بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الاسلام دين الرحمة والفضيلة والمدنية

الجزء 1

شبكة البصرة

عبد الله سعد

لم يأتي الاسلام كدعوة دينية روحية فقط، بل هو نظام حياة كامل شامل، وضح اسس الحياة كلها ووضع أحكاما لها، ولم يترك جانبا من جوانب الحياة الاجتماعية العامة والخاصة، الا وتطرق لها وحدد تشريعا وأحكاما لها، لذلك لم تستطع أية نظرية فلسفية أو ثقافية او اجتماعية او سياسية او قانونية او اقتصادية أو تربوية ان تتجاوز احكامه، والاستغناء عن استلهام ما جاء في القرآن والسنة النبوية، والاستدلاء باياته والاحاديث النبوية في كل مجالات المعرفة والفقه والقانون، سواء على المستوى الانساني او القومي والوطني، وحتى الأسري والفردي، ولأنه كذلك فقد عادته وناهضته الحركات والتكوينات القبلية والحزبية والسياسية والفكرية الباغية الكافرة في بداية البعثة ونزول القرآن، والتي تعمل بما يناقض ما جاء فيه في مكة وعموم الحجاز، الا الذين عرفوه حقا وادركوا معناه وما اراد الله به من السابقين السابقين ممن امتن الله عليهم وأحبهم فهداهم للاسلام، ومنذ ذلك الحين تكونت تنظيمات وعمل دجالون وكذابون أفاكون التصدي له ولاتباعه، بدءا من مجتمع مكة كمدينة نشأت فيها الدعوة الى العالم الذي يدعي التحضر والانسانية اليوم.

وليطلع الناس على بعض مما جاء به الاسلام من أحكام في الحياة العامة، سأكتب في هذا الجانب لأوضح بما يمكنني ربي في تبيان الحقيقة، والتصدي لما يتحدث به الغرب الامبريالي عن الاسلام، على أنه دين الارهاب والداعي للعدوانية والبغضاء، والى الانتقاص من الاديان الاخرى ومعادي لها، في حين ان الاسلام هو الداعي للسلام والدعوة الى الله بالحسنى والذي جاء مصدقا ومعترفا بكل ما سبقه والذي وضح وطور حقوق الانسان والشعوب، تصديق كل الانبياء والرسالات السابقة والاعتراف بنبوة السابقين وتصديقهم وعدم التفريق بينهم، وهذه واحدة من شروط وفروض الايمان به، ومن لا يلتزم بذلك فانه لم يؤمن ولم يصدق الرسول الخاتم، وفي القرآن والاحاديث النبوية الشرفة العديد من الآيات والأحاديت التي تنص على ذلك وللاستدال: (يا آيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل ومن يكفر بالله وملئكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا)، أما في مجال الحقوق واحترام الانسان فقد جاء الاسلام بما يأتي وأكثر:
الاسلام حدد الايمان بشكل واضح : توحيد الله المطلق وعدم الشرك به، والايمان باليوم الآخر، والعمل الصالح، هذا هو دين التوحيد. (الله لا اله الا هو) و(قل هو الله أحد* الله الصمد*لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد)، وأن الله سبحانه رب العالمين، (الحمد لله رب العالمين)، فهو سبحانه رب العالمين كلهم وليس رب قوم دون قوم أو أمة دون أخرى، ولا رب البشر فقط بل رب كل شيء، وهم يسبحون له ولكنا (البشر) لا نفقه قولهم، (وله من في السموات والارض ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون*يسبحون اليل والنهار لا يفترون) الانبياء الايتين 19و20، فلا رب غيره وهذا يفترض أن يكون الحق المطلق عند كل البشر، أما أن يدعي بني اسرائيل الذين جاءهم الحق بالتوراة، والعدد الكبير من الانبياء، بدءا بموسى وهرون عليهما السلام، وانتهاءا بزكريا ويحيى عليهما السلام، فهو ليس ايمان بل تحريف للدين وتوظيف لغايات شيطانية وشرك واضح لهم قبل غيرهم، وانكار للحق لأغراض دنيوية قائمة على الكفر والعنصرية، ولذلك بعث الله المسيح بن مريم رسولا لبني اسرائيل ينهاهم عن الشرك والتحريف، ويبين لهم الدين الحق ويدعوهم للتوحيد، وآتاه الانجيل وعلمه التوراة، ليدحض مزاعمهم وتحريفهم، والبشرية تعرف ما كان موقف اليهود من المسيح عليه السلام، وجاء تنصر روما لتبدأ مرحلة اخرى من مراحل التحريف والعودة للشرك، وهو أحد أهم اسباب الحروب الغربية ضد الوطن العربي قبل الاسلام، لأنهم يعرفوا أن مصدر النصرانية، ورسالة نبي الله عيسى بن مريم عليه السلام مصدرها وطننا وقومها وجندها الأول العرب، جاءوا ليدمروا ويحرقوا ويغيروا دين القوم، ونقلهم لما وضعوه، وهو القول بالتثليث (الله ثالث ثثة)، أستغفر الله وحاشا عبده ونبيه المسيح كلمة الله لمريم البتول.

الاسلام دين التوحيد المطلق لله: وهذا أمر لا يحتاج لتعليق كثير، فهو اضافة الى كونه بديهية في عقل وفهم الانسان والبشرية بلغت كل هذا المستوى المعلوماتي والادراكي، وانا شخصيا أعتبر أي مخالف لهذه الحقيقة المطلقة كمن يكذب على نفسه، فهو أما لا ديني، أي أنه قدري أو دهري، ولكن في عقله وأعماقه يعرف أنه منكرا لحقيقة ثابتة، هي ان الله واحد، (لو كان فيهما آلهة الا الله لفسدتا فسبحان الله عما يصفون* لا يسئل عن عما يفغل وهم يسألون) الانبياء الآيتين 22و23، وفي الآيتين 26و27 من نفس السورة يقول عز وجل (وما أرسلنا من قبلك من رسول الا نوحي اليه أنه لا اله الا أنا فاعبدون * وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون)، وهذا ينطبق على أهل الكتاب، ممن جاءهم الحق قبلنا، عبر رسالات السماء والانبياء المبوعثين لهم، كي يبشروهم بالهدى والتوحيد وعبادة الله الواحد الأحد، ويدعوهم للفضيلة والعمل الصالح، وينذروهم ويحذروهم من الكفر والفحشاء والمنكر والبغي، فهم محرفون بدراية وتقصد وسبق اصرار، فحتى من جعل لله ولدا فهو يعرف أنه كاذب ومنحرف، ولكنه التعصب واغواء الشيطان. فهل يعقل أن انسان عاقلا يتصور مجرد تصور أن لله ولد، وكثير من اصحابي وأنا الانسان المؤمن بالله وكتبه ورسله انشاء الله وبحمده وهديه، كم ناقشت من أصحابي المتعددي المعتقدات خصوصا من النصارى العرب عن معنى قولهم بالثالوث، فالجميع يعرف أن المسيح عيسى بن مريم عليه السلام رسول الله وأنه بشر، ولكنه كلمة من الله فهذه هي قدسيته اضافة للرسالة والنبوة، أما قولهم أن المسيح ابن الله، فهم يعنون أن كل البشر هم ابناء الله لأنهم خالقهم ومالكهم، واخرين ممن يتبعوا ديانات وضعية كمن يعبدوا حاجات مادية، فهم يحتجوا أن هذه الحاجات هي مصدر رزقهم وعيشهم وليست هي ربهم، ولكنهم لا يريدوا تغير معتقد أقوامهم لأنها ستكون لها آثارا وتداعيات، فسبحانه هو الذي أنزل على كل انبيائه وبلغهم.

الاسلام دين التسامح: لم يكتفي الاسلام بالتسامح مع من يخالفوه المعتقد فحسب، بل أقر التعددية، وأعتبرها احدى سنن الله في الأرض، واعتمدها منهجا، وطبقه واقعا، فأعتبر كل أصحاب الكتاب موحدين وهم مع المسلمين يشكلوا جبهة ضد الكفر والشرك، وأعتبر الايمان بكل كتب الله التي سبقت القرآن وتصديق الانبياء جميعا وعدم التفريق بينهم شرطا لدخول الاسلام، بدونه لا يكون الفرد قد أسلم وآمن، (الم* الله لا اله الا هو الحي القيوم* نزل عليك الكتاب مصدقا لما بين يديه وأنزل التوراة والانجيل* من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان وان الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد والله عزيز ذو انتقام) آل عمران الآيات1-4، (آمن الرسول بما أنزل اليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا واليك المصير)البقرة ألاية285، وأنهم يشكلوا أمة التوحيد، وقد وردت آيات كثيرة في القرآن الكريم في ذلك، وأصحاب الكتاب مؤمنون ما زالوا يؤمنوا بأن الله واحد واليوم الآخر ويطبقوا التوراة والانجيل التي أنزلت لهم ويعملوا صالحا، وقد أكدها القرآن في الآية 62 من سورة البقرة (ان الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند وبهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون)، فقد عرف التاريخ البشري قبل الاسلام الصراعات بين الحضارات والاديان على امتداد الزمن، وكان الاضطهاد للغير وعدم الاعتراف به وقتله هو اللغة السائدة بين اتباع الديانات المتعددة، ولم يعرف العالم التسامح والتعددية من قبل، وشواهد التاريخ كثيرة، دينية أو اجتماعية.

