صلاح البلاد في استقامة العباد

بسم الله الرحمن الرحيم

الإنسان بطبيعته يسعى إلي اسعاد نفسه ويتمنى أن يكون سعيدا طوال حياته ولا يألو جهدا في تحقيق هذه الأمنية , ولكن السعادة تكمن في تحديد الهدف والعمل علي تحقيقه , ومن هذا المنطلق نرى أن الإنسان المسلم يتميز عن غيره بوضوح أهداقه وغاياته , لأنه يدرك ان الغاية من خلقه هي عبادة الله سبحانه , لذلك سعادته تكمن في استقامته في حياته علي منهج عقيدته ودينه .
وبما اننا امة مسلمة , وحبانا الله عز وجل بموقع فريد من نوعه حيث أرضنا العربية تقع في وسط العالم , وحفظها الله من الزلازل والبراكين التي تدمر كل شئ ,ومن الفيضانات والعواصف التي تفسد الأرض وتتلف الزرع وتقتل الإنسان والحيوان , وتوزعت فيها انهار جعلت مصادر قوتها منها , وجعل من صحرائها الواسعة منبع خيراتها ومصدر ثرواتها , ولنا دستور وضح الله لنا فيه طرق العيش السعيد في الدنيا والآخرة , من أعظم الأمور وهو التوحيد وحتى كيف نقضي حاجتنا في الخلاء , ولله الحمد علي كل ذلك .
فلماذا تعاني أمتنا من التخلف , و يعيش بعضنا حياة الفقر والعوز ؟ , فلو نظرنا إلى امرنا لوجدنا أن هناك خلل أنتج هذا التخلف وهذا الفقر , هل تعرف يا اخي ما هو .!! ..؟ لأننا تركنا المهمة التي خلقنا من أجلها , وتهاونا في الاستقامة علي منهج الله , و نسينا قول الحق تبارك وتعالى :( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ) ونسينا أمر الله لنا بالاستقامة كما في قوله عز وجل : ( فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) فالاستقامة المطلوبة في الظاهر والباطن تركناها ولم نؤدي عباداتنا علي الوجه الأكمل , بل كانت عبادة شكلية لم تؤثر في سلوكنا , فلم يكن لنا إخلاص في العمل , ولا صدق في الحديث , ولا مراعاة للأمانة , ولا تسامح ولطف في المعاملة , وكثر بيننا البغض والحسد ,وغفلنا عن الرزاق واعتمدنا علي شطارتنا التي لم تورثنا إلا الطغيان والتسابق علي حطام الدنيا , فلو طبقنا شرع الله في حياتنا اليومية , لأخلصنا في أعمالنا , وتعاونا علي الخير , وحافظنا علي مؤسساتنا , وازدهر نشاطنا الاقتصادي , وأدينا حق الله من زكاة وصدقة , مصداقا لقول الحق تبارك وتعالى : " (وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ ) لو حصل كل ذلك لتغير حالنا إلى خير مما هو عليه الآن .
فالأمر بأيدينا نحن أبناء هذه الأمة , فلو أردنا صلاح امتنا لسلكنا مسلك قادتها أيام صلاحها ونهضتها في صدر الإسلام , واعلموا إخواني أن صلاح هذه الأمة مرهون بصلاح أفرادها , كما قال العلماء , لا يصلح أخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها , فاعملوا علي إصلاح انفسكم واتبعوا أمر الله ورسوله وطبقوا شرعه في حياتكم اليومية تصلوا بإذن الله إلى أعلى المراتب بين الأمم .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته