إليكم أخوتى فى الله
بعض الفتاوى حول هذا الموضوع
عملا بالأمر الإلهى بسؤال أهل الذكر :
*******************************
رقم الفتوى : 110528
عنوان الفتوى :الجواب الكافي عن أسئلة تتعلق بالعرش والكرسي وغيرهما
تاريخ الفتوى : 18 رجب 1429 / 22-07-2008
السؤال
أخوكم مشرف القسم الإسلامي في أحد المنتديات والحقيقة يواجهنا ما الله به عليم من أحاديث موضوعة وباطلة، والحمد لله أبحث في الإنترنت وأجد الجواب عليها إلا أن أحدهم نشر هذا الموضوع ولم أستطيع التحقق منه وكان عندي بعض التحفظ على بعض الألفاظ مثل (قدم الرحمن ... سرير الرحمن ....يجلس على العرش) فأرجو بيان الصحيح من الخاطئ في هذا الموضوع في أقرب وقت ممكن
(العرش لا يقدر قدره إلا الله وقد وردت آيات وأحاديث وأقوال للصحابة تصف عظمة العرش، قال تعالى: [رب العرش العظيم]، ووصف العرش بالعظمة لأنه أعظم المخلوقات، حملة العرش عن ابن عباس: أن الله تعالى لما خلق حملة العرش قال لهم احملوا عرشي فلم يطيقوا فخلق لكل واحد منهم مثل قوة من في السموات السبع من الملائكة فقال احملوا عرشي فلم يطيقوا فخلق لكل واحد فيهم مثل قوة ما خلق في السموات من ملائكة ومن في الأرض من خلق وقال تحملوا عرشي فلم يطيقوا، فقال الله عز وجل قولوا لا حول ولا قوة إلا بالله فلما قالوها حملوه فنفذت أقدامهم فى الأرض السابعة على متن الريح فلما لم تستقر أقدامهم على شيء تمسكوا بالعرش.....ولم يفتروا عن قولهم لا حول ولا قوة إلا بالله خيفة أن ينقلب أحدهم فلا يعرف أين يهوي فهم حاملون العرش وهو حاملهم والكل محمول بالقدرة الإلهية، أربعة منهم يقولون سبحانك اللهم وبحمدك لك الحمد على حلمك بعد علمك وأربعة يقولون سبحانك اللهم وبحمدك لك الحمد على عفوك بعد قدرتك،
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أذن لي أن أحدث عن ملك من ملائكة الله عز وجل من حملة العرش إن ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام.
صفة العرش: قال البيهقى فى الأسماء والصفات: اتفقت الأقاويل على أن العرش هو سرير الملك وأنه خلقه الله وأمر ملائكته بحمله وتعبدهم بتعظيمه والطواف به كما خلق في الأرض بيتا وأمر بني آدم بالطواف به.
العرش مقبب ثبت في صحيح البخارى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أعلى الجنة وأوسط الجنة وفوقه عرش الرحمن، قال بن تيمية العرش مقبب: أوسط الجنة وأعلاها هو الفردوس وإن فوقه عرش الرحمن والأوسط لا يكون الأعلى إلا في القبة.
مسافة العرش: ذكر ابن كثير وغيره أن بعد ما بين العرش إلى الأض مسيرة خمسين ألف سنة واتساعه خمسون ألف سنة.
عندما اهتز العرش بالرغم من عظمة العرش وثقله ومكانته فإنه اهتز مرة واحدة فقط لموت أحد أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام إنه سعد بن معاذ وهو الذى نزل المهاجرون من مكة في حماه وفي ضيافته بالمدينة, أما كيفية الاهتزاز فلا يعلمها إلا الله تعالى.
الكرسي:إن أعظم آية في القرآن هي آية الكرسي
قال ابن عباس: هذا الكرسي الذي وسع السموات والأرض: لو أن السموات السبع والأرضين السبع بسطن ثم وصلن بعضهن ببعض ما كانوا من سعة الكرسي إلا بمنزلة الحلقة فى مفازة والمفازة: الأرض الوعرة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما الكرسي في العرش إلا كحلقة من حديد ألقيت بين ظهرى فلاة من الأرض، هذا الكرسي بهذا العظمة ما هو إلا ... موضع قدم الرحمن.... يا سبحان الله، سئل الرسول عليه الصلاة والسلام عن وسع كرسيه فقال كرسيه موضع قدمه والعرش لا يقدره إلا الله عز وجل وقال السدي عن أبي مالك: الكرسي تحت العرش والسموات السبع والأرض في جوف الكرسي والكرسي بين يدي العرش. عن علي كرم الله وجهه قال: نور الشمس جزء من سبعين جزء من نور الكرسي ونور الكرسي جزء من سبعين جزء من نور العرش ونور العرش جزء من سبعين جزء من نور الحجب.
العرش عظيم والله أعظم .
عن النبى عليه الصلاة والسلام قال: إن الله يجلس على العرش ولا يبقى من العرش قدر أربع أصابع).
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإننا نجيبك على ما وقفنا عليه من الكلام حول ما سألت فنقول وبالله التوفيق :
1- قوله: ( وصف العرش بالعظمة لأنه أعظم المخلوقات ) هذا حق وقد قال القرطبي في تفسير آخر آية في سورة التوبة .. خصّ العرش لأنه أعظم المخلوقات .
2- أثر بن عباس ... (لما خلق الله حملة العرش قال احملوا عرشي .... ) لم نجد له أثرا لا في كتب السنة ودواوينها ولا في الكتب المصنفة في الأحاديث الضعيفة والموضوعة , وسمات الوضع عليه ظاهرة فلا تنشر هذا الأثر في المنتدى .
3- أثر ( أربعة منهم يقولون .....) هذا رواه البيهقي في شعب الإيمان من قول هارون بن رئاب قال: حملة العرش يتجاوبون بصوت حسن رخيم يقول الأربعة: سبحانك وبحمدك على حلمك بعد علمك، ويقول الأربعة الآخرون: سبحانك وبحمدك على عفوك بعد قدرتك .....انتهى، وذكره ابن كثير في تفسيره وابن القيم في كتاب الروح, وهارون هذا تابعي عابد ثقة إمام، والأثر موقوف عليه ولم يرد مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيما علمنا.
ومن الطرائف أن لهارون هذا أخوين اثنين, يمان, وعلي , قال الذهبي: فهارون من أئمة السنة ويمان من أئمة الخوارج وعلي من أئمة الروافض وكانوا متعادين ....انتهى , فسبحان الله يهدي من يشاء فضلا ويضل من يشاء عدلا.
4-حديث: أذن لي أن أتحدث ... حديث صحيح رواه أبو داوود في سننه في كتاب السنة باب في الجهمية , ورواه الطبراني في الأوسط وغيرهما .
5- الكلام المنسوب للبيهقي (اتفقت الأقاويل ....) لم نجده في كتاب الأسماء والصفات باللفظ المذكور, ولكن قال بلفظ قريب منه بدون نقل الاتفاق (وأقاويل أهل التفسير على أن العرش هو السرير، وأنه جسم مجسم ، خلقه الله تعالى وأمر ملائكته بحمله وتعبدهم بتعظيمه والطواف به، كما خلق في الأرض بيتا وأمر بني آدم بالطواف به واستقباله في الصلاة ... انتهى)، وهو كلام حق دلت عليه الأدلة الشرعية وقد ذكر البيهقي شيئا منها , وانظر الفتوى رقم 60784
6- وأما كون العرش مقببا وحديث (فاسألوه الفردوس ...) وكلام شيخ الإسلام فكل هذا صحيح وانظر الفتوى المشار إليها آنفا والفتوى رقم 66332
7- الكلام المنسوب لابن كثير أن ما بين العرش إلى الأرض ... إلخ صحيح , فقد قال ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسير قول الله تعالى: ... قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ... قال : ... ولهذا قال بعض السلف: إن مسافة ما بين قطري العرش من جانب إلى جانب مسيرة خمسين ألف سنة، وارتفاعه عن الأرض السابعة مسيرة خمسين ألف سنة .
8- اهتزاز العرش لموت سعد هذا ثابت صحيح كما في الفتوى رقم 24104 ولم يرد نفي الاهتزاز في غير هذه الحادثة ولا إثباته – فيما نعلم - فلا ينبغي الجزم بأنه اهتز مرة واحدة .
9- القول بأن آية الكرسي أعظم آية في القرآن هذا صحيح وانظر الدليل في الفتوى رقم 29702
10- أثر ابن عباس (لو أن السماوات بسطن ...) هذا رواه ابن أبي حاتم في تفسيره قال: حدثنا أبو زرعة، ثنا منجاب بن الحارث، ابنا بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس: في قوله: وسع كرسيه السماوات والأرض قالوا: لو أن السماوات السبع ... إلخ , وبشر ابن عمارة قال عنه النسائي ضعيف وقال عنه أبو حاتم ليس بالقوي وقال البخاري تعرف وتنكر, وقال الحافظ في التقريب ضعيف من السابعة.
11- القول بأن الكرسي موضع القدم هذا صحيح وانظر التفصيل في الفتوى رقم 96343 وانظر أيضا الفتوى رقم 39292
12- حديث: كرسيه موضع قدمه ، والعرش لا يقدر قدره .. هذا سنده ضعيف فلا يصح مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وانظر التفصيل في السلسلة الضعيفة للألباني رحمه الله تعالى , الحديث رقم 906
13- أثر علي (نور الشمس ....) لم نجد له أثرا كذلك حتى في الكتب المصنفة في بيان الأحاديث الموضوعة والضعيفة , فلعله من كذب الرافضة فإنهم مشهورون بالكذب ووضع الأحاديث .
14- أثر الجلوس على الكرسي – وليس العرش كما ذكر السائل – وأنه لا يبقى إلا مقدار أربع أصابع لا يصح، وقد ذكره ابن الجوزي في العلل المتناهية وقال: هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم واسناده مضطرب جدا وعبدالله بن خليفه ليس من الصحابة فيكون الحديث الأول مرسلا وابن الحكم وعثمان لا يعرفان وتارة يرويه ابن خليفة عن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتارة يوقفه على عمر وتارة يوقف على ابن خليفة وتارة يأتي فما يفضل منه الا قدر أربعه أصابع وتارة يأتي فما يفضل منه مقدار أربعة أصابع وكل هذا تخليط من الرواة فلا يعول عليه .. انتهى.
وأخيرا ننصح أخانا السائل بتقوى الله تعالى وأن يحرص على نشر الخير في منتداه وأن يحذر من ترويج الأحاديث الموضوعة والضعيفة أو البدع فيكون مشاركا في المنكر أعاذنا الله وإياه من ذلك.
والله أعلم.
المفتـــي: مركز الفتوى
*******************************
رقم الفتوى : 66332
عنوان الفتوى :نقول عن علماء السنة في مسألة الاستواء
تاريخ الفتوى : 23 رجب 1426 / 28-08-2005
السؤال
كنت أناقش بعض الذي ينكرون أن الله فوق عرشه استوى.. ويزعمون أنه لا داخل العالم ولا خارجه ولا فوق ولا تحت ولا.. ولا.. إلى آخر تلك الترهات.. ونقلت له نقولاً عن سلفنا الصالح تؤكد أنهم يثبتون أن الله عز وجل فوق عرشه.. استوى كما يليق بجلاله.. فما كان منه إلا أن قال أن ذلك يعني أن الله في مكان.. وهذا كفر.. فقلت له إن العرش آخر المخلوقات.. وما دون العرش يوصف بأنه في مكان وجودي.. أما ما فوق العرش فليس بمكان أصلاً.. بل لقد أطلق عليه بعض العلماء أنه مكان عدمي.. فاستهزأ من كلمة (مكان عدمي) جدًا.. وقال إن كل المكان مخلوق.. وإذا قلنا إن الله فوق العرش إذن فهو في مكان.. وبالتالي لا يصح ذلك.. وقال إن آخر المخلوقات ليس العرش.. بدليل الحديث الذي فيه أن الله كتب كتابًا (فهو عنده فوق العرش).. وأسئلتي بارك الله فيكم هي:
1- مدى صحة كلامي..؟
2- هل العرش آخر المخلوقات..، أم ماذا.. وكيف نجمع بين ذلك وبين الحديث..؟
3- هل إذا أثبتنا العلو لله نكون قد نسبنا له المكان أو الجهة.. أرجو التفصيل جدًا حول هذه النقطة أو الإحالة على فتوى مفصلة جدًا..
4- كان مما قيل له أن ارتفاع النقيضين محال عقلاً.. فقال رفع النقيضين عما يلزمه الاتصاف بأحدهما هو المحال وأما الله فلا يلزمه الاتصاف بأحدهما.. وقال إن الجدار لا يعلم ولا يجهل ولا إحالة عقلية هاهنا.. وهذه بتلك.. فما الرد على ذلك؟
5- نقل لي كلامًا عن بعض السلف أنهم ينفون المكان عن الله وكذلك الجهة.. من ذلك قول أبي حنيفة إن الله يرى لا في جهة.. وقول لأحد التابعين أن من قال إن الله على شيء فقد كفر.. ونقل قولاً للشافعي أنه كفَّر من اعتقد أن الله جالس على العرش أو فوق العرش.. يقول إن قول الشافعي ذلك في كتاب لابن المعلم القرشي (رجم المعتدي).. فما قولكم بارك الله فيكم..؟
6- ما رأيكم بالشيخ عبد الرحمن دمشقية، أرجو التفصيل قليلاً.. وأخيرًا أعتذر عن الإطالة.. وعندي رجاء لكم.. أرجو أن تعطوني إيميل أحد أعضاء لجنة الفتوى أو أحد طلبة العلم بحيث أرجع إليه بسرعة.. وهذا بالفعل طلب مهم جدًا بالنسبة إليّ.. لأن مركز الفتوى زاده الله توفيقًا يتأخر بسبب كثرة الأسئلة.. أعانكم الله.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فعلى طالب العلم الاعتصام بمنهج أهل السنة والجماعة في الاعتقاد والعمل، ولا يلزمه الاطلاع على مقالات المخالفين لهم، فضلاً عن مناظرتهم واستماع شبههم، فإن السلامة لا يعدلها شيء، وقد كان السلف رحمهم الله ينهون أشد النهي عن مجالسة أهل البدع، وإذا مروا بهم وضعوا أصابعهم في آذانهم لئلا يصل إليها شيء من شبههم، وذلك مع علم السلف وفهمهم، فكيف بمن بعدهم؟!
قال ابن القيم في مفتاح دار السعادة: وقال لي شيخ الإسلام رضي الله عنه -وقد جعلت أورد عليه إيراداً بعد إيراد- لا تجعل قلبك للإيرادات والشبهات مثل السفنجة فيتشربها، فلا ينضح إلا بها، ولكن اجعله كالزجاجة المصمتة تمر الشبهات بظاهرها ولا تستقر فيها، فيراها بصفائه ويدفعها بصلابته، وإلا فإذا أشربت قلبك كل شبهة تمر عليها صار مقراً للشبهات -أو كما قال- فما أعلم أني انتفعت بوصية في دفع الشبهات كانتفاعي بذلك، وإنما سميت الشبهة شبهة لاشتباه الحق بالباطل فيها، فإنها تلبس ثوب الحق على جسم الباطل... انتهى.
وقال الإمام مالك: أرأيت إن جاء رجل أجدل من رجل يدع الرجل دينه كل يوم لدين جديد؟
وعلى هذا فننصحك بتجنب الجدال مع أهل البدع الاعتقادية، وليسعك التمسك بما أنت عليه من الحق الثابت بالدليل، والذي عليه أئمة أهل السنة من لدن الصحابة رضي الله تعالى عنهم إلى زماننا.
هذا وإن أهل السنة والجماعة يعتقدون أن الله سبحانه وتعالى مستوٍ على عرشه استواءً يليق بجلاله ولا يماثل استواء المخلوقين، وأنه بائن من خلقه، وانظر أدلة ذلك من الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة في الفتوى رقم 6707
ومعنى الاستواء عند أهل السنة والجماعة هو: العلو والارتفاع والصعود، وليعلم أنه لا يجوز إبطال دلالة النصوص المثبتة لصفة الاستواء بمجرد أوهام يظن صاحبها أنها دلالات عقلية، إذ إن العقل الصريح لا يعارض النقل الصحيح.
واعلم كذلك أن صفة المكان لم تثبت في الكتاب ولا في السنة، فلا نثبتها ولا ننفيها، والقول بالمكان العدمي لم يسبق إلى إثباته أحد من سلف الأمة، وليسعنا ما وسعهم وإن كان شيخ الإسلام رحمه الله قد عبر بألفاظ مرادفة كالحيز العدمي، فلا ينبغي أن يلجئك النقاش مع المبتدعة إلى تكلف ما ليس لك به علم.
هذا وإن أهل السنة يعتقدون أن الله تعالى فوق خلقه عالٍ عليهم بائن منهم، وهذا إن سماه المبتدعة جهة فإن ذلك لا يزحزحنا عن اعتقاده لتواتر النصوص به، وقد بين شيخ الإسلام في أكثر من موضع من كتبه أن الجهة لفظ مجمل يحتمل حقاً وباطلاً والسبيل فيما هذا شأنه من الألفاظ أن يستفصل عن معناه فإن كان باطلاً رد وإن كان حقاً قبل وعبر عنه باللفظ الشرعي وإليك شيئاً من كلامه رحمه الله فقد قال في منهاج السنة النبوية: وكذلك الكلام في لفظ الجهة فإن مسمى لفظ الجهة يراد به أمر وجودي كالفلك الأعلى ويراد به أمر عدمي كما وراء العالم، فإذا أريد الثاني أمكن أن يقال كل جسم في جهة وإذا أريد الأول امتنع أن يكون كل جسم في جسم آخر.
فمن قال: الباري في جهة وأراد بالجهة أمراً موجوداً فكل ما سواه مخلوق له ومن قال إنه في جهة بهذا التفسير فهو مخطئ، وإن أراد بالجهة أمراً عدمياً وهو ما فوق العالم، وقال إن الله فوق العالم فقد أصاب وليس فوق العالم موجود غيره فلا يكون سبحانه في شيء من الموجودات، وأما إذا فسرت الجهة بالأمر العدمي فالعدم لا شيء، وهذا ونحوه من الاستفسار وبيان ما يراد باللفظ من معنى صحيح وباطل يزيل عامة الشبه. انتهى.
وقال أيضاً في مجموع الفتاوى: وقد أخبرنا أيضاً أنه قد استوى على العرش فهذه النصوص يصدق بعضها بعضا والعقل أيضاً يوافقها ويدل على أنه سبحانه مباين لمخلوقاته فوق سماواته، وأن وجود موجود لا مباين للعالم ولا محايث له محال في بديهة العقل فإذا كانت الرؤية مستلزمة لهذه المعاني فهذا حق وإذا سميتم أنتم هذا قولاً بالجهة وقولا بالتجسيم لم يكن هذا القول نافيا لما علم بالشرع والعقل إذا كان معنى هذا القول والحال هذه ليس منتفياً لا بشرع ولا عقل.
ويقال لهم ما تعنون بأن هذا إثبات للجهة والجهة ممتنعة أتعنون بالجهة أمراً وجودياً أو أمراً عدمياً، فإن أردتم أمراً وجودياً وقد علم أنه ما ثم موجود إلا الخالق والمخلوق والله فوق سماواته بائن من مخلوقاته لم يكن والحالة هذه في جهة موجودة فقولكم إن المرئي لا بد أن يكون في جهة موجودة قول باطل فإن سطح العالم المرئي وليس هو في عالم آخر.
وإن فسرتم الجهة بأمر عدمي كما تقولون إن الجسم في حيز والحيز تقدير مكان وتجعلون ما وراء العالم حيزاً فيقال لكم الجهة والحيز إذا كان أمراً عدمياً فهو لا شيء وما كان في جهة عدمية أو حيز عدمي فليس هو في شيء ولا فرق بين قول القائل هذا ليس في شيء وبين قوله هو في العدم أو أمر عدمي فإذا كان الخالق تعالى مبايناً للمخلوقات عالياً عليها وما ثم موجود إلا الخالق أو المخلوق لم يكن معه غيره من الموجودات فضلاً عن أن يكون هو سبحانه في شيء موجود يحصره أو يحيط به.
فطريقة السلف والأئمة أنهم يراعون المعاني الصحيحة المعلومة بالشرع والعقل ويراعون أيضاً الألفاظ الشرعية فيعبرون بها ما وجدوا إلى ذلك سبيلاً ومن تكلم بما فيه معنى باطل يخالف الكتاب والسنة ردوا عليه ومن تكلم بلفظ مبتدع يحتمل حقاً وباطلاً نسبوه إلى البدعة أيضاً وقالوا إنما قابل بدعة ببدعة ورد باطلا بباطل. انتهى.
وراجع للفائدة تفسير القرطبي رحمه الله لآية الاستواء في سورة الأعراف فإنه نقل اعتقاد السلف وأنه لم ينكر أحد منهم أنه سبحانه استوى على عرشه حقيقة وأنهم لم يقولوا بنفي الجهة بل نطقوا هم والكافة بإثباتها لله تعالى كما نطق كتابه وأخبرت رسله وإنما أحلناك إليها لترى ما نقله عن السلف لا لما يعتقده هو رحمه الله.
وأما العرش، فالصحيح أنه أعلى جميع المخلوقات وهو سقفها، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: والعرش فوق جميع المخلوقات، وهو سقف جنة عدن التي هي أعلى الجنة، كما ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا سألتم الله فأسألوه الفردوس، فإنه أعلى الجنة، وسقفه عرش الرحمن.
وقال الحافظ ابن كثير في تفسيره: ...هو مالك كل شيء وخالقه، لأنه رب العرش العظيم الذي هو سقف المخلوقات، وجميع الخلائق من السموات والأرضين وما فيهما وما بينهما تحت العرش، مقهورون بقدرة الله تعالى. انتهى.
وأما الجمع بين كون الله مستويا على عرشه وأن عرشه فوق جميع المخلوقات، وبين الحديث الدال على أن الله كتب كتاباً فهو عنده فوق العرش، فلم نجد لأئمة أهل السنة ذكراً لذلك بحسب بحثنا، ونحن نؤمن بكل ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولقد سمع صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الحديث فلم يستشكلوه، فليسعنا ما وسعهم، ولا نخوض فيما ليس لنا به علم، وقد أحسن من انتهى إلى ما سمع.
وأما قول صاحبك (إن رفع النقيضين عما يلزمه الاتصاف بأحدهما هو المحال)، فهذا القول لا يسلم له، فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية في التدمرية: ... وإن كان المخاطب من الغلاة نفاة الأسماء والصفات وقال لا أقول هو موجود ولا حي ولا عليم ولا قدير بل هذه الأسماء لمخلوقاته إذ هي مجاز لأن إثبات ذلك يستلزم التشبيه بالموجود الحي العليم، قيل له وكذلك إذا قلت ليس بموجود ولا حي ولا عليم ولا قدير كان ذلك تشبيها بالمعدومات وذلك أقبح من التشبيه بالموجودات، فإن قال أنا أنفي النفي والإثبات قيل له فيلزمك التشبيه بما اجتمع فيه النقيضان من الممتنعات، فإنه يمتنع أن يكون الشيء موجوداً معدوماً أو لا موجودا ولا معدوما ويمتنع أن يكون يوصف ذلك باجتماع الوجود والعدم أو الحياة والموت أو العلم والجهل أو يوصف بنفي الوجود والعدم ونفي الحياة والموت ونفي العلم والجهل.
فإن قلت إنما يمتنع نفي النقيضين عما يكون قابلا لهما وهذان يتقابلان تقابل العدم والملكة لا تقابل السلب والإيجاب فإن الجدار لا يقال له أعمى ولا بصير ولا حي ولا ميت إذ ليس بقابل لهما، قيل لك أولاً هذا لا يصح في الوجود والعدم فإنهما متقابلان تقابل السلب والإيجاب باتفاق العقلاء فيلزم من رفع أحدهما ثبوت الآخر.
وأما ما ذكرته من الحياة والموت والعلم والجهل فهذا اصطلاح اصطلحت عليه المتفلسفة المشاؤون والاصطلاحات اللفظية ليس دليلاً على نفي الحقائق العقلية وقد قال الله تعالى: وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ* أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْيَاء وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ. فسمى الجماد ميتاً وهذا مشهور في لغة العرب وغيرهم.
وقيل لك ثانياً فما لا يقبل الاتصاف بالحياة والموت والعمى والبصر ونحو ذلك من المتقابلات أنقص مما يقبل ذلك فالأعمى الذي يقبل الاتصاف بالبصر أكمل من الجماد الذي لا يقبل واحداً منهما، فأنت فررت من تشبيهه بالحيوانات القابلة لصفات الكمال ووصفته بصفات الجامدات التي لا تقبل ذلك، وأيضاً فما لا يقبل الوجود والعدم أعظم امتناعاً من القابل للوجود والعدم بل ومن اجتماع الوجود والعدم ونفيهما جميعاً فما نفيت عنه قبول الوجود والعدم كان أعظم امتناعاً مما نفيت عنه الوجود والعدم، وإذا كان هذا ممتنعاً في صرائح العقول فذاك أعظم امتناعاً فجعلت الوجود الواجب الذي لا يقبل العدم هو أعظم الممتنعات وهذا غاية التناقض والفساد. انتهى.
وقال في موضع آخر من التدمرية: واعلم أن الجهمية المحضة كالقرامطة ومن ضاهاهم ينفون عنه تعالى اتصافه بالنقيضين حتى يقولون ليس بموجود ولا ليس بموجود ولا حي ولا ليس بحي ومعلوم أن الخلو عن النقيضين ممتنع في بدائه العقول كالجمع بين النقيضين.
وآخرون وصفوه بالنفي فقط فقالوا ليس بحي ولا سميع ولا بصير وهؤلاء أعظم كفراً من أولئك من وجه وأولئك أعظم كفراً من هؤلاء من وجه فإذا قيل لهؤلاء هذا مستلزم وصفه بنقيض ذلك كالموت والصمم والبكم، قولوا إنما يلزم ذلك لو كان قابلا لذلك وهذا الاعتذار يزيد قولهم فساداً وكذلك من ضاهى هؤلاء وهم الذين يقولون ليس بداخل العالم ولا خارجه إذا قيل هذا ممتنع في ضرورة العقل، كما إذا قيل ليس بقديم ولا محدث ولا واجب ولا ممكن ولا قائم بنفسه ولا قائم بغيره، قالوا هذا إنما يكون إذا كان قابلا لذلك والقبول إنما يكون من التحيز فإذا انتفى التحيز انتفى قبول هذين المتناقضين فيقال لهم علم الخلق بامتناع الخلو من هذين النقيضين هو علم مطلق لا يستثنى منه موجود. انتهى.
وأما ما نسبه صاحبك لبعض الأئمة كالإمام أبي حنيفة والإمام الشافعي من نفي علو الله ونفي استوائه على العرش، فهذا كذب عليهم، وإن الثابت عنهم عكس ذلك، فقد ذكر الإمام الحافظ الذهبي في كتابه العلو بعض النصوص عن الإمام أبي حنيفة في تكفير من أنكر أن الله في السماء مستو على عرشه، ومنها قوله: بلغنا عن أبي مطيع الحكم بن عبد الله البلخي صاحب (الفقه الأكبر) قال: سألت أبا حنيفة عمن يقول: لا أعرف ربي في السماء، أو في الأرض. فقال: قد كفر، لأن الله تعالى يقول: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى. وعرشه فوق سمواته. فقلت: إنه يقول: أقول على العرش استوى، ولكن قال لا يدري العرش في السماء أو في الأرض. قال: إذا أنكر أنه في السماء فقد كفر. رواها صاحب (الفاروق) بإسناد عن أبي بكر بن نصير بن يحيى عن الحكم.
وسمعت القاضي الإمام تاج الدين عبد الخالق بن علوان قال: سمعت الإمام أبا محمد عبد الله محمد المقدسي مؤلف (المقنع) رحم الله ثراه وجعل الجنة مثواه، يقول: بلغني عن أبي حنيفة رحمه الله أنه قال: من أنكر أن الله عز وجل في السماء فقد كفر. انتهى.
ونقل الإمام ابن القيم في كتابه اجتماع الجيوش الإسلامية نصوصاً للإمام الشافعي تدل على إثباته صفة العلو لله تعالى وأنه سبحانه في السماء مستو على عرشه فقال: قال الإمام ابن الإمام عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي حدثنا أبو شعيب وأبو نور عن أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله تعالى قال: القول في السنة التي أنا عليها ورأيت أصحابنا عليها أهل الحديث الذين رأيتهم وأخذت عنهم مثل سفيان ومالك وغيرهما الإقرار بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وأن الله تعالى على عرشه في سمائه يقرب من خلقه كيف شاء وأن الله تعالى ينزل إلى السماء الدنيا كيف شاء. قال عبد الرحمن وحدثنا يونس بن عبد الأعلى قال: سمعت محمد بن إدريس الشافعي يقول وقد سُئل عن صفات الله وما يؤمن به فقال: لله تعالى أسماء وصفات جاء بها كتابه وأخبر بها نبيه أمته لا يسع أحداً من خلق الله قامت عليه الحجة ردها. لأن القرآن نزل بها وصح عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم القول (بها) فيما روى عنه العدول، فإن خالف ذلك بعد ثبوت الحجة عليه فهو كافر فأما قبل ثبوت الحجة عليه فمعذور بالجهل، لأن علم ذلك لا يدرك بالعقل ولا بالروية والقلب ولا نكفر بالجهل بها أحد إلا بعد انتهاء الخبر إليه بها، وتثبيت هذه الصفات وننفي عنها التشبيه كما نفى التشبيه عن نفسه فقال: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ. وصح عن الشافعي أنه قال خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه حق قضاها الله في سمائه وجمع عليها قلوب أصحاب نبيه ومعلوم أن المقضي في الأرض والقضاء فعله سبحانه وتعالى المتضمن لمشيئته وقدرته، وقال في خطبة رسالته: الحمد لله الذي هو كما وصف به نفسه وفوق ما يصفه به خلقه. فجعل صفاته سبحانه إنما تتلقى بالسمع. انتهى.
وللوقوف على مزيد من أقوال السلف في إثبات صفة العلو لله تعالى انظر (العلو للعلي الغفار) للإمام الذهبي أو مختصره للألباني، وانظر (اجتماع الجيوش الإسلامية) لابن القيم.
وأما كتاب (رجم المعتدي) فلا نعلم عنه ولا عن صاحبه شيئاً، وبالنسبة للشيخ عبد الرحمن دمشقية فإنه من الدعاة المعروفين الناصحين الذابين عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن المدافعين عن سنته.
هذا وننصحك بمطالعة كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وخصوصاً (العقيدة الواسطية) و(الفتوى الحموية الكبرى)، وتجد بعض المواقع المختصة ببيان عقيدة السلف والرد على شبهات المخالفين في الفتوى رقم 63082
والله أعلم.
المفتـــي: مركز الفتوى
*******************************
رقـم الفتوى : 96343
عنوان الفتوى :عرش الرحمن والفرق بينه وبين الكرسي
تاريخ الفتوى : 10 جمادي الأولى 1428 / 27-05-2007
السؤال
ما هو "عرش الله" عز وجل, هل هو ملكه، وهل هناك فرق بين العرش والكرسي, على سبيل المثال في الآيتين في قوله تعالى: "ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية", وقوله عز وجل: "وسع كرسيه السماوات والأرض"؟ وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فعرش الرحمن هو أعظم مخلوق خلقه، فقد روى ابن حبان وصححه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا أبا ذر: ما السماوات السبع مع الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة، وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على الحلقة. قال الحافظ ابن حجر في الفتح: وله شاهد عن مجاهد أخرجه سعيد بن منصور في التفسير بسند صحيح عنه. وهناك من أوَّل العرش بأنه الملك، وهذا الحديث يرد هذا التأويل ويبطله، وكذلك يبطله قوله تعالى : وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ (الحاقة : 17)، وأما الكرسي في قوله تعالى : وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ (البقرة : 255)، فقيل: هو العرش ذاته، وقيل: هو علم الله، وقيل: موضع القدمين من العرش، وهو الأقرب
والله أعلم
المفتـــي: مركز الفتوى
*******************************
رقم الفتوى : 34465
عنوان الفتوى :الكرسي والجلوس
تاريخ الفتوى : 12 جمادي الأولى 1424 / 12-07-2003
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم أود أن أعرف هل كرسي الرحمن الذي تحت العرش يجلس عليه الرحمن عند الساعة -أي عند المحاسبة- أم ماذا؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً حتى أنقل هذه المعلومة بشكل صحيح. وشكراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فللعلماء ثلاثة أقوال في معنى الكرسي المذكور في قوله تعالى: وَسَعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضَ (البقرة : 255)
1- الأول أنه بمعنى علم الله، وهو عن ابن مسعودٍ وابن عباس وسعيد بن جبير وقال به: ابن جرير الطبري، وهو الذي يدل عليه ظاهر القرآن.
2- الثاني: أنه هو العرش، وهو مروي عن الحسن.
3- الثالث: أنه موضع القدمين بالنسبة للعرش، وهو مروي عن أبي موسى والسدي ومسلم البطين وابن عباس.
وقد روى ابن جرير بسنده إلى عبد الله بن خليفة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن كرسيه وسع السماوات والأرض، وإنه ليقعد عليه فما يفضل مقدار أربع أصابع، وإن له أطيطًا كأطيط الرحل وقد رواه أيضًا الخطيب والضياء المقدسي وغيرهما، وضعفه طائفة من أهل العلم منهم: ابن الجوزي والإسماعيلي والألباني وغيرهم.
وروى البيهقي في السنن والشُّعَب و الطبراني في الأوسط و ابن أبي عاصم عن بريدة قال: لما قدم جعفر من الحبشة لقيه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أخبرني بأعجب شيء رأيته بأرض الحبشة. قال: مرت امرأة على رأسها مكتل فيه طعام فمر بها رجل على فرس فأصابها فرمى به، فجعلت انظر إليها وهي تعيده في مكتلها وهي تقول: ويل لك يوم يضع الملك كرسيه، فيأخذ للمظلوم من الظالم، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه، فقال: كيف تقدس أمة لا تأخذ لضعيفها من شديدها حقه وهو غير متعتع.
وقد صحح الحديث الألباني في ظلال الجنة، ففيه إثبات نصب الكرسي وليس فيه ذكر جلوس الله عليه.
فالخلاصة أن وجود الكرسي أمر ثابت من الأحاديث. أما جلوس الله عليه فليس بثابت.
والله أعلم.
المفتـــي: مركز الفتوى
*******************************
رقم الفتوى : 39292
عنوان الفتوى :القدم ثابتة لله على الوجه الذي يليق به سبحانه
تاريخ الفتوى : 29 شعبان 1424 / 26-10-2003
السؤال
أرجو توضيح إثبات القدمين لله مع الدليل والتفصيل؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمذهب أهل السنة والجماعة أن ما أثبته الله تعالى لنفسه وأثبته له نبيه عليه الصلاة والسلام،فهو ثابت له على حقيقته بلا تمثيل ولا تعطيل،والصفات كلها من باب واحد.
أما بخصوص الأدلة على صفة القدم أو الرجل فهي كثيرة،نقتصر منها على ما يلي:
1- ما ثبت في الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تزال جهنم يُلقى فيها وتقول هل من مزيد،حتى يضع رب العزة فيها قدمه فينزوي بعضها إلى بعض وتقول:قط قط وكرمك،ولا يزال في الجنة فضل حتى يُنشئ الله لها خلقاً فيسكنهم فضل الجنة. هذا لفظ مسلم .
وقد ورد لفظ الرجل في رواية البخاري وهي: فأما النار فلا تمتلئ حتى يضع رجله تقول: قط قط .
2- قال ابن عباس رضي الله عنهما: الكرسي موضع قدميه، والعرش لا يقدر قدره . أخرجه الحاكم في المستدرك، وقال: حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. قال الذهبي في التلخيص: على شرط البخاري ومسلم . .
3- قال الإمام ابن خزيمة في كتاب التوحيد 2/202: باب ذكر إثبات الرجل لله عز وجل وإن رغمت أنوف المعطلة الجهمية،الذين يكفرون بصفات خالقنا عز وجل التي أثبتها لنفسه في محكم تنزيله وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم.
4- قال الشيخ ابن عثيمين في شرح العقيدة الواسطية: والحاصل أنه يجب علينا أن نؤمن بأن لله تعالى قدماً، وإن شئنا قلنا رجلاً على سبيل الحقيقة مع عدم المماثلة، ولا تكيف الرجل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا بأن لله تعالى رجلا أو قدما،
ولم يخبرنا كيف هذه الرجل أو القدم. انتهى.
والله أعلم.
المفتـــي: مركز الفتوى
*******************************
رقـم الفتوى : 6707
عنوان الفتوى : الله فوق عرشه ، بائن عن خلقه
تاريخ الفتوى : 22 شوال 1421 الموافق 18 يناير 2001
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرجو منكم الإجابة على هذا السؤال : ما الحكم فيمن قال بأن الله في كل مكان. وهل هذه العبارة صحيحة. أفتوني جزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على المسلم أن يعتقد أن الله تعالى مستو على عرشه ، وعرشه فوق سماواته ، وأنه بائن من خلقه جل وعلا ليس حاّلاً فيهم ، فهو العلي الأعلى ، فوق جميع مخلوقاته سبحانه وتعالى وتقدس. وهذا ما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة ، وإجماع الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أهل القرون المفضلة.
قال الله تعالى (سبح اسم ربك الأعلى) وقال الله تعالى (يخافون ربهم من فوقهم) وقال الله تعالى (ثم استوى على العرش) في سبعة مواضع من القرآن .وقال الله تعالى (إليه يصعد الكلم الطيب) وقال الله تعالى (بل رفعه الله إليه) وقال الله تعالى (أأمنتم من في السماء)
والسماء بمعنى العلو ، أو هي السموات المعروفة و (في) بمعني (على)
أي : على السماء ، إذ ليس الله تعالى محصوراً ولا داخلا في شيء من خلقه ، وهذا نحو قوله تعالى (قل سيروا في الأرض) أي على الأرض .
وكقوله تعالى (ولأ صلبنكم في جذوع النخل) أي على جذوع النحل.
إلى غير ذلك من الآيات الدالة على علوه تعالى على خلقه.
كما دلت عليه نصوص السنة ومنها:
1- ما رواه مسلم من حديث معاوية بن الحكم السلمي في قصة ضربه
لجاريته وفيه.. فقلت : يا رسول الله أفلا أعتقها ؟ قال : "ادعها ، فدعوتها ، فقال لها أين الله ؟ قالت : في السماء .قال : من أنا ؟ قالت : أنت رسول الله. قال : أعتقها فإنها مؤمنة "
2- ما رواه مسلم عن جابر بن عبد الله أن رسول صلى الله عليه وسلم قال في خطبته يوم عرفة : " ألا هل بلغت ؟ فقالوا : نعم _ يرفع أصبعه إلى السماء وينكتها إليهم _ ويقول : اللهم اشهد "
3- ما رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " الملائكة يتعاقبون فيكم ، ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر ، ثم يعرج إليه الذين باتوا فيكم فيسألهم وهو أعلم بهم : كيف تركتم عبادي ؟ فيقولون : أتيناهم وهم يصلون وتركناهم وهم يصلون "
4- ما رواه أبو داود والترمذي من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " الراحمون يرحمهم الرحمن ، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء "
5- ما رواه البخاري عن أنس أن زينب بنت جحش كانت تفخر على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم تقول :" زوجكن أهاليكن ، وزوجني الله من فوق سبع سموات "
6- ما في الصحيحين من حديث أبي سعيد قال : قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء ، يأتيني خبر السماء صباحاً ومساء"
7- ما رواه مسلم من حديث أبي هريرة أن رسول صلى الله عليه وسلم قال: "والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشه فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء ساخطاً عليها حتى يرضى عنها زوجها "
8- ما في الصحيحين من حديث أبي هريرة قال : (قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم " كان ملك الموت يأتي الناس عياناً ، فأتى موسى عليه السلام فلطمه فذهب بعينه ، فعرج إلى ربه عز وجل فقال : يارب بعثتني إلى موسى فلطمني" الحديث.
9- ما رواه النسائي من حديث سعد بن أبي وقاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لسعد بن معاذ : " لقد حكمت فيهم بحكم الملك من فوق سبع سموات "
10- وما جاء في قصة معراجه صلى الله عليه وسلم وارتفاعه إلى مستوى سمع فيه صريف الأقلام ، وكلامه مع ربه جل وعلا ، ثم مروره على موسى ،ثم رجوعه إلى ربه جل وعلا سائلاً التخفيف في أمر الصلاة.
إلى غير ذلك من الأحاديث الصحيحة الثابتة الدالة على إثبات هذا الأمر العظيم .
وهذا الأمر مستفيض عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من التابعين وحسبنا من ذلك ما قال عبد الله بن رواحة رضي الله عنه :
شهدت بأن وعد الله حق وأن النار مثوى الكافرينا
وأن العرش فوق الماء طاف وفوق العرش رب العالمينا
وتحمله ملائكة كرام ملائكة الإله مقربينا
وأما الإجماع فقد حكاه غير واحد من أئمة المسلمين.
1- قال الإمام الأوزاعي (المتوفى سنة 157هـ) : كنا والتابعون نقول : إن الله تعالى فوق عرشه ، ونؤمن بما وردت به السنة من صفاته
وقال الإمام عثمان بن سعيد الدارمي (المتوفى سنة 280 هـ) في رده على بشر المريسي : اتفقت الكلمة من المسلمين أن الله تعالى فوق عرشه ، فوق سماواته
3- وقال الإمام قتيبة بن سعيد (المتوفى سنه 240هـ) : هذا قول الأئمة في الإسلام وأهل السنة والجماعة : نعرف ربنا عز وجل في السماء السابعة على عرشه ، كما قال (الرحمن على العرش استوى)
4- وقال الإمام أبو زرعة الرازي (المتوفى سنة 264هـ) والإمام أبو حاتم : أدركنا العلماء في جميع الأمصار ، فكان مذهبهم أن الله على عرشه بائن من خلقه ، كما وصف نفسه ، بلا كيف ، أحاط بكل شيء علما
5- وقال الإمام بن عبد البر حافظ المغرب (المتوفى سنة 463هـ) في كتابه التمهيد ( 6/ 124) في شرح حديث النزول : وهو حديث منقول من طرق متواترة ، ووجوه كثيرة من أخبار العدول عن النبي صلى الله عليه وسلم … وفيه دليل على أن الله عز وجل في السماء على العرش من فوق سبع سموات ، كما قالت الجماعة ، وهو من حجتهم على المعتزلة والجهمية في قولهم :إن الله عز وجل في كل مكان وليس على العرش .و الدليل على صحه ما قاله أهل الحق في ذلك : قول الله عز وجل (الرحمن على العرش استوى) … انتهى
6- وقال الإمام الحافظ أبو نعيم صاحب الحلية في كتابه محجة الواثقين : وأجمعوا أن الله فوق سمواته ، عال على عرشه ، مستو عليه ، لا مستولٍ عليه كما تقول الجهمية إنه بكل مكان وبهذا يعلم أن القول بأن الله في كل مكان ليس من أقوال أهل السنة ،بل هو قول الجهمية والمعتزلة ، ولهذا قال ابن المبارك رحمه الله (المتوفى سنه 181هـ) وقد سئل : كيف ينبغي أن نعرف ربنا ؟ قال: على السماء السابعة على عرشه ، ولا نقول : كما تقول الجهمية : إنه هاهنا في الأرض
قال الإمام الذهبي في نهاية كتابه : العلو : والله فوق عرشه كما أجمع عليه الصدر الأول ، ونقله عنهم الأئمة وقالوا ذلك رادين على الجهمية القائلين بأنه في كل مكان محتجين بقوله تعالى (وهو معكم أينما كنتم) فهذان القولان هما اللذان كانا في زمن التابعين وتابعيهم ، وهما قولان معقولان في الجملة.
فأما القول الثالث المتولد أخيراً من أنه تعالى ليس في الأمكنة ولا خارجا عنها ولا فوق العرش ولا هو متصل بالخلق ، ولا بمنفصل عنهم ، ولا ذاته المقدسة متحيزة ، ولا بائنة عن مخلوقاته ، ولا في الجهات ، ولا خارجا عن الجهات ، ولا ، ولا ، فهذا شيء لا يعقل ولا يفهم ، مع ما فيه من مخالفة الآيات والأخبار ، ففر بدينك وإياك وآراء المتكلمين ..... انتهى
فمن قال : إن الله في كل مكان ، يريد نفي علوه على عرشه ، وأنه بذاته في الأمكنة فقوله باطل بل هو كفر بالله تعالى ، لما فيه من إثبات الحلول والامتزاج بالمخلوقات. ولهذا قال الإمام ابن خزيمة
: من لم يقل إن الله فوق سمواته على عرشه بائن من خلقه وجب أن يستتاب ، فإن تاب و إلا ضربت عنقه ، ثم ألقي على مزبلة لئلا يتأذى به أهل القبلة ولا أهل الذمة.
ومن قال إن الله في كل مكان يريد بذلك علمه تعالى وأنه لا يعزب مكان عن علمه ، فهذا حق ، وينبغي له أن يصرح مع ذلك بأن الله بائن عن خلقه مستو على عرشه لئلا يوهم كلامه حلول الله في خلقه ، تعالى الله عن ذلك .وهذا هو معنى قوله تعالى (وهو معهم أينما كانوا) وقوله (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم).
وقد صح عن الإمام مالك بن أنس رحمه الله أنه قال : الله في السماء ، وعلمه في كل مكان لا يخلو منه شيء وقد نقل الإمام أبو عمرو الطلمنكي الإجماع على أن المراد بهذه الآية : العلم.
وقال القاضي أبو بكر الباقلاني في كتابه الإبانة : فإن قال: فهل تقولون إنه في كل مكان ؟ قيل له: معاذ الله ، بل هو مستو على عرشه كما أخبر في كتابه فقال (الرحمن على العرش استوى) وقال الله (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه) وقال (أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور) ... ولو كان في كل مكان لكان في بطن الإنسان وفمه ، والحشوش ، والمواضع التي يرغب عن ذكرها ، ولوجب أن يزيد بزيادة الأمكنة إذا خلق منها ما لم يكن ، وينقص بنقصانها إذا بطل منها ما كان ، ولصح أن يُرْغب إليه إلى نحو الأرض ، وإلى خلفنا وإلى يميننا وإلى شمالنا ، وهذا قد أجمع المسلمون على خلافه وتخطئة قائله .... انتهى
وهذه المسألة قد اهتم أهل السنة ببيانها والتصنيف فيها ، فمن أراد الاطلاع على كلام السلف واستدلالاتهم فليرجع إلى هذه المصادر ، ومنها :
كتاب الإيمان والتوحيد لابن منده .
الإبانة لابن بطة العكبري.
التوحيد لابن خزيمة.
كتاب أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للطبري اللالكائي.
كتاب الإبانة للإمام أبي الحسن الأشعري .
كتاب العلو للحافظ الذهبي.
كتاب الفتوى الحموية لابن تيمية.
كتاب اجتماع الجيوش الإسلامية لابن القيم.
والله أعلم.
المفتـــي : مركز الفتوى
*******************************
رقـم الفتوى : 31848
تاريخ الفتوى : 09 ربيع الأول 1424 الموافق 11 مايو 2003
عنوان الفتوى : أين كان ربنا تبارك وتعالى قبل الخلق
السؤال
أين كان الله قبل الخلق ؟؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالجواب عن هذا السؤال جاء صريحاً من لفظ النبي صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، وذلك في حديث أبي رزين العقيلي رضي الله عنه قال : أين كان ربنا تبارك وتعالى قبل أن يخلق السماوات والأرض؟ قال: كان في عماء، ما فوقه هواء وما تحته هواء، ثم خلق العرش ثم استوى عليه رواه الترمذي وابن ماجه والبيهقي، وصححه الترمذي في موضع، وحسنه في موضع، وحسنه الذهبي.
وعماء يعني (سحاب)، ورويت بالقصر (عمى) أي: ظلمة، أو عمىً بمعنى شأنه مُعَمَّى على خلقه.
والله أعلم.
المفتـــي: مركز الفتوى
*******************************
رقـم الفتوى 99150
تاريخ الفتوى : 06 رمضان 1428 الموافق 18 سبتمبر 2007
عنوان الفتوى : الله مستو على عرشه
السؤال
أين الله و هل معرفة هذا المعتقد فرض وهل يترتب على عدم معرفته دخول النار والخلود فيها ؟؟
الفتوى
الله هو العلي الأعلى وقد استوى على عرشه، وعرشه فوق السموات السبع، والتصديق والاعتقاد لذلك بعد سماع نصوص الوحي فيه واجب، ولا يجب على كل الأمة أن يتعلموه ابتداء.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن معتقد أهل السنة أن الله متصف بالعلو، وأنه استوى على عرشه كما ذكر في عدة آيات من القرآن، والعرش فوق السموات السبع، والإيمان بهذا المعتقد واجب شرعي لما فيه من الإيمان بنصوص الوحي الدالة عليه.
ولا يجب على كل فرد من الأمة أن يتعلم هذا المعقتد كما قال الذهبي.ولكنه لا يجوز لمسلم أن ينكره بعد اطلاعه على النصوص الواردة فيه.
والله أعلم.
المفتـــي: مركز الفتوى
*******************************
رقـم الفتوى 76111
تاريخ الفتوى : 06 رجب 1427 / 01-08-2006
عنوان الفتوى : جواب شبهة حول استواء الله على عرشه وعلوه على خلقه
السؤال
قبل قليل قرأت الفتوى رقم 6707 و المتعلّقة بإجماع الأمّة صحابة و تابعين و من جاء بعدهم من أهل القرون المفضّلة على أنّ اللّه عزّ و جلّ فوق عرشه بائن عن خلقه. وهي فتوى في غاية الوضوح و الدّقّة ولا مجال للتّشكيك. ما أريد أن أقوله هو أنّه في جامع الزّيتونة لدينا، هناك درس ينتظم كلّ يوم خميس بعد العصر و يتعلّق بحفظ القرآن الكريم لكنّ الشيخ جزاه اللّه خيرا يفسّر أحيانا بعض الآيات التي نحن بصدد حفظها و يجيب عن بعض الأسئلة التي تطرح عليه مع العلم أنّه يتقن القراءات العشر و يكرّس معظم وقته لخدمة كتاب اللّه بتدريس القراءات و أنا دائما أدعو له بالخير و هو أيضا إمام خطيب (سامحه اللّه) أذكر أنّه قال ردّا على الشّيخ ابن عثيمين رحمه اللّه : (يقولون اللّه في السّماء...يجعلون للّه مكانا...اللّه أكبر من كلّ شيء...و لماذا نقول إذا في أوّل الصّلاة اللّه أكبر...)
أمّا عن حديث الجارية فحسبما أذكر أنّه قال فيه طعن (أو شيء في هذا المعنى) هذا أمام جمع كبير من الحاضرين يزيد عن المئتين وربّما ثلاثمائة. لكن من الذي يعترض؟ لا أحد. الكلّ آذان صاغية.
أنا أعتبر شخصيا الأمر خطير لأنّه يتتعلّق بالعقيدة و التّوحيد. هل في رأيكم من يقول مثل هذا الكلام تصحّ منه الفتوي في مسائل تتعلّق بالعقيدة؟ ما هو واجبي من النّصيحة لأصدقائي الذّين يحضرون للدّرس باستمرار؟ أرجو الرّدّ في أقرب وقت إن شاء اللّه.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الذي يعتقده أهل السنة والجماعة أن الله تعالى متصف بالعلو وأنه استوى على عرشه، وعرشه فوق سمائه، فالله تعالى فوق كل شيء، وهذا هو ما أجمع عليه سلف الأمة من الصحابة والتابعين أهل القرون المفضلة، وهذا ما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة،
قال الله تعالى: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (الأعلى: 1)
وقال الله تعالى: يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ (النحل:50)
وقال الله تعالى : ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ (الرعد: 2) في سبعة مواضع من القرآن،
وقال الله تعالى: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ (فاطر: 10)
وقال تعالى: بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ (النساء: 158) ،
وقال الله تعالى :أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ (الملك: 16)
وقال الإمام الأوزاعي:
كنا والتابعون نقول إن الله تعالى فوق عرشه ونؤمن بما وردت به السنة من صفاته،
وقال الإمام عثمان بن سعيد الدارمي في رده على بشر المريسي: اتفقت الكلمة من المسلمين أن الله تعالى فوق عرشه ، فوق سماواته،
وقال الإمام ابن سعيد: هذا قول الإئمة في الإسلام وأهل السنة والجماعة نعرف ربنا عزوجل في السماء السابعة على عرشه كما قال: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (طه: 5)
وأما حديث الجارية فصحيح فقد رواه مسلم من حديث معاوية بن الحكم السلمي في قصة ضربه لجاريته وفيه : فقلت يا رسول الله أفلا أعتقها ؟ قال: ادعها فدعوتها فقال لها أين الله ؟ قالت في السماء، قال من أنا ؟ قالت أنت رسول الله قال اعتقها فإنها مؤمنة،
فالواجب السعي في إقناع الناس بالحق ودعوتهم للإيمان بما أثبت الله تعالى لنفسه وأثبت له رسوله صلى الله عليه وسلم، وأما العالم الذي يعلم الناس القرآن ويفسره لهم ويفتيهم في الأمور العقدية فهو مأجور إن شاء الله فيما علم الناس من الحق، مخطئ فيما دعا له من الباطل، ونرجو أن يسامحه الله إن لم يكن حقق في آيات وأحاديث الصفات، وأما إن كان على علم بها وأنكرها تعصبا وعنادا فهو على خطر عظيم،
فقد قال الذهبي في الرد على ابن خزيمة في تكفيره المطلق لمن لم يثبت الصفات: من أقر بذلك تصديقا لكتاب الله ولأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وآمن به مفوضا معناه إلى الله ورسوله ولم يخض في التأويل ولا عمق فهو المسلم المتبع، ومن أنكر ذلك فلم يدر بثبوت ذلك في الكتاب والسنة فهو مقصر، والله يعفو عنه إذ لم يوجب الله على كل مسلم حفظ ما ورد في ذلك، ومن أنكر ذلك بعد العلم وقفا غير سبيل السلف الصالح وتمعقل على النص فأمره إلى الله نعوذ بالله من الضلال والهوى .انتهــى
هذا وننصحكم بالتلطف بالشيخ نفسه لعله يرجع ويستبين هداه، فاهدوه ما تيسر من تفاسير السلف المتبعين لمنهج السلف في الصفات كابن كثير ورسالة ابن أبي زيد القيرواني إضافة لبعض كتب العقيدة السلفية، فلعله حين يطالعها وحده يستفيد منها كما حصل لكثير من العلماء في مصر والهند والمغرب، رجعوا لمذهب السلف بعد ما اطلعوا بأنفسهم على كتب شيخ الإسلام وابن القيم وأبي الحسن الأشعري، ولا ننصحكم بسؤاله عما يحتمل أن يفتي فيه بالباطل، بل تعلموا منه القرآن والفقه واللغة
والله أعلم
المفتـــي : مركز الفتوى
*******************************