لعل هذا العنوان يثير اهتمام الكثير من الاصلاحيون الذين تشابكت اقلامهم بحثا عن مفاد النظريات الدينية والسياسة اوالمدنية العلمانية التى تجهد معتنقيها فى الوصول الى النهج المستقيم الذى يليه االاصلاح الراسخ القائم على منهج اصولى تتفارق فيه المسميات عن الاصطلاحات الهشة الواهية

واعلم جيدا اننى حين استدعيت قلمى لاضع احباره فى قدر ازالة اللبس عن الدولة الدينية ان هناك جيوش مؤلفة من المهزومين الناعقين بين الرعاع ستسل اقلامها شاهرة الحرب على هذا المنهج او هذا المدخل الاصلاحى الذى يتباين مدى شرعيته وقبوله بين مفكرينا حسب منهج تفكيرى او فلسفى خاص بكل اتجاه على حده

فلا يزال الصراع الواقع بين ادعياء الدولة الدينية والدولة المدنية منحدرا بين اختلافات مفكرى وكتاب العرب والمسلمين بين مؤيد لتلك ورافض لذاك ، ولم يحتم بعد الصراع بين الدينيى والمدنى والسياسى الى ان ظهر لكل منهم منهج واتباع يقودون افكارهم بسياط الفكر واجياد المنهج دفاعا كلا عن مدخله ، لذلك سوف اسعى بقدر استطاعتى الى ازالة اللبس الذى بدوره يسعى الى تشويه صورة الدولة الدينية وراء افكار لم تكن مخلوقة لنا بل لتنخر فى عظام دولتنا وعقولنا نتاج تصدير افكار ومعتقدات تصرخ من زيف ما فيها حول ازالة الشبهة عن الدولة المدنية.

ان الاسلوب العلمى الدقيق يجعلنا نقف على حقيقة البحث والتحليل الجيد قبل اصدار الاحكام حول القضايا والمناهج الاصلاحية المطروحة امامنا ونحن الان نقف على اعتاب نموذج الدولة الدينية كمدخل من مداخل الاصلاح السياسى وكمنهج اصلاحى شامل للدولة ككل، وحتى نشرع فى عرض هذا النوذج يجب اولا درء بعض الشبهات والمؤشرات الزائفة التى يعتقد البعض انها مظلة تستظل بها الدولة الدينية وتسمد منها الشرعية والسلطة .

ان الاسلام لا يعرف دولة رجال الدين بل يعرف دولة تحكمها ضوابط شرعية على اسس دينية فرجال الدين الاسلامى لا يحكمون ولا يدعون الصلاحية للحكم لاننا على يقين تام بان السياسة فرع من الفروع وليست اصل من الاصول والسياسة تخضع لمتغيرات شتى تجعلها قابلة للصواب والخطا حسب تقدير القرار السياسى الناتج عن متخذ القرار

لذلك فان مفهوم الدولة الدينية لا يعنى حكومة رجال الدين بل يعنى ضبط الدين للسياسة فى حين ان السياسة لا تضبط الدين لانه وفقا لقواعد ومبادىء القانون الطبيعى ان الدين اعم واشمل من السياسة اذ انه يحاسب على النوايا والافكار لا الافعال فقط اما القانون الوضعى فهو يحاسب على الافعال فقط ولا يحاسب على النوابا الا اذا تلاها سلوك موافق لها محدث للضرر بالاخر فالدين منظم وضابط للسياسة وليس تابع لها

كما ان المتغيرات السياسة لا يمكن ان ندرجها تحت بنود الدين اذ لا يمكننا التحدث باسم الدين سياسيا ولكن يمكن ان نتحدث باسم السياسة دينيا وهذا ما يرفضه العلمانيون الذين يرفضون اى ارتباط بين الدين والدولة حسب الشريحة العلمانية المفرخ عنها وتعتبر هذه الشريحة هى السواد الاعظم من شرائح العلمانية المنادية بفصل الدين عن الدولة وتجريد الانسان من كل ما هو دينى

حتى يزيد الامتداد السرطانى لدواعى العلمانية الى قلب الامة الاسلامية لتزرع لها عملاء منادون بعلمانية الدولة تحت مسمى الدولة المدنية متخذين الخلب والتزييف لفكرة الدولة المدنية على العقول لاخراج الصورة العامة لتلك الدولة متصورة فى الاساطير اليونانية القديمة التى كان فيها الحاكم بمثابة اله لا يحق للمحكوم سؤاله او محاسبته اذ بات للحاكم الحق فى التشريع والحكم والتنفيذ بموجب سلطتة اعلى من المحكومين وهى السلطة الالهيةلان الحاكم لديهم اصبح منوب عن الله

وهو نفس النموذج الذى ساد الاسر الفرعونية القديمة التى لم تكن تدين بدين سماوى ، ثم يتبادر للذهن ما خيم من على اوروبا فى العصور الوسطى من ظلام الدولة الدينية المسبحية المتمثلة فى الكنيسة التى تختار حكامها بموجب امر كنسى صادر من الرمز الدينى الذى لا يمكن مراجعته بموجب سلطته الالهة الروحية ، وهذا ظلم كبير يقع على عاتق الدولة الدينية جراء حضارت لا تمت الينا بصلة وتبعد كل البعد عن مفهومنا للدولة الدينية .

ينتظر تتمته فى فوبيا الدولة الدينية 2