الاسلام ضد التمييز والعنصرية: لقد كان الاسلام، ول ديانة ربانية وفلسفة او حضارة وضعية تقر المساواة بين الناس، وترفض كل اشكال العنصرية والفخر، وأعتبر أن لا فضل لانسان على آخر الا بالتقوى، (يا أيها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان أكرمكم عند الله أتقاكم وان الله عليم خبير)الحجرات آية 13. (ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله) ال عمران، أهم مصدر من مصادر الرق والعبودية ألا وهو اسرى الحروب، فاضافة لتحديده الحرب فقد ألغى استعباد الأسرى وشرع لها أمران أما المنة-اي اطلاق سراح الأسيرة منة وفضلا من المؤمن الذي أسرهأو أن يدفع فدية من ماله أو تفتدية عائلته وقبيلته، فقد قالت سورة الاية :فاذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى اذا أثخنتم فشدوا الوثاق فاما منا بعد واما فداءّ حتى تضع الحرب أوزارها)، و(يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلف منها زوجها وبث منها رجالا كثيرا ونساء) النساء من الآية1، وتكرر ذلك في سور عديدة وآيات كثيرة. ونهى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عن التنابز والتفاخر بالاصول والتميز بالتعامل بين الناس بأي شكل وعلى أي أساس وسبب وقال: (كلكم لآدم وآدم من تراب). فهذا هو الاسلام، وفي حكم الصحابي الجليل الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في شكوى النصراني الذي وفد عليه من مصر، ليشكوا له، أن ابن والي مصر عمرو بن العاص قد ضربه أثناء سباق خيل، عندما سبقه النصراني، فقال له تعال لي موسم الحج، وكتب لعمرو بن العاص أن أقدم الينا مع ولدك فلان، فلما جاء الموعد قال الخليفة للنصراني بم ضربك ابن عمرو؟ قال بالسوط، فاعطاه سوطا، وقال له اقتص منه، اي اضربه كما ضربك، فضربه الرجل، وبعدما انتهى قال له الخليفة: اضرب أباه ويقصد عمرو بن العاص والي مصر، فقال الرجل لم يضربني كي أقتص منه، فقال له الخليفة عمر: لو لم يكن هذا أباه لما تجرأ على ضربك، فان لم تضرب أباه سأضربه أنا، وقال قوله المشهور لعمرو بن العاص: (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا). فصار قانونا للمسلمين. وهذا ترسيخ وتشرع أن لا تفضيل لانسان على الاخر الا بالتقوى (اي العمل الصالح).

التاكيد على قدسية الانسان: وهذا يتجلى في تكريم الله عز وجل للانسان انه اعتبره خليفة (واذ قال ربك للملائكة اني جاعل في الارض خليفة..) البقرة من الاية 30، وامر الملائكة بالسجود له اجلال لخلق الله (واذ قلنا للملائكة اسجدوا لادم فسجدوا الا ابليس ابي واستكبر وكان من الكافرين)، (لقد خلقنا الانسان على احسن تقويم) التين اية4، (ونفس وماسواها* فألهما فجورها وتقواها* قد أفلح من زكاها* وخاب من دساها) الشمس ايات 7-10. أذن الله سبحانه وتعالي خلق انسان والهمه الخير والشر، ومنحه العقل ليتحكم بنفسه، وأن أخرته تتوقف عل عمله وتزكيته لنفسه عبر عمله، وكذلك جزاءه وبالجنة أو النار.

شبكة البصرة

السبت 2 شوال 1431 / 11 أيلول 2010



بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الاسلام دين الرحمة والفضيلة والمدنية

الجزء 2

شبكة البصرة

عبد الله سعد

1. الاسلام كرم الانسان وأعتبره قيمة عليا: نعم لقد بدأ الاعتراف القانوني والرسمي بأن كل الناس مكرمون عند الله، ولم يختص تكريم الله لقوم دون قوم، أو أمة دون أخرى أو اتباع نبي مخصص دون الآخرين منذ نزول القرآن، وكان الناس قبله يعملوا ويحكموا على أساس انهم هم الأفضل خصوصا تأويل حاخامات اليهود لقول الله لبني اسرائيل بأنهم جميعا شعب الله المختار وأنهم مفضلون على العالمين، وقد بين القرآن خطأ تأميلهم وتحريفهم لآيات الله فقد جاء في السورة الأولي والأية الاولى من القرآن الكريم (الحمد لله رب العالمين) الفاتحة1، أي أنه سبحانه رب العالمين جميعا وليس رب جماعة أو قوم أو أمة دون أخرى، وأن التكريم لكل بني البشر بقوله عز من قائل: (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير من خلقنا تفضيلا) الاسراء الآية 70، فالتكريم لكل ابن آدم اي كل البشر ولا يخص جماعة محددة، وقول الله سبحانه (واذ قال ربك للملائكة اني خالق بشرا من صلصال من حمأ مسنون* فاذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين) الحجر الآيتين 28و29، أي أن الانسان كانت تكوينه من صاصال أي تراب وبعثت به الروح بمشيئة الله وقدرته بأن نفخ الله فيه من روح الرب، وهذه تعني تكريم لكل البشر ذرية آدم عليه السلام، وان أفضل الناس أفضلهم تقوى اي عملا، (ان اكرمكم عند الله أتقاكم) ولم يجعل له صفة تفضيل أخر غير التقوى.

2. الاسلام حرم العدوان واعتبر الحرب استثناء مكروه: (كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وانتم لا تعلمون) البقرة الآية 216، هكذا وصف ربنا الحرب، ورفض الاسلام من خلال هذا النص الصريح الفلسفات السابقة، التي تدعي أن القتال والحرب هي غريزة بشرية بالفطرة، وأكد أن القتال حالة استثنائية مكروهة واجبارية، وشاذه عن فطرة الله للانسان، اذا ما آمن بالله وكان فعلا واعيا لانسانيته، وأن الحرب استثناء أجازه الله وكتبه (فرضه) في حالات هي العدوان عليه من طرف أخر باغي وشرير:
· الحالة الأولى هي مقاومة العدوان والدفاع عن الدين والنفس (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين).
· الحالة الثانية الدفاع عن الوطن: فالله سبحانه وتعالى نهى المؤمنين عن موالاة المعتدين بقوله الكريم: (انما ينهاكم الله عن عن الذين قاتلوكم في الدين واخرجوكم من دياركم وظاهروا على اخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأؤلئك هم الظالمون) الممتحنة الآية 9، أي أن الله ينهى المؤمنين عن التوادد والقسط مع العدو المتربص والمعتدي الباغي، ومن هذا فأن الاسلام حدد الحالات الاستثنائية التي توجب القتال وهي : الدفاع في حالة العدوان على الدين والوطن والعرض والمال والنفس، وعلى هذا بنى الفقهاء في الافتاء الاسلامي، بأن من مات دون ذلك شهيد، بقول رسول الله صلى الله عيه وسلم: (من قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون ماله فهو شهيد). وهذا رسول الله وخاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم ينذر المؤمنين من تمني الحرب: (لا تتمنوا لقاء العدو، وأسألوا الله العافية، فاذا لقيتموهم فاثبتوا،وأكثروا ذكر الله)، وهذا أمر بتحاشي الحرب، وعدم تمنيها، فالحرب ليست أمنية، ولا هي عبادة، بل هي الاستثناء المكروه، ولكن لو فرضت عليكم من عدوكم، فأثبتوا وقاتلوا فالنصر للمؤمنين.

3. الامر بالعدل والاحسان: الإسلام يأمرٌ بالعدل والإحسان وينهيٌ عن المنكر والبغي: قال الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى في القرآن الكريم سورة النحل:الآية90 ﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾. فليطلع الموتورون واللذين تملك الشيطان والشر والبغضاء عقولهم على ما اراده الله تعالى ورسوله محمد العظيم صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اتبعهم باحسان الى يوم الدين، فاين الفلسفات والقوانين والنظريات الدنيوية من هذا المستوى السامي المليئ فضيلة وانسانية ودعوات سلام وصلاح للبشرية.

4. الاسلام الغى التعامل بين الموحدين ككافرين: فقد أكدها القرآن الكريم على التعامل مع أهل الكتاب بالحسنى وعدم مجادلتهم أوالتشكيك بعقائدهم، فقد ورد في آل عمران الآيتين 64و65 (قل يا أهل الكتاب تعالوا لكلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد الى الله ولا نشرك به أحدا ولا يتخذ بعضنا بعضا اربابا من دون الله فان تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون* يا أهل الكتاب لم تحاجون في ابراهيم وما أنزلت التوراة والانجيل الا من بعده أفلا تعقلون) وفي سورة العنكبوت الآية 46 : (ولا تجادلوا أهل الكتاب الا بالتي هي أحسن الا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل الينا وأنزل اليكم والهنا والهكم واحد ونحن مسلمون)، فقد جاء بالقرآن: (اليوم احل لكم الطيبات وطعام الذين اوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين اوتوا الكتاب من قبلكم اذا اتيتموهن اجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي اخذان)المائدة من الاية 5. امر الله بالتفريق بين المؤمنين من اهل الكتاب والكافرين، بقول الله وهو خير القائلين (ليسوا سواءّ من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله اناء الليل وهم يسجدون * يؤمنون بالله واليوم الاخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك هم الصالحين) ال عمران 113و114، (وان من أهل الكتاب لمن يؤمن بآيات الله وما انزل اليكم وما انزل اليهم خاشعين لا يشترون بايات الله ثمنا قليلا اولئك لهم اجرهم عند ربهم والله سريع الحساب) ال عمران 199، (قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والانجيل وما انزل اليكم من ربكم وليزيدن كثيرا منهم ما انزل اليك من ربك طغيانا وكفرا فلا تأس على القوم الكافرين * ان الذين امنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الاخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) المائدة 68و69، انتبهوا ان الاسلام يدعو بل يؤكد على أصحاب الكتاب بأن يقيموا (اي يلتزموا) بما جاء بالانجيل والتوراة، اللذان انزلهما ربنا لهم، ولا يدعوهم كما يحاولوا تضليل عباد الله الى تنكر ما جاء فيهما، ولكنه يؤكد تحريف ما أنزل الله، ورسول الله بين اسس تعامل المسلمين مع اهل الكتاب وبين اسس تعامل الدولة مع مواطنيها بغض النظر عن عقيدتهم الدينية، وما صحيفة المدينة ووثيقة نصارى نجران الا تعبيرا عن نظام دولة العرب الاسلامية في التعامل مع مواطنيها.

5. الاسلام يأمر بالحوار: (أدع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ان ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين)النحل الأية125. (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم إلا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أربابا من دون الله).
6. أكد الاسلام على الخلق وحسن التعامل: لقد أكد الاسلام على الخلق، واجتبى الله سبحانه وتعالى محمدا صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ليكون نموذجا للبشرية في ذلك، فقد وصفه ربه بقوله: (وانك لعلى خلق عظيم)، وسؤلت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها كيف كان خلق الرسول في بيته فقالت: (كان خلقه القرآن)، وقول رسول الله (انما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)، لم يذكر أن رسول الله غضب على أحد أو نهر أحدا أو خادما، ولا يغضب الا بالله والتعدي على حرماته.

7. التأكيد أن الايمان هو العمل: (ليس البر ان تولوا وجوهكم قبل المشرق او المغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الاخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب واقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم اذا عاهدوا والصابرين في الباساء والضراء وحين الباس اولئك الذين صدقوا واؤلئك هم المتقون) البقرة177.

8. أكد أن القصاص في القتل بمثله ونهى عن البغي وحبذ العفو: (يا ايها الذين امنو كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والانثى بالانثى فمن عفى له من اخيه شيء فاتباع بالمعروف واداء اليه باحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب اليم) البقرة178.

9. أمر بافشاء السلام (التحية): جاء الاسلام مؤكدا على قيم السلام ومنهجه فقول الله تعالى واضحا لا يحتاج الى تفسير (يا ايها الذين امنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان انه لكم عدو مبين) البقرة208 و(يا ايها الذين امنوا اذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى اليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا..) النساء94، (واذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها او ردوها ان الله على كل شيء حسيبا) النساء86 والتحية والرد هي عهد بالامن والسلم والطمئنية بين المتحايين (الذين تبادلوا التحية)، وقول رسول الله صلى الله عليه وعلى ال بيته وصحابته وسلم تزيد الامر وضوحا وتربط الايمان بالسلام (لا تؤمنوا حتى تحابوا.... افشوا السلام) افشاء السلام هو العهد بالأمان بين الناس على عدم الغدر والضغينة، هذه مفردة من مفردات الاسلام.

