قالوا : المسيحُ هو الوحيد الذي بلا خطيئة ،الجميعُ زاغوا وفسدوا إلا المسيح فقط هو الوحيد الصالح في هذا الكون ،وذلك بشهادةِ رسولِ الإسلامِ في حديثِ الشفاعة الثابت في صحيحِ مسلمٍ كِتَاب (الْإِيمَانِ) بَاب( أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً فِيهَا) برقم 287 فَيَأْتُونَ عِيسَى فَيَقُولُونَ:" يَا عِيسَى أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلَّمْتَ النَّاسَ في الْمَهْدِ وَكَلِمَةٌ مِنْهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَاشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ أَلاَ تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ أَلاَ تَرَى مَا قَدْ بَلَغَنَا". فَيَقُولُ لَهُمْ عِيسَى r:" إِنَّ رَبِّى قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ - وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ ذَنْبًا - نفسي نفسي اذْهَبُوا إِلَى غيري اذْهَبُوا إِلَى مُحَمَّدٍ r.....

الرد على الشبهة

أولاً: إن قولهم بأنه هو الوحيدُ الذي بلا خطيئة ،الجميعُ زاغوا وفسدوا إلا المسيح فقط هو الوحيدُ الصالح في هذا الكون .......... قول باطل من عدة أوجه منها :
أولاً: إن السنةَ دلت على أن يحيى بن زكريا( يوحنا المعمدان ) هو الوحيد الذي بلا خطيئة (صغيرة أو كبيرة )
وذلك في مسندِ أحمدَ برقم 2600 ، وصححه الألبانيُّ في السلسةِ الصحيحةِ برقم 2984 عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّه قَالَ r: " مَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ إِلاَّ وَقَدْ أَخْطَأَ أَوْ هَمَّ بِخَطِيئَةٍ لَيْسَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا ".
وجاء ذلك أيضًا في إنجيل متى إصحاح 11 عدد9لكِنْ مَاذَا خَرَجْتُمْ لِتَنْظُرُوا؟ أَنَبِيًّا؟ نَعَمْ، أَقُولُ لَكُمْ، وَأَفْضَلَ مِنْ نَبِيٍّ.

ثانيًا: إن المسيحَ  إنسانٌ كما قال هو بنفسِه عن نفسِه ...وذلك في إنجيلِ يوحنا إصحاح 8 عدد40وَلكِنَّكُمُ الآنَ تَطْلُبُونَ أَنْ تَقْتُلُونِي، وَأَنَا إِنْسَانٌ قَدْ كَلَّمَكُمْ بِالْحَقِّ الَّذِي سَمِعَهُ مِنَ اللهِ. هذَا لَمْ يَعْمَلْهُ إِبْرَاهِيمُ.
فمن صفات هذا الإنسان أن يخطأ ... فالصالح الوحيد الذي بلا خطيئة هو اللهُ  وحده ،ذلك باعتراف المسيح في إنجيل لوقا إصحاح 19 عدد18وَسَأَلَهُ رَئِيسٌ قِائِلاً:«أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ، مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟» 19فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ:«لِمَاذَا تَدْعُونِي صَالِحًا؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحًا إِلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللهُ.
وسوف يتقدم معنا- إن شاء اللهُ - بعض أخطائه التي تنسبها الأناجيلُ له ....
ثالثًًا: إن الحديث لم يقل:إن النبي َّ r قال : إن المسيحَ  ليس له ذنب كما فهموا وكما ادعوا ....!
الحديثُ يقول :" وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ ذَنْبًا "
فالقائل هنا ليس النبيُّ r بل هو الراوي( أبو هريرة ) يقول: لم يذكر النبيُّ r ذنبًا للمسيحِ ، وليس معنى ذلك أنه معصوم من الصغائر ،فلم يقل النبيُّ :r إن المسيح  لم يفعل ذنبًا ،بل لما ذكرr حال الأنبياءِ وذكر عيسى  لم يذكر له ذنبًا ،فهذه جملة اعتراضية وضعت بين شرطتين كما هو ظاهر من المتن...

