ذكريات أليمة
عبد الله بن فرحة القرني
قبل عشرين عاماً ونيفاً، وأنا أعيش في أحد أرياف منطقة عسير كانت أولى ذكرياتي عن سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله باز -يرحمه الله- فلقد كان الشخصية التي ارتبط اسمها بالسماحة والفتوى، والمرجعية الدينية في ذلك الريف قبل أن نعرف الهاتف والصحف أو تكون هناك أي وسيلة اتصال سوى المذياع، أو المسافرين الذين اغتربوا في ذلك الزمان لطلب الرزق، وحملوا لنا غريب الأخبار ومنها أخبار سماحة الشيخ وعلمه وزهده، وبراعته في الفتوى، والذكرى التي تركت أثراً مؤلماً في نفسي تلك الأيام، أن أحد أولئك المغتربين نقل لنا في إحدى ليالي السمر نحتفل فيها بهم خبراً مفجعاً عن أن سماحة الشيخ قد توفي، ولكن سرعان ما تبين أن سماحته بخير بعد أن نفى بعض الحاضرين المطلعين على الأخبار هذا النبأ فساد الأنس المجلس مرة أخرى، ولكن ذلك الخبر لم يمر عليَّ مروراً عابراً فلقد أصبحت أخشى وقوعه منذ ذلك اليوم، ولم تمر على تلك الأيام سوى أعوام قليلة عندما قدر لي أن أنتقل إلى الرياض في وفد طلابي، وكان المرة الأولى التي أفارق فيها قريتي لأعود إليها

بذكريات ثلاث تركت أثراً في نفسي، الأولى: ركوب الطائرة عندما لم يكن أحد من أقراني أو الذي يكبرونني قد رآها بالعين المجردة فضلاً عن أن يركبوها، والثانية: عن الصحراء التي عشت فيها أسبوعاً كاملاً داخل خيمة، والثالثة: عن سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز عندما استضافته جامعة الإمام في ذلك المخيم، ورأيته على المنصة في موكب جليل، وتواضع جم، وسماحة لم أر مثلها، مرتدياً ثوباً لم أر مثله في حياتي مما جعلني أتوهم أنني أمام الحسن البصري الزاهد لولا يقيني "أني أعيش في القرن الخامس عشر، والعجيب في ذلك أن بساطته جعلتني أدرك أن هذا الإنسان يختلف عن أي إنسان آخر منذ أن عرفت معنى الإنسان، وكان القاسم المشترك بين هذه الذكريات الثلاثة هو العلو والرحابة والعظمة، ثم تدافعت الأيام والسنون حتى كان عام اثني عشر وأربع مئة وألف عندما صحبت أحد المشايخ إلى مكتب سماحته، وكان صاحبي هذا على علم بالفقه وأصوله وسعة إطلاعه يريد أن يستفتي سماحة الشيخ في أمور لا يفتي فيها إلا مثله؛ لأن قوله فيها هو الفصل ليس بالهزل. ولا أخفي أني ذهبت معه لا لشيء إلا لأستمتع برؤية سماحة الشيخ للمرة الثانية عن قرب؛ لأنه ما زال في نفسي شيء من ألم تلك الليلة المشؤومة التي نقل إلينا فيها ذلك المغترب خبره الكاذب عن وفاة الشيخ مع أنه يفصل بيني وبينها ما يزيد على أربعة عشر عاماً. ولا أنكر أني عندما اقتربت وصاحبي من باب المكتب غشيتني هيبة حتى لكأني سأدخل مكاناً مقدساً ذلك

أني على أعتاب أكبر مرجع للفتوى في العصر الحديث. وما أن سلمت أنا وصاحبي حتى قام الشيخ وحيانا فقد كان يعرف صاحبي كما يعرف أحد أبنائه، وكنت أظن أنه سيصافحني ثم ينصرف لصاحبي، ولكنه على عادته أعارني اهتماماً فسألني عن اسمي كاملاً ومن أي قبيلة أنا؟ ثم عن تخصصي وحالتي الاجتماعية ثم دعا لي، وما هي إلا برهة حتى قمت وصاحبي من بين عشرات الجالسين مع سماحته إلى مختصر داخلي في مكتبه لأن فتوى صاحبي خاصة، ومع ذلك لم أسمع منهما وأنها معهما شيئاً، وإن كنت تعمدت عدم السماع إلا أنني كنت أيضاً مشغولاً بالتفكير في الشيخ والمكتب فقد اكتشفت أن له مكتباً مكوناً من طاولة وكرسي كأي مكتب لرجل مثله، لكنه لا يجلس عليه إلا نادراً أما المكتب العام الذي يستقبل فيه الناس ويقضي يومه فيه معهم ومع المعاملات التي تنهال عليه من أنحاء الأرض فيختلف عن مكتب أي مسؤول في الواقع المعاصر. ذلك أنك عندما تدخل على الشيخ لا تمر على المكاتب والدهاليز، ولا تمر الحجاب العابسين أو المفتونين بتعطيل مصالح الناس، بل تدخل من الباب الرئيس ليكون الشيخ أول جالس أمامك ليس له مكان مميز، وإنما هو جالس على كرسي "كنب" أصفر اللون تماماً كالذي يجلس عليه الحاضرون لم يميز مجلسه عن الآخرين بشيء إلا أن الذي يجلس على الكرسي الأوسط هو صاحب السماحة، وأن الذين يجلسون على بقية الكراسي هم من أصحاب التعاسة مثلي، وما هي إلا برهة حتى قمنا من ذلك

المجلس. ولم أكد استوعب تلك الفترة في لحظتها لأن الخواطر والرؤى كانت تمر في ذهني بسرعة كأنها لمعان أضواء المصورين عندما يستقبلون أحد الرؤساء.
ألح الشيخ علينا إلحاحاً شديداً لنتناول معه وجبة الغداء وكلنا انصرفنا ومعي صاحبي وهو يحدثني عن كرم سماحة الشيخ وعن مجلسه العامر بالضيوف في كل غداء وعشاء حتى ذكر لي أن الشيخ يصرف على هؤلاء الضيفان الذين يأتون من كل أنحاء العالم في مجلسه المفتوح ما يزيد على ألف ريال يومياً هي بالضبط المبلغ الذي يتقاضاه على عمله من الصباح إلى بعد صلاة الظهر، أما عمله إلى ما بعد العاشرة ليلاً فهو احتساب لا ينتظر الأجر فيه إلا من الله فلما حسبت ذلك وجدت أن راتب الشيخ لا يكفيه للضيافة فضلاً عن نفقات أمور البيت والصدقات وغير ذلك. وبعد هذا اللقاء مكثت يوماً كاملاً في حالة غريبة ذلك أن سماحة الشيخ كان أول عظيم ألتقي به في حياتي فهو المرجعية الدينية الأولى في العالم بلا منازع شاء الله ألا تكون إلا له، فالسماحة والفتيا أصبحتا سمتين بارزتين لا ينصرف الذهن إلى غيرهما عندما يرد اسم الشيخ، ولعل بعض طلابي الذين درست لهم في الجامعة يذكرون تلك اللحظات النادرة عندما اصطحبتهم في أحد أيام النشاط الطلابي إلى سماحة الشيخ فكان يوماً عجيباً من أيام حياتهم رأوا فيه السماحة والعلم واستفتوا حتى نفضوا ما في جعبهم من التساؤلات ولم يجدوا ما يسألون عنه، وليس العجيب

في مقدرته على الفتوى فغيره يفتي، ولكن سماحته يختصر الطريق ويقع على الدليل كما تقع النحلة على الرحيق، ويحكم بالاستدلال ويسهل المسألة فلا يفكر السائل في فتوى غيره لعلهم يذكرون ذلك اليوم جيداً وبخاصة في صبيحة هذا اليوم جيداً وبخاصة في صبيحة هذا اليوم الجمعة الذي شيع فيه مئات الألوف جثمان سماحته بجوار الكعبة المشرفة وسط حشد هائل من الشخصيات الإسلامية، يتقدمهم خادم الحرمين الشريفين -أثابه الله- وجمع غفير من العلماء وطلبة العلم والمحبين والعامة الذين ستكون عيونهم عندما تغيم بالدموع وأصواتهم عندما يجهشون بالبكاء أكثر شاعرية من المعلقات التي علقت حول الكعبة.
وتصرمت الأيام وأنا كغيري من الناس الذين يتحسسون أخبار سماحة الشيخ عندما سمعت بالداء العضال الذي ألم به، ولم أشأ أن أنقل هذا الخبر لأن مجرد التفكير فيه فقط كان يؤذيني حتى كان يوم الخميس السابع والعشرين من المحرم في عام عشرين وأربع مئة وألف عندما التقم أحد الوعاظ مكبر الصوت بعد الفراغ من الصلاة وقام يحدث ويعظ عن الموت ويذكر المصاب الجلل دون أن يصرح بشيء فلم يقع في ذهني غير صاحب السماحة وما زال الواعظ يبكي ويرفع صوته حتى أيقنت أن سماحة الشيخ قد نضا ثوب الحياة ليترك علمه فينا شاهداً حباً على العبقرية الخالدة. وكنت في تلك اللحظة كما قال أبو الطيب:


طوى الجزيرة حتى جاءني خبر




فزعت فيه بآمالي إلى الكذب


حتى إذا لم يدع لي صدقه أملاً




شرقت بالدمع حتى كاد يشرق بي


فأخذ المصلون على اختلاف جنسياتهم يتهدجون بالبكاء ولم يكن أحدهم ينظر إلى وجه الآخر، وكان يوماً على المؤمنين عسيراً، فاللهم أجرنا في مصيبتنا واخلفنا خيراً منها.

```


كوكب غار ضوؤه




بقلم الشيخ الأديب: عبد الله بن محمد بن خميس
الآن يستريح المجاهد!! الآن يلقي الشيخ عصا الترحال الطويل، الآن تنقضي رحلة طويلة من الجهد والجهاد والمثابرة الدؤوبة فيما ينفع العباد في دينهم ودنياهم.
وبالأمس القريب نعى الناعي الشيخ الجليل، بالأمس فقط عادت مسيرة الوداع المليونية وقد وارت الثرى جثمان الشيخ الطاهر، عادت ضارعة رافعة أكفها بالدعاء الطويل للشيخ بالرحمة والمغفرة، وقد غفر الله للخاطئين التوابين، فكيف بالشيخ الجليل وقد رفعت أكف جميع أهل هذه البلاد الطيبة المباركة في نهار يوم فيه ساعة لا يواتيها عبد وهو قائم يصلي ويدعو الله إلا واستجاب له الله، كيف بالشيخ وقد صلى عليه الملوك والأمراء والشيوخ والعلماء وعامة الشعب من تلامذته ومحبيه ومستمعي فتاواه وقارئي كتبه، كيف بالشيخ وما زال لسانه رطباً بذكر الله وقلبه مفعم بحب الله وخشية الله، كيف بالشيخ ووقته زاخر بعبادة الله وتفسير كتاب الله وتعليم شريعة الله، كيف بالشيخ ولم يزل رنين هاتفه لا ينقطع محدثاً للعباد ومفتياً في قضاياهم وناصحاً وهادياً

لضالهم.
وما أحسب أن هذه التقنية الحديثة حملت في أسلاكها حديثاً في الله مثلما حمله هاتف ابن باز.
الناس يضنون بأرقام هواتفهم الشخصية حتى على الأصدقاء، ولكن هواتف الشيخ ورفاقه لم تكن شخصية بل كانت جماهيرية! وهكذا تكون الأثرة ونكران الذات.
لم يكن وقت الشيخ ولا جهد الشيخ ملكاً لنفسه.. كان أباً حانياً على كل ابن ضال، يتعهده بالنصح والإرشاد حكمة وموعظة حسنة كان أخاً صادقاً صدوقاً لكل باحث عن الأخوة في الله، وكان شيخاً أميناً لكل باحث عن الحقيقة وكان معلماً للجميع.
كان الشيخ عالماً نادراً في جيله وفي زمانه، نهل من بحور العلم يافعاً.. وقد حُرِم نعمة البصر في صباه، ومُنح نعمة البصيرة النافذة، هو كما قال الشاعر:
هيهات أن يأتي الزمان بمثله




إن الزمان بمثله لبخيل


وكان الشيخ حكيماً.. ومن أوتي الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً.. كان حكيماً في فتاواه.. حكيماً في تناوله لأخطر قضيا الأمة.. حكيماً حليماً في الرد على سفهاء الأمة وما أكثرهم.. يأخذهم باللين

في مكان اللين وبالشدة في مكان الشدة.
وكان الشيخ جريئاً..كان جريئاً في الحق..ما أن تحل بالأمة نائبة أو يدلهم بها خطب، إلا وتساءل الجميع.. ماذا يقول الشيخ؟
كان الشيخ لسان الأمة الصادح بالحق وفؤادها النابض بالتقوى.. كان رأيها الصادق الأمين.. يصدر الفتوى جريئة قوية صادحة بالحق، فتطفئ لهيب الباحثين عن الحقيقة، وتوغر صدور الحاقدين.. ولم يكن الشيخ يأبه.. كان جريئاً في الحق.. لم تكن تأخذه فيه لومة لائم ولا عتاب جاهل ولا تقول زنيم.. كانت فتاواه وما زالت تقود خلافاً ويدور حولها جدول واسع كانت الدنيا تقوم ولا تقعد.. وهو ثابت كالجبل.. هادئ كالبحر.. شامخ كالطود.. لا تهزه ردود الأفعال ولا تثنيه عن كلمة الحق الأهوال.
وكان الشيخ كريماً.. كان جواداً معطاء ينفق إنفاق من لا يخشى الفقر.. أقبلت عليه الدنيا فأعرض عنها ومنحها للغير.. وما أكثر ما لجأ إليه المحتاجون وطرقوا بابه.. كان بابه مفتوحاً.. يلجه الجميع في أي وقت يستقبلهم ببشاشته المعهودة ويقضي حوائجهم ما استطاع.. كان لا يرد أحداً أبداً، إن استطاع قضى حاجته وإلا فإن كتابه للمسؤولين كان أضعف الإيمان.. ولم تكن قياداتنا الملهمة الرشيدة ترد كتاباً لابن باز.. كانوا يعلمون أنه ما كتبه لا لدنيا يصيبها ولا لجاه يبتغيه ولا لنفع يرتجيه.. كان وجه الله هو غايته في دنياه..

وكان وجه الله هو مراده في آخرته.. ولا نحسب إلا أن الله قد بلغه مراده، فهنيئاً لك أيها الشيخ بلقاء رب تحبه، ونحسبه يحبك.
وكان الشيخ ودوداً.. يلقاك هاشاً باشاً.. في حديثه ألفة.. في ابتسامته مودة.. وفي ضحكته الخفيفة أدب وذوق، فهل فارقتنا تلك الابتسامة الودودة والوجه الطليق والصوت العميق الذي يتسرب بهدوء. وقوة في أعماق ووجدان وعقول سامعيه فيفعل فيها فعل السحر؟
كان في حديث الشيخ لسامعيه ود وألفه تحسبه صديقاً قديماً.. ينادمك الفقه والتوحيد والعبادات.
وكان الشيخ ناصحاً أميناً.. كان خير بطانة لخير قيادة.. التقى النصح بالعدل والعلم بالعمل فكانت خير زيادة لخير أمة أخرجت للناس حكماً وعلماً.. يقول الشيخ فتسمع له الأمة من أقصاها إلى أقصاها.. يقول الشيخ وقوله الحق.. فيقطع قول كل خطيب.. كان منار فخر لبلادنا ومصدر اعتزاز لأمتنا.. أعان الله خلفه.
وكان الشيخ موحداً.. بل كان إمام الموحدين في عصره.. حمل راية التوحيد بأمانه وصدق وقوة في عالم إسلامي يضطرم بنار الفتنة والخلافات ويشتعل بفتيل الفرقة والشتات وتعشش في أرجائه البدع والخرافات.. فحمل الشيخ ورفاقه زماناً وما زلنا أكثر البلدان استقراراً في تطبيق شرع الله الحنيف وتثبيت دعائمه على هدي من كتاب الله المبين وسنة نبيه الأمين.. وكان وما زلنا مصدر إشعاع ونور هداية للأمة

.. فجزى الله الشيخ ورفاقه عنا خير الجزاء.
وكان الشيخ ممن أراد الله بهم خيراً ففقهه في الدين، وكان ممن أحبهم الله فحبب فيه خلقه.. كانت حياته كلها صدقة جارية من البر والإحسان للمحتاجين، والنصح والهداية للضالين، والعلم والفقه للباحثين عن الحقيقة.
فدارت المطابع كأن لم تدر من قبل بمطبوعات ابن باز، ورن الهاتف كأن لم يرن من قبل بحديث ابن باز، وكتب الصحفيون والإعلاميون كأن لم يكتبوا من قبل آراء ابن باز وصدح المذياع والتلفاز كأن لم يصدحا من قبل بأحاديث ابن باز، فهل من صدقة جارية أكثر من هذه؟
ثم اختاره الله إلى جواره.. فصلى عليه وشيعه أكثر من مليون مصل ومشيع في الحرم المكي وحده، وعدة ملايين أخرى في أرجاء المملكة نهار الجمعة المباركة، وآخرون من محبيه وتلامذته في معظم الأقطار العربية والإسلامية.. فأنعم بها من حياة.. وأنعم به من ختام كان الشيخ من زمرة من قال فيهم الشافعي:
إن لله عباداً فطناً




طلقوا الدنيا وعافوا الفتنا


نظروا فيها فلما علموا




أنها ليست لحي وطنا




جعلوها لجة واتخذوا




صالح الأعمال فيها سفنا


فاللهم لا تفتنا بعده ولا تحرمنا أجره، وامنحنا اللهم بعد رحيله صبراً.. كما نفعت المسلمين بحياته حكمة وعلماً وموعظة حسنة.. واعن اللهم خلفه كما أعنته و )إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ(.

```


هذا النموذج لئلا يكذب التاريخ




د. عبد الله بن محمد العجلان
كل مسلم مدعو إلى المسارعة في الخيرات والتنافس في الطاعات والحياة ساحة رحيبة تتسع لكل المشاركين في هذا السباق إلى الله وكسب مرضاته والتماس عفوه وغفرانه، والعاقل من يدخل هذه الحياة بروح مؤمنة عاملة بطاعة الله كافة عن مناهيه مقدمة ما تستطيع من خدمة لهذا الدين والإسهام في استقامة المجتمع الذي يعيشه فيه وتسييره على جادة الحق ومنهج الصواب وتعبيده لله وتعريفه بحقيقة وجوده والغاية من هذا الوجود، والناس في هذا السباق المطلوب متفاوتون في المنازل )فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ(وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء من عباده وعلى العبد السعي وعلى الله نتائج الأعمال، والناس في الحياة شهود الله على عباده، ومحبة أولياء الله تقذف في القلوب وتحفر في ذاكرة المجتمعات المسلمة، والفضل يعرف بميزان الشرع وقدر الأعمال، ولله في كل شأن من الشؤون حكمة بالغة. ولا شك أن حدث وفاة والدنا الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الذي نذر نفسه للدعوة إلى الله منذ فجر حياته من الأحداث الهامة والمؤلمة، وإن الأمة بأسرها تشعر بعظم الفاجعة وألم

الفراق لوفاته، وأنها بفقد هذا العالم الجليل فقدت أعظم رجل في تاريخها الحديث هي في مرحلة أشد ما تكون إليه وإلى أمثاله حاجة لما يعيشه العالم الإسلامي من أزمة شديدة في عالم الفكر والأخلاق والقيم وفي الأطروحات التي تطرح في الساحة المجتمعية على مستوى العالم والمشاريع الهدامة التي يروج لها اليوم، والناس في هذه المرحلة أشد ما يكونوا إلى العلماء العاملين المخلصين الذين يملكون من موازين العلم الشرعي ما يزنون به كل الأطروحات ويكون لهم من الرصيد الشعبي والقبول الجماهيري ما يجعل قولهم فصلاً في مختلف الأطروحات والقضايا.
وفقيدنا اليوم ليس فقيداً للشعب السعودي وحده، ولكنه فقيد العالم الإسلامي كله من أقصاه إلى أقصاه، وفقيد الدعوة الإسلامية والدعاة إلى الله، فقيد العلم والعلماء والمحققين وفقيد الفقراء والمساكين، فقيد كل المحتاجين والمنكوبين.
فهو مع الدعاة الداعية الأول يجهر بكلمة الحق ويدعو إليها ويناصر أصحابها بكل ما أوتي من قوة وجاه، يدعمهم بالمال والتوجيه والرعاية وييسر لهم سبل العمل النافع ويرفد من يحتاج إلى رفد، ويرعى من يكون من الدعاة في حاجة إلى الرعاية ويخصص الرواتب والمكافآت للمستحقين من الدعاة إذا نابهم الزمان أو عضتهم الحاجة، يعمل كل ذلك في صمت وسرية لا يعلمها كثير من خواصه، راتبه

لمساعدة الدعاة ومدارس العلوم الشرعية والدعوية لا يكف في طلب المساعدة من أهل الخير في طول البلاد وعرضها لهؤلاء الدعاة والمشاريع الدعوية.
كما يبذل كل ما يملك من جاه وثقة الناس به في دعوة القادرين على بناء المدارس والمساجد ورعاية طلاب العلم في طول البلاد الإسلامية وعرضها وبفقد هذا العالم العامل فقد الدعاة شيخهم وإمامهم وأكبر سند لهم.
فقيدنا في صفوف العلماء عالم متميز فهو من علماء الحديث قبل أن يكون من أئمة الفقه، وقد جمع الله له ما بين العلم بالأصول والفروع، وبين حسن المأخذ وسداد الرأي وحسن العمل والقبول عند العلماء، فإليه ينتهي العلم وبه يقطع الرأي.
وقد حباه الله من كرم النفس ما جعله كريماً بماله وكريماً على طلاب العلم بوقته وكريماً على الجميع بحسن أخلاقه وكمال أدبه فهو مضرب المثل في التواضع وحسن الخلق والشفقة على الناس والرحمة بكل شرائح المجتمع، وضع الله له القبول في نفوس الناس والمحبة له عند الجميع، بيته مفتوح للناس كل الناس، ومعظم جلسائه وطلابه وزواره من الفقراء والمساكين وذوي الحاجة، لا يتناول طعامه إلا معه جمع من الناس معظمهم من الفقراء وطلاب العلم الوافدين من مختلف أقطار الأرض وبعض السعوديين، وهو بينهم يؤنسهم

بالأحاديث ويسأل عن أحوالهم ويشاركهم في كل شيء على قدم المساواة.
لا يشك من عرف فقيدنا بأنه فريد عصره ونموذج من النماذج التي ندرت في عالمنا الإسلامي اليوم -عالم الماديات- فقد كان زاهداً في الدنيا منذ فجر حياته، متجرداً للعمل بطاعة الله علماً وتعليماً ودعوة وجهاداً لا يفتر في ساعة من ساعاته أو يوم من أيامه، تأتي إليه الدنيا صاغرة فيدفعها بكلتا يديه، ويأتيه الجاه فلا يزيده ذلك إلا تواضعاً، ويقبل عليه الناس فلا يزيده ذلك إلا رحابة صدر واستغراقه لأكبر وقت يمكن بذله لهم في توجيههم وإفتائهم وقضاء حاجاتهم.
لقد قرأنا في تاريخ بعض علماء أمتنا المسلمة على امتداد التاريخ ولا سيما في صدر الإسلام ما يشبه الخيال في سيرهم الوضيئة وحياتهم المشرقة، حتى ليخيل إلى القارئ أنه ممزوج بنوع من الخيال والصناعة لتلك السير ولكن حين شاهدنا وخبرنا حياة فقيدنا اليوم وما فيها من فضائل وشمائل يصعب حصرها وقد لا يصدق بكلها أقام عليها دليلاً بأن ذلك التاريخ حقيقة وواقعاً عاشه كثير من علماء هذه الأمة وأن هذه النماذج أقامها الله للعباد حتى لا يكذب التاريخ فيما نقل لنا من صفوة هذه الأمة ونماذجها الفذة، وأن هذه الأمة هي خير أمة أخرجت للناس وأن الخير باقياً فيها وفي دعاتها حتى يرث الله الأرض ومن عليها.

الصامد غير المتردد الفصل في الموقف حين اختلفت وجهات النظر في معالجة هذا الحدث، كما له مواقف مماثلة في أحداث أخرى، وكان يداً قوية في معالجة المشاكل على اختلاف مستوياتها، وكانت مواقفه في كل المناسبات معتدلة، يميل إلى معالجة الأمور بالحكمة والهدوء بعيداً عن الإثارة وكسب الجماهير، كان محل ثقة الحاكم والمحكوم، وكان واسطة خير بين المجتمع والدولة، وبين أفراد المجتمع كله، ويمثل خطاً ساخناً لنقل مشاكل الجمهور إلى القيادة.
وإنني إذ أعزي نفسي وأهل وإخواني وكل المجتمع السعودي والدولة السعودية وأسرة الفقيد وإخواني الدعاة في العالم الإسلامي كله لأدعو الله أن يتغمد فقيدنا برحمته وواسع مغفرته.
وأن أشكر دولتنا الرشيدة التي أكرمت هذا العالم الجليل طيلة حياته، كما أكرمته بعد وفاته وأن تكمل فضلها عليه وعلى الناس بوفاء ما عليه من دين بعد مماته، وهي جديرة بذلك إن شاء الله.
ونرجو الله أن يجعل في ذرية فقيدنا الصلاح والفلاح وأن يخلفنا فيه خلفاً حسناً والله المستعان وهو الهادي إلى سواء السبيل وهو حسبنا ونعم الوكيل.


ذلك الذي أفل: أمة .. في " رجل"




عبد المحسن بن علي المطلق
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده مطلع:
يُثني عليك لسان من لم تولهِ




خيراً.. لأنك بالثناء جديرُ


بعد أن ذهب هول المفاجأة.. وخفّ وقع النبأ.. وسلّم العبد بالقضاء، يستيقظ المرء.. ليردد:
سبحان الله ما كل هذا الحب لذلك الفقيد؟ وما كل تلك الدموع التي انهمرت؟ والآهات.. التي سكبت.. والأحزان التي اندلعت على ذلكم الفقيد.
ومن تابع الإعلام المقروء ليلاحظ حجم ما ثلمته الأمة.. من هذه الرزية كما قال عبد العزيز السالم: (وكما احتشدت الجموع الزاحفة من أنحاء البلاد للمشاركة في الصلاة على الشيخ الجليل وتشييعه إلى مثواه الطيب. كذلك احتشدت الأقلام الصادقة لتملأ صفحات الصحف بالحديث عن مآثره الطيبة نثراً وشعراً) هل لأنه أهل ذلك فقط -رحمه الله-



أسبل الدمع.. فهذا وقته




فلمثل الشيخ.. قد أعددته


فإذا لم يبكه القلب.. لمن




يا تُرى هذا البكا أوقفته؟


أو لأنه النموذج الذي نخاف ألا نعوض مثله شمله الله برضوانه، أم لأنه الحبيب المحبوب! أم لأنه القدوة.. التي تتسنّم ذواتنا إليها؟
أم لأنا.. وجدنا به ما نتمنى بنا
كبير أن تكون لنا المصابا




لقد متعتنا حججا..عذابا


أم لأنه -رحمه الله رحمة واسعة- قدم لنا صورة المسلم الحقيقي، بل ربما لكل ذلك علم الله -وبلا تأله: أن لو كان خاصة الأمة- من علماء وولاة -مثل شخصه- تلميذ الإسلام النجيب لخضع للإسلام العالم.. بلا عتاد.
فقد كان رحمه المولى إنساناً يتمثل المنهج الدعوي تطبيقاً وتوجيهاً.. ونصحاً.. وحباً.
وكان يتمثل المسلم الحقيقي -في زمن عز على الكثير إلا ما شاء الله أن يكون كذلك- في صفاته وأعماله وكان المرآة العاكسة للسماحة والإخلاص والطيبة والعفو.

وكان الرمز الذي يشار إليه.. لمن يشحذ القدوة... أو يلتمس نور المعرفة.
وكان كالركن الذي يتمسح بنهج علمه وعمله.
وكان معينه للذي يفهو إليه.. كل من يسلك طريق الدعوة والعلم.
روى عنك أهل الفضل كل فضيلة




فقلنا حديث الحب ضرب من الوهم


فلما تلاقينا وجدناك فوق ما




سمعنا به في العلم والأدب الجمِّ


فلم نر شيخا قبل "بازنا"




يصيد فلم يؤذي المصيد بدم


بل... وكان.. وكان..
إنه سماحة الوالد.. العالم العلامة/ الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز 1330هـ/1420هـ.
الذي تقلد في حياته الباكرة القضاء في منطقة الخرج والتدريس في المعهد العلمي بالرياض، وفي كلية الشريعة بالرياض، ثم عُيّن عام 1380هـ نائباً لرئيس الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وفي عام 1390هـ تولى رئاسة الجامعة الإسلامية بعد وفاة رئيسها الشيخ محمد

بن إبراهيم آل الشيخ -رحمه الله-. وفي 1395هـ صدر الأمر الملكي بتعينه في منصب الرئيس العام لإدارة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد برتبة "وزير" ثم صدر الأمر الكريم في 20/1/1414هـ بتعيينه مفتياً عاماً للمملكة العربية السعودية.
وله -رحمه الله- إلى جانب ذلك كله العمل في هيئة كبار العلماء التي كان رئيسها.
والشيخ حنبلي في أصول الفقه لا أعرف له اجتهاداً يخالف الأصول عند الحنابلة، وهو حنبلي في الفقه بالجملة، ولكنه يجتهد في دائرة أصول أحمد على طريقة أهل الحديث، ويطلب الدليل، ولهذا خالف الحنابلة في مسائل يسيرة كزكاة الحلي، وبعض صور الطلاق البدعي ويستأنس بترجيحات شيخ الإسلام ابن تيمية.
فقيد بني الإسلام في كل موطن




يزينك بين الناس خلق مهذب


فزهد: عنوان وحلمك واسع




لك الصبر عزم والسماحة مذهب


خدمت صروح العلم مذ كنت يافعاً




وكهلاً لأعلام الشريعة مكسب




يعز علينا أن تغيب في الثرى




ولكن حكم الله ما منه مهرب


نعم: حكم الله القائل سبحانه: )وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَاباً مُؤَجَّلاً(.
لكن هي الدموع التي قال فيها e: ((إن القلب ليحزن.. وإن العين لتدمع ولا نقول إلا ما يرضي الرب، إنا لله وإنا إليه راجعون)).
ودّعت دنيانا بجسمك بعدما




ودعتها بالقلب منك سنيناً


وزهدت فيها هي ذات تبرج




جعلت محب دلالها مفتونا


عزيت فيك العلم والعلماء قد




منحوك حباً في القلوب ثمينا


عزيت فيك المسلمين جميعهم




فقدوا بفقدك مرشداً ومعينا


فسبحان من بيده الأمر كله، وإليه يرجع الأمر كله، وسبحان من فضل عباده على بعض، فجعل لهم من القبول والمحبة في قلوب الناس ما لا يستطاع تحصيله بمال ولا بجاه: )إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً(.. بل وَلِمَ لا؟ وحجة.. من له حاجة يردد

وأفضل الناس ما بين الورى رجل




تقضى على يده للناس حاجات


واشكر فضائل صنع الله إذ جعلت




إليك لا لك عند الناس حاجات


إذ كان يعطي من علمه وماله وجاهه - ومن يملك لايوم مثل ذي الحسان.. إلا ما ندر - :
وإذا امرؤٌ أهدى إليك صنيعة




من جاهه.. فكأنها من ماله


كيف لا.. وذاته " الكبيرة" تبدي عليه
وإذا كانت النفوس كباراً




تعبت في مرادها الأجسام


وإليه تعيد:
ولكن.. بالصبر تبلع ما تريد




وبالتقوى يلين لك الحديد


قرأنا في تاريخ الإسلام عن علماء منهم من صار مجتهداً في العلم فشغله ذلك عن العامة، ومنهم من زهد في الدنيا فلم يستطع قضاء حاجات الناس، ومنهم من اعتزل فلم يصبر على أذى الخليقة، ومنهم من أفتى ولم يؤلف، ومنهم من كتب ولم يعلّم..

لكن " ابن باز" شيء آخر، جمع فضائل هؤلاء جميعاً،. فهو عالم مجتهد، رجل عامة، إمام زاهد ذو منصب وجاه أب للأرامل والمساكين، أفتى وحاضر وعلم وخطب وراسل وشفع وضيف ودعا وجاهد، فعلاً.
كم مات قوم وما ماتت مكارمهم




وعاش قوم وهم في الناس أموات!


لكن..
أخو العلم حي خالد بعد موته




وأوصاله تحت التراب رميم


وذو الجهل ميت وهو يمضي على الثرى




يعد من الأحياء وهو عديم


كان -كما قال ابن عقيل:
كان -رحمه الله- شجى في حلوق المبتدعين، ولم يتفرغ للتأليف سوى كتيبات تمس إليها الحاجة، وإنما بث علمه بالتدريس والوعظ وحلقات القراءة والفتوى والردود على المخالفين والرسائل.. وعند الناس من رسائله التي لم تصدر بأرقام رسمية مئات.
أمعلم الأجيال علم شريعة




كادت عصور الجهل تحجب صوتها




أنجبت من فقهاء عصرك أمة




قد أثمرت بالعلم حيث غرستها


وأريت -بالأخلاق- أية سيرة




للمصطفى أثرتها فتبعتها


ومع هذا.. فلا أظن أن بيتاً -في وطن التوحيد- يخلو إلا ما شاء الله من كتاب.. أو رسالة أو مذكرة أو حتى فتوى لعالمنا الفقيد -رحمه الله- .
على أن له ما يقارب 210 مؤلف ثمين في شتى علوم الدين الإسلامي الحنيف ومنها مجموعة فتاوى من عدة أجزاء..
للشمس فيه وللرياح وللسحاب




وللبحار وللأسود وشمائل


هزمت مكارمه المكارم كلها




حتى كأن المكرمات قبائل


علامة العلماء واللج الذي




لا ينتهي ولكل لجٍ ساحل


لو طاب مولد كل حي مثله




ولد النساء وما لهن قوابل


يا أبي: هل في نشيج مدادي.. ما يخفف عني.. فكان أن أسهبت هذه الأسطر عسى!

رحلت.. وكنت ملء القلب أنساً




وملء العين.. أصدقهم خطاباً


لقد فزعت.. كل الناس حباً




فكيف وأنت أزمعت الغيابا


إمام العلم.. أوجعت المآقي




وحزنك أسبل العين انسكاباً


رحلت.. وأمة الإسلام.. تشكو




من الأحداث.. أنكاها.. عذابا


أبا العلماء.. والفقراء.. إنا




نكاد نعيش دنيانا.. اغترابا


رحلت.. وفي القلوب هواك يسري




وحبك نبتة طابت.. وطابا


لكني أعود.. مردداً إيجاز قول "إبراهيم التركي" بكاه الجميع:
ألا التراب تضاحكت ذراته




وشدت ترحب فاللقاء جميل


رحم الله "عبد العزيز بن عبد الله بن باز" وأسكنه في "علّيين" مع الذين أنعم الله عليه من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.

ختاماً:
تسلى الناس بالدنيا..




وإنا لعمر الله بعدك.. ما سلينا


للفقيد في سويداء القلب منزلة لا تدانى، إذ له من الأفضال ما لا يحصى وله من المآثر ما يندّ عن الحصر، ويكفيه علمه الشرعي، وإنَّ فقد "العالم" لخسارة عظمى..
لعمرك ما الرزية فقد مال




ولا شاة تموت ولا بعير


ولكن الرزية فقد نفس




يموت بموتها بشر كثير


رحمك الله يا أبي رحمة واسعة، ونسأل الله أن يكتب أعمالك في ميزان حسناتك وأن يعوض المسلمين عنك خيراً.. وأن يلهمنا ويلهم الأمة الصبر والسلوان فيك أيها الفقيد الغالي و )إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ(..
لكل اجتماع من خليلين فرقة




وكل إلى دون الممات قليل







وأنَّ افتقادي واحداً بعد واحد




دليل على أن لا يدوم خليل


جعلنا الله وإياه وإياكم ممن لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون.

```


* الرياض: الثلاثاء 10 صفر 1420هـ، 25 مايو 1999م - العدد 11292.

* الجزيرة: الجمعة 13 صفر 1420هـ، الموافق 28 مايو 1999م - العدد 9738.