أكاذيب القمص زكريا بطرس - لمصطفى ثابت - هااام جدا

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات


مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

 

 

    

 

أكاذيب القمص زكريا بطرس - لمصطفى ثابت - هااام جدا

النتائج 1 إلى 10 من 11

الموضوع: أكاذيب القمص زكريا بطرس - لمصطفى ثابت - هااام جدا

مشاهدة المواضيع

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    المشاركات
    1,942
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    09-02-2014
    على الساعة
    12:13 AM

    أكاذيب القمص زكريا بطرس - لمصطفى ثابت - هااام جدا

    [RIGHT]أكاذيب القمص زكريا بطرس ( 1 )
    مصطفى ثابت

    لوحظ في السنوات الأخيرة, وخاصة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي, تزايد الهجوم علي الإسلام, وكأن الإسلام الآن أصبح هو العدو اللدود بعد أن نجح الغرب في القضاء علي انتشار الخطر الشيوعي, وبعد أن تفكك الاتحاد السوفيتي وسقط حائط برلين. ومع انتشار التكنولوجيا الحديثة ووسائل الاتصال والإعلام التي أتاحتها الإنترنت, والمحطات الفضائية, بدأت تشن حملة واسعة ضد الإسلام. بدأت بشكل هادئ في أول الأمر, وتحولت بعد أحداث 11 سبتمبر لتكون بأسلوب سافر, وفي كثير من الأحوال بأسلوب سافل أيضا. وأولئك الذين يشنون هذه الحملة الشعواء علي الإسلام يتبعون كل ما لديهم من وسائل, بما في ذلك وسائل التدليس والكذب والخداع والإفك.
    ويذكرنا حديث هؤلاء عن الإسلام, وانتقاداتهم لحياة الرسول صلي الله عليه وسلم وعلاقاته مع أزواجه, بحديث الإفك عن السيدة عائشة الذي أثاره بعض المنافقين, ووقع فيه أيضا بعض المسلمين. ولا شك أن حديث الإفك ذلك قد أحزن الرسول -صلي الله عليه وسلم- وأحزن المؤمنين المخلصين, ولكن الله تعالي أظهر الحق في نهاية الأمر, وكشف الكذابين والدجالين والمدلسين والمخادعين, ويسري الله تعالي عن المسلمين فيقول لهم: {إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ }[النور: 11] ثم يقول تعالي في الآية التالية: { لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ} [النور: 12].
    واليوم, نسمع مرة أخري حديث الإفك, بشكل جديد, وبتكنولوجيا حديثة, وبأسلوب أشد خبثا, وبتدبير أكثر مكرا, ولكنه أولا وأخيرا هو أيضا من حديث الإفك, وسوف يكون مآله بإذن الله تعالي نفس مآل جميع أحاديث الإفك في الماضي, فسوف ينكشف الحق ويظهر صدق الإسلام, وسوف ينكشف أيضا الباطل ويظهر كذب الكذابين.

    وفي الحقيقة, إن الحملة الشرسة التي تُوجّه ضد الإسلام اليوم ليست جديدة, وهي ليست سوي معركة في حرب طويلة بدأت بعد عصر النهضة في أوروبا. كانت أوروبا المسيحية تعيش في عصور الظلام, واستمرت في هذا الحال لمدة ألف سنة تقريبا, من القرن السادس إلي القرن السادس عشر. ثم بدأ المارد الذي كان يغط في سُبات عميق يستيقظ, وينهض, ويغزو العالم, ويسيطر ويستعمر الشعوب. وطبعا كلمة يستعمر الشعوب هي كلمة تقوم علي الكذب والخداع والتدليس» لأن الاستعمار معناه الإعمار والبناء والتقدم, ولكن استعمار الغرب للشعوب كان عبارة عن استغلال الشعوب ونهب ثرواتها والاستيلاء علي خيراتها. وفي خلال ثلاثة قرون, استطاع الغرب المسيحي أن يستولي علي العالم بأجمعه, وخضعت له الشعوب, وأصبحت دولة مثل بريطانيا تسمي باسم الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس. في نفس الوقت -وبكل أسف- تحول المسلمون ليكونوا كما وصفهم سيدنا رسول الله: «غثاء كغثاء السيل», والغثاء هو ما يحمله السيل من قاذورات وأوساخ.

    وكان من الطبيعي, بعد أن انتفخ الغرب المسيحي واستولي علي العالم, أن يعمل علي نشر المسيحية في العالم, وهكذا بدأت حملات التبشير تغزو كل البلاد التي غزتها الجيوش من قبل» إذ إن محاولات التنصير كانت دائما تصحب هجمات الاستعمار. ولذلك رأينا في القرن التاسع عشر نشاطا بالغا للحملات التبشيرية في الهند وجنوب شرق آسيا, كما انتشرت أيضا الأنشطة التبشيرية في أفريقيا علي أوسع نطاق.

    ثم انشغل العالم بعض الشيء في القرن العشرين ببعض المشاكل, فكانت الحرب العالمية الأولي في العقد الثاني, ثم تلا ذلك الأزمة الاقتصادية التي أثرت في العالم كله في العشرينيات, ثم تلا ذلك الحرب العالمية الثانية في أواخر الثلاثينيات والأربعينيات, ثم ظهر الخطر الشيوعي في الخمسينيات والستينيات حيث اندلعت الحرب الباردة بين المعسكرين المسيحيين في الشرق والغرب. ومع حلول السبعينيات بدأت عوامل التفكك تظهر في المعسكر الشرقي, وما إن جاءت الثمانينيات حتي اندحر فيها العدو الشيوعي وزال خطره. وهنا كان لابد للغرب المسيحي أن يعمل علي رأب الصدع الذي أصابه, ويتحول مرة ثانية إلي الإسلام والمسلمين, خاصة أنه كان يستغله أسوأ استغلال للدفاع عن مصالحه, والوقوف كسد أيديولوجي منيع ضد انتشار الأيديولوجية الشيوعية, ثم عملوا علي تشجيع التطرف والعنف بين الجماعات الإسلامية, واستخدموها في أفغانستان لمحاربة الاستعمار الشيوعي. وأهرق المسلمون دماءهم في أفغانستان, وظن بعضهم أنهم كانوا يجاهدون في سبيل الله, ولكنهم في الحقيقة كانوا يدافعون عن المصالح الاستعمارية الكبري, التي استعملتهم واستغلت دماءهم في محاربة الاستعمار الشيوعي السوفيتي.

