الجزء الأول
[COLOR="DarkRed"]حادثة في طريق دمشق : [/
COLOR]
بسم الله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد
ولم يكن له كفؤا أحد ؛ الرحمن الرحيم ؛ خالق الإنسان من عدم فاوجده من طين فاحياه فرزقه ثم هداه السبيل فارسل له الأنبياء والمرسلين بدين الحق فآمن من أمن عن بيّنه وكفر من كفر وحسابه عند الله ، والحمد لله حمداً كثيراً وصلى الله على البشير النذير عبده ورسوله وخاتم أنبيائه محمد بن عبدالله بكرة وأصيلاً .
يقول الحق تبارك وتعالى : « يا أيُّها الَّذٍينَ آمَنُوا كُونُوا قوَّاميِنَ للهِ شُهَدَاء بِالقِسْطِ ولا يَجْرِمنَّكُم شَنئانُ قوْمٍ على ألّا تَعْدِلوا اعدِلُوا هُوَ أقربُ لِلتّقْوى » ، فرحم الله من قرأ قولي هذا وبحث في أدلتي ثم أهداني عيوبي وأخطائي .
جاء - دعوة أبيه إبراهيم وبشرى أخيه عيسى – محمد ؛ عليهم جميعا الصلاة والسلام وعلى سائر الأنبياء والمرسلين ؛ جاء بالقرآن الكريم الذي أوحى به اليه لتصويب الإنحراف الذي تم في المسيحية بتأليه السيد المسيح وفرض عقيدة التثليث ، فقال الله عز في علاه وتقدس اسماه « لقد كفر الذين قالوا أن الله هو المسيح ابن مريم » ( 7 / المائدة ) ، وقال الواحد الأحد الفرد الصمد « لقد كفر الذين قالوا أن الله ثالث ثلاثة » ( 73 / المائدة ) ثم قال تبارك وتعالى « فامنوا بالله ورسوله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم » (171/ النساء ) ولذلك أيضا أُنزلت سورة الإخلاص لتحدد معنى التوحيد بالله الذي ليس كمثله شئ ولتنفي عنه بدعة الإنجاب : « قل هو الله احد ، الله الصمد ، لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفوا احد ».


مدخل :

منذ أن بزغ فجر الإنسان على الأرض وعقيدة التوحيد تلازمه ، فأرسل خالقه سبحانه وتعالى أنبياءً ورسلاً ليبثوا آياته بين خلقه أجمعين غير أنهم اجتهدوا فيما ليس لهم فيه رأي أو فكر فانحرفوا عن الصراط المستقيم بهوى نفس أو ضلال تفكير ، ومن خلال وجدانهم أوجدوا لأنفسهم عقائد وطقوس وشعائر ظناً أنها تقربهم إلى المعبود زلفى ولا معبود إلا سواه ؛ هو صاحب الأمر والنهي ، أمره بين الكاف والنون ، وبمرور السنين وببعثة خاتم الأنبياء والمرسلين ظن العقلاء أن باب الإجتهاد في العقيدة والإيمان قد اغلق وبالحصول على العلم النافع أثبت العلماء صدق دعوى ورسالة المبعوث رحمة للعالمين عليه الصلاة والسلام ، وما يثير التساؤل حقاً ولا يأتي جواب ساكت عنه : حالة الفوضي العقائدية عند الكثيرين خاصة بعد الإثبات بالإعجاز العلمي والدليل العقلي على صحة عقيدة الإسلام أي التسليم بوجود خالق رازق محي مميت واجب الوجود وبصفاته العلى المثبته وباسمائه الحسنى الدالة عليه والمرشدة عنه فلا يقترب منه مثيل - ولا يقدر - ولا يشابهه قادر فالقدرة المطلقة والمشيئة الفاعلة له وحده وله وحده سبحانه وتعالى حق التشريع والتكليف ، لا يقترب منهما - العقائد والتشريع أو التكليف ـ أنس ولا جان ولا نبي ولا رسول أو أي إنسان فالأمر له سبحانه وتعالى ، فعرف الإنسان حده وتوقف عند قدره ووعد المنعم العاطي لمن التزم هدي الطريق المستقيم بجزاء الجنة والنعيم الخالد في الفردوس الأعلى ، ولقد ادى الرسالة على خير أداء المصطفى الهادي عليه السلام للعالمين وجاء من بعده صحابته الغر الميامين فلحقهم رعيل التابعين فأتى مِن بعدهم رجال العلم والدين فأدّوا بهدي النبي الخاتم عليه الصلاة والسلام دورهم المطلوب وانتشر العلم ، بضاعتهم في سوقه قوة الدليل وزادهم في الطريق الحجة الدامغة لمن عاند أو وقف حائر بلا دليل ، وشرابهم الطهور البيان المعجز... ومع كل هذا أبت طائفة إلا نفوراً وكفرت آخرى وزدادت جحوداً وثالثة أشركت فأبعدت نفسها عن رحمته في دار البلاء ونالت غضبه في دار الجزاء ، و " لقد تعرضت الكنيسة في الغرب ، بعد ثورة الإصلاح وانقسامها ، الي معركتين أساسيتين هما : معركة عصر التنوير ، ومعركة الأصولية والحداثة في مطلع القرن العشرين "(1) وتحسب البعض منا أن دخول الإنسان الألفية الثالثة بما تحمل من عظيم علوم وعلو شأن تكنولوجية ونصيب وافر من المخترعات الحديثة وما حصلت عليه من تجارب وخبرات تراكمية عبر السنين والأعوام ؛ ظن البعض منا أن هذا يكفي للعودة إلى الركن الركين والعماد المتين في حياة الإنسان وهو توحيد الإله وتخصيصه وحده بالعبادة فخاب الظن وسقط التحسب بل وجدنا قوما مازالوا على ما كان عليه آبائهم الأولين وإن قام العلماء الأجلاء في هذا الفن من العلوم - مقارنـ(ـبـ)ـة الأديان إذ هذا الفن صناعة إسلامية سماؤه المحملة بالمزن "القرآن الكريم" وفرشه سنَّة المصطفى الهادي وبيئته عقول علماء فهموا القرآن فابدعوا وأظْهروا كوامنه وساروا على خطى الحبيب الهادي فشرقَّ علمهم وغرب – قام علماء الإسلام على مر الأزمان والدهور والعقود بتبيان فاسد العقيدة من صحيح الإيمان ، وحسبتُ أن الكنيسة - الشرقية والغربية (2) تفيق من سكرتها وتعود لرشدها وتخلع عنها ثياب التقليد البالي وتنفض عن كاهلها غبار الكنيسة الأولى لتنظر الحقيقة ؛ وهم يدعون أنهم يبحثون عنها ، فما قدمه العلماء - على مرور الأيام ـ في كافة التخصصات يجرح عقائدها وينسف ثوابت الإيمان لديها ، بدايةً بما قاله قديسهم صاحب أعراص الصرع أو تخبط كُتَّاب الأناجيل في العهد الجديد في بشارتهم والثابتة الآن عندهم وصولا لقسطنطين الوثنية قيصر الامبراطورية الرومانية ومجمعه الإنتقائي ، ودور المجامع المسكونية أو المحلية في تطور العقيدة المسيحية وتناقض أقوال كبار آباء الكنيسة وقام رجال العلم الشرعي ؛ أمثال الشيخ العلامة رحمت الله بن خليل الرحمن الكيرانوي العثماني ورجال كهنوت بتحديد أخطاء الكتاب المقدس بعهديه عند مقارنة الفقرات بعضها ببعض وتوالت الأحداث فظهر ما ظهر على الكف مِن تعارض النقلي عندهم بالعقلي والمورث عن آبائهم بالعلمي فتراجعت الكنيسة الرسمية عن أقوال ونصوص كانت عندهم مقدسة فحدث تعديل في التراجم فكان حريّاً بعقلاء الكنيسة إعادة الأمور إلى نصابها بيَّد أن سليم الفطرة فيهم وصحيح العقل لديهم نجا بنفسه من الهلاك وابتعد عنهم بعد أن ابدى لهم النصيحة واتم الإرشاد وبيَّن حين تركهم إلى أين سفينته رست وسمى لهم بر النجاة وشاطئ الإيمان واهداهم شراع سفينة الهداية ، غير أنه - بعد كل هذا - خاب ظني إذ بمراجعتي لما صدر منهم اثناء توثيق دراستي هذه وجدت القوم مازلوا غفلى فقال موريس بوكاى عن حق : " إن أغلب المسيحيين لا يعرفون أن المسيحية قد تم تحريفها عبر المجامع على مر العصور ، كما أنهم لا يعرفون إن الأناجيل التى بين أيديهم لم يكتبها أولئك الذين هى معروفة باسمائهم "(3) وهذا مثال على غفلتهم كما جاءت في رسالة البطريرك حين بدأها بقوله :
" إلى السّادة المطارنة ، أعضاء المجمع المقدَّس الموقّرين وسائر أبنائنا وبناتنا بالمسيح يسوع ، إكليروساً وشعباً المدعوّين قدّيسين ، مع جميع الذين يدعون باسم ربِّنا يسوع المسيح ، ربِّهم وربِّنا نعمةٌ لكم وسلامٌ من الله أبينا ، والرَّبِّ يسوع المسيح (اكور: 1-3) " (4) ، قال البطريرك غريغورس في رسالته « بولس معلِّم الحياة في المسيح : لقد اخترنا لتأمُّلِنا في هذه الرِّسالة هذه العبارة " الحياة لي هي المسيح " لأنّها تُعبِّر عن لُبِّ رسالة بولس ، وهي المحور الذي تدور حوله تعاليم بولس ، لا بل هي الهدف الحقيقيُّ لحياةِ بولس ، وحياةِ كلِّ إنسانٍ مؤمنٍ بيسوعَ المسيح » ....
أوردتُ هذه الرسالة كنموذج لخطاب الكنيسة لرعاياها فحتى هذه اللحظة ومع المحاولات الصادقة لحوار بناء حضاري موضوعي مبني على العقل والإدراك ووفق النص القرآني الكريم وجدال بالتي هي أحسن ، مازال خطاب الكنيسة لم يتغير بعد ، وقد تم " اتفاق حول طبيعة المسيح أو شخصه القدوس " وحسم هذا الخلاف يوم 22 فبراير 1988 ب. م. بين البابا يوحنا بولس الثانى (الفاتيكان) والبابا شنودة (مصر) ، عن طريق لجنة الحوار المشتركة بين الكنيستين ، ونص الإتفاق يقول :" نؤمن أن ربنا ومخلصنا يسوع المسيح الكلمة المتجدد هو كامل في ناسوته ، وجعل ناسوته واحدا مع لاهوته بغير اختلاط ولا إمتزاج ولا تغيير ولا تشويش وفى نفس الوقت نحرّم كلا من تعاليم نستور و أوطيخي " ، والجملة الأولى في هذا النص اللاهوتي بين الكنيستين " نؤمن أن ربنا ومخلصنا يسوع المسيح " وما يكرر كثيراً من أن " المسيح هو الله " أو " المسيح الإله " أو " الله الثالوث المقدس " أو " المسيحية هي الإيمان بالمسيح الإله" ، أو " الله المتجسد في المسيح " كل هذه العبارات وكثيرغيرها لا تتفق وما تحاول الكنيسة نفيه من شرك بالله أو من نفى للتعددية فى المسيحية.. وهي نقطة جوهرية أو هي النقطة الجوهرية الأساسية في الخلاف بين الإسلام والمسيحية . وهذه كلها مِن بنات أفكار بولس .