ثانيًا : إن الأمرَ المثير للدهشةِ هو أن يسوع قال لليهودِ في إنجيل يوحنا إصحاح 8 عدد46مَنْ مِنْكُمْ يُبَكِّتُنِي عَلَى خَطِيَّةٍ؟ فَإِنْ كُنْتُ أَقُولُ الْحَقَّ، فَلِمَاذَا لَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِي؟
وفي موضع آخرٍ يقول عن نفسه :إنِه ليس صالحًا بل هو بشرٌ له أخطاء ، فالصالح وحده هو الله  الذي بلا خطيئة ؛جاء ذلك في إنجيل لوقا إصحاح 19 عدد18وَسَأَلَهُ رَئِيسٌ قِائِلاً:«أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ، مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟» 19فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ:«لِمَاذَا تَدْعُونِي صَالِحًا؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحًا إِلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللهُ.
فالواضح من النصين التعارض البيّن :
نصٌ يقول فيه : " مَنْ مِنْكُمْ يُبَكِّتُنِي عَلَى خَطِيَّةٍ؟ " أي: من منكم يثبت على خطأ فعلته ؟
ونصٌ يقول فيه :" لِمَاذَا تَدْعُونِي صَالِحًا؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحًا إِلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللهُ " أي: لماذا تقولون عني أني صالحٌ لا أفعل أخطاء ، الصالحُ الذي بلا خطيئة هو اللهُ وحده ، كما أن هذا النصَ فيه دليلٌ واضحٌ على عدم ألوهيته بخلاف ما يعتقد المعترضون.
ثم إن النصَ الثاني صحيح لا مرية فيه ،ولكن الإشكالية الكبيرة في النص الأول الذي يقول فيه: مَنْ مِنْكُمْ يُبَكِّتُنِي عَلَى خَطِيَّةٍ؟
قلت ُ:إن كتبة الأناجيل نسبوا له أخطاءً كثيرة حتى جعلوه مذنبًا فعلى سبيل المثال لا الحصر أذكر منها ما يلي:
1- وصفه كاتبُ إنجيل يوحنا بأنه كذب على إخوته حينما طلبوا منه الصعود للعيد فقال : إني لست بصاعد ثم صعد بعدها في الخفاء ... وذلك في إنجيل يوحنا إصحاح 7 عدد 8اِصْعَدُوا أَنْتُمْ إِلَى هذَا الْعِيدِ. أَنَا لَسْتُ أَصْعَدُ بَعْدُ إِلَى هذَا الْعِيدِ، لأَنَّ وَقْتِي لَمْ يُكْمَلْ بَعْدُ». 9قَالَ لَهُمْ هذَا وَمَكَثَ فِي الْجَلِيلِ. 10وَلَمَّا كَانَ إِخْوَتُهُ قَدْ صَعِدُوا، حِينَئِذٍ صَعِدَ هُوَ أَيْضًا إِلَى الْعِيدِ، لاَ ظَاهِرًا بَلْ كَأَنَّهُ فِي الْخَفَاءِ.
2- وصفه كاتبُ إنجيل يوحنا بأنه سب الأنبياء جميعًا ، ويقول عنهم: " سُرَّاقٌ و لصوص " ...
وذلك في إنجيل يوحنا إصحاح 10 عدد 7فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ أَيْضًا:«الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنِّي أَنَا بَابُ الْخِرَافِ. 8جَمِيعُ الَّذِينَ أَتَوْا قَبْلِي هُمْ سُرَّاقٌ وَلُصُوصٌ، وَلكِنَّ الْخِرَافَ لَمْ تَسْمَعْ لَهُمْ.
3- وصفه كاتب إنجيل لوقا بأنه سب الفريسيين قائلاً لهم :" يَا أَغْبِيَاءُ " وذلك لما استضافه أحدُهم لتغذى عنده في بيتِه فوجده لم يغسل يده قبل الأكل نقرأ في إلا صحاح 11 عدد37وَفِيمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ سَأَلَهُ فَرِّيسِيٌّ أَنْ يَتَغَدَّى عِنْدَهُ، فَدَخَلَ وَاتَّكَأَ. 38وَأَمَّا الْفَرِّيسِيُّ فَلَمَّا رَأَى ذلِكَ تَعَجَّبَ أَنَّهُ لَمْ يَغْتَسِلْ أَوَّلاً قَبْلَ الْغَدَاءِ. 39فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ:«أَنْتُمُ الآنَ أَيُّهَا الْفَرِّيسِيُّونَ تُنَقُّونَ خَارِجَ الْكَأْسِ وَالْقَصْعَةِ، وَأَمَّا بَاطِنُكُمْ فَمَمْلُوءٌ اخْتِطَافًا وَخُبْثًا. 40يَا أَغْبِيَاءُ، أَلَيْسَ الَّذِي صَنَعَ الْخَارِجَ صَنَعَ الدَّاخِلَ أَيْضًا؟

4- تصفه الأناجيلُ بأنه سب المؤمنين من اليهود (الحواريين (في الآتي:
أ- قال لبطرس كبير الحواريين : " يا شيطان " (متى 16 / 23 ).
ب- وسب آخرين منهم بقوله : " أيها الغبيان والبطيئا القلوب في الإيمان " لوقا ( 24 / 25(
5- وصفه الكتبةُ بأنه أهان أمَه في موضعين :
الأول :أهانها في وسطِ العرس قال لها: "يا امرأة" كما كان يخاطب المرأة الزانية.. ومما هو معلوم أن عقوق الوالدين من أكبر الكبائر التي حرمها اللهُ بعد الشركِ بالله ..وذلك إنجيل يوحنا الإصحاح 2 عدد4قَالَ لَهَا يَسُوعُ:«مَا لِي وَلَكِ يَا امْرَأَةُ؟
و جاء في إنجيل يوحنا إصحاح 8 عدد 10فَلَمَّا انْتَصَبَ يَسُوعُ وَلَمْ يَنْظُرْ أَحَدًا سِوَى الْمَرْأَةِ، قَالَ لَهَا:«يَا امْرَأَةُ، أَيْنَ هُمْ أُولئِكَ الْمُشْتَكُونَ عَلَيْكِ؟ أَمَا دَانَكِ أَحَدٌ؟»
نلاحظ: أنه خاطب المرأة الزانية بنفس اللقب( يَا امْرَأَةُ)...


الثاني :أتهمها بعدمِ الإيمان (عدم سماع كلامِ الله ) تحتقرها وأخوتَه وإلاعرض عن مقابلتهم،وذلك في إنجيل مرقس إصحاح 3 عدد31فَجَاءَتْ حِينَئِذٍ إِخْوَتُهُ وَأُمُّهُ وَوَقَفُوا خَارِجًا وَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ يَدْعُونَهُ. 32وَكَانَ الْجَمْعُ جَالِسًا حَوْلَهُ، فَقَالُوا لَهُ:«هُوَذَا أُمُّكَ وَإِخْوَتُكَ خَارِجًا يَطْلُبُونَكَ». 33فَأَجَابَهُمْ قِائِلاً:«مَنْ أُمِّي وَإِخْوَتِي؟» 34ثُمَّ نَظَرَ حَوْلَهُ إِلَى الْجَالِسِينَ وَقَالَ:«هَا أُمِّي وَإِخْوَتِي، 35لأَنَّ مَنْ يَصْنَعُ مَشِيئَةَ اللهِ هُوَ أَخِي وَأُخْتِي وَأُمِّي».
جاء القرآنُ الكريم ليبرأ المسيحَ من ذلك لما قال: وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (32)  (مريم)
6- وصفه الكتبة بأنه سب المؤمنين من غير بني إسرائيل واصفًا إياهم بالكلاب ،وذلك في عدة مواضع منها :
1- وصف المرأة الكنعانية المؤمنة بأنها من الكلاب ،وذلك في إنجيل متى إصحاح15 عدد 21ثُمَّ خَرَجَ يَسُوعُ مِنْ هُنَاكَ وَانْصَرَفَ إِلَى نَوَاحِي صُورَ وَصَيْدَاءَ. 22وَإِذَا امْرَأَةٌ كَنْعَانِيَّةٌ خَارِجَةٌ مِنْ تِلْكَ التُّخُومِ صَرَخَتْ إِلَيْهِ قَائِلَةً:«ارْحَمْنِي، يَا سَيِّدُ، يَا ابْنَ دَاوُدَ! اِبْنَتِي مَجْنُونَةٌ جِدًّا». 23فَلَمْ يُجِبْهَا بِكَلِمَةٍ. فَتَقَدَّمَ تَلاَمِيذُهُ وَطَلَبُوا إِلَيْهِ قَائِلِينَ:«اصْرِفْهَا، لأَنَّهَا تَصِيحُ وَرَاءَنَا!» 24فَأَجَابَ وَقَالَ:«لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ». 25فَأَتَتْ وَسَجَدَتْ لَهُ قَائِلَةً:«يَا سَيِّدُ، أَعِنِّي!» 26فَأَجَابَ وَقَالَ:«لَيْسَ حَسَنًا أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلاَب». 27فَقَالَتْ:«نَعَمْ، يَا سَيِّدُ! وَالْكِلاَبُ أَيْضًا تَأْكُلُ مِنَ الْفُتَاتِ الَّذِي يَسْقُطُ مِنْ مَائِدَةِ أَرْبَابِهَا!». 28حِينَئِذٍ أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهَا: «يَا امْرَأَةُ، عَظِيمٌ إِيمَانُكِ! لِيَكُنْ لَكِ كَمَا تُرِيدِينَ». فَشُفِيَتِ ابْنَتُهَا مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ.
2- وصف سائر الأميين بالكلاب و الخنازير و ينصح لليهود بعدم هدايتهم، وذلك في إنجيل متى إصحاح 7 عدد 6لاَ تُعْطُوا الْقُدْسَ لِلْكِلاَب، وَلاَ تَطْرَحُوا دُرَرَكُمْ قُدَّامَ الْخَنَازِيرِ، لِئَلاَّ تَدُوسَهَا بِأَرْجُلِهَا وَتَلْتَفِتَ فَتُمَزِّقَكُمْ.
أتساءل:أليس هذا يتناقض مع قولِه: " أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ " (متى 5 /44) .
7- وصفه كاتبُ إنجيل يوحنا بأنه كان يتعرى أمامَ التلاميذ بشكلٍ يجعل القارئ يظن به الظنونَ، وذلك في الإصحاح 13 عدد4قَامَ عَنِ الْعَشَاءِ، وَخَلَعَ ثِيَابَهُ، وَأَخَذَ مِنْشَفَةً وَاتَّزَرَ بِهَا، 5ثُمَّ صَبَّ مَاءً فِي مِغْسَل، وَابْتَدَأَ يَغْسِلُ أَرْجُلَ التَّلاَمِيذِ وَيَمْسَحُهَا بِالْمِنْشَفَةِ الَّتِي كَانَ مُتَّزِرًا بِهَا.
8- وصفه كاتبُ إنجيل يوحنا أنه كان جالسًا في حضنِ تلميذ من تلاميذه كان يحبه (يقال : يوحنا ) ؛أعني رجل ينام في حضن رجلٍ مثله.. .... يا له من أمر مثير للشكوك والدهشة ! جاء ذلك في الإصحاح 13 عدد23وَكَانَ مُتَّكِئًا فِي حِضْنِ يَسُوعَ وَاحِدٌ مِنْ تَلاَمِيذِهِ، كَانَ يَسُوعُ يُحِبُّهُ.

كتبه الشيخ / أكرم حسن مرسي
نقلاً عن كتابه رد السهام عن الأنبياء الأعلام – عليهم السلام –
في دفع شبهات المنصرين عن أنبياء رب العالمين