الســؤال: قال بعض أهل البدع الذين يدعون أهل القبور قال: كيف تقولون: الميت لا ينفع وقد نفعنا موسى عليه السلام حيث كان السبب في تخفيف الصلاة من خمسين إلى خمس, وقال بعضهم: كيف تقولون: كل بدعة ضلالة, فماذا تقولون في شكل القرآن ونقطه, كل ذلك حدث بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم, فبماذا نجيبهم؟
الجــواب:
الأصل في الأموات أنهم لا يسمعون نداء من ناداهم من الناس, ولا يستجيبون دعاء من دعاهم, ولا يتكلمون مع الأحياء من البشر،ولو كانوا أنبياء, بل انقطع عملهم بموتهم; لقول الله تعالى: والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير وقوله: ( وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ)(فاطر: من الآية22) وقوله: ومن أضل ممن يدعوا من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية, وولد صالح يدعو له, وعلم ينتفع به رواه مسلم في صحيحه ويستثنى من هذا الأصل ما ثبت بدليل صحيح, كسماع أهل القليب من الكفار كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم عقب غزوة بدر, وكصلاته بالأنبياء ليلة الإسراء, وحديثه مع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في السماوات حينما عرج به إليها, ومن ذلك نصح موسى لنبينا عليهما الصلاة والسلام أن يسأل الله التخفيف مما افترضه عليه وعلى أمته من الصلوات فراجع نبينا صلى الله عليه وسلم ربه في ذلك حتى صارت خمس صلوات في كل يوم وليلة, وهذا من المعجزات وخوارق العادات فيقتصر فيه على ما ورد.. ولا يقاس عليه غيره مما هو داخل في عموم الأصل; لأن بقاءه في الأصل أقوى من خروجه عنه بالقياس على خوارق العادات, علما بأن القياس على المستثنيات من الأصول ممنوع خاصة؛ إذا لم تعلم العلة, والعلة في هذه المسألة غير معروفة; لأنها من الأمور الغيبية التي لا تعلم إلا بالتوقيف من الشرع, ولم يثبت فيها توقيف فيما نعلم, فوجب الوقوف بها مع الأصل.
ثانيا: الأمة مأمورة بحفظ القرآن كتابة وتلاوة, وبقراءته على الكيفية التي علمهم إياها رسول الله صلى الله عليه وسلم, وقد كانت لغة الصحابة رضي الله عنهم عربية سليمة; لقلة الأعاجم بينهم, وعنايتهم بتلاوته -كما أنزل- عظيمة, واستمر ذلك في عهد الخلفاء الراشدين فلم يخش عليهم اللحن في قراءة القرآن ولم يشق عليهم قراءته من المصحف بلا نقط ولا شكل, فلما كانت خلافة عبد الملك بن مروان،وكثر المسلمون من الأعاجم واختلطوا بالمسلمين من العرب خشي عليهم اللحن في التلاوة وشق عليهم القراءة من المصحف بلا نقط ولا شكل, فأمر عبد الملك بن مروان بنقط المصحف وشكله, وقام بذلك الحسن البصري, ويحيى بن يعمر رحمهما الله, وهما من أتقى التابعين وأعلمهم وأوثقهم; محافظة على القرآن, وصيانة له من أن يناله تحريف, وتسهيلا لتلاوته وتعليمه وتعلمه, كما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أسألكم الدعاء.. لعله آخر لقاء
أخوكم رامى بن أحمد الجمل