود ذكور" بإستثناء أصل النوع الإنساني؛ وبهذا فكلمة "إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ" موجَّهة للإناث كما هي موجَّهة للذكور، وهنا نطرح سؤلًا: ماذا إنْ كان للقوم قدرة على "عقل - العقل فعل كما ذكرنا -" الآيات، ولم يعقلوها، بل صرفوا وقتهم للهو؟

هؤلاء يُذمَّون على فعلهم هذا، فالذكور يوصفون بأنهم "ناقصو عقل"، وإناثهم توصف بأنهن :"ناقصات عقل".

عقل الآيات عبادة، فالذي يعقل الآيات يتعبد بعقله - العقل فعل - لله، وإذا علمنا أنْ قومًا ما، قد صرفوا همتهم عن عقل الآيات إلى اللهو، فمَ وصف هؤلاء حسب الدين؟
وصف الذكور هو "ناقصو عقل ودين"، ووصف البنات، أو النساء هو "ناقصات عقل ودين".

قال تعالى:"وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ"، المؤمنون، 80.

هذا الخطاب موجَّه للإناث كما هو موجَّه للذكور، فالله يريد منهم عقل هذه الآيات، فإذا عقلوها؛ فـ"الذكور يزدادون عقلًا"، و"الإناث يزددن عقلًا"، وعقل هذه الآيات يزيد الدين في العاقل - الأنثى والذكر -؛ فإذا عقلوها؛ فـ"الذكور يزدادون عقلًا ودينًا"، و"الإناث يزددن عقلًا ودينًا"، ولكن ماذا لو صُرِف الجُّهْد إلى اللهو مع وجود القدرة على عقل الآيات التي تناولتها الآية السابقة؛ فـ"الذكور يكونون ناقصو عقل ودين"، و"النساء يكن ناقصات عقل ودين".

قد تضاف شبهة أُخرى وهي "أنَّ شهادة الذكر مثل شهادة الأنثيين".
نقول: هذه شهادة خاصة، بدليل وجود حالات لا تقبل فيها شهادة ذكر، فكل شهادات الذكور لا تساوي شهادة أنثى واحدة، والقرءان يشهد بوجود حالة تكون شهادة الأنثى تساوي أربع شهادات، قال تعالى:"وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ، وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ، وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ ، وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ" النور، 6-9.
لاحظي في هذه الآية أنَّ شهادة الأنثى تطابق شهادة الذكر، فلكل منهما "أربع شهادات"، فالشهادات ترجع إلى الأحوال وليست فوق الأحوال، وهذا هو الذي يقره القرءان.
وبهذا نكون قد بينا عوار هذه الشبهة.