بهذه المقدمة ؛ أكمل بحثي عن آحدى الشخصيات المحورية في الديانة المسيحية ، فكاتب هذه السطور ما زال في هذا الجزء منه يتحدث عن شخصية محورية أساسية وهو القديس بولس ؛ رسول الأمميين .


اسمح لنفسي باستعارة كلمة الأستاذ الباحث العثماني(5) حين يقول : « تحقيقنا هذا مؤسس على كثير من الدلائل والشواهد » ثم يحدد فضيلته أن ما قام به : " دراسة أمدتها الأمانة الكاملة والإخلاص الصادق" (6) كما اسمح لنفسي باستعارة كلمة الحبر الكاثوليكي إذ قال « كان العمل شاقّاً في السِّينودس (7) لدراسة الوثائق » نعم فدراسة الوثائق وخاصة الكتاب المقدس شاغلي الآن مقارنة أو تقريباً بالنص الثابت المحفوظ : القرآن الكريم وصحيح السنة المحمديَّة ... والله المستعان على ما تصفون والحمد لله على نعمة العقل والإدراك ثم الحمد لله على نعمة الإسلام والإيمان .

لقد اصاب عين الحقيقة مايكل هارت مؤلف كتاب " الخالدون المائة " حين جعل بولس أحد أهم رجال التاريخ أثراً ، إذ وضعه في المرتبة السادسة فيما وضع المسيح في المرتبة الثالثة ، ثم علق على ذلك بقوله " المسيحية لم يؤسسها شخص واحد ، وإنما أقامها اثنان : المسيح والقديس بولس ، ولذلك يجب أن يتقاسم شرف إنشائها هذان الرجلان . فالمسيح قد أرسى المبادئ الأخلاقية للمسيحية ، وكذلك نظراتها الروحية وكل ما يتعلق بالسلوك الإنساني . وأما مبادئ اللاهوت فهي من صنع القديس بولس " ، ويقول هارت :" المسيح لم يبشر بشيء من هذا الذي قاله بولس الذي يعتبر المسئول الأول عن تأليه المسيح " . وقد خلت قائمة مايكل هارت من تلاميذ المسيح الذين غلبتهم دعوة بولس مؤسس المسيحية الحقيقي ، بينما كان الامبرطور قسطنطين صاحب مجمع نيقية الذي تبنى رسمياً القول بألوهية المسيح (325ب. م.) في المرتبة الثامنة والعشرين ..... وهذا هو عينه ما ذهب إليه كاتب هذه السطور من أهمية دور كل من بولس و قسطنطين وعنونتُ بحثي :" الشخصيات المحورية - وهذا الجزء الأول منه - أما لثاني فيتعلق بأمهات المسائل في الديانة المسيحية " .