10. الايمان بكل ما جاء من عند الله:، (قل آمنا بالله وما أنزل علينا وما أنزل على ابراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب ووالأسباط وما أوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون) آل عمران الآية84 انظروا بعقولكم فالآية الكريمة تجمع أمرين هامين: هما خلاصة الرسالات، وهما أن المسلم يجب أن يؤمن بكل ما جاء من ربه وبعث به النبيين، والآخر أن الدين واحد، والا كيف يدعوا الله البشر للايمان بمتناقضات؟، (والذين يؤمنون بما انزل عليك وما أنزل من قبلك وبالاخرة هم يوقنون) البقرة4، (آمن الرسول بما أنزل اليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين رسله وقالوا سمعنا واطعنا غفرانك ربنا واليك المصير) البقرة الآية 285، هذا الاسلام ونبيه وقرآنه فمن اين هم يفترون الكذب على المسلمين؟ ويدعون أن هناك صراعا بين الحضارات والأديان، وكلها من عند الله وتدعوا لذات الفضائل ومكارم الأخلاق.

شبكة البصرة

الثلاثاء 5 شوال 1431 / 14 أيلول 2010



بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الاسلام دين الرحمة والفضيلة والمدنية

الجزء 3

شبكة البصرة

عبد الله سعد

1. الاسلام والتعددية : أول من وضع دستورا يضمن التعددية الدينية والفكرية ويحميها،، (أن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا سراط مستقيم) آل عمران الآية 51، فبالاضافة الى الغائه المفاهيم السائدة، بأن لعن الآخر وقتله وعدم الاعتراف به شيء من التمسك بالدين والايمان،واعتبر ذلك يمثل فهما خاطئا للدين، ومخالفا لسنة الله الذي لو شاء لهدى الناس جميعا وجعلهم أمة دينية واحدة، والذي أراد هذه الخلاف والتعدد، ليكون اختبارا للانسان، وامتحانا لعقله وايمانه بما اراده الله، فهو يمثل تغيرا نوعيا في الفهم البشري للدين، ولم يقف عند ذلك، بل ألزم معتنقي الاسلام الايمان بكتب الله وانبيائه التي سبقتهم وتصديقهم، وهذا انتقال نوعي في الفهم البشري للدين، وتحول لفلسفة جديدة، ويدعوا أصحاب الكتاب ممن سبقوه بالتزام ما أنزل لهم من الكتاب: (قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والانجيل وما أنزل اليكم من ربكم) المائدة من الآية 68، هي أن الدين رسالة للسلام والصلاح والتعايش والتسامح، وليس دعوة للتباغض والقتل والصراع، وقد أكد الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام على أن الدين واحد متواصل متكامل بقوله (الانبياء اخوة من علات، وأمهات شتى، ودينهم واحد)، وحرم اعتبار أمة كاملة أو شعب كامل أو اتباع دين بعينه كلهم كافرين أو مجرمين أو أعداء، وأكد على الفصل بين المنحرفين وبين الآخرين: (ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون الكتاب اناء الليل وهم يسجدون*وما يفعلوا من خير فلن يكفروه والله عليم بالمتقين) أل عمران الآيتين 114و115، (وان من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل اليكم وما أنزل اليهم خاشعين لله لا يشترون بايات الله ثمنا قليلا أؤلئك لهم أجرهم عند ربهم ان الله سريع الحساب) آل عمران الآية199، (ومن أهل الكتاب من تأمنه بقنطار يؤده اليك ومنهم من تأمنه بدينار لا يؤده اليك الا ما دمت عليه قائما ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون) آل عمران الآية 75، وهذه دعوة على عدم قياس الناس على الأشرار منهم. وأكد أن الدين اختيار شخصي وقناعة وأن: (لا اكراه في الدين)، (يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب التي نزل على رسوله والكتب التي أنزل من قبل ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا) النساء الآية136، هذا يمثل تغيرا وتوضيحا لقيم التسامح والخير التي تدعوا لها رسالات السماء، وتصحيحا لكل المفاهيم التي كان رجال الدين السابقين يروجوا له ويعتمدوه، ورفضا لمنهج الغاء الآخر وقتله وعدم الاعتراف به، أما رسالة الاسلام الخاتمة فجاءت محررة للبشرية، مقرة للتعددية وراعية لها، وهذه آيات القرآن عديدة في هذا المجال، وأحاديث الرسول الكريم وأفعاله وقوانينه التي سنها وعلم اصحابه اياها كثيرة، (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) الكهف الآية29،(ولكم دينكم ولي دين) الكافرون الآية6، (ولكل جعلنا شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة) المائدة الآية 48. (ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأؤلئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا) النساء الآية 124،(ليس بأمانيكم ولا أمانيّ أهل الكتاب من يعمل سوءاّ يجزى به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا) النساء الآية23، أيضا انهى الاسلام السائد قبله، بأن جزاء الله ورضاه محصورا بفئة أو قوم معينة أو أتباع شريعة دون غيرها من شرائع السماء، فالآية 62من سورة البقرة تنص على (ان الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون)، أي أن الاجر والجزاء لقاء العمل الصالح بعد الايمان بوحدانية الله واليوم الآخر، وفق أي من شرائع السماء،) فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال شرا يره) الزلزلة الآيتين7و8.