    وبعد أن تم القضاء علي الخطر الشيوعي, تحول الغرب المسيحي لمحاربة أصدقاء الأمس الذين كان يعتبرهم مجاهدين, فإذا به الآن يعتبرهم إرهابيين. وبعد أن لعب صدام حسين الدور المطلوب منه في تقليم أظافر الخطر الشيعي الذي تفجر من ثورة الخميني, تحول الغرب للقضاء علي صدام حسين والقضاء أيضا علي من سماهم بالإرهابيين, مع أنه كان السبب الأول في خلقهم وتدريبهم وتسليحهم.

    غير أن المعركة لم تكن معركة بالسلاح فقط» فقد كان استخدام السلاح ضد من يحمل السلاح, ولذلك كان لابد من فتح جبهة أخري ضد الإسلام والمسلمين, وهي جبهة التبشير المسيحي, وبذلك عاد النشاط التبشيري مرة أخري بعد أن مر بفترة من الهدوء النسبي في القرن العشرين. وشهد العالم الإسلامي هجمة جديدة للتبشير المسيحي, بدأ الإعداد الجيد لها في الثمانينيات واستمرت في التسعينيات, ثم أسفرت عن وجهها في القرن الواحد والعشرين, وخاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر كما سبق ذكره.

    وكان مما ساعد علي انتشار هذه الحملة الجديدة ضد الإسلام العديد من العوامل, منها:

    1- الدول التي كانت تهتم بالأمور الإسلامية, إما أنها تحولت إلي مسالمة الغرب ومصادقته, وبالتالي عزلت نفسها عن معركة التبشير ضد الإسلام, وإما أنها احتضنت فلول الجماعات الإسلامية, فوضعت نفسها تحت مطرقة الغرب وأسلحته.

    2- الكثير من العلماء المسلمين لم يشاءوا أن يصرفوا أوقاتهم وجهودهم في الاهتمام بهذه الأمور, خاصة أن لديهم من شئون المسلمين ما يهمهم ويشغلهم عن الاهتمام بشئون غير المسلمين.

    3- الكثير من الجماعات الإسلامية ظلت تحلم بأن السيف هو الوسيلة الوحيدة لفرض وجودها, عملا ببيت الشعر المشهور للشاعر أبي تمام الذي يقول فيه:
    السيف أصدق أنباء من الكتب
    في حده الحد بين الجد واللعب
    فكان أن تعرضت لمطرقة الغرب وسندان الحكومات التي تعيش تحتها, حتي اضطر بعضها إلي إعلان التوبة, أو استمر يعطي للغرب الذريعة باتهامها بالإرهاب ويتيح له الفرصة للقضاء عليها.

    4- ومع انتشار الإنترنت كوسيلة للاتصال وجمع المعلومات, ومع انتشار الفضائيات التي يسهل استخدامها بعيدا عن أية رقابة ولا تدخل من الحكومات في البلاد الإسلامية, بدأت الحملة المسيحية الجديدة تعمل لنشر المسيحية في العالم الإسلامي وفي الوطن العربي بشكل خاص.
    وبطبيعة الحال, لا بأس من أن يعمل أصحاب أي دين علي نشر أفكار دينهم, ماداموا يحترمون المشاعر الدينية للآخرين, ولا يحاولون الإساءة إلي معتقدات الآخرين أو استخدام الأساليب الوضيعة من افتراء الأكاذيب واتباع أساليب الخداع. وهنا طلع علينا القمص زكريا بطرس يقدم لنا المسيحية التي يؤمن بها, وراح يحدثنا أولا عن التثليث, وعن تجسد السيد المسيح, وعن عقيدة الفداء التي استلزمت صلب المسيح ليكون كفارة عن خطيئة آدم التي يقول إن الجنس البشري قد توارثها. واستمع الكثيرون إلي القمص زكريا بطرس. ولكن لوحظ أنه لم يكن يخاطب أتباعه من المسيحيين البعيدين عن الكنيسة فيعمل علي إعادتهم إلي الطريق الصحيح كما يراه ويؤمن هو به, وإنما كان يخاطب المسلمين ويحاول إقناعهم بصدق عقائده المسيحية.

    ولا بأس -كما قلنا- في أن يدعو الإنسان الآخرين إلي ما يؤمن به من عقائد وتعاليم, ولكنا رأينا القمص زكريا بطرس راح يوجه انتقادات لاذعة إلي الإسلام, ويتناول بالتجريح مشاعر ومقدسات المسلمين, ويصف رسول الرحمة بالإرهاب. ولو أنه كان موضوعيا في انتقاداته لما أثار حفيظة أحد, ولكنه راح عن قصد يردد ما سبق أن رد عليه علماء المسلمين من افتراءات وأكاذيب.. معتمدا في ذلك علي ما جاء في بعض الكتب الإسلامية التي ظهرت في عهود التخلف, أو يستدل بكتب كأنها إسلامية وهي ليست كذلك, فهي إما أن تكون لملاحدة, وإما تكون بمسميات إسلامية وهي غير إسلامية, وكان يستعين ببعض العقائد التي تسربت بكل أسف إلي مفاهيم المسلمين, نتيجة دخول أعداد كبيرة من النصاري في دين الإسلام, ولم يستطع هؤلاء التخلي كلية عما ورثوه من عقائد ومفاهيم, ومع مرور الوقت وجدت تلك العقائد والمفاهيم الخاطئة طريقها إلي الكتب والمفاهيم الإسلامية, وهي معروفة باسم «الإسرائيليات». وبمعني آخر, راح القمّص زكريا بطرس يصطاد في الماء العكر, لكي يسيء إلي الإسلام ويعمل علي تنصير المسلمين.

    ومن الواضح أن القمّص زكريا بطرس لم يقم بهذا العمل بمفرده, وإنما كان هناك الكثير من فرق العمل التي تعمل معه, وتستخرج له المواد اللازمة, وتسجل له النصوص التي يستعين بها. وكنا علي استعداد أن نسمع له ونحترمه لو أنه التزم الموضوعية وابتعد عن التزوير والإسفاف, ولكنه لم يلتزم لا الصدق ولا الموضوعية, ولا ابتعد عن التزوير والإسفاف. ولعل هذا لم يكن خطأ صادرا عنه وحده, بل كان خطأ من يُعدون له المواد ومن يكتبون له الموضوعات التي يقدمها. وفي أي من الحالتين, فإن الإساءة إلي الإسلام والمسلمين قد وقعت, وبذلك فقد أتاح لنا الفرصة أن نرد عليه, ونفند عقائده, ونفضح الأكاذيب التي قدمها, والتي استطاع بها أن يخدع بعض المسلمين. وقد ظل القمّص ينادي بأن يرد عليه علماء المسلمين, ويتحدي علماء الأزهر الشريف, ويتحدي الدكتور زغلول النجار, بل وطالب فضيلة الدكتور سيد طنطاوي -شيخ الأزهر- أن يرد عليه. ولعله لا يعلم أنه بذلك قد تجاوز قدره, وأساء الأدب بهذا التحدي.. فمن يكون القمّص زكريا بطرس لكي يتحدي مثل هؤلاء الأفاضل من العلماء? إنه ليس إلا قمّصًا لا غير, لم يصل إلي أن يكون أسقفا أو كاردينالا, وبالطبع لم يصل إلي كرسي البابوية, فما باله يتحدي شيخ الأزهر وعلماءه? وهل يرضي الإخوة المسيحيون أن يخرج علينا واحد من أئمة المساجد مثلا ليتحدي قداسة البابا شنودة وأساقفة الدين المسيحي?

    وعلي أية حال, إنني أقول لجناب القمّص: إنني قبلت التحدي وسوف أتصدي له, وأنا مجرد واحد من ملايين المسلمين. وقد يقول إنني مجرد فرد لا شأن لي, وقد يقول إنني لا أمثل المسلمين فلا يحق لي أن أتكلم باسمهم -وأحب أن أطمئنه أنني لا أتكلم باسم أحد ولا نيابة عن أحد, وإنما أنا مجرد إنسان مسلم آتاه الله عقلا يستطيع أن يستخدمه في التفكير, ولذلك سوف أتولي تحليل العقائد المسيحية التي قدمها لنا جناب القمّص, وسوف أبين له وللناس كلهم, سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين, أين هي مواطن الخلل في المنطق الذي استعمله جناب القمّص. وإنني أرجو من جناب القمّص, ومن حضرات المشاهدين, -المسلمين منهم والمسيحيين- وأيضا من أولئك المسلمين الذين خدعهم المنطق المغلوط الذي قدمه جناب القمص, فتركوا الإسلام وقبلوا المسيحية.. إنني أرجو منهم جميعا أن يتفكروا فيما أقدمه, ويسمعوا ما أقدمه بأذن ناقدة, ثم يردوا عليّ إن كانوا يستطيعون الرد, فإن لم يفعلوا -ولن يفعلوا- فكل ما أرجوه هو معاودة التفكير, وعدم الإساءة إلي الإسلام والمسلمين, وكما يقول المثل: من كان بيته من زجاج فلا يقذف الناس بالحجارة, أو إذا كان من الممكن استعارة كلمات السيد المسيح التي يقول فيها في إنجيل متي (7: 3): «لا تدينوا كي لا تُدانوا, لأنكم تُدالون بالدينونة التي بها تدينون, وبالكيل الذي به تكيلون يُكال لكم. ولماذا تنظر القذي الذي في عين أخيك, وأما الخشبة التي في عينك فلا تفطن لها. أم كيف تقول لأخيك دعني أخرج القذي من عينك, وها الخشبة في عينك. يا مراني, أخرج أولا الخشية التي في عينك وحينئذ تبصر جيدا أن تخرج القذي من عين أخيك».

    لا شك أن كل مسلم يحترم المسيح عليه السلام ويحترم دين المسيح الذي أنزله الله تعالي عليه. ورغم أن المسلمين علي قناعة بأن دين المسيح قد أصابه التحريف, وأن الإنجيل الذي أنزله الله تعالي علي المسيح قد ضاع ولم يبق منه إلا آثار من أقوال جمعها بعض الناس في كتب اعتبرتها الكنيسة أناجيل معتمدة... رغم كل ذلك فإن المسلمين يحترمون ما يريد النصاري أن يؤمنوا به, ومن أراد أن يعبد إلها من ثلاثة أقانيم فهو حر, ولكن إذا تطاولت علي ديني, فإنك تعطيني الحق أن أعاملك بالمثل» لأنك أنت الذي بدأت بالعدوان, فأصبح من حقي أن أدافع. وعفوا يا جناب القمص, فلن أستطيع أن أدير لك الخد الآخر هذه المرة, ولن أكيل لك الصاع صاعين, بل سأكيله صاعات وصاعات, وكما يقول المثل: علي نفسها جنت براقش.

    إن المسيحية التي يدعونا إليها القمص تقوم علي الكثير من المغالطات المنطقية.
    أولا: تحريف تفسير بعض الفقرات في الكتاب المقدس لاستخراج معاني معينة لم تأت في النص. فمثلا, إذا افترضنا أن كاتبا كان يكتب أقصوصة أو بعث إلي أحد أصحابه برسالة وكتب فيها يصف أن رجلا من أهل الريف أخذ ابنته وذهب إلي السوق واشتري أشياء وحملها هو وابنته إلي المنزل فكتب يقول: «وقال الأب لابنته أم الخير: احملي البصل, فلما حملته ووصلا إلي الحظيرة قال لها ضعي البصل». ثم نفترض أن مثل هذه القصة أو الرسالة, لسبب أو لآخر, أصبحت جزءا من كتاب مقدس يؤمن به جناب القمص, وأراد أن يفسرها ليحقق بها غرضا معينا, نراه يستعمل منطقا غريبا في تفسيرها فيقول: إن الرجل يعني الله لأنه الأب, وابنته أم الخير هي مريم لأنها أم يسوع, ويسوع هو مصدر كل الخير في العالم, ولما قال لها احملي البصل, كان يقصد أن تحمل بالكلمة, أي تحمل يسوع في رحمها, لأن البصل جسم حي يرمز لجسد يسوع الحي, وأيضا البصل طعام فهو يعطي حياة, وكذلك قال يسوع إنه الطريق والحياة, ومن هنا كان البصل رمزا ليسوع, وقد وضعت البصل في الحظيرة, أي أنها ولدت يسوع في حظيرة.
    قد يستغرب المشاهد من هذا المنطق, وقد يظن أنني أبالغ في وصف المنطق الذي استعمله القمص زكريا بطرس, ولكن هذا هو ما حدث بالضبط, وسوف أبين للمشاهد صدق كلامي عندما أتناول ما قاله وما قدمه جناب القمص.

    وقد يعترض أحد فيقول إن الكتب المقدسة لا يمكن أن تحتوي علي حكايات أو حواديت من صنف حدوتة «أم الخير», ولكن المشاهد سوف يندهش عندما أقدم له الحواديت والكلمات المكتوبة في بعض الخطابات التي يتصور القمص أنها وحي مقدس. وعلي سبيل المثال, فليقرأ المشاهد الجزء الأخير من الرسالة الثانية إلي تيموثاوس حيث يقول فيها: «سلم علي فرسكا وأكيلا وبيت (فلان الفلاني) أنيسيفورس, (فلان) أراستس بقي في كورنثوس, وأما (فلان) تروفيمُس فتركته في (البلد الفلانية), ميلينُس مريضا. بادر أن تجيء قبل الشتاء. يسلم عليك (فلان وفلان وعلان وترتان) أقبولُس وبوديس ولينُس وكلافدية, والإخواة جميعا» (متي 4:19).
    فهل يمكن أن يتصور عاقل أن هذا الكلام من وحي الله تعالي? ومع ذلك فإن بعض الناس يعتبرونه وحيا مقدسا, ولا يستبعد علي مثل هؤلاء أن يعتبروا حدوتة مثل حدوتة «أم الخير» وحيا مقدسا أيضا.

