قال لي أحدُهم يومًا :المسيحُ كلمة اللهِ إذًا هو الله .... وذلك بنصِ القرآنِ والإنجيل ، وكان دليله على ذلك ما يلي:
1- قوله : يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (171) (النساء).
2- إنجيل يوحنا في الإصحاحِ الأول عدد1فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ.
الرد على الشبهة
أولاً:إن قولَ القائلِ المسيحُ كلمة الله صحيح، لكن استنتاجه باطل؛ يتضح ذلك من خلالِ عرض أدلتِه وغيرِها .....
أبدءُ بقولِ اللهِ : يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (171) (النساء).
نلاحظ من الآيةِ : إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ
إذًا الآية تقول: إنه رسول وليس إلهًا كما زعم الدّعي .... كما أن بقية الآية تنهى أهلَ الكتابِ عن عقيدةِ التثليثِ التي يؤمن بها(الدّعي) وتنهى عن عقيدةِ بنوةِ المسيح للهِ....
يدلل على ذلك أيضًا ما جاء في التفسيرِِ الميسر:" يا أهل الإنجيل لا تتجاوزوا الاعتقاد الحق في دينكم، ولا تقولوا على الله إلا الحق، فلا تجعلوا له صاحبةً ولا ولدًا. إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله أرسله الله بالحق، وخَلَقَه بالكلمة التي أرسل بها جبريل إلى مريم، وهي قوله: "كن"، فكان، وهي نفخة من الله تعالى نفخها جبريل بأمر ربه، فَصدِّقوا بأن الله واحد وأسلموا له، وصدِّقوا رسله فيما جاؤوكم به من عند الله واعملوا به، ولا تجعلوا عيسى وأمه مع الله شريكين. انتهوا عن هذه المقالة خيرًا لكم مما أنتم عليه، إنما الله إله واحد سبحانه. ما في السماوات والأرض مُلْكُه، فكيف يكون له منهم صاحبة أو ولد؟ وكفى بالله وكيلا على تدبير خلقه وتصريف معاشهم، فتوكَّلوا عليه وحده فهو كافيكم".اهـ
أما ما أشكل فهمه على الدّعي بقولِه: إن المسيحَ كلمةُ اللهِ إذًا هو الله ... يزول أشكالُه من وجهين:
الوجهُ الأول: يكون بسؤالٍ هو :هل للهِ كلمة واحدة أم كلمات كثيرة... ؟
الجواب : لله كلمات كثيرة ثبتت في القرآنِ الكريمِ منها:
1- قوله : قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا (109) (الكهف).
2- قوله : وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ (34) (الأنعام).
قلتُ: بمفهومِ الدّعي هناك آلهة كثيرة هي هذه الكلمات الكثيرة...
الوجه الثاني:إجابة مباشرة على ادعائِه أقول فيها: الكلمة التي قالها اللهُ هي: كلمة (كن) فكان المسيحُ ...تدلل على ذلك أقوال المفسرين كما يلي:
1-تفسير الطبري: خلقتُه من تراب ثم قلت له:"كن"، فكان من غير فحل ولا ذكر ولا أنثى. يقول: فليس خلقي عيسى من أمه من غير فحل، بأعجب من خلقي آدم من غير ذكر ولا أنثى، وأمري إذ أمرته أن يكون فكان لحمًا. يقول: فكذلك خلقى عيسى: أمرتُه أن يكون فكانَ....
وقد قال بعض أهل العربية:"فيكون"، رفع على الابتداء، ومعناه: كن فكان، فكأنه قال: فإذا هو كائن....
حدثنا به الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة:"وكلمته ألقاها إلى مريم"، قال: هو قوله:"كن"، فكان.أهـ بتصرف
2- تفسير القرطبي: وسمي عيسى كلمة لأنه كان بكلمة الله تعالى التي هي " كن " فكان من غير أب....
قوله تعالى: (وكلمته ألقاها إلى مريم) أي هو مكون بكلمة " كن " فكان بشرا من غير أب، والعرب تسمى الشئ باسم الشئ إذا كان صادرا عنه. أهـ بتصرف
إذًا المسيحُ كان وليس كن ؛ إذًا هو مخلوق ،هذا فهمي لكتابِ اللهِ كما فهم العلماءُ قبلي لا كما فهم هذا الدّعيُّ...
إذًا من خلالِ ما سبق يتضح لنا أن الآيةَ الكريمة برمتِها تنصُ صراحةً على أن المسيحَ رسول من عند الله وتنهى عن معتقدِ الدّعي(التثليث، وبنوة المسيح لله) وأما الكلمة هي: قال اللهُ هي : كن عيسى فكان عيسى؛ يدل على ذلك ما يلي:
1- قولُه : قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (47) وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (48) (آل عمران).
2- قولُه : إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59) (آل عمران).
3- قولُه : إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) (يس).
ثانيًا: إن استدلالَ الدّعي بما جاء في إنجيلِ يوحنا على فهمه استدلال باطل أيضًا لوجهين :
الوجهُ الأول : كان عليه أولاً أن يثبت لي أن هذا النصَ غير محرف ؛يثبت لي أن كاتبَ إنجيل يوحنا
هو يوحنا الحواري ،فليته يخبرني ما هو الاسم الثلاثي لكاتب هذا الإنجيل... ؟
الوجهُ الثاني : بفرضِ صحةِ النصِ هو لا يخدم فهمه له بحال من الأحول؛ لأن النصَ يقول " 1فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ ".
أتساءل : هل اللهُ له بداية ؟
الجواب: اللهُ أولٌ بلا ابتداء وآخر بلا انتهاء ؛من له بداية له نهاية....
النصُ يقول: " وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ "
الملاحظ حرف (عند) وهو يقتضي المغاير فحينما أقول : أحمد عند إسماعيل هل أحمد هو إسماعيل؟ هذا هو.
ثم إن النصَ بفهمِه يكون معناه : في البدء كان اللهُ وكان اللهُ عند اللهِ وكان اللهُ الله ....!
ثم أنني لو وضعت كلمةَ المسيحِ مكان( الكلمة) لصار النص :في البدء كان المسيح ،وكان المسيح عند المسيح وكان المسيحُ المسيح....!
كتبه الأستاذ / أكرم حسن مرسي
نقلاً عن كتابه رد السهام عن الأنبياء الأعلام – عليهم السلام –
في دفع شبهات المنصرين عن أنبياء رب العالمين.
المفضلات