أيها الأحبة
الإسلام دين التسامح ويدعوا إلى التسامح والتصالح
الإسلام دين التسامح مع المخالف
لم هذه الحرب المعلنة على الفضائيات
وعلى صفحات الجرائد والمجلات ومواقع الانترنت
لم هذه الحرب الشرسة التي تملآ القلوب والبلاد بالذعر والفزع
والرعب
لما لا يتم الحوار بأدب
لما لا يكون الخلاف مبنياً على قبول الرأي والرأي الآخر
لما لا يكون الخلاف مبنياً على حسن الظن بالمخالف
لما لا يكون الخلاف مبنياً على عدم اتهام النيات
لماذا ننطلق في خلافنا من مظنة ومظلة سوء الظن واتهام الآخرين
فالنخبة تتهم الإسلاميين على اختلاف أطيافهم
والإسلاميون منهم من يتهم غيره أيضاً حتى أكون عادلاً منصفاً
لماذا لا يكون الحوار والخلاف بيننا مبنياً بقواعد أدب الخلاف وأدب الحوار
طبيعة البشر تقتضي أيها الأفاضل أن لا يحدث اتفاق في كل شيء على الإطلاق
واهم ورب الكعبة من يتصور أن الأمة كلها ستلتقي على قلب رجل واحد هذا وهمُاً لا قدم له ولا ساق
لا من الأدلة القرآنية ولا من الواقع ولو كان ذلك قابلاً للتحقيق في عصر من العصور لكان أولى العصور بتحقيق هذا عصر النبي صلى الله عليه وسلم
فلا يمكن أبداً أن تتصور أو أن تنتظر أن تلتقي القلوب كلها على قلب رجل واحد
أبداً
سيبقى الخلاف بيننا لأن الخلاف مترتب على اختلاف الخلق في طبائعهم وأشكالهم وألوانهم وصورهم بل وبصمات أصواتهم فضلا عن بصمات أيديهم
لا تجد إنساناً على وجه الأرض في هذه المليارات التي وصلت الآن إلى سبعة مليارات
لا تجد إنسان يُشبه إنسان آخر في كل شيء
محال
وهذه علامة على عظمة الله وآية دالة على قدرته جل علاه
"وَمِنْ آيَاتِهِ خَلقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلسِنَتِكُمْ وَأَلوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلكَ لآيَات للعَالمِينَ "
سيبقى هذا الخلاف موجوداً
في أشكالنا.. في كلماتنا ..في عقولنا .. في قلوبنا .. في أجسادنا .. في طرق تفكيرنا .. في طرق تعبيرنا
سيبقى هذا الخلاف قائماً
ولذا يجب أن نؤصل الآن في ظل هذه المرحلة الذي انطلق فيها الحرية بسقف مرتفع
يجب أن نؤصل لأدب الحوار لأدب الخلاف
وسأفرد جمعة كاملة بإذن الله بعنوان (للحوار أصول)
لأبين لحضراتكم أن الإسلام قد وضع أصول واضحة للحوار ولأدب الحوار حتى لا يتحرك كل أحد ليهرف بما لا يعرف ليؤذي نفسه والآخرين بل والأمة والبلد معه.
نعم أيها الأفاضل
الحوار أو الخلاف له فقه وله أدب
فلتطرح كل مسائل الخلاف بتسامح في بوتقة الخلاف
ولتظلل هذا البوتقة بأدب الخلاف وحينئذ لا خلاف
فلأنطلق وأنا أخالفك في عشرات بل في مئات المسائل من مسائل الفروع والأحكام ولتنطلق وأنت مخالف لي في عشرات مسائل الفروع والأحكام
ويبقى الود بيننا ويبقى الحب والأدب فيما بيننا
عبر عن رأيك ودلل عليه بكتاب الله وسنة رسول الله وبفهمك لأقوال أهل العلم ودع الآخر يُعبر عن رأيه أيضاً وليتبنى الرأي الآخر الذي يراه لعالمٍ آخر من علماء أهل السنة
ويبقى الخلاف المعتبر سائغاً مقبولاً فيما بيننا
لا يفسد للحب ولا للألفة ولا للود بيننا قضية من القضايا
إن استخدمنا الألفاظ المهذبة
يعني أقرأ مثلاً من يقول (لا حوار مع السلفيين الهمج)
هل هذا حوار يا أخي؟
وأنا لازلت احتفظ لك بالإخوة
هل هذا حوار أم إشعال للنار؟
هل هذا نصح أم سب وقذف؟
لابد من التعامل مع هؤلاء تعاملاً أمنياً بحتاً
لا حوار مع هؤلاء الهمج
هذا ليس حواراً بل هذا قذف بل هذا سب
بل هذا تجاوز كبير
إن لم يجد الإنسان من يُحاسبه عليه فربنا سُبحانه وتعالى يسمع ويرى "مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ"
لا تستهن بالكلمة ولا تتكلم وأنت تتصور أنها مجرد كلمة
لا
بل بكلمة تنال رضوان الله
وبكلمة تنال سخط الله
أنا أخاطبك بكلام الله وكلام رسوله وأدعك لضميرك أن يتحرك
ولقلمك أن ينطلق ليكتب الحق الذي يرضي الرب سبحانه وتعالى
"إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالاً فيرفعه الله بها درجات وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً فيهوي بها في جهنم
أعاذنا الله وإياكم من حرها
نعم أيها الأحبة
جاء رجل إلى أبي الدرداء وقام يسبه بأقذع الألفاظ وبأقبح الشتائم فالتفت إليه أبي الدرداء رضي الله عنه وقال : (يا أخي لا تفرط في سبنا ودع للصلح موضعاً فإنَّا لا نكافئ من عصىٰٰ الله فينا بأكثر من أن نطيع الله فيه".
هذا هو الأدب
هؤلاء هم الذين رباهم محمد صلى الله عليه وسلم
نريد هذا الأدب أن يسود
فلأختلف معك ولأرد عليك
ولتختلف معي ولترد عليّ
لكن يبقى خلافنا في بوتقة الخلاف السائغ والمعتبر مظللاً في كل مراحله بأدب الخلاف
بالاحترام
بالتقدير
بعدم سوء الظن
بعدم اتهام النيات
هذه آداب لابد من مراعاتها
فالإسلام يدعوا إلى التسامح في الخلاف
ويدعوا إلى الأدب في الخلاف
ويعلمنا أنه لن يكون الخلق أبداً على قلب رجل واحد لا في التوحيد والإيمان فضلاً عن الفكر والرؤى
مستحيل
"وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ".
الإسلام لا ينتظر أبداً من أتباعه أن يتحركوا لإدخال كل أهل الأرض في التوحيد والإيمان
أبداً
الله يخاطب نبيه بقوله "وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ"
فنحن لا نُكره الناس على الدخول في الإيمان
فكيف نُكره الناس على قبول الرأي وإن خالفوه؟
كيف نكره الناس على قبول الرأي بالعنف والكبد والقوة والقهر والإكراه؟
هذا لا يقول به دين ولا يقول به عالم ولا يقول به حتى طالب علم
يتبع بإذن الله
المفضلات