نكمل باسم الله الواحد الأحد الحديث عن حادثة في طريق دمشق .. وفق المصادر المتاحة لنا ويمكننا أن نحدد

زمن حدوثها :

فيقول غبطة البطريرك غريغوريوس الثالث بطريرك أنطاكية وسائر المشرق والإسكندريّة وأورشليم للرّوم الملكييّن الكاثوليك :" بولس اعتمد عن يد حنانيا عام 36 ميلاديّة " ، والكنيسة الأرثوذكية تحت عنوان " تحول مهم " كتبت تحت عنوان فرعي :" بولس رسول الأمم العظيم " تقول أخذ شاول الرسالة إلى دمشق ليسوق المؤمنين فيه ، وعلى طريق دمشق ظهر له الرب يسوع (هذه هي روايات الأناجيل التي اعتمدت بعد ذلك وتم تحقيق لهذه الأناجيل وشك في نسبتها إلى كاتبيها لم يرتفع إلى درجة اليقين حتى الآن ، بل أن غبطة البطريرك غريغوريوس تحدث في عظته عام 2008 عن عدم وجود أناجيل زمن بولس ولذا كتب رسائله بقناعاته وآرائه ومفاهيمه عن الإله ) ، وتكمل الكنيسة الأرثوذكية القول :" وآمن شاول بيسوع الله المتجسد ( السرد التاريخي لتطور المسيحية ونشأتها يظهر خلاف ما تقوله الكنيسة ) . وطلب منه أن يذهب إلى التلميذ حنانيا في دمشق. وبعد هذه المقدمة (8) حددت الكنيسة الأرثوذكية التاريخ بــ 36 - 37 ب. م. ". ويميل د. شلبي إلى أنها حدثت في العام 38 ب. م. إذ يقول: « وفي الطريق من أورشليم إلى دمشق ، وكان ذلك حوالي سنة 38 ب. م. » (9).
ولتعذر تحديد عام حدوثها نتوقف عند هذا القدر من البحث والدراسة ، ولعل في مقبل الأيام يجد السادة أهل الإختصاص والبحث ما يزيل هذا الغموض .

قبل الشروع في دراسة الرواية أود ذكر « قول الكنيسة اليوم عن قديسهم شاول / بولس »
غبطة الحبر غريغوريوس الثالث يقول في رسالته/ عظته :" يسوع وشاول على أبواب دمشق وهكذا كان الميعاد الذي لم يكن ميعاداً!. ... إنَّها الصَّاعقة على أبواب دمشق : نورٌ من السَّماء يغمر شاول بضيائه . ويَسقُطُ الجبَّار على الأرض ، ويَبدأ أوّلُ حِوارٍ بين " العاشِقَين " . ويسمع شاول صوتاً مجهولاً يقول له : "شاول! شاول! لماذا تضَّطهِدُني؟ " ويقول شاول : " من أنتَ يا سيّدي ؟ " ويُجيبُ الصّوت ، يسمع ولا يرى المتكلّم : " أنا يسوع الذي أنت تضَّطهدُهُ " . إنَّه أوّل أنا ، وأوّل أنتَ بين يسوع وشاول وكم سيتردّد هذا الحوار بين يسوع وشاول - بولس! " (10) .

أقول : هكذا غبطة البطريرك وبتعبيرك يسقط " الجبار " وهذا صحيح ، وبلفظك الذي اختارته تقول : " ويبدأ حوار بين « عاشقين » ". أهذا ؛ غبطة البطريرك قفزة على الأحداث أم قفز على الحقيقة !؟ ، عن أي « عاشقين » يتحدث فضيلتكم ، نقبل ـ بل ونغض الطرف ـ أن رسالة المسيح رسالة محبة (11) مع وجود الأدلة الكافية من كتابكم المقدس والتي تجهض بل تنسف هذا الإدعاء من أسسه بل يسوعكم المسيح الناصري (!) جاء ليفرق بين المرء وزوجه وبين المرء وأمه ويطلب من المرء أن يبغض أسرته وأهله وهذا الدليل من كتابكم المقدس العهد الجديد .

غبطة البطريرك استسمحكم أن نفتح إنجيل لوقا(12) معاً : الأصحاح الرابع عشر ، الفقرة 26 إذ تقول :"26 إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَيَّ وَلاَ يُبْغِضُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَامْرَأَتَهُ وَأَوْلاَدَهُ وَإِخْوَتَهُ وَأَخَوَاتِهِ، حَتَّى نَفْسَهُ أَيْضًا، فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذًا" هذا النص المذكور والثابت حتى كتابه هذه السطور يتعلق بالأسرة أما ما يتعلق بالبشرية ، فاستسمح غبطتكم أن نفتح معا إنجيل متى الأصحاح العاشر الفقرة 34 :" لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لألقي سَلاماً عَلَى الأَرْضِ. مَا جِئْتُ لألقي سَلاَماً، بَلْ سَيْفاً.فَإِنِّي جِئْتُ لأَجْعَلَ الإِنْسَانَ عَلَى خِلاَفٍ مَعَ أَبِيهِ، وَالْبِنْتَ مَعَ أُمِّهَا، وَالْكَنَّةَ مَعَ حَمَاتِهَا " .
فعن أي حالة عشق يتحدث فضيلتكم ، هذه أقوال ابن الرب كما جاءت في العهد الجديد ، فإذا أنكرتها فعليك أن تحذفها من كتابك المقدس وبإنها لا تتمشى مع حضارة المحبة فطالب بإلغائها أمام الكرسي الرسولي وأمام أصحاب الفخامة الكرادلة والبطاركة والكهان ، أما إذا أثبتها للأبن فكنيستكم الموقرة في مأزق فهذه الجملة لا يقولها نبي مرسل ولا رسول ملهم ولا فيلسوف عاقل ولا إنسان عادي ، فإذا أثبتها للأبن فهذا يناسب قول الرب بأن آلهكم الآب آله حرب ، استسمحك غبطة البطريرك – وكن معي صبوراً ؛ كما صبرتُ في بحثي لتخريج الفقرات ومراجعتها ، استسمحك غبطتكم أن نفتح معاً الكتاب المقدس ؛ العهد العتيق ، سفر الخروج ، الأصحاح الخامس عشر ، الفقرة 3 : فهي تقول بصريح العبارة :" الرَّبُّ رَجُلُ الْحَرْبِ. الرَّبُّ اسْمُهُ." . بل تتكرر عبارة (الرب إله الجنود) ، وعبارة ( رب الجنود) ، فما معنى تكرار هذه العبارات والأوصاف لوصف إله الكتاب المقدس .
دعنا نطالع معاً سفر صموئيل الأول 1: 3 وَكَانَ هذَا الرَّجُلُ يَصْعَدُ مِنْ مَدِينَتِهِ مِنْ سَنَةٍ إِلَى سَنَةٍ لِيَسْجُدَ وَيَذْبَحَ لِرَبِّ الْجُنُودِ فِي شِيلُوهَ. وَكَانَ هُنَاكَ ابْنَا عَالِي: حُفْنِي وَفِينَحَاسُ، كَاهِنَا الرَّبِّ.
ونقرأ في سفر صموئيل الأول 1: 11 وَنَذَرَتْ نَذْرًا وَقَالَتْ: «يَا رَبَّ الْجُنُودِ، إِنْ نَظَرْتَ نَظَرًا إِلَى مَذَلَّةِ أَمَتِكَ، وَذَكَرْتَنِي وَلَمْ تَنْسَ أَمَتَكَ بَلْ أَعْطَيْتَ أَمَتَكَ زَرْعَ بَشَرٍ، فَإِنِّي أُعْطِيهِ لِلرَّبِّ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِهِ، وَلاَ يَعْلُو رَأْسَهُ مُوسَى».
ونرى في سفر صموئيل الأول 4: 4 فَأَرْسَلَ الشَّعْبُ إِلَى شِيلُوهَ وَحَمَلُوا مِنْ هُنَاكَ تَابُوتَ عَهْدِ رَبِّ الْجُنُودِ الْجَالِسِ عَلَى الْكَرُوبِيمِ. وَكَانَ هُنَاكَ ابْنَا عَالِي حُفْنِي وَفِينَحَاسُ مَعَ تَابُوتِ عَهْدِ اللهِ.
ونجد في سفر صموئيل الأول 15: 2 هكَذَا يَقُولُ رَبُّ الْجُنُودِ: إِنِّي قَدِ افْتَقَدْتُ مَا عَمِلَ عَمَالِيقُ بِإِسْرَائِيلَ حِينَ وَقَفَ لَهُ فِي الطَّرِيقِ عِنْدَ صُعُودِهِ مِنْ مِصْرَ.
أما في سفر صموئيل الأول 17:: 45 فَقَالَ دَاوُدُ لِلْفِلِسْطِينِيِّ: «أَنْتَ تَأْتِي إِلَيَّ بِسَيْفٍ وَبِرُمْحٍ وَبِتُرْسٍ، وَأَنَا آتِي إِلَيْكَ بِاسْمِ رَبِّ الْجُنُودِ إِلهِ صُفُوفِ إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ عَيَّرْتَهُمْ.
ونقرأ في سفر صموئيل الثاني 5: 10 وَكَانَ دَاوُدُ يَتَزَايَدُ مُتَعَظِّمًا، وَالرَّبُّ إِلهُ الْجُنُودِ مَعَهُ.
ونرى في سفر صموئيل الثاني 6: 2 وقد :" قَامَ دَاوُدُ وَذَهَبَ هُوَ وَجَمِيعُ الشَّعْبِ الَّذِي مَعَهُ مِنْ بَعَلَةِ يَهُوذَا، لِيُصْعِدُوا مِنْ هُنَاكَ تَابُوتَ اللهِ، الَّذِي يُدْعَى عَلَيْهِ بِالاسْمِ، اسْمِ رَبِّ الْجُنُودِ، الْجَالِسِ عَلَى الْكَرُوبِيمِ.
وفي سفر صموئيل الثاني 6: 18 وَلَمَّا انْتَهَى دَاوُدُ مِنْ إِصْعَادِ الْمُحْرَقَاتِ وَذَبَائِحِ السَّلاَمَةِ بَارَكَ الشَّعْبَ بِاسْمِ رَبِّ الْجُنُودِ.
وفي سفر صموئيل الثاني 7: 8 وَالآنَ فَهكَذَا تَقُولُ لِعَبْدِي دَاوُدَ: هكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ: أَنَا أَخَذْتُكَ مِنَ الْمَرْبَضِ مِنْ وَرَاءِ الْغَنَمِ لِتَكُونَ رَئِيسًا عَلَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ.
وأيضاً في سفر صموئيل الثاني 7: 26 وَلِيَتَعَظَّمِ اسْمُكَ إِلَى الأَبَدِ، فَيُقَالَ: رَبُّ الْجُنُودِ إِلهٌ عَلَى إِسْرَائِيلَ. وَلْيَكُنْ بَيْتُ عَبْدِكَ دَاوُدَ ثَابِتًا أَمَامَكَ.
ونسمع في سفر صموئيل الثاني 7: 27 لأَنَّكَ أَنْتَ يَا رَبَّ الْجُنُودِ إِلهَ إِسْرَائِيلَ قَدْ أَعْلَنْتَ لِعَبْدِكَ قَائِلاً: إِنِّي أَبْنِي لَكَ بَيْتًا، لِذلِكَ وَجَدَ عَبْدُكَ فِي قَلْبِهِ أَنْ يُصَلِّيَ لَكَ هذِهِ الصَّلاَةَ.
كما ونسمع في سفر الملوك الأول 18: 15 فَقَالَ إِيلِيَّا: «حَيٌّ هُوَ رَبُّ الْجُنُودِ الَّذِي أَنَا وَاقِفٌ أَمَامَهُ، إِنِّي الْيَوْمَ أَتَرَاءَى لَهُ». ونسمع في سفر الملوك الأول 19: 10 فَقَالَ: «قَدْ غِرْتُ غَيْرَةً لِلرَّبِّ إِلهِ الْجُنُودِ، لأَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ تَرَكُوا عَهْدَكَ، وَنَقَضُوا مَذَابِحَكَ، وَقَتَلُوا أَنْبِيَاءَكَ بِالسَّيْفِ، فَبَقِيتُ أَنَا وَحْدِي، وَهُمْ يَطْلُبُونَ نَفْسِي لِيَأْخُذُوهَا».
ونسمع أيضاً في سفر الملوك الأول 19:: 14 فَقَالَ: «غِرْتُ غَيْرَةً لِلرَّبِّ إِلهِ الْجُنُودِ، لأَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ تَرَكُوا عَهْدَكَ، وَنَقَضُوا مَذَابِحَكَ، وَقَتَلُوا أَنْبِيَاءَكَ بِالسَّيْفِ، فَبَقِيتُ أَنَا وَحْدِي، وَهُمْ يَطْلُبُونَ نَفْسِي لِيَأْخُذُوهَا».
ونقرأ في سفر الملوك الثاني 3: 14 فَقَالَ أَلِيشَعُ: «حَيٌّ هُوَ رَبُّ الْجُنُودِ الَّذِي أَنَا وَاقِفٌ أَمَامَهُ، إِنَّهُ لَوْلاَ أَنِّي رَافِعٌ وَجْهَ يَهُوشَافَاطَ مَلِكِ يَهُوذَا، لَمَا كُنْتُ أَنْظُرُ إِلَيْكَ وَلاَ أَرَاكَ.
ما سمعناه معا وقرأناه سوياً مسطر في الكتاب المقدس ؛ العهد العتيق حتى كتابه هذه السطور ، فإذا قال قائل منكم :" هذا كتاب يهود " .
قلتُ :" فلما وضعتموه في إنجليكم المقدس " .
وإذا قلتم :" نعم هذا هو الإنجيل المقدس " .
قلتُ لكم إذاً :" هذا الشبل ( ابن ألهكم ) من ذاك الأسد (الآب)!! " .
فلا موضع لديكم غبطة البطريرك للحديث عن دين المحبة ودرجات الحب التي تصل إلى العشق ، فشاول تربى على هذه القناعات والمبادئ والمفاهيم وفعل ما فعل بالنصارى الأوَّل لأن كتابه يسمح له بذلك فهذا هو أله بولس .

غبطة البطريرك اسمع لألهٍ يريد أن يدمر أرض مصر غير أنه يحتاج مساعدة من الشعب إذ يقول الكتاب المقدس ، العهد العتيق علي لسان الرب لليهود :" ضعوا علامة علي كل بيت لأني سامشي بالليل وادمر ارض مصر" . ( بعناية آلاهية يقوم يهود السلف والخلف بتدمير أرض مصر ، فهذا نص مقدس عند يهود ، وبالتالي كذلك هو نص مقدس عند غبطتكم ، أم حدث نسخ ورفع للحكم !!)
ويحق لنا أن نتساءل:" لماذا تضع يهود علامة على بيوت المصريين فقط !!".
فتأتي الإجابة من أله العشق البولسي :" فاري العلامة علي بيوتكم فاعبرها" .

الكتاب المقدس ؛ العهد العتيق يقول في سفر التثنية 13: 15 فَضَرْبًا تَضْرِبُ سُكَّانَ تِلْكَ الْمَدِينَةِ بِحَدِّ السَّيْفِ، وَتُحَرِّمُهَا بِكُلِّ مَا فِيهَا مَعَ بَهَائِمِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ." وغبطتكم وشعبكم الكريم والكرسي الرسولي ؛ نائب الآله على الأرض تؤمنون بالكتاب المقدس بعهديه العتيق والجديد ، وتوجد أمثلة آخرى كـــكيفية معاملة الأسرى في الكتاب المقدس: سفر صموئيل الأول 32-35 و سفر صموئيل الأول إصحاح 15.

عن أي حالة عشق جرى الحديث عنه وسفر أخبار الأيام الثاني 15: 13 يقول :" حَتَّى إِنَّ كُلَّ مَنْ لاَ يَطْلُبُ الرَّبَّ إِلهَ إِسْرَائِيلَ يُقْتَلُ مِنَ الصَّغِيرِ إِلَى الْكَبِيرِ، مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ. " هذه هي التربية الروحية والنفسية التي تربى عليها يسوعكم الناصري " الفادي " ورسوله بولس القديس .

نكمل القصة ؛ يقول العاشق الأول :" إنجيل لوقا 19: : 27 أَمَّا أَعْدَائِي، أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِيدُوا أَنْ أَمْلِكَ عَلَيْهِمْ، فَأْتُوا بِهِمْ إِلَى هُنَا وَاذْبَحُوهُمْ قُدَّامِي». وأتساءل :" ألم يكن منذ ثوان بولس أحد الأعداء لأتباع المسيح وأحد أعداء تعاليمه وهذا ثابت في كتابكم المقدس ، العهد الجديد وتستشهدون بهذه الفقرات ، فماذا فعل المسيح الناصري ، وفق رؤيتكم أنتم غبطة البطريرك حدثت حالة عشق بينهما .
وبالطبع تتناقض الفقرة هذه مع الفقرة التي تقول :" إنجيل متى 5: : 44 وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ" . وبهذا التناقض الصريح الذي يتعسر بل يتعذر الجمع بينهما بأي فقرة منهما تنصح شعب كنيستكم .

غبطة البطريرك المعظم ! عن أي عاشق تتحدث والكتاب المقدس العهد العتيق يقول :" سفر الملوك الثاني 2: 23 ثم صعد من هناك الى بيت ايلو فيما هو صاعد في الطريق اذا بصبيان صغار خرجوا من المدينة وسخروا منه وقالوا له اصعد يا اقرع اصعد يا اقرع ، التفت الى ورائه ونظر اليهم ولعنهم باسم الرب فخرجت دبتان من الوعر وافترست منهم اثنين واربعين ولدا" .
غبطة البطريرك أريد أن اتلمس معكم طريقاً لنبدأ حواراً مبني كما تفضلتكم في بداية عظتكم/ رسالتكم بدراسة الوثائق وتنقيتها فيسوع الناصري جاء ليكمل شريعة موسى ، والعهد العتيق بمراجعته على عجالة خرجت بيدي هذه النصوص ويوجد غيرها فماذا نفعل بها ؛
أتؤمن فضيلتكم بهذه النصوص!؟ ،
أتعظ الشعب بها وتقرأها على اسماعهم أم تخفيها !!؟ .
.. نكمل ..
قد أقبلُ أن العاشق الأول هو يسوع المسيح الناصري ، ولكن لا نقبل ما ثبت في العهد الجديد عن انفعاله على أمه في عرس قانا الجليل بقوله لما فرغت الخمر :" مالي ولك « يا امرأة » (يوحنا 2 : 1-5) .
ويتسأل كاتب :" فهل هكذا تخاطب الأم من ولدها البار :" يا امرأة " ؟! ،
ثم يستوضح الكاتب :" وإذا خوطبت الأم هكذا ، فكيف تخاطب امرأة أجنبية بلهجة غير ودية وغير مهذبة ؟ ،
ثم يتسأل الكاتب مرة ثانية :" أيمكن لشخص لا يعرف علاقة يسوع بمن يخاطبها بهذه اللهجة الجافية أن يقع في روعه أنه يخاطب بذلك والدته الحانية والودود ؟ " (13).
عن أي عاشق تتحدث غبطة البطريرك ؛ هكذا يتعامل مع أمه!!
وعن أي عاشق تتحدث إذا تجاهل يسوع الناصري أمه وإخوته كما حكى مرقس الواقعة :" مَنْ أمي وإخوتي ؟" (مرقس 3 : 31-35) ، وحكى لوقا نفس الخبر (لوقا 8 : 19-21) فهذا التجاهل شعبة من شعاب الغضب وصورة من صوره ، والتجاهل أيضاً دليل على الضيق والاستكراه (14) ، فهل ابن الأله يحق له أن يتعامل هكذا مع أم الأله وعند البعض من طوائف المسيحية مَن يرفع مريم إلى منصب أله .
والثالثة : انفعال يسوع على مواطنيه بسبب أمه كما حكى مرقس (مرقس : 6: 2-5) بنسبته إلى أمه على غير العادة في نسبة الأبناء إلى آبائهم وهو أمر مقبوح عنده لذلك يصرح الإنجيلي قائلا :" فكانوا يعثرون به " فاطلق الصرخة الحادة بعد أن جردوه من غطائه وعروه من لباس كرامته وأذلوا شخصه وكبرياءه :" ليس نبي بلا كرامة إلا في وطنه ، وبين اقربائه ، وفي بيته " أما متى فقد حوّر الرواية (متى 13: 54-58) (15) .

التناقض ظاهر وواضح في التصرف مع الأم الرؤوم أو تجاهل الأم وإخوانه أو انفعاله مع مواطنيه وبين تصرفه مع شاول وما قام به الآخير من أفعال إجرامية ضد اتباع المسيح وتلاميذه خاصة حادثة استفانوس ، بيَّد أنه " الإنتقاء " من نصوص الكتاب المقدس ، إذ الأصل أن الكتاب المقدس بعهديه يشكل وحدة متجانسة متوافقه على اعتبار أنه وحي من عند الأله !! وهذا مبحث قادم .
هذا ما أردتُ أن أظهره عن الطرف الأول - العاشق الأول إذ أن العلاقة الجديدة العجيبة وغير متوقعة بين يسوع الناصري وبين بولس لا تتفق والنص أو العقل .

و لكن أين العاشق الثاني!!؟.
أهل شاول في هذه اللحظة كان عاشقاً للمسيح !!؟ ،
أو درجة أقل من العشق أي محباً له!!؟ ،
أو درجة أقل من الحب أي راضياً عنه !!؟ ،
أو درجة أقل من الرضى ،
أكان راغباً حتى في سماع صوته/ تعاليمه ،
أو درجة أقل من الرغبة : أكان ساكتاً عن الأتباع وتركهم في حال سبيلهم يعبدون أو يؤمنون بما يشاؤون !!؟ .
الإجابة حضرة غبطة البطريرك بالنفي ، فمنذ ثوان معدودات - قبل الميعاد ـ يحمل ما يحمل في قلبه من الحقد والكراهية ليسوع الناصري وأتباعه فمتى وجد العشق هذا المزعوم ، أما إذا اعتبرنا أن هذه بلاغة أدبية وتعبير مجازي فهذا مما لا يستسيغه الذوق الذكوري السليم فوصف رجل أنه يعشق رجل آخر تعبير شاذ ما آتت به إلا الكنيسة ولعل العزوبية (عند الطرفين) والرهبانية المبتدعة وتكرار الحوادث اياها (!!) عندكم أوجد مثل هذا النوع من العشق الذكوري عند رجال الكنيسة ، وهي مسحة صوفية ، بل قل ماذا تبقى للنساء من أحاسيس الرجال !!.