    ثانيا: المغالطة المنطقية الأخري التي تقوم عليها المسيحية التي يدعونا إليها القمص زكريا بطرس هي تقديم أفكار صحيحة تبدو منطقية, ولكنها تقوم علي أساس خاطئ, ويخرج منها في النهاية بقاعدة تبدو صحيحة» لأنها مبنية علي الأفكار الصحيحة التي قدمها, ولكنها خاطئة» لأن أساسها خاطئ, ومع ذلك فإنه يبني علي تلك القواعد عقائد في غاية الأهمية. وقد يكون من الصعب الآن تقديم مثال علي هذه المغالطات» نظرا لأنها تحتاج إلي شرح طويل, ولكني أعد القارئ أنه سوف يري بنفسه حجم المغالطات التي يقدمها جناب القمص, وسوف يلمس بنفسه الخلل الذي يقوم عليه منطقه, وما أقامه عليه من عقائد.

    ثالثا: المغالطة الثالثة التي يستعملها جناب القمص أنه يخلط كثيرا بين الحقيقة والمجاز, حتي إن الحقيقة عنده تكون أحيانا مجازا, وفي كثير من الأحيان يعتبر أن المجاز حقيقة. وقد اتبع جناب القمص هذه المغالطات بكثرة عند كلامه عن موضوع ما ظن أنه تجسّد السيد المسيح.

    رابعا: إنه كثيرا ما يتعمد تزوير النص وتحريفه لكي يستخدمه في إثبات وجهة نظر معينة, فمثلا يذكر للقارئ أن في القرآن المجيد آية تقول: «الرحمن علي الكرسي استوي», ثم يفسر كلمة استوي علي أنها تعني القعود علي الكرسي, ثم يطلق لسخريته العنان في الاستهزاء بمن يؤمن بأن الله يقعد علي الكرسي, وما إذا كان له مقعدة يقعد بها علي الكرسي, إلي آخر ما شابه ذلك من أساليبه السفيهة. مع أن الآية القرآنية هي «الرحمن علي العرش استوي», والاستواء لا يعني القعود علي كرسي بمقعدة. وبهذا يتبين أن جناب القمص لا يستعمل عقله كثيرا في التفكير, ولا يسمو فكره ليصل إلي مستوي رأسه, إذ ينحدر مستوي تفكيره أحيانا حتي يصل إلي مستوي المقعدة.

    خامسا: كثيرا ما يتهم جناب القمص المشاهدين المسلمين أنهم لا يقراون, وإذا قراوا فإنهم لا يفهمون, وإذا فهموا فإنهم لا يقبلون الحقائق التي يقدمها, وهي بالطبع ليست حقائق, وإنما هي أكاذيب وأغاليط سوف نكشف عنها له وللمشاهد.

    سادسا: جناب القمص, ومن يستخرجون له المواد التي يستعملها, لديهم ولع شديد باستخراج بعض التفاسير التي تتفق مع مفاهيمهم المغلوطة, ثم يتولي جناب القمص تقديمها علي أنها المعني الوحيد الذي يُجمع عليه كل المفسرين وكل المسلمين. وهو بذلك يخدع المشاهد لأنه يوحي إليه بشيء يغاير الحقيقة, ولا يقول له إن رأي المفسرين ليس هو رأي القرآن, وإنما المفسرون اجتهدوا, منهم من أصاب ومنهم من أخطأ, فمن أصاب فله أجران ومن أخطأ فله أجر الاجتهاد, ولكن كلام المفسرين ليس ملزما للمسلمين. وهنا يختلف المسلمون عن النصاري -وخاصة أتباع المذهب الأرثوذكسي والكاثوليكي- حيث يتحتم علي الجمهور المسيحي قبول تفاسير البابوات وتفاسير المفسرين. ولكن الإسلام لا يلزم المسلمين بمثل هذا المبدأ أبدا.

    وأخيرا, أقول عن حديث الإفك الذي قدمه لنا القمص زكريا بطرس ما قاله القرآن المجيد عن حديث الإفك الذي أذاعه بعض الموتورين من المنافقين, حيث قال تعالي عنه: {لَا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ} [النور: 11].
    إن جناب القمص أتاح لنا فرصة عظيمة لكشف ألاعيب المسيحية المغلوطة التي يؤمن بها, كما أنه أتاح أيضا فرصة عظيمة للكثير من المسلمين الذين كانوا تحت تأثير فهم خاطئ لبعض الأمور في التراث الإسلامي أن يصححوا مفاهيمهم. وأيضا أتاح فرصة عظيمة للمسلمين أن يتحدوا للدفاع عن دينهم وشرف نبيهم -صلي الله عليه وسلم- وكرامة الكتاب المجيد الذي يؤمنون به.

    أيها المسلمون في كل مكان لقد دق ناقوس الجهاد من أجل نصرة الدين, ليس بالسيف ولا بالسنان, ولا بالعنف والإرهاب, ولا بالتكفير والتفجير, ولكن بالمنطق وباللسان, تماما كما فعل جناب القمص, الذي كثيرا ما كانت جراحات لسانه أشد وطأة وأكثر خطرا من جراحات السيف والسنان. إنني أدعو المسلمين جميعا أن يهبوا لهذا الجهاد المجيد, وليطرحوا خلافاتهم جانبا, وليتناسوا -ولو مؤقتا- ما يفصلهم عن بعضهم البعض, ولنتحد جميعا لمواجهة هذا الخطر الجديد, الذي كشر عن أنيابه, وكشف عن مخالبه, وظن أن الإسلام والمسلمين قد صاروا لقمة سائغة يمكن أن يلوكها أو يتلمظ بها. وندعو الله تعالي أن يؤلف بين قلوب المسلمين, وأن يوحد كلمتهم, وأن يكفيهم شرور أنفسهم وسيئات أعمالهم, وأن ينصرهم نصرا عزيزا علي كل من تسول له نفسه أن ينال من شرف سيدهم وحبيبهم رسول الله صلي الله عليه وسلم, أو يدنس طهارة وقدسية كتابهم العزيز, أو يحط من شأن دينهم الكريم الذي ارتضاه الله لهم. وفقنا الله, ووفق المسلمين في عمل كل ما فيه رضاه, ونصرهم سبحانه علي أعدائهم وأعداء الدين.. آمين.

    (والحديث موصول)

    http://%20www.shbabmisr.com/XPage.as...w&EgyxpID=6390
    ____________________________

    أكاذيب القمص زكريا بطرس ( 2 )

    مصطفى ثابت

    جناب القمص يعتمد في حديثه علي ست قواعد خاطئة تهدم ما يقوله رأسًا علي عقب
    كيف يري زكريا بطرس خطيئة آدم وكيف عاقبه الله وفقا لما جاء في الكتاب المقدس
    أنا أؤكد احترامي لكل مسيحي لا يؤمن بما يؤمن به جناب القُمُّص, واحترم أيضًا حق كل إنسان في أن يؤمن بما شاء من عقائد, مهما كانت سفيهة أو مغلوطة, فحق الاعتقاد من حقوق الإنسان الأساسية ولابد من احترامه, ومن حق كل إنسان أن يعبر عما يؤمن به من عقائد, مهما كانت سفيهة أو مغلوطة كذلك فإن من حقه أن يدعو الآخرين إليها, ولكن ليس من حقه تسفيه آراء الآخرين, ولا جرح مشاعرهم ولا التحقير من مقدساتهم, فإذا فعل أحد ذلك, فإنه يعطي للآخرين الحق في أن يعاملوه بالمثل, ويردوا عليه بنفس أسلوبه.

    تكلم جناب القُمّص زكريا بطرس في بداية حديثه في سلسلة «أسئلة عن الإيمان» عن فكرة الثالوث, وبين أن المسيحية التي يؤمن بها لا تدعو إلي عبادة ثلاثة آلهة, وإنما هو إله واحد في ثلاثة أقانيم. وراح علي مدي أربع حلقات يحاول شرح هذه الفكرة مستخدما أسلوبه الجذاب مع السيدة ناهد محمود متولي. وكما بينت في العدد السابق, كان أسلوب جناب القُمّص يقوم علي ست قواعد, ولا مانع من الإشارة السريعة إليها لتذكير القارئ الذي لم يقرأ الحلقة الماضية, بالأسلوب المنطقي المغلوط الذي يستعمله جناب القُمّص, إذ يعتمد في حديثه علي ما يلي:

    أولا: سوء تفسير بعض المقتبسات من الكتاب المقدس ليخرج بمعني لا يحتمله النص.

    ثانيا: يقدم أفكارًا تبدو أنها صحيحة ولكنها تقوم علي أساس خاطئ, ثم يخرج منها بقاعدة يبني عليها عقيدة.

    ثالثا: يخلط كثيرًا بين الحقيقة والمجاز.

    رابعا: يتعمد تحريف النص لاستعماله في إثبات وجهة نظره.

    خامسا: يتهم المشاهد المسلم بأنه لا يقرأ, وأنه إذا قرأ لا يفهم, وإذا فهم لا يقبل الحقيقة.

    سادسا: يستخدم آراء بعض المفسرين ويعتبرها ملزمة لجميع المسلمين, كما هو الحال عندهم في المسيحية حيث يلتزم شعب الكنيسة بتفسير المفسرين.

    وبعد الحلقات الأربع الأولي عن التثليث, راح جناب القُمّص يحدثنا في أربع حلقات أخري عن التجسد, وكيف أن الله قد تجسد في جسد يسوع, وشرح السبب الذي دعاه إلي ذلك وهو تحقيق الكفارة, وهي أن المسيح قد مات علي الصليب فداء عن الناس, وبذل نفسه كفارة عنهم ليغفر الله لهم الخطية التي ورثوها عن آدم. وعلي مدي ست حلقات أخري, حدثنا جناب القمص عن الكفارة وشرح أن الكفارة هي المحور الذي يدور حوله الكتاب المقدس كله, وهي العمود الفقري الذي تقوم عليه المسيحية. ولذلك رأيت أن أبدأ بتناول هذه الحلقات الست التي تتعلق بالعمود الفقري الذي تقوم عليه المسيحية التي يؤمن بها جناب القمص, لنري في النهاية هل هناك فعلا أساس سليم وقوي تقف عليه هذه المسيحية, أم أن عمودها الفقري مخلوع ومفكك ولا ترتبط فقراته بعضها ببعض?!!

    وأنا حين أتكلم عن المسيحية فإني أتكلم عن ذلك الوجه من المسيحية التي قدمها لنا القُمّص زكريا بطرس, فالمسيحية لها أوجه كثيرة, وكما يقول المثل: «لها ستون وجها» أي لها أوجه كثيرة. وعلي ذلك فأنا أؤكد احترامي لكل مسيحي لا يؤمن بما يؤمن به جناب القُمّص, واحترم أيضا حق كل إنسان في أن يؤمن بما شاء من عقائد, مهما كانت سفيهة أو مغلوطة, فحق الاعتقاد من حقوق الإنسان الأساسية, ولابد من احترامه, ومن حق كل إنسان أن يعبر عما يؤمن به من عقائد, مهما كانت سفيهة أو مغلوطة, كذلك فإن من حقه أن يدعو الآخرين إليها, ولكن ليس من حقه تسفيه آراء الآخرين, ولا جرح مشاعرهم, ولا التحقير من مقدساتهم. فإذا فعل أحد ذلك, فإنه يعطي للآخرين الحق في أن يعاملوه بالمثل, ويردوا عليه بنفس أسلوبه, ويكيلوا له بنفس مكياله, وهذا ما يقرره الكتاب المقدس الذي يقول: «بالكيل الذي به تكيلون يُكال لكم» (متي7:3). وقد وقع جناب القُمّص في هذا الخطأ في حق الإسلام والمسلمين, وبذلك فقد أتاح لنا الفرصة للرد عليه, خاصة وأنه كان يتحدي ويطالب وينادي بأن يرد عليه أحد. فشكرا يا جناب القُمّص علي هذه الفرصة العظيمة التي أتحتها لنا, ولكن عليك أن تتحمل وزر ما فعلت, ولا تدعو أتباعك أن يهرعوا إلي السلطات لوقف الرد عليك, ولا تطلب منهم أن ينظموا المظاهرات ويعتصموا في الكاتدرائيات ويسجلوا الاعتراضات. لقد بدأت أنت بالعدوان, ونحن لا نفعل شيئا سوي أننا نستجيب لندائك ونقبل تحديك ونرد عليك بما تستحقه, ولكن بالعقل والمنطق وليس بالأكاذيب والمغالطات.