2. نهى الاسلام عن الظلم والبغي واعتبره من كبائر الذنوب: فقد وعد الله سبحانه وتعال الظالمين بالعذاب بقوله عز وجل: (واذا رءا الذين ظلموا العذاب فلا يخفف عنهم ولا هم ينظرون) النحل الآية 85، ونهى عن البغي والأيغال في القتل والقصاص، حتى في الحرب ومع العدو (الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم وأتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين) البقرة الآية 194، تصوروا ما يأمر به الخالق جل وعلا يأمر بالعدل حتى في الحرب. (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين) المنافقون الآية8، (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم الوارثين) القصص 5، والحديث القدسي (اني حرمت الظلم على نفسي وعلى عبادي، ألا فلا تظالموا).

3. الاسلام حرم قتل غير المقاتل: الإسلام يحريمٌ العدوان وينهيٌ عنه ويأمر بقتال المعتدي، قال الله تعالى ﴿وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ﴾ البقرة: 190. لقد كان الرسول الكريم صلى الله عليه وعلى آل بيته وصحبه وسلم قد حرم قتل غير المقاتل، ونهى عن الاجهاز على أسير، وكان يوصى أمري السرايا القتالية والمقاتلين بالتزام القتال مع من يقاتلهم، ويتجنبوا الصبية والاطفال والنساء والضرر بمصالح الناس، فحدد خلقا رفيعا لم تعرفه البشرية من قبل، (اغزوا باسم الله، لا تغلوا ولا تغدروا ولا تقتلوا وليدا ولا أمرأة ولا تقتلوا شيخا كبيرا او كاهنا في صومعة ولا تحرقوا نخلا ولا تقطعوا شجرا ولا تهدوا بناءّ)، والخلفاء الراشدين من بعده، وما وصية تلميذه وصاحبه وخليفته ابي بكر الصديق رضي الله عنه لجيوش الفتح والتحرير العربي الاسلامي المتوجه للعراق والشام الا تجسيد لما تعلموه وتلقوه من معلمهم وقائدهم فآمنوا به ونفذوه أؤلئك السابقون السابقون، فقد أوصى جيش فتح الشام: (لا تقتلوا امرأة، ولا صبيا، ولا كبيرا هرما، ولا تقطعوا شجرا مثمرا ولا تخربوا عامرا (أي بناءا وحضارة ومصنعا و زرعا واي عمران)، ولا تعقروا شاة ولا بعيرا الا لمأكله، ولا تحرقوا نخلا، ولا تفرقوه، ولا تغلل، ولا تجبن)، هذا يوضح للناس أخلاق الفرسان المؤمنين جند الاسلام أبناء العروبة، وقوانين الحرب التي وضعها الاسلام، فهل ارتقى العالم المدعي للتحضر والمدنية لهذا السمو والرقي الأخلاقي والحضاري؟ الذي به انتشر الاسلام وانتصر؟ وأيضا يوصي خليفة رسول الله الصديق قائد جند الشام بالرهبان والقساوسة الذين سيلقاهم كون منطقة الشام فيها انتشار للديانة النصرانية فيقول له: (انك ستجد قوما زعموا أنهم حبسوا أنفسهم لله، فذرهم وما زعموا أنهم حبسوا أنفسهم له)، هذا قانون الحرب والقتال في الاسلام، لا أدري كيف يجرؤا الغرب الكافر وقادته الفاجرين على الكذب على الله، فيصفوا الاسلام بالارهاب، والآيات واحاديث الرسول الكريم في النهي عن العدوان لا تحصى، يقول الله عز وجل في حديث قدسي: (يا عبادي إنّي حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا) و(الظلم ظلمات يوم القيامة). وما يقوم به اشرار الكون من ظلم وعدوان على عباد الله وخلقه يدلل على منهجهم العدواني المنحرف.

4. الامانة احدى مباديء الاسلام: (انا عرضنا الامانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الانسان انه كان ظلوما جهولا) الاحزاب، (وان كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة فان أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي أؤتمن أمانته وليتق ربه ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فانه آثم قلبه والله بما تعملون عليم) البقرة 283،و(ان الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات الى أهلها واذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل) النساء 58، (يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا اماناتكم وأنتم تعلمون) الأنفال28، (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) المؤمنون8.

5. تحريم قتل النفس الا بالحق: شدد القرآن دستور المسلمين ومرجعهم التشريعي الاول على تحريم قتل النفس المعصومة بغير حق، فقد جاء قول الله تعالى ﴿وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل انه كان منصورا﴾[الإسراء:33]،(من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الارض فكانما قتل الناس جميعا ومن احياها فكأنما احيا الناس جميعا..) المائدة من الاية 32، وجاء في هذا المعنى آيات كثيرة. وعن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: (لا يحلّ دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث، الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة). عدم قتلهم للنفس بغير حق، قـال جـلّ وعلا: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا(69)﴾[الفرقان:68-69]. (وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا الا خطئا ومن قتل مؤمنا خطئا فتجرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة الى أهله الا أن يصدقوا...) سورة النساء الآية 91 وقد ثبت أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم)، حتى عندما يقاتل المسلمون الكافرين حرم عليهم قتل الصبي الصغير والمرأة والشيخ الفاني ومن اعتزل القتال (أي غير المحارب)، وحدد لهم ان يقاتلوا من يقاتلهم، اي الجند المسلحون، فهذا قول الله ﴿قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُم ولا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين﴾، وأكد القرآن على تحريم وتجريم قتل اي انسان مسالم ففي الآية 93من سورة النساء يحذر المسلمين بقول الله: (يا ايها الذين آمنوا اذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى اليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة..) فالمسالم لا يقتل والصبي لا يقتل والمرآة لا تقتل إلا إذا قاتلت والشيخ الفاني لا يُقتل. وجاءنا أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال للمتوجهين إلى الغزو (الحرب): (انطلقوا بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله، ولا تقتلوا شيخا فانيا ولا طفلا ولا صغيرا ولا امرأة)، وان مخالفة القرآن وأمر النبي بقول أو فعل أو اقرار يعني الكفر والخروج عن الاسلام، فوصايا الرسول للجيوش هي أوامر وقوانين واجبة التنفيذ، وليست للاعلام والدعاية لتحسين صورة الاسلام، فانظر هذه التوجيهات والثقافة الانسانية العظيمة التي يمنع فيها دين الاسلام ورسوله المقاتلين من قتل الطفل والصبي والمرأة والشيخ الكبير، وقارن بين ما يروجون وما يفعلون اؤلئك المتشدقين بالتحضر والديمقراطية امريكان وانكليز ومن حالفهم، واحكم من خلال ذلك على من حالفهم وتعاون معهم ووالاهم، من الذين يدعون أنهم مسلمون باللسان والوثائق، واحكم من هم اللذين يحترموا انسانية البشر ويفهموا الانسانية، ويعملوالها وبها هل الاوربيون ام المسلمون، ومن هم الكاذبون والارهابيون والباغون؟ وكم من مسلم قُتل في هذه الجريمة يا من حالفتم الاحتلال ممن تدعون الاسلام؟

6. تحريم المجاهرة بالسوء: (لا يحب الله الجهر بالسوء من القول الا من ظلم وكان الله سميعا عليما) النساء 148.

شبكة البصرة

الخميس 7 شوال 1431 / 16 أيلول 2010

يتبع ..