عذراً غبطة البطريرك المعظم! ، البحث في الوثائق ودقة الدراسة لا يتحملا المجاملات .

بيَّد أنه لا يتركنا كثيرا فيوضح غبطته ما المقصود بحالة العشق هذه إذ يقول تحت عنوان :" من الماسيّا إلى المسيح " ينتقل بولس من عِشق "الماسيّا" التّوراتي اليهودي ، إلى عِشق يسوع النّاصريّ! ويتكلّم - شاول/ بولس عن هذا الحدث في حياته أكثر من مرّةٍ في رسائله " . وهذا أيضا مخالف لما حدث بعد ذلك وسنفصله .

تقول غبطتكم :" ولنسمع بولس يُدافع عن نفسه ، أمام محفل اليهود في القُدس ، ويشرح انتقاله من الشّريعة اليهوديّة المحبوبة ، إلى النِّعمة المسيحيّة الفائضة في حياته. " .

أقول : أي يهودية محبوبة! عند بولس !!، أم هي حالة الخوف من يهود التي أصابتكم جميعاً شرقاً وغرباً وأقول لغبطتكم اسمع ماذا فعل قديسكم ؛ المحب لشريعته اليهودية أو مذهبة الضيق كما وصف هو ، بولس رسول الأمميين ، :
1.) إلغائه الناموس و
2.) احتقاره أياه
3.) ووصفه له بالعتق والشيخوخة ، فهل مثل هذه المواقف تليق بنبي أو رسول . دعوة الأنبياء جاءت لتؤكد على طاعة الله وتدعو إلى السير وفق شريعته ، يقول في رسالة العبرانيين (16) ما نصه : " فإنه يصير إبطال الوصية السابقة ( أي التوراة وشرائعها المختصة بالكهنوت اللاوي ) من أجل ضعفها وعدم نفعها ، إذ الناموس لم يكمل شيئاً ، ولكن يصير إدخال رجاء أفضل به نقترب إلى الله " ( عبرانيين الأصحاح السابع الفقرتان 18 و 19 )
ويقول مبرراً إلغاء نظام الكهنوت التوراتي : " فإنه لو كان ذلك الأول بلا عيب لما طُلب موضع لثانٍ " ( عبرانيين الأصحاح الثامن 8، الفقرة الثامنة .
ويقول عن الناموس أيضاً : " وأما ما عتق وشاخ فهو قريب من الاضمحلال " ( عبرانيين الأصحاح الثامن ؛ الفقرة الثالثة عشر؛ غبطة البطريرك أهذه أقوال من تصفه أنه انتقل من اليهودية المحبوبة أم أنه ترك يهوديته البغيضة !!.
**

بحث ودراسة رواية رؤيا شاول السيد المسيح عليه السلام :
حكايةٌ لم يروها إلا هو ولم يقصها إلا سواها ، إما نسجت من خياله أو غزلت من تصوِّره ووهمه ، أهل الإختصاص ورجال فن مقارنة الأديان خاصة " الوثائق/ النصوص " المقدسة ومراجعة التاريخ ومطابقة الجميع بجزئيات الرواية يشككون في صحتها ويخمنون ماذا اعتراه من أعراض (!) أو ما أصابه من توهمات ألجئته إلى سرد هذه الرواية ، بيَّد أنَّ أهمية الرواية لا يعود لذاتها فتروى فيصدقها من رغب ويردها من اعترض عليها ؛ بل أهمية الرواية تعود لما سيبنى عليها ، فهي الأساس الذي سيبنى عليه عقيدة دين جديد والعمود الأساسِ الذي ستستند إليه حزمة من التشريعات تشكل سلوكَ مَنْ يؤمنُ بصحة الرواية وتحدد تصرفات من يعتقد فيها ، فالرواية تؤسس عقيدة على افتراض أنها صحيحة مئة في المئة ، فهي - الرواية لا ترتقي أكثر من أنها خبر أحاد ، شخص واحد فقط هو الذي رواها وأذاعها وسَوَّقَ لها واستثمرها ، وهو لا يخبر عن غيره فنقول أنه لا فائدة يحصلها من روايتها بل يخبر عن نفسه وهناك فائدة متحققة في أن يصدقها العامة والخاصة والمُشكل أنَّ تاريخه المشهود والمكتوب والمسطور في العهد الجديد يبين بما لا يدع مجالا للشك إجراميته مع تلاميذ وأتباع السيد المسيح عليه السلام ، اضف أن المسافرين معه لم يؤكدوا على صحة الرواية أو أجزاء منها فهم رجال مجاهيل وحنانيا ؛ شماس دمشق لم يثبتها أو ينفيها ... أنه بحق مأزق لا تحسد عليه الكنيسة أو أتباعها ؛ جميعاً وقعوا فيه منذ عام 35 الميلادي وما يريدوا أن يخرجوا من مأزقهم ، فهم يتغافلون عن هذه الأبحاث والدراسات التي قدمت ومازالت تقدم وستقدم في المستقبل ، وبمراجعة جزء من الأبحاث التي قدمت أرى حياديتها التامة ، والغالب منها ينفي الرواية تماماً واليسير منها يشكك في صحتها أو حدوثها ، فيوجد لها بعض المبررات ، والفئة الثانية من رجال الكنيسة فتؤمن بها عن قناعة (مثال بطريرك الروم الكاثوليك كما استشهدتُ بقوله ) أو وراثة جيل بعد جيل كما قال الله تعالى على لسانِكم" قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءنَا كَذَلِكَ يَفْعَلون ..." ... ولا يظُن ظان أن الله يدعو إلى الفحشاء والمنكَرِ وعبادة الاوثان ... فالله ما أمر بتتبع عقائِد الأوثانِ والتعبد فيها .. قال تعالى " وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا وَاللّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ".
فبناءً على هذه الرواية - حادثة في طريق دمشق وضع شاول/ بولس الخطوط الأساسية للعقيدة المسيحية في حياة من يتخذها مصدراَ للتشريع أو وجهة نظر في الحياة أو بتعبير آخر الفقه الذي سيبنى عليه أحكاما عملية من تحليل شئ أو السماح بفعل أو معالجة لمسألة ما وإن كانت المعالجات في شريعة بولس (17) محدودة للغاية إذ ان الفادي والإيمان به هو صُلْب العقيدة دون الأحكام التشريعية العملية ، وقد ورد على لساني إثناء محاورة مع جمع من السادة النصارى قولي :" لو اقتنعتُ بصحة عقيدتكم لتركت إسلام محمد بن عبدالله فوراً ، أما إذا تمكنتُ بعون الله تعالى أن ابيَّن لكم زيف عقيدتكم فليس أمامكم سوى التصديق برسالة الذي بشر به عيسى ابن مريم النبيَّ أحمد عليهما الصلاة والسلام ؛ فإما هذا أو ذاك فإن لم توافقوا على طرحي فأشكركم على حسن استقبالكم لي والسلام على من اتبع الهدى " .

رواية حادثة في طريق دمشق سجلت في الكتاب المقدس في ثلاثة مواضع ولأهمية الرواية وموضعها الهام في الدين الجديد الذي آتى به بولس وموقعها كعمادة بُنىَّ عليها التشريع البولِسي ؛ فلهذه الأهمية حكيت مرة على لسان كاتب السِّفر لوقا!! ومرة آخرى أمام الشعب اليهودي ومرة أمام الملك أغريباس .

والغالب على الظن انَّ زيادة في رواية تبين/ تكشف جانب أو صورة لم تظهر بوضوح في الرواية التي سبقتها وهذه الزيادة ضرورية لوضع السامع في اطارها الطبيعي ؛ فالزيادة تُطمئن قلب السامع وتُؤكد على صدق الراوي ويتعامل معها الباحث - القادم الجديد في عصر لاحق - ليكشف مزيد جوانب قد أغفلتها البحوث السابقة أو لم تنتبه إليها الأذهان/ العقول الأولى لحظة السماع أو وقت حدوث الرواية أو مَن جاء مِن بعدهم ، ولنأتي بمثال : فإذا قال الراوي :" أبرق (18) حولي نور" ثم أضاف :" من السماء " (الرواية الأولى أعمال 9: 3) فقد عين جهة البرق في الرواية الأولى فإذا أضاف من الرواية الثانية :" عظيم " (أعمال 22: 6) استطاع السامع أن يدرك مدى قوة هذا النور فإضافة كلمة "عظيم" أفادت درجة النور ، ثم يضيف في الرواية الثالثة :" يصف النور بأنه :" أفضل من لمعان الشمس " ، هذه الزيادات في حقيقة الأمر مفيدة .
إن المسيحيين يروون قصة تحول بولس إلى المسيحية وقد اثبتناها في الجزء السابق وبمراجعة النصوص التي وردت في سِّفر أعمال الرسل والمتعلقة بحادثة الرؤيا وجدتُ عدة اختلافات وتناقضات ..

وهذا سرد لأهم الملاحظات والاختلافات والتناقضات التي وردت في رواية حادثة في طريق دمشق :

إذا أضاف الراوي كلمة آخرى أثناء عرض الرواية إذ قال في الأولى أضاء النور :" حوله " ثم يضيف في الرواية الثانية :" وحول الذين معي " ، هذه الإضافة في سرد الرواية تعطي للسامع والباحث - معاً - إشارات عدة توضيحية . ( يلاحظ أن الرواية يرويها كاتب سِفر أعمال الرسل ؛ وهو عند المسيحيين لوقا ) .
في الرواية الأولى نقرأ " أن نوراً أبرق حوله من السماء" (أعمال 9: 3)، ومثله في الرواية الثانية (انظر أعمال 22: 6) ، غير أن الرواية الثالثة تقول: "أبرق حولي وحول الذاهبين معي" (أعمال 26: 13) فهذه الزيادة ليست توضيحية بل تضيف شيئاً جديداً مغاير لواقع حال الأولى والثانية ، وهذا ما يشعر القارئ/ السامع أنها حالة أقرب ما تكون لحالة التهيؤ التي قد تصيب إنساناً ما .
(1. ) الرواية الأولى جاءت على لسان لوقا ؛ على اعتبار أنه صاحب سفر الأعمال كما يعتقد المسيحيون ، إذ تقول :" وفيما هُوَ ماضٍ، وقدِ اقْتَربَ مِن دِمَشْقَ، أَبْرقَ حولَهُ بَغْتةً نورٌ منَ السَّماء؛ 4: فَسَقطَ على الأَرْضِ وسَمعَ صَوْتًا يَقولُ لَه: "شاوُلُ، شاوُلُ، لِمَ تَضْطَهدُني؟"5: فقال: "مَنْ أَنْتَ، يا ربّ" قال: "أَنا يَسوعُ الذي تضْطَهِدُهُ؛ 6: ولكِن انهَضْ، وادْخُلِ المدينةَ، فيُقالَ لَكَ ماذا يَنْبغي أَنْ تَفْعل". 7: أَمَّا الرِّجالُ المُسافِرونَ مَعَهُ فَوَقَفوا مَبْهوتينَ، يَسْمعونَ الصَّوتَ ولا يَرَوْنَ أَحدا.ً" ومفادها (19) أنه فجأة ظهر لبولس نور ، فلما أبصره سقط مغشياً عليه ، وسمع صوتاً يسأله لماذا تضطهدني؟ فسأله بولس من أنت ؟ فقال أنا يسوع الذي تضطهده! ، ثم نصحه المسيح بالدخول إلى المدينة [ دمشق ] ليتلقى مهمة التبشير بالمسيحية ، وقام شاول وهو لا يبصر شيئاً ، فاقتادوه إلى دمشق . أما المسافرون معه فتوضح هذه الرواية أنهم سمعوا الصوت ولم يشاهدوا النور ولا أي شئ آخر ووقفوا صامتين (أعمال الرسل 9: 1-9)
الرواية الثانية (أعمال الرسل 22: 6-11) 6: "وفيما أَنا سائرٌ، وقدْ دَنَوْتُ من دِمَشْقَ، حَدَثَ نَحوَ الظُّهْرِ، أَنَّهُ أَبْرَقَ حَوْلي بَغْتَةً، نُورٌ عظيمٌ مِنَ السَّماء؛ 7: فسَقَطْتُ على الأَرْضِ وسَمِعْتُ صَوْتًا يقولُ لي: شاوُلُ، شاوُلُ، لِمَ تَضْطَهِدُني؟ 8: فأَجَبْتُ: مَن أَنتَ يا سَيِّدي؟ فقالَ لي: أَنا يَسوعُ النَّاصِرِيُّ الذي تَضْطَهِدُه. 9: ولَقَدْ رَأَى الذينَ كانوا مَعي النُّورَ، إِلاَّ أَنَّهم لم يَفْقَهوا صَوْتَ الذي يُكَلِّمُني.
وهذه الرواية تبين أن الذين كانوا مع بولس نظروا النور وارتعبوا ، ولكنهم لم يسمعوا الصوت ، ولم تحدث لأي منهم أي حادثة عمى ، أو غشاوة مثل بولس . (19)
الرواية الثالثة : (أعمال 26 / : 13-17) 12 "ولمَّا انطَلَقْتُ الى دِمَشْقَ، وأَنا على ذلكَ، وبيَدي سُلْطانٌ وتَفْويضٌ من رُؤَساء الكَهَنَةِ، 13 رَأَيتُ على الطَّريقِ، في مُنْتَصَفِ النَّهارِ، أَيُّها المَلِك، نورًا منَ السَّماءِ يَفوقُ لَمَعانَ الشَّمْسِ، قد أَبْرَقَ حَوْلي وحَوْلَ السَّائرينَ مَعي. 14 فسَقَطْنا جَميعُنا على الأَرْضِ، وسَمِعْتُ صَوْتًا يقولُ لي باللُّغةِ العِبْرِيَّة: شاوُلُ، شاوُلُ، لِمَ تَضْطَهِدُني؟ إِنَّهُ لَصَعْبٌ عَلَيْكَ أَنْ تَرْفُسَ المَناخِس! 15 فقُلت: مَنْ أَنتَ يا سَيِّدي؟ فقالَ الرَّبَّ: أَنا يسوعُ الذي تَضْطَهِدُه. 16 ولكِنِ انْهَضْ، وقِفْ على قَدَمَيْك؛ فَإِنِّي تَراءَيْتُ لَكَ لأُقيمَكَ خادِمًا، وشاهِدًا بما رأَيْتُ وبِما سأُريك. 17 ولقد فرَزْتُكَ منَ الشَّعْبِ ومِنَ الأُمَمِ الذينَ أَنا مُرسِلُكَ إِلَيْهم، 18 لِتَفْتَحَ عُيونَهم فيَرْجِعوا مِنَ الظُّلْمَةِ الى النُّورِ، ومِنْ حَوْزةِ الشَّيطانِ الى اللهِ، وينالوا بالإِيمانِ بي، مَغْفِرَةَ الخطايا، وَقِسْمةَ ميراثٍ مَعَ المُقدَّسين. 19 "فمِنْ ثَمَّ، أيُّها الملكُ أَغْريبا، لَمْ أُعانِدِ الرُّؤْيا السماويَّة؛ 20 بَلْ كَرَزْتُ لِلَّذينَ في دِمَشْقَ أَوَّلاً، ثُمَّ لِلَّذينَ في أُورشليمَ، وجميعِ بُقْعةِ اليهوديَّةِ، ثُمَّ لِلْلأُمَمِ، بأَنْ يَتُوبوا ويَرْجِعوا الى اللهِ بمُزاوَلَةِ أَعمالٍ تَليقُ بالتَّوبة.
يلاحظ في هذه الرواية أن المسافرين مع بولس سقطوا جميعاً على الأرض وبولس هو الذي سمع الصوت بالعبرانية، وأنه تلقى الرسالة من المسيح الذي وعده بإنقاذه من الشعب اليهودي ومن الأمم" . ( أي من غير اليهود ) (19)
هذه الروايات جئتُ بها لتنير لنا طريق دمشق وهذا هو التفصيل (ما زلتُ على قناعة بأنه يجب تفصيل هذه الروايات الثلاث ، إذ يبنى عليها عقيدة المسيحية الحالية ؛ مسيحية الكنائس )


الملاحظات والاختلافات في رواية طريق دمشق :
[SIZE="5"][align=justify]أولاً : قصة الرؤية والنبوة المزعومة : زعم بولس أنه لقي المسيح بعد ثلاث سنوات من رفعه (رواية القرآن) أو صلبه وموته ودخوله القبر وخروجه منه وصعوده ليجلس بجوار الآب (رواية الأناجيل) ، حين كان متجهاً إلى دمشق .

عند التحقيق في قصة رؤية بولس للمسيح يتسرب إليها الشك ، ودليل ذلك يتضح بالمقارنة بين روايات القصة في العهد الجديد ، حيث وردت القصة ثلاث مرات : أولاها في أعمال الرسل (9/3-22) ، من رواية لوقا أو كاتب سفر الأعمال ، والثانية من كلام بولس في خطبته أمام الشعب (انظر أعمال 22/6-11)، والثالثة أيضاً من رواية بولس أمام الملك أغريباس (انظر أعمال 26/12-18) ، ونترك الحكم النهائي عليها الآن ونضعه في نهاية هذا البحث .

وبالتحقيق ودراسة هذه الروايات نجد بين هذه الروايات الثلاث بعض الاختلافات التي لا تقبل الجمع بينها أو التوفيق ، منها :
1. ) الرواية الأولى ( أعمال 9: 4) :" فسقطَ على الأرض " ، الرواية الثانية (أعمال 22: 7) :" فسقطتُ على الأرض " الرواية الثالثة (أعمال : 26: 14) :" فلما سقطنا جميعناً على الأرض" ، الإضافة الآخيرة للروايتين الأولى والثانية :" سقطنا جميعنا " ليست توضيحية بل مخالفة تماماً لهما !!؟ وهنا تأتي إشكالية الجمع بينهما و الأولى .

2.) الصوت ولغة المتحدث :
الرواية الأولى ( أع: 9: 4 رواية لوقا) : " وسمعَ صوتاً " أعمال 9: 5 يروي لنا لوقا فيقول :" فقال - بولس- من أنت ياسيد . فقال الربُّ أنا يسوع " ، الرواية الثانية، (أع: 22: 7 ) :" وسمعتُ صوتاً " (أعمال 22: 8) :" فأجبت من أنت ياسيد فقال أنا يسوع الناصري " ، الرواية الثالثة (26: 14 ) لغة المتحدث أُثبتت هنا أنها :" يقول بالعبرانية " فقلت أنا من أنت ياسيد فقال انا يسوع (النص الإنجليزي " فقال الصوت " وليس " الرب " [ كما نبه مترجم قصة الحضارة لــ ول ديورانت ] ، وكذلك الطبعة الألمانية ترجمة مارتين لوثر 1964 ب. م. وكذلك النص العربي ترجمة سميث & فانديك (اعمال 26: 14 سمعتُ صوتاً فقلتُ مَن أنت يا سيد .
يفهم من كلمة هذا النص " صوتاً " : جهالة صاحب الصوت ، الرواية الأولى تجزم بشخصية وهوية صاحب الصوت بأنه :" الرب " ، فتأتي الرواية بالقول :" فقال الرب : أنا يسوع " (أع: 9: 5) ، الرواية الثانية اختصرت المسافة في الوصف فقال :" أنا يسوع الناصري " وتعطي وصفا واضحا :" الذي أنت تضطهده " ( أع 22: 8) الرواية الثالثة (أع 26: 15) :" أنا يسوع " وتعطي وصفا واضحا :" الذي أنت تضطهده " .

3.) التكليف :
الرواية الأولى : (أعمال 9: 6) فقال ... :" وماذا تريد أن أفعل فقال له الرب قم وادخل المدينة فيقال لك ماذا ينبغي أن تفعل " ، الرواية الثانية (أعمال 22: 10) :" قم واذهب إلى دمشق وهناك يقال لك عن جميع ما ترتب لك أن تفعل " ، الرواية الأولى والثانية : أن المسيح طلب من بولس أن يذهب إلى دمشق حيث سيخبَر هناك بالتعليمات . " أما الرواية الثالثة (26: 16) :" قم وقف على رجليك لأني لهذا ظهرتُ لك لأنتخبَك خادماً وشاهداً بما رأيتَ وبما سأظهَرُ لك به " .
الرواية الآخيرة لا تذكر دخول دمشق بل تظهر التكليف مباشرة فيذكر بولس في الرواية الثالثة (أعمال 26: 16) أن المسيح أخبره بتعليماته بنفسه.

4.) رفقاء السفر : رؤية النور ، سماع الصوت ، الوقوف بصمت ، وتحدثنا من قبل على مسألة السقوط :
الرواية الأولى (أعمال 9: 7):" أما الرجال المسافرون معه فوقفوا صامتين يسمعون الصوت ولا ينظرون أحداً" ( ولم ينظروا النور ) ، الرواية الثانية (أعمال 22: 9) :" والذين كانوا معي نظروا النور وارتعبوا ولكنهم لم يسمعوا صوت الذي كلمني " ( تبين أنهم لم يسمعوا الصوت ونظروا النور ) الرواية الثالثة (26: 13-17) :" نظروا النور وسقطواعلى الأرض" ، لا ذكر لهذا الجزء من الرواية البتة " ولكن الرواية تأتي :" رأيتُ نوراً ...أبرق حولي وحول الذاهبين معي "
ففي شهادته التعارض الواضح بين الرواية الأولى والثانية والذي يستحيل الجمع بينهما .
بفضل من الله تعالى وكرم
سيليه الجزء الثاني