    موضوع الحلقات الست التي تناولها القُمّص بطرس من الحلقة التاسعة إلي الحلقة الرابعة عشرة هو موضوع خطيئة آدم عندما أكل من الشجرة التي نهاه الله عنها, ولأن الله عادل, كان لابد أن يوقع العقاب, والعقاب هو الموت, ونتيجة لذلك ورث الجنس البشري كله الطبيعة البشرية الخاطئة, كما ورث أيضا حكم الموت الأبدي في نار جهنم, ولكن الله رحيم كما هو عادل, ولذلك رحمته اقتضت أن يتجسد ويحل في المسيح ليموت علي الصليب, وبذلك يرفع حكم الموت من علي البشر, وبذلك يكون نفذ عدله بتوقيع العقوبة علي المسيح, وفي نفس الوقت نفذ رحمته بأنه رفع العقوبة من علي البشر, لأنه يحبهم ولأن الله محبة.

    بدأ جناب القُمّص في الحلقة التاسعة فراح يحدثنا عن الحكاية من البداية فيقول:
    «إن الله لما فكر يخلق إنسان, خلقه علي أبدع صورة ومثال, علي رأي القرآن برضه يقولك في أحسن تصوير, مش كده?».
    لا يا جناب القُمّص مش كده! فالقرآن لم يقل في أحسن تصوير وإنما قال «في أحسن تقويم», ولعلها كانت زلة لسان, ولم يكن التزوير متعمدًا, ولكن لو كنت اكتفيت بتقديم عقائدك دون أن تحاول الاستدلال علي صحتها بالقرآن المجيد, لما وقعت في هذا الخطأ.

    ثم يستطرد جناب القُمّص فيقرأ من الكتاب المقدس:
    «فخلق الله الإنسان علي صورته, علي صورة الله خلقه», ثم يعلق علي ذلك فيقول: «مش مناخير وعنين ولكن علي صورة البهاء, العظمة, العقل, الخلود, الإنسان مخلوق عاقل زي الله, خالد زي الله, مش كده?».
    لا يا سيدي مش كده! من أين جئت بهذا الكلام, هل قال الكتاب المقدس أن الله خلق الإنسان عاقل زي الله وخالد زي الله? أم أن هذا هو مفهومك وتفسيرك الذي تريد أن تقحمه علي الكتاب المقدس? إذا كان الله خلق الإنسان عاقل زي الله, فلابد أنه كان يعرف الخير والشر, ولكن الكتاب المقدس يقول: إن الإنسان لم يكن يعرف الخير والشر قبل أن يأكل من شجرة معرفة الخير والشر, ولذلك بعد أن أكل منها يقول الكتاب عنه: «وقال الرب الإله هو ذا الإنسان قد صار كواحد منا عارفا الخير والشر» (تكوين 3:23), إذن الإنسان لم يكن عاقلا مثل الله قبل أن يأكل من شجرة معرفة الخير والشر. ثم تقول إن الإنسان خالد زي الله, ولكن الكتاب المقدس يبين أن الله لم يخلق الإنسان ليكون خالدا مثل الله, إذ يقول: «وجبل الرب الإله آدم ترابا من الأرض, ونفخ في أنفه نسمة حياة فصار آدم نفسا حية» (تكوين 2:7), أي أن الله خلق آدم من مادة, من تراب, ولو كان الله يريده أن يكون خالدا, لخلقه مثل الملائكة, ولما قال له بعد صدور الحكم عليه: «حتي تعود إلي الأرض التي أخذت منها, لأنك تراب وإلي تراب تعود». أي أن العقاب الذي أصدره الله عليه سوف يستمر حتي يعود إلي الأرض, وعودته إلي الأرض ليست بسبب العقاب ولكن بسبب أنه تراب, فإلي التراب يعود. فأين الخلود الذي تدعي به يا جناب القُمّص? اقرأ كتابك جيدا, وحاول أن تفهم ما هو مكتوب وليس ما تريد أن تلصقه بالنص, ليس هناك أي كلمة تشير من قريب أو بعيد إلي أن الله خلق الإنسان ليكون خالدا, بل بالعكس, هناك نص صريح علي أنه سيعود إلي التراب لأنه خلق من تراب, ليس لأنه أخطأ, ولكن لأنه خلق من تراب فهل تريد منا أن نصدقك ونكذب الكتاب المقدس الذي تؤمن به?! أم تريد منا أن نصدقك ونكذب ما قاله الله تعالي في جميع الأديان من أن هذه الحياة الدنيا هي فترة مؤقتة وسوف تنتهي لتبدأ بعد ذلك حياة أخري, تقول عنها جميع الأديان إنها هي التي سوف يكتب لها الخلود?

    إن ما تقوله يا جناب القُمّص هو محاولة «فاشلة» لتبرير وجود الموت, فقد ظننت كما يظن البعض أن الموت يتعارض مع محبة الله للإنسان, ولذلك كان لابد من اختراع سبب للموت بعيدا عن الله الذي تصفونه بأنه «محبة», وكان المخرج من هذه الورطة هو أن تنسبوا سبب الموت لخطيئة آدم. وقد تحتج عليّ وتقول إن الكتاب يقول: «وأوصي الرب الإله آدم قائلا: من جميع شجر الجنة تأكل أكلا, أما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها, لأنك يوم تأكل منها موتا تموت» (تكوين 2:16), ولعلك تستنتج من ذلك أنه لو لم يأكل آدم من الشجرة لعاش إلي الأبد, ولكن هذا الاستنتاج خاطئ لسببين, أولا: أن آدم لم يمت في اليوم الذي أكل فيه من الشجرة, ثانيا: أن الله بين وشرح معني قوله «موتا تموت», كما بين أيضا وشرح سبب عودته إلي التراب, فقال: «ملعونة الأرض بسببك, بالتعب تأكل منها كل أيام حياتك, وشوكا وحسكا تُنبت لك وتأكل عشب الحقل. بعرق وجهك تأكل خبزا» (تكوين: 3:17) كانت هذه هي العقوبة التي عبر الرب الإله عنها بقوله: «موتا تموت», وسوف تستمر هذه العقوبة «حتي تعود إلي الأرض التي أخذت منها», أما لماذا يعود إلي الأرض? فيجيب الكتاب المقدس علي ذلك بقوله: «لأنك تراب وإلي تراب تعود» (تكوين 3:17).

    وهنا قد يحلو لجناب القُمّص أن يتهمني بالجهل, وأني لا أقرأ, وإذا قرأت لا أفهم, فيقول إن كلمة «يوم» في قوله «يوم تأكل منها» لا تعني يوم 24 ساعة, ولكن تعني ألف سنة, وبالتالي يكون قصد الرب الإله هو أنك سوف تموت في خلال ألف سنة. فإذا قلنا من أين أتيت بهذا المعني? كانت الإجابة مثيرة للضحك والعجب, إذ سوف يذكر علي الفور قول بطرس الرسول في رسالته الثانية الإصحاح 3 والعدد 8 حيث قال: «إن يوما واحدا عند الرب كألف سنة, وألف سنة كيوم واحد» (2بطرس 3:8). وعلي هذا يكون قوله «يوم تأكل منها موتا تموت» أي أنك إذا أكلت منها فإنك سوف تموت خلال ألف سنة.

    هذا هو الأسلوب الذي يتبعه جناب القُمّص, إذ أنه يستعمل فقرات لا علاقة لها بالموضوع ويلوي معناها لتنطبق علي الموضوع الذي يتكلم عنه. وتصوروا يا حضرات القراء, هذا الرب الإله العاقل الحكيم, الذي يصدر حكما علي إنسان, ولا يشرح له ما يقصده بكلمة «يوم تأكل منها», وما إذا كان المقصود منها يوما كما هو معروف أو أن المقصود ألف سنة. ثم تأتي من بعد آدم أجيال وأجيال, وهم لا يعرفون أن كلمة يوم تعني ألف سنة, ثم يأتي موسي ويكتب التوراة, أي الكتب الخمسة الأولي من العهد القديم, ولكنه لا يذكر شيئا عن أن اليوم يساوي ألف سنة, ثم تمر أجيال وأجيال ويأتي أنبياء يكتبون ويضيفون إلي العهد القديم, ولا يقولون شيئا عن أن اليوم يساوي ألف سنة, ثم تمر أجيال وأجيال, ثم يأتي السيد المسيح, ولا يذكر شيئا عن أن اليوم يساوي ألف سنة, ثم يأتي بطرس الرسول بعد أكثر من 4000 سنة بعد آدم, ويرسل لأصحابه رسالة ورسالتين, وفي الرسالة الثانية يذكر جملة تدل علي أن الزمن لا يعني شيئا بالنسبة لله, وأن اليوم عنده كألف سنة والألف سنة كاليوم, وهنا تنفك العقدة, ويجد جناب القُمّص بطرس وزملاؤه معني لتحديد طول اليوم الخاص بآدم فيقول إنه ألف سنة, مع أن الجملة التي كتبها بطرس الرسول لا تعني ذلك أبدا, بل إنها تعني أن الزمن لا يعني شيئا عند الله. فهل يوجد ما يثير الضحك أكثر من هذا?
    ثم يا جناب القُمّص, لقد شنفت أذاننا بأن الله محبة, فلماذا تنسب إلي الله القسوة والظلم والسادية الفظيعة هذه? هل الله الذي هو محبة يتمتع بعقاب مخلوقه آدم الذي خلقه بمحبة كما تقول? لعلك تقول إن الله عادل أيضا, وأن عدله يستدعي تنفيذ العقوبة. ولن أخوض معك في هذه القضية الآن, ولكن العدل كما تراه أنت, وكما يراه كل إنسان عاقل, هو تطبيق العقوبة كما جاءت في القانون, والقانون الذي وضعه الله هو: «يوم تأكل منها موتا تموت». ولو سلمنا معك أن آدم كسر القانون وعصي الله, يكون من مقتضيات العدل أن يُطبق الحكم, وهو: «موتا تموت». فهل هذه هي العقوبة التي طبقها الله? إن كتابكم المقدس ينسب إلي الله أنه قال: «لأنك سمعت لقول امرأتك وأكلت من الشجرة التي أوصيتك قائلا لا تأكل منها, ملعونة الأرض بسببك».. طيب, وما ذنب الأرض? وهل لعنة الأرض كانت داخلة ضمن القانون الذي وضعه الله? وليس هذا فقط, وإنما يسترسل الرب الإله في تفصيل العقوبة التي لم تأت في القانون الذي وضعه بنفسه, فيقول: «بالتعب تأكل منها كل أيام حياتك, شوكا وحسكا تنبت لك وتأكل من عشب الحقل. بعرق وجهك تأكل خبزا», وهو لم يكتف بهذا, بل إن هذا الرب الإله الرحيم العادل يقول للمرأة: «تكثيرا أكثر أتعاب حبلك, بالوجع تلدين أولادا وإلي رجلك يكون اشتياقك وهو يسود عليك», مع أن المرأة المسكينة لم تكن تعرف أن كل هذه البلايا سوف تنصب علي رأسها. كل ما كانت تعرفه هو ما قالته للحية: «من ثمر شجر الجنة نأكل, وأما ثمر الشجرة التي في وسط الجنة فقال الله لا تأكلا منه ولا تمساه لئلا تموتا». فهل من العدل أن يضع الله قانونا للعقوبة ثم عند التنفيذ يطبق عقوبة أخري إضافية? هل يقبل أحد أن يقول القانون: من خالف إشارة المرور يدفع 100 جنيه غرامة, ولكن عندما يقع أحد في هذه الخطيئة, يتبين أنه سوف يقضي كل أيام حياته في الأشغال الشاقة المؤبدة, وأن زوجته سوف تطرد من البيت, وأن أولاده سوف يُشردون, ثم عليه أيضا أن يدفع غرامة المائة جنيه? هل هذا هو العدل الذي تنسبونه إلي الله الذي هو محبة? أتفضل جاوب يا جناب القُمّص, هل هذا هو الحب الذي يحمله الرب الإله في الكتاب المقدس? وهل هذا هو العدل الذي تصرون علي التمسك به وبضرورة تطبيقه? ولعلك تقول إن مخالفة إشارة المرور لا تعادل خطيئة آدم, هذا صحيح, ولكن مهما عظمت الخطيئة, فإن العدل يقتضي إلا يُزاد في حجم العقوبة عند التطبيق, وإنما يجب أن يُكتفي بتطبيق العقوبة التي جاءت في نص القانون دون أي زيادة, لأن أي زيادة هي مخالفة للعدل, بل هي عين الظلم.

    ثم هل من العدل يا جناب القُمّص محاسبة إنسان لا يعرف الفرق بين الخير والشر? أنت تدعي أن الله خلق الإنسان عاقلا مثل الله, ولكن كتابك المقدس يقول إنه لم يكن يعرف الخير والشر, وكل ما قاله له الرب الإله هو أن يأكل من جميع شجر الجنة, ولكن لا يأكل من شجرة معرفة الخير والشر لأنه يوم يأكل منها موتا يموت. لم يحذره مثلا من أن يسمع لكلام الشيطان, بل لم يخبره أصلا بأن هناك شيطانًا يريد أن يوقعه في الخطيئة. لم يقل له إن عليه أن يتأكد من مصدر كل طعام تعطيه له زوجته حواء. فماذا حدث? تقول يا سيدي بأسلوبك المسرحي إن الشيطان:

    «راح لحوا لأن حوا بتحب الاستطلاع, قال لها هوه ربنا قال لكم ما تكلوش من جميع شجر الجنة? قالت لا, مين قالك كده? قالنا تاكلو من جميع شجر الجنة ما عدا شجرة واحدة بس, الشجرة دهي, شجرة معرفة الخير والشر. فالشيطان قالها: ليه? اشمعني دي? قالت له ربنا قال يوم ما تاكلوا منها موتا تموتا. قالها لا. ابتدا يكدب ربنا, قال لها لن تموتا, امال ربنا منعنا منها ليه? آه. لا.. إنت مش فاهمة.. أنا عارف ربنا, أنا كنت عنده فوق, ربنا ده مكار, خايف, لما تاكلوا من الشجرة دي, تبقوا زيه, تعرفوا الخير والشر, كده لوحدكم لما تاكلوا من الشجرة دي, تستقلوا عن الله. سماها تستقلوا عن الله لكن هية في الحقيقة تنفصلوا عن الله».

    طيب لدينا الآن اثنان متهمان بمعصية الله, ألا يقتضي العدل الإلهي أن نبحث في الظروف التي وقعت فيها الجريمة, إن كانت هناك جريمة? اثنان لا يعرفان الفرق بين الخير والشر, جاء إليهم الشيطان في صورة حية من مخلوقات الله الذي يحبهما, وقال لهما إنه كان فوق عند ربنا, وإنه عارف أنهما إذا أكلا من الشجرة لن يموتا, وسوف يعرفان الخير والشر مثل الله. فهل يقع اللوم علي آدم وحواء لأنهما يريدان أن يكونا مثل الله ويريدان أن يعرفا الخير والشر? هل يقع عليهما اللوم لأنهما سمعا لكلام مخلوق من مخلوقات الله الذي هو محبة, لا يعرفان عن ذلك المخلوق شيئا ولم يحذرهما أحد منه? أين العدل يا جناب القُمّص? إذا كان هناك أحد مسئول عن وقوع آدم في الخطيئة حسب الرواية التي رويتها بلسانك, فهو الرب الإله الذي خلق الشيطان, وسمح له أن يضل آدم وحواء, ولم يحذرهما منه. لا شك أنهما خدعا, ولكن لم تكن لديهما النية علي ارتكاب المعصية, وإنما ظنا أنهما يقومان بعمل طيب, إذ يجب أن نضع في الاعتبار أنهما لم يكونا يعرفان الخير والشر.

    ثم يقول الكتاب المقدس: «فرأت المرأة أن الشجرة جيدة للأكل, وأنها بهجة للعيون, وأن الشجرة شهية للنظر, فأخذت من ثمرها وأكلت. وأعطت رجلها أيضا معها فأكل, فانفتحت أعينهما وعلما أنهما عريانان, فخاطا أوراق تين وصنعا لأنفسهما مآزر» (تكوين 3:6).

    إذن حسب كلام الكتاب المقدس, كان الشيطان علي حق, لأنهما أكلا من الشجرة ولم يموتا, وانفتحت أعينهما وصارا يعرفان الخير والشر فعلا, بدليل اعتراف الرب الإله الذي قال: «هو ذا الإنسان قد صار كواحد منا عارفا الخير والشر» (تكوين 3:23). ثم ما ذنب آدم الذي سمع لكلام زوجته? هل كان يعلم أن ما يأكله من يدها هو من الشجرة المحرّمة?
    الكتاب المقدس لا يبين هذا الأمر, بل يبين أنه لم يكن حاضرا عندما كان الشيطان يتكلم مع حواء, لأن الكتاب يقول إن الحية تكلمت مع المرأة, ولو كان آدم موجودا لاشترك في الحديث, ولكن الكتاب يبين أنه لم يشترك في الحديث بتاتا, مما يدل علي أنه لم يكن موجودا, وبالتالي فإنه لم يكن يعلم أن الثمرة التي أعطتها له حواء كانت من الشجرة المحرمة. ومما يدل علي ذلك, أن الله لما سأله: «هل أكلت من الشجرة التي أوصيتك أن لا تأكل منها» لم يقل نعم أكلت منها, لأنه لم يكن يعرف أنه أكل منها إلا بعد أن انفتحت عينه, فعرف أن حواء أعطته الثمرة المحرمة دون علمه, ولذلك قال لله: «المرأة التي جعلتها معي هي أعطتني من الشجرة فأكلت» (تكوين 3:23), أي ما ذنبي أنا?! أنت لم تحذرني من هذه الأمور ولم تلفت نظري إليها.

    إن أي محكمة أرضية تتمسك بأهداب العدل لابد أن تحكم لآدم بالبراءة, ومع ذلك نجد أن الكتاب المقدس ينسب للرب الإله العادل أنه لعن الأرض وحكم علي آدم أن يأكل شوكا وحسكا وأعشاب الحقل, وأن يقضي كل أيام حياته بالتعب, ويأكل خبزه من عرق جبينه. والغريب أن هذا الرب الإله لم يعترف بتقصيره في تحذير آدم وحواء من الشيطان, وكيف أنه تركهما يقعان في حبائله دون أن يلفت نظرهما إلي الخطر الذي يمكن أن يصيبهما من كلامه.
    ثم يأتي جناب القُمّص زكريا بطرس فيتساءل عن السبب في خلق الشيطان, فيقول:

    «طب ما هو عارف إن الشيطان حيوقع الإنسان, حيغوي الإنسان ويوقعه, حيوقعه, طب خلقه ليه?! سمح له ليه?»
    ثم يجيب جناب القُمّص علي السؤال الذي وضعه بنفسه فيقول: «الحقيقة إن ربنا مخلقش الشيطان, إمال إيه? الشيطان خلق نفسه? لأ. الله خلق ملاك, وكان الشيطان رئيس الملائكة».
    من أين أتي جناب القُمّص بهذه المعلومات الخطيرة?
    هذا ما سنناقشه فى الحلقة القادمة بمشيئة الله .

    http://%20www.shbabmisr.com/XPage.as...w&EgyxpID=6393
    التعديل الأخير تم بواسطة Ahmed_Negm ; 05-06-2006 الساعة 07:40 PM

أكاذيب القمص زكريا بطرس - لمصطفى ثابت - هااام جدا

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 26-02-2009, 09:36 PM
  2. مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 29-06-2008, 11:59 AM
  3. كشف أكاذيب القمص المطرود زكريا بطرس حول نسب وعرض الرسول - فيدو مشاهدة مباشرة (جوجل )
    بواسطة أبو ايمان في المنتدى مشروع كشف تدليس مواقع النصارى
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 12-04-2008, 04:59 PM
  4. مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 11-04-2008, 03:10 AM
  5. مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 17-03-2008, 05:12 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

أكاذيب القمص زكريا بطرس - لمصطفى ثابت - هااام جدا

أكاذيب القمص زكريا بطرس - لمصطفى ثابت - هااام جدا