زعموا: أن ربَّ العالمين يخلق ،وهناك من يخلق مثله مثل المسيح وغيره ...ولكنه أحسن منهم في الخلق...فهل الخلق من صفات الله وحده أم غيره..؟
تعلقوا على ذلك بما جاء في الآتي:
1-قوله : فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14)  (المؤمنون)
2-قوله  :  أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ (125)  (الصافات)

الرد على الشبهة

أولاً: إن حقيقة الخلق على نوعين :
الأول:خلق مطلق ،والثاني:خلق مقيد.
والأخير: هو كما خلق موسى من العصا ثعبانًا، وخلق المسيحُ من الطين طيرًا...
وهذا الخلق يكون بإذن منه : وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي .
وقال: وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ48  (آل عمرا ن)
إذن معنى الخلق المقيد هو: أن المخلوق لا يخلق شيئًا إلا بإذن الله ،وهذا واضح لنا من الآيات السابقات... لذلك يقول الله عن نفسه: فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ.


ثم إن هناك خلقا حقيقي ،وخلقا باطلا ؛يقولعن الأخير :  وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا " (17)  (العنكبوت )
فحقيقة الخلق الحقيقي هي الإيجاد من العدم فالمسيح لم يُوجِد الماءَ أوالطين من العدم؛ وإنما حول من الطين طيرًا...كما حول موسى من الخشب ثعبانا- بإذن الله- ..
يقال في للغة العرب:هذا النجار خلق من الخشب بابًا ،والمعنى صنع من الخشب بابًا....
ويبقى السؤال : هل يستطيع النجار أن يخلق عودًا من أراك (سواك)؟
الجواب :لا،ويبقى المعنى للخلق هنا هو الصنع ،وهو تحول المادة من صورة لأخرى...لذلك يقول  عن نفسه: فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ

ثانيًا: إن معجزة الخلق للمسيح من نعم الله عليه ...يقول :  إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (110)  (المائدة).
وهذا ما تذكره الأناجيل أن المسيح كان قام بمعجزة كان يدعو الله َ قبلها ،وبعدها يحمده عليها ،فكان يذكر نعمة الله عليه دائمًا ...دليل ما سبق فيما يلي:
1-إنجيل يوحنا إصحاح 11 عدد41فَرَفَعُوا الْحَجَرَ حَيْثُ كَانَ الْمَيْتُ مَوْضُوعًا، وَرَفَعَ يَسُوعُ عَيْنَيْهِ إِلَى فَوْقُ، وَقَالَ:«أَيُّهَا الآبُ، أَشْكُرُكَ لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِي، 42وَأَنَا عَلِمْتُ أَنَّكَ فِي كُلِّ حِينٍ تَسْمَعُ لِي. وَلكِنْ لأَجْلِ هذَا الْجَمْعِ الْوَاقِفِ قُلْتُ، لِيُؤْمِنُوا أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي».
2-إنجيلِ متى إصحاح 11 عدد27كُلُّ شَيْءٍ قَدْ دُفِعَ إِلَيَّ مِنْ أَبِي، وَلَيْسَ أَحَدٌ يَعْرِفُ الابْنَ إِلاَّ الآبُ، وَلاَ أَحَدٌ يَعْرِفُ الآبَ إِلاَّ الابْنُ وَمَنْ أَرَادَ الابْنُ أَنْ يُعْلِنَ لَهُ.

3-إنجيل يوحنا إصحاح 5 عدد30أَنَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ مِنْ نَفْسِي شَيْئًا. كَمَا أَسْمَعُ أَدِينُ، وَدَيْنُونَتِي عَادِلَةٌ، لأَنِّي لاَ أَطْلُبُ مَشِيئَتِي بَلْ مَشِيئَةَ الآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي.
وعليه فمن خلال ما سبق يتبن للقاري حقيقة الخلق ،وأن اللهَ  متفردٌ بالخلق الحقيقي وهو الإيجاد من العدم ...