بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين


أما بعد ......

فلقد أمر الله تعالى المؤمنين والمؤمنات بـ (حفظ فروجهم) :

1- (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35)) الأحزاب

2- (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ۖ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ ۚ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31)) النور

3- (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَىٰ وَرَاءَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7)) المؤمنون

4- (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (29) إِلَّا عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (30) فَمَنِ ابْتَغَىٰ وَرَاءَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (31)) المعارج
***********************
ولكن القرآن ذكر عن مريم بنت عمران عليها السلام أنها ...
(أحصنت فرجها) :

1- (وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ (91)) الأنبياء

2- (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ (12)) التحريم
***********************
ومن معرفتنا أن ألفاظ القرآن الكريم فى غاية الدقة ....
فهنا يبرز سؤال هام جدا :

لماذا لم يذكر القرآن الكريم
أن مريم بنت عمران عليها السلام (حفظت فرجها) ....
لكنه ذكر أنها : (أحصنت فرجها) ؟؟؟؟
***********************
إذن وبالضرورة ...
لا بد أن هناك فرق ما بين :
(الحفظ) ... و ... (الإحصان)
لنر معا ما هو الفرق ....

***********************
إن معنى (الحفظ) باختصار : الصيانة
أما (الإحصان) .....
فمعناه باختصار : ممنوع الإقتراب !!!
***********************
(أ) - الحفظ :

هو صيانة الشىء والمحافظة عليه
(عند توقع حدوث الفساد أو الضياع أو الضرر)

1- فمنه قول الله تعالى عن القرآن الكريم :
( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ )
الحجر : 9

2- ومنه حفظ حدود الله : (التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ)
التوبة : 112

3- ومنه قول إخوة يوسف :
(أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)
يوسف : 12

4- ومنه أمر الله تعالى بالمحافظة على الصلوات :
(حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ)
البقرة : 238

5- ومنه (حفظ الملفات) أى صيانتها من الضياع أو التلف

6- ومنه (حفظ القرآن الكريم) أى المحافظة على استقرار آياته فى العقل والقلب كيلا ينسى

7- ومنه (حفظ لأغذية) أى صيانتها من التلف أوالفساد بطرق عديدة

ففى كل هذه الأمثلة نجد أن هناك
توقع لحدوث الفساد أو الضياع أو الضرر !!!!

فمعنى كلمة لفروجهم حافظون :
أي صائنون لها ممسكون لها بالعفاف (عما لا يحل لهم)
أو عما يسبب لهم ضررا دنيويا أو أخرويا ....
***********************
(ب) - الإحصان :

هو جعل الشىء في موقع آمن منيع باستمرار حتى إذا برز الضرر أو الخطر لا يطاله
أو بمعنى آخر : فالإحصان هو المبالغة والتشديد فى الحفظ (مقدما) !!!

والتأمل في كلمة الاحصان يجعلنا ندرك ثلاثة أبعاد لمعناها :

أولاً : أن يكون هناك شيء ذا قيمة عالية يراد رعايته والحفاظ عليه

ثانياً : أن يحاط هذا الشيء بما يصونه بقوة وصلابة ويدرأ عنه أى خطر

ثالثاً : أن تكون هذه الصيانة مستقرة ومستمرة، بحيث تبعث صاحبها على الطمأنينة والسكينة
***********************
فحقيقة معنى (أحصنت فرجها): ليس مجرد (حفظ الفرج)
المعنى الحقيقى أنها بالغت فى حفظه
أي جعلت له حصنا زيادة فى العفة والطهارة والحياء ...
المعنى الحقيقى : أنها حفظته بشدة
ليس عن الحرام فقط .....
بل وعن الحلال أيضا ...
فهى لم تتزوج
بل كانت منقطعة للصلاة والصوم والتسبيح فى محرابها
لم تكن حياتها ساعة لربها ... وساعة لقلبها
بل كانت حياتها ساعة واحدة موصولة التبتل والعبادة
لله رب العالمين ....
***********************
وليس بالضرورة كما يتوهم البعض ...
أن يكون هذا الحصن ماديا ...
بل هو بالأحرى حصن معنوي ...
فشدة خوف مريم بنت عمران من الله وتقواها وانقطاعها عن الدنيا لعبادته ركوعا وسجودا وقنوتا .....
كفيل بتحصينها تحصينا منيعا ضد كل شهوات الدنيا ...
ولا عجب ......
فقد فضلها الله واصطفاها على نساء العالمين !!!!
***********************
وقد أمر الله المؤمنين أن (يحفظوا) فروجهم
ذلك ... لأنه يباح لأزواجهم أو ما ملكت أيمانهم الإقتراب منها
والإستمتاع الحلال بها ...
أما أمره إياهم (بإحصان فروجهم)
فمعناه ألا يقترب من فروجهم أحد كائنا من كان !!!
سواء
عن طريق الحلال
أو عن طريق الحرام !!!
لذلك ...
وصف الله عباده المؤمنين بقوله :
(وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ)
ولم يقل :
(لفروجهم محصنون) !!!!
***********************
ولذلك أيضا ....
يصف الإسلام الرجل المتزوج والمرأة المتزوجة
بالمحصن والمحصنة
أى الذين تم تحصينهما وحمايتهما بحصن الزواج الشرعى العفيف
هذا الحصن يمنعهما من ارتكاب الخطيئة
ويدفع الخطيئة عنهما أيضا
فلا يمكن أن يقترب من أحدهما أحد
أو يقترب أحدهما من أحد ....
سوى شريك حياته فقط
ولذلك ....
لم يصف الإسلام الرجل المتزوج والمرأة المتزوجة
بـ (المحصن فرجه) و (المحصنة فرجها)

والقرآن الكريم يصف المؤمنات الغافلات بأنهن : (محصنات)
ولا يصفهن بـ : (المحصنات فروجهن)
لأنه بالطبع يباح لأزواجهن الإستمتاع بها
فوصفهن بالمحصنات ... يفيد أنهن أصبحن فى حصن منيع
وأنه لا يجوز لأى أحد مساسهن ....
من أى جزء من أجسادهن .... (وليس الفرج فقط)
***********************
أقول هذا ....
ردا على قذارات وسفالات النصارى
وزعمهم فى شبهاتهم المريضة الواهية
بأن جبريل عليه السلام ....
قد نفخ فى فرج مريم بنت عمران (مباشرة)

فلم يحدث هذا كما يخيل إليهم بنجاسة أفكارهم ....
من واقع قرائتهم المستمرة للأسفار المنحطة الأباحية
التى يعج بها كتابهم المحرف

بل نفخ جبريل عليه السلام فى (جيب درعها)
كما ذهب المفسرون فى تفسيرهم لهاتين الآيتين الكريمتين

فوصلت النفخة إلى رحمها الطاهر بأمر الله .....
وحملت بالمسيح عليه الصلاة والسلام
النبى الحبيب .... الرسول الطاهر المبارك
***********************
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

Doctor X