

-
خلاصة القول :
إن قول الرسول صلى الله عليه و سلم:" و أبيه" كلمة جرت عادة العرب أن تدخلها في كلامها غير قاصدة حقيقة الحلف.لأن الرسول صلى الله عليه و سلم معصوم من الوقوع في الشرك بنوعيه.خاصة إذا علمنا نهي رسول الله صلى الله عليه و سلم عن الحلف و القسم بالآباء.
روى الإمام البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال
: قال النبي صلى الله عليه و سلم ( لا تحلفوا بآبائكم ومن كان حالفا فليحلف بالله )
روى الإمام أحمد عن بن عباس قال: قال عمر رضي الله عنه : كنت في ركب أسير في غزاة مع رسول الله صلى الله عليه و سلم فحلفت فقلت لا وأبي فهتف بي رجل من خلفي لا تحلفوا بآبائكم فالتفت فإذا هو رسول الله صلى الله عليه و سلمتعليق شعيب الأرنؤوط : صحيح لغيره .
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله في الفتح:
أخرج الترمذي من وجه آخر عن بن عمر انه سمع رجلا يقول لا والكعبة فقال لا تحلف بغير الله فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك قال الترمذي حسن وصححه الحاكم والتعبير بقوله فقد كفر أو أشرك للمبالغة في الزجر والتغليظ في ذلك وقد تمسك به من قال بتحريم ذلك قوله من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت قال العلماء السر في النهي عن الحلف بغير الله أن الحلف بالشيء يقتضي تعظيمه والعظمة في الحقيقة إنما هي لله وحده.انتهى قول الترمذي رحمه الله.
فلا يتصور عاقل أن يعظم النبي صلى الله عليه أب الأعرابي الذي جاءه سائلا عن شرائع الإسلام .و قد تجد هذا الأب مشركا.و النهي عام حتى إن رسول الله صلى الله عليه و سلم نهى عن القسم بالمسيح و هو أفضل هؤلاء بصفته نبيا مرسلا:
فقدروى أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه عن عكرمة ، قال : قال عمر : حدثت قوما حديثا ، فقلت : لا وأبي ، فقال رجل من خلفي : لا تحلفوا بآبائكم ، قال : فالتفت ، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : لو أن أحدكم حلف بالمسيح لهلك ، والمسيح خير من آبائكم. و أشار الحافظ في الفتح أنه حديث مرسل.
فنهي النبي صلى الله عليه و سلم بالقسم بالمسيح و هو أفضل من أب النبي صلى الله عليه و سلم فكيف يقسم هو بمشرك؟
إن المسيح أفضل و لاشك و لامرية من أب الرجل الذي قال رسول الله فيه : و أبيه.و محال أن يقسم رسول الله صلى الله عليه و سلم بأب رجل لم تجر عادة العرب عليها.
قال الحافظ أبو عمر يوسف بن عبد البر في التمهيد:
عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أدرك عمر بن الخطاب وهو يسير في ركب وهو يحلف بأبيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت".
هكذا رواه مالك وغيره عن نافع عن ابن عمر عن النبي عليه السلام معنى واحد وكذلك رواه الزهري عن سالم عن ابن عمر وزاد قال عمر فوالله ما حلفت بها ذاكرا ولا آثرا.
وفي هذا الحديث من الفقه أنه لا يجوز الحلف بغير الله عز وجل في شيء من الأشياء ولا على حال من الأحوال وهذا أمر مجتمع عليه وقد روى سعيد بن عبيدة عن ابن عمر فيه حديثا شديدا أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من حلف بغير الله فقد أشرك" ذكره أبو داود وغيره. اهـ قول ابن عبد البر رحمه الله بنصه.
تذكير ببعض قوله:
لا يجوز الحلف بغير الله عز وجل في شيء من الأشياء ولا على حال من الأحوال وهذا أمر مجتمع عليه.
لا يجوز الحلف بغير الله عز وجل في شيء من الأشياء ولا على حال من الأحوال وهذا أمر مجتمع عليه.
لا يجوز الحلف بغير الله عز وجل في شيء من الأشياء ولا على حال من الأحوال وهذا أمر مجتمع عليه.
في سنن الترمذي عن الزهري عن سالم عن أبيه : سمع النبي صلى الله عليه و سلم عمر وهو يقول وأبي و أبي فقال إلا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فقال عمر فو الله ما حلفت به بعد ذلك ذاكرا ولا آثرا
قال وفي الباب عن ثابت بن الضحاك و ابن عباس و أبي هريرة و عبد الرحمن بن سمرة
قال أبو عيسى حديث ابن عمر حديث حسن صحيح
قال أبو عيسى قال أبو عبيد معنى قوله ولا آثرا أي لم آثره عن غيري يقول لم أذكره عن غيري
قال الشيخ الألباني : صحيح
قال النووي في شرحه على مسلم:
قوله ( ما حلفت بها ذاكرا ولا آثرا ) معنى ذاكرا قائلا لها من قبل نفسي ولا آثرا بالمد أي حالفا عن غيري.
فقول عمر في رواية : نهرني فيه ما فيه من الترهيب من ذلك الفعل.و لذلك تركه و لم يعد إليه أبدا .فهل ينهر رسول الله صلى الله عليه و سلم أصحابه عن عمل و يقع فيه؟ حاشاه صلى الله عليه و سلم.
في صحيح البخاري عن عمر : فوالله ما حلفت بها منذ سمعت النبي صلى الله عليه و سلم ذاكرا ولا آثرا .و في صحيح مسلم: مثله غير أن في حديث عقيل ما حلفت بها منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عنها ولا تكلمت بها. ولم يقل ذاكرا ولا آثرا.
أخرج مسلم في صحيحه عن عبد الله بن دينار أنه سمع ابن عمر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « من كان حالفا فلا يحلف إلا بالله ». وكانت قريش تحلف بآبائها فقال « لا تحلفوا بآبائكم ».
فقسم قريش في جاهليتها هو القسم و الحلف بالآباء و جاء رسول الله صلى الله عليه و سلم ليقضي على شر الجاهلية و ظلامها و ينشر خير الإسلام و نوره.فهل عاب عليه أحد مقالته؟ و هل نسبه أعداؤه إلى التناقض ؟ و هل رموه بالشرك و الكفر؟
إن المسألة من البيان بمكان و إن رسول الله بريء من فرية النصارى. و مما يرد على الأغبياء الضُّلاَّل ما جاء في مصنف ابن أبي شيبة عن العلاء بن المسيب ، عن أبيه ، قال :
قال كعب :
إنكم تشركون ، قالوا : وكيف يا أبا إسحاق ؟ قال : يحلف الرجل لا وأبي ، لا وأبيك ، لا لعمري ، لا وحياتك ، لا وحرمة المسجد ، لا والإسلام ، وأشباهه من القول.
فهل يعقل أن يكون أصحاب رسول الله و تلامذته أحرص على الإيمان و أشد الناس تنفيرا من الشرك منه صلى الله عليه و سلم؟ هذا ما لا يقول به عاقل مسلم. و سنقف جليا عند مقولي من خلال ما أورده الفخر الرازي رحمه الله في تفسيره.قال :
قوله : {مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ } من أقوى الدلائل على أنه معصوم في جميع الأوامر والنواهي وفي كل ما يبلغه عن الله ، لأنه لو أخطأ في شيء منها لم تكن طاعته طاعة الله وأيضا وجب أن يكون معصوما في جميع أفعاله ، لأنه تعالى أمر بمتابعته في قوله : {فَاتَّبَعُوهُ} (الأنعام : 153 ـ 155) والمتابعة عبارة عن الإتيان بمثل فعل الغير لأجل أنه فعل ذلك الغير ، فكان الآتي بمثل ذلك الفعل مطيعاً لله في قوله : {فَاتَّبَعُوهُ} فثبت أن الانقياد له في جميع أقواله وفي جميع أفعاله ، إلا ما خصه الدليل ، طاعة لله وانقياد لحكم الله.
و من خلال ما قال الإمام فخر الدين رحمه الله نطرح السؤال التالي :
. من اقتدى برسول الله في المسألة لما قال مقولته ؟
إن نهي رسول الله صلى الله عليه و سلم للصحابة جعلهم يتركون ما ألفوه خوفا من السقوط في المحظور.و سيأتي بيان اتباع الصحابة لرسول الله في القسم.
و سوف يضطرنا الأمر أن نقف عند مسألة مهمة و هي :
4 _ عصمة الرسول صلى الله عليه و سلم:
قال أبو المعالي الجويني في تلخيص أصول الفقه :
فاعلم أن عصمة النبي صلى الله عليه وسلم واجبة فيما يليق بمعرفة الله تعالى ، فلا يجوز عليه ما يضاد المعرفة وفاقا ، وكذلك يجب عصمته في التبليغ ، فلