يسوع على أعواد الصليب (2)




مات ربى
، قتيلا بيد اليهود ، رغم أن أباه " يعود ويرحمهم استجابة لطِلْبَة الرب يسوع : ( يا أبتاه اغفر لهم ... ) لو 23/34 ، فإن الله قد اعتبرهم قاتلين سهوا للرب يسوع " (1) !!!! .

مات ربى وإلهى ، مات معبودى من دون الحى الذى لا يموت " بل العبادة هى لهذاالإله المتجسـد " (2) .

مات ربى ، " لكى يبيد بالموت ذاك الذى له سلطان الموت ، أى إبليس " عب 2/14 ، و " لينزع عنه كل سلطانـه على البشـر " (3) .

يقول القوم : " أنه بعد أن أسلم الروح ، طُعِن بحربة(4) ، فخرج للوقت دم ومـاء يو 19/34 وهذا لا يمكن خروجه من أجساد الموتى البشريين " (5) .

ربى وإلهى : ما أعظم أجساد الموتى الإلهيين وأقدسها . إنها تفعل ما لا تفعله أجساد الموتى البشريين . شتان بين جسد أموات الآلهة ، وجسد أموات البشر ، هكذا قال لنا القساوسة الذين ملّكتَهم رقابَنا بقولك " مَن غفرتم خطاياه تُغفرُ له ، ومن أمسكـتم خطاياه أُمسِكتْ " يو 20/23 . كَمْ هو عظيـم سـر التقـوى الإلهيـة .

ولكن لى سؤال عن هذا المـاء الذى خرج من جنبك بطعنة الحربة : هل هو ماء نقى ، صافٍ ، طاهر ، فيه شفاء ، أم أنه مما يليق بأنابيب الصرف الصحى ؟ .
مع عظـيم الاعتـذار سـيدى وإلهـى . إذن لنـدَعْ مـا يُعتـذَر منـه .


وهذا الدم الإلهى ، يقول الأنبا يوأنس : " يقول الكتاب المقدس عن دم المسيح أنه دم أزلى (عب 9/14 ) وأنه دم الله ، كما يقول بولس لقسوس أفسوس أن يهتموا برعاية كنيسة الله التى اقتناها بدمه ، فإذا كان الدم الذى سال على الصليب يوصف بأنه دم الله ... " (6) .

ربى وإلهى : إن الدم الأزلى لا يوجد فى فراغ ، وإنما فى أوعية دموية أزلية ، تكونتْ وامتدتْ وتفرعتْ فى جسد أزلى ، وقلب أزلى ؟ ؟ منذ الأزل : قبل خلق الزمان ، والمكان .


أم كان الدم الأزلى فى سَحّاحَةٍ أزلية ، تساقطت قطراتُه فى رحم العذراء ، على مراحل تكوين الجنين ، ابن المبارك ؟ ؟ .

جسدك : لحمك وعظامك ، شَعرك وبَشَرُك ، جلدك وعَصبك ، غددك وأحشاؤك ، دمك وإفرازاتك ، كلها أزلية ؟ ؟ ؟ ما أقدس هذا ، وما أروعه ، كم أنت عظـيم يا إلهـى .


ربى وإلهى ، لا يليق بالدم الأزلى أن يخرج من فتحة يستقذرها الكهنةُ والقساوسةُ والرهبانُ ، من مخـرج بـول أنـثى ؟ ؟ " مولودا من امرأة ، مولودا تحت الناموس " غل4/4 .
لِمَ لَمْ تخرج من موضع آخر ؟ ؟ فتكون المعجزة أكبر ، وأظهر ، وأطهر . بعيدا عن موضع الدنس والنجاسة ومستقذرات الكهنة ... ؟ وما يخدش الحياء من عورات النساء ؟ ؟


يقول القساوسة عن ربى : " أن لاهوتَه لم يفارق ناسوتَه لحظةً واحدةً ولا طرفةَ عين " (7) حتى وهو فى القبر .
فما كُنْـه علاقة اللاهوت بجسـدٍ ميـتٍ ، رهـين القـبر ، طريـح التـراب ، حبيس الأكفان ، معقودا عليه الأربطة ، أو عاريا فوق أعواد الصليب ، يلبس تاج الشوك ؟ ؟


أسـأل ولا مـجـيـب !!!!!!

كما يقولون إن " القديس توما ( الشكّاك ) عندما وضع يده فى جنب الرب ، كادت تحترق يدُه من نار اللاهوت " (8) . بربك ، كيف أن يوسف ونيقوديموس اللذين لفّا جسدك بالأطياب والأكفان لم يدركا هذه النيران المشتعلة ؟ ؟ لم تلسع أياديهما ؟ مع أن " اللاهوت لم يفارق الناسوت لحظة واحدة " .

ويقولون : " فالمتألم إله ، تكبر آلامه وإهانته بما لا يقاس ، فهو غير محدود ، فآلامه غير محـدودة ، ولذا ظلت آثار الصليب ( المسامير والحربة ) على جسده الممجد حتى فى السماء " (9) .

ربى وإلهى : ما زلتَ تعانى عذابا لا نهائيا ، غيرَ محدود ولا محصور كمّـا وزمانا ، لا ينقطع ولا ينقضى ؟ ؟ ؟ سرمديا بمقدار طلاقة قدرتك ، ومجدك ، وعظمتك ، وسلطانك ، ومحبتك ... اللانهـائية ، واللامحـدودة ؟ ؟

ما زلتَ تتوجع وتتألم وتتأوه يا إلهى ؟ ؟ عذابك لا يفتر ولا ينتهى ، كامل باق لا أمَدَ له ، لا يحـده حـد ، ولا يحصيه عـد ؟ ؟

لهـفى عليـك ربى وإلـهى ، وسيـدى ومـولاى .

عليـك يتفطـر قلبـى كـل وقـت وحـين !!!! .


ولكن خبّرنى ربى يسوع : من ذا الذى رأى آثار المسامير والحربة فى جسدك الممجد فى السماء ؟ هل رصدها يوحنا وهو على مائدة عشاء عرس الخروف ، وقد هيأتْ العروسُ نفسَها للفرح ؟ رؤ 19/ 7-9 .

قتل اليهودُ الربَّ يسوعَ ، ولكن الآبَ يعود ويرحمهم ، يغفر لهم ، إذ اعتبرهم قاتلين له سهوا !!!!!

إنه تصرف يليق بالمعتوهين ، يالها من بلاهة ، هذه سذاجة لا تليق إلا بإله النصارى .

أيها الآب : من الحكمة أن تمنع الآخرين من اكتشاف حماقتك .

قاتلين سهوا !!!! عبارة يصدقها الحمقى دون تعقل . فالنصرانية لا عقل لها .

لماذا لم يعتبر أبوك خطيئة آدم سهـوا فيغفـرها له أيضا ؟ ؟ أم أن حياتك أهون عليه من قضم ثمرة ؟ ؟ ( المجانين فى نعيم ) .

تلك زلةٌ من زلات الآب ، أو قل خدْعة من خدَعـهِ .



تـكلـم ، فقـد كلـم الله مـوسـى .

ألم يكن لديك ربى وإلهى وسيلة أخرى للانتصار على إبليس ، بغير الموت المهين على الصليب ؟ ؟

كيف لم يتملك الفزعُ من الشيطان كُلا من موسى ومحمـد ، بينما يخشى ربى أن يتعرف عليه الشيطان ، فيحاول الإله خداعه " فلم يدَعْ لإبليس ولا لجنوده فرصةً لمعرفة حقيقته ، حتى لا يعـمد المعـاند إلى مقاومة تدبير الله فى الخلاص " (10) .

أيهما أحـق بالخـوف : الله ، أم الشيطان ؟ ؟

أيهما أقـدر على إفسـاد تدبير الآخر : الله ، أم الشيطان ؟ ؟

أيهما له مُلكُ هذا الكون ( 200 مليون مجرة ) وتصريفُه حسب مشيئته وقضائه : الله ، أم الشيطان ؟ ؟

أيهما له الإرادة العليا ، القدير المقتدر ، صاحب السطوة والسلطان : الله ، أم الشيطان ؟ ؟


أيهما أثبت جنانا ، وأقوى قلبا ، وأكثر شجاعة ، وأعظم بطولة ، وأصلب إرادة : ربى وإلهـى يسـوع ، أم موسـى ومحـمـد ؟ ؟ ؟

أجبنـى سيـدى : " لَمَا شبقتنى ؟ ... أى لماذا تركتنى ؟ " مت 27/46 .


المراجع :
1- دراسات فى إنجيل متى – تعريب وهيب ملك صـ 35 .

2- طبيعة المسيح – البابا شنوده صـ 9 .

3- تفسير الأناجيل الأربعة معا – د. شماس حمدى صادق صـ 282 .

4- مسبحة النصارى 41 حبة – بعدد : 39جلدة +1 ضربة بالقصبة على رأسه + 1 طعنة بالحربة فى جنبه .

5- التثليث والتوحيد – الأستاذ فوزى جرجس صـ 109 .

6- عقيدة المسيحيين فى المسيح – الأنبا يوأنس صـ 214 – 215 .

7- اللاهوت المقارن – الأنبا شنوده صـ 11 .

8- السنكسار جـ 2 – صـ 96 .

9- تفسير الأناجيل الأربعة معا – د. شماس حمدى صادق صـ 281 .

10- تفسير الأناجيل الأربعة معا – د. شماس حمدى صادق صـ 55 .