وابتلعت القديسة لسانها


نتكلم عن يسوع الأناجيل ، ابن يوسف ، لا عن عيسى ابن مريم عليهما السلام .

توفى يوسف النجار ابن 110عاما ، أى حين كان يسوع ابن 20 عاما .
فماذا قالت أم الإله طوال5 ,13 عاما قضتها مع يسوع ؟ وحتى تنيحت فى سن الستين ؟
بِمَ تكلمتْ القديسة حسب ما ترويه الأناجيل ؟

سبع كلمات لا غير، قالتها فى عرس قانا الجليل : " ليس لهم خمر " يو 2 / 3 . ثلاث كلمات نطقت بها المسكينة ، بعدها انطلقت عقيرة يسوع يلقنها درسا تتعلم به الصمت إلى الأبد . قال لها : " ما لى ولك يا امرأة . لم تأت ساعتى بعد " . قالت أمه للخدام : " مهما قال لكم فافعلوه " .
هذه هى الكلمات السبع : ثلاث ليسوع ، وأربعة للخدام تنقذ بها كرامتها المهانة أمامهم ، وصمت لسان مريم بعدها إلى الأبد ، ابتلعت المسكينة لسانها .
سبع وعشرون سفرا ، هى أسفار العهد الجديد ، لا تذكر لها كلمة بعدها .

أما سوء أدبه فى خطابه لأمه بكلمة ( يا امرأة ) ، فهو موضوع مشاركتنا " يسوع على أعواد الصليب ( 3 ) ".

هذه باكورة معجزات يسوع ، بداية تغيير مجرى التاريخ ، لقد كان أول القصيدة كفر . ها أنت متلبس بمعصية كتابك المقدس (1) .

فى البداية نسأل : هل شربتْ أمك الخمر ، هل ترنّحتْ من السكر ؟ هل كانت توزعها على المدعوين ؟ أجبنى بربك يا يسوع ، على أى حال ، كل المحظورات تباح ، فى الأفراح والليالى الملاح .

أما أنت فقد قالوا عنك " أكول وشريب خمر " (2) ، كما شربتَ كأسين من الخمر فى العشاء الأخير ، حتى لعبتْ برأسك ، فخلعتَ ثيابك وتعريتَ ، واتزرتَ بالمنشفة وغسلتَ أرجل التلاميذ وجففتَها بالمنشفة التى تتزر بها (3) .
لا يحتاج غسيل الأرجل إلى التعرى أيها الإله .

يقول أحدهم : " وهى إذ ولدته ، أرادت كعادة بقية الأمهات أن توجهه فى كل شىء ، بينما كان يلزمها أن تكرمه وتسجد له ، هذا هو السبب الذى لأجله أجاب هكذا فى مثل هذه المناسبة " .
إنها عادة سيئـة مشينـة يا مريم ، عـار وسُبّـة يا أم الإله ، كان يجب أن تترفعى عنها ، لست كأحد من النساء ، أو مثل بقية الأمهات ، ولكن قبل أن نتهمك ، ليعدّدْ لنا القس الوقائع أولا ، وما مصدره ؟ ولا يفرّ كالجرذان .
لهفى على أمنا مريم ، استنسر عليها البغاث !!!!

يقول كيرلس الكبير : " لذلك ، للحال أجابها بوضوح كما لو قال : إنى أستطيع أن أفعل معجزة تأتى من عند أبى لا من عند أمى . فإن ذاك الذى فى ذات طبيعة أبيه ، صنع عجائب جاءت من أمه ، وهو أنه يستطيع أن يموت . وذلك عندما كان على الصليب يموت " .

لقد أتى يسوع بمعجزة لم يدركه فيها سابق ولا لاحق . أعجوبة الزمان ، أعظم من انشقاق البحر لموسى ، وانشقاق القمر لمحمد ، وهى :
" أنه يستطيع أن يموت . وذلك عندما كان على الصليب يموت "
" أنه يستطيع أن يموت . وذلك عندما كان على الصليب يموت "
" أنه يستطيع أن يموت . وذلك عندما كان على الصليب يموت "

معجزة يعجز عنها موسى ومحمد . ولم يستطعها أخنوخ ولا إيليا اللذان رفعا إلى السماء أحياء .

إن كيرلس يلد الخرافات ويرضعها .
للذكاء حـدود ، ولكن لا حـدود للغبـاء .
لقـد جـن جـنـون القـوم !!!!


كم يحيرنى صَلبُ الإله بناسوته ولاهوته " ولو كان اللاهوت ترك الناسوت فى تلك اللحظة أو فارقه مفارقة جوهرية لكان معنى ذلك أن الفداء لم يتم ... ولو ترك اللاهوت الناسوت لكان معنى ذلك أن الذى صلب من أجل البشر إنسان ... " (4) .
كما يحيرنى وضع اللاهوت مع ناسوت يسوع السكران ، هنا وفى العشاء الأخير ، عندما شرب كأسى الخمر ، ولعبت برأسه .


يقول البابا غريغوريوس ( الكبير ) : " عندما يتحمل الضعف البشرى يتعرف على أمه الذى تسلم ذلك منها ، ولكن حين يمارس الإلهيات يبدو كمن لا يعرفها " (5)

أكذوبة لا تستر عورة ، وأسوأ ما فى الأديان أنك تتعامل فى الدين المسيحى مع الكذابين . لم يتعرف على أمه .
لقد حرَمها شرف الأمومة ، وعذوبة لفظ ( يا أمى ) ، فلم يخاطبها إلا بـ ( يا امرأة ) ، وهى الكلمة التى خاطب بها المرأة التى أُمسِكتْ فى زنا (6) ، والسامرية التى عاشرتْ ستة رجال دون زواج (7) ، والمجدلية التى أخرج منها سبعة شياطين (8) .

لو كانت لحيـة البـابـا دليـل ذكاء ، لكانت العـنزة فيلسـوفـا .

" مالى ولك " : مسكينة مريم ، لم تكن ذات حظوة عند يسوع ، ولا عند كتبة الأناجيل ، مثل المجدلية ، وما أدراك ما المجدلية !!!! . وحقا " لا يبقى على المذود إلا شر البقر " .
إن نظرة اليهود لأمه - المكلومة فى شرفها - بعين الاحتقار والاشمئزاز، قد صبغتْ نظرتَه إليها باللون الأسود ، فهو دائما يتبرأ منها (9) ، ويتنكر لها ولإخوته وأخواته (10) ، ويصفها بعدم البر والصلاح ، وأنها بعيدة عن فعل مشيئة الله (11) ، ولم ينطق يوما ببراءتها وعذريتها (12) .
برغم أن الوصية " أكرم أباك وأمك " ، لم يكن فى مقدساته " ووصينا الإنسان بوالديه " ، " وبالوالدين إحسانا " ، " وصاحبهما فى الدنيا معروفا " ، " واخفض لهما جناح الذل من الرحمة " ... إلخ .
لك الله أيتها الطاهرة البتول ، لولا أن الله برأك على لسان محمد : " إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين " ، للبثتِِ فى قفص الاتهام إلى يوم يبعثون .

" قال : " لم تأت ساعتى بعد " وقد قام فى نفس الساعة بعمل المعجزة " (13) .
إذن لقد خانك التوفيق يا يسوع . عجبا إله هذا ، أم إنسان أخرق ؟ وبرغم ذلك فأنت حكمة الله وكلمته !!!!

يقول المفسر تادرس ملطى : " لم تعاتب ابنها على كلماته " ، إذن يقر القس بأن الكلمات تجرح كرامة أمه ، مما يستحق المعاتبة ، ولكنها كانت أكثر منه حلما وحكمة ، فلم تفعل .
غير أنها اعتزلته ولم ترافقه الطاهرة البتول فى رحلاته ، وكذلك أخواته وإخوته .

ويقول : " فهو لا يتحدث معها بكونها أمه ، لأنه ليس من حقها أن تحدد ساعة الصليب ، إنما هذا حق الآب الذى أرسله ، فقد جاء ليتمم مشيئة الآب ، ببذل ذاته من أجل خلاص العالم " (14) .
ويحك يا يسوع ، الناس فى واد ، وأنت دائما فى واد آخر . تتحدث أمك فى فرح ، عن أجران الخمر ، ويعلل القس بعدم أحقيتها فى تحديد ساعة الصليب !!! هل هو هذيان محموم ، أو تخريف مخمور ؟ ؟
شتان بين الحياة والموت ، بين زغاريد الفرح ، وموت الصليب .

لقد عشـش العنكـبوت فى أدمغـتهم .
وإذا تفـرقت الغـنم ، قادتهـا العـنز الجـربـاء .


المراجع :

1. " لا تنظر إلى الخمر إذا احمرت حين تظهر حبابها فى الكأس وساغت مرقرقة ، فى الآخر تلسع كالحية ، وتلدغ كالأفعوان " أم 23/31- 32 ، " ويل للمبكرين صباحا يتبعون المسكر ، للمتأخرين فى العتمة تلهيهم الخمر " إش 5/ 11 ، ... إلخ .

2. مت 11/19 .
3. يو13/ 4 – 5 .
4. عقيدة المسيحيين فى المسيح – الأنبا يوأنس صـ 214 .
5. تفسير تادرس يعقوب ملطى .
6. يو 8/3 – 11 .
7. يو 4/ 21 .
8. يو 20/ 15 .

9. " إن كان أحد يأتى إلى ولا يبغض أباه وأمه ، وامرأته وأولاده ، وإخوته وأخواته، حتى نفسه أيضا ، فلا يقدر أن يكون لى تلميذا " لو 14/26 .

10. " فقالوا له هو ذا أمك وأخوتك خارجا يطلبونك ، فأجابهم قائلا : من أمى وإخوتى ؟ ثم نظر حوله وقال ها أمى وإخوتى . لأن من يصنع مشيئة الله هو أخى وأختى وأمى " . مر 3/32 ، مت 12/49 ، لو 8/ 20 .

11. " رفعت امرأة صوتها من الجمع وقالت له : طوبى للبطن الذى حملك ، والثديين اللذين رضعتهما . أما هو فقال : بل طوبى للذين يسمعون كلام الله ويحفظونه " لو 11/27 . كان عليه أن يثنى على المرأة أولا ، ثم يقول : " وطوبى " بدلا من " بل طوبى للذين ... " التى تفيد الاستدراك ، ونفْىَ التطويب عن أمه .

12. يقول أ. زكى شنوده إن يوسف تظاهر بأنه " زوج العذراء ... لأنه ما كان أحد من اليهود ليصدق تلك الحقيقة السمائية السامية لو أنه قالها ، فانتظر حتى يعلنها المسيح بنفسه ... " – المجتمع اليهودى صـ 112 ( لقد ضن عليها بكلمة حق تحفظ لها شرفها وكرامتها ) .

13. تفسير تادرس يعقوب ملطى .
14. تفسير تادرس يعقوب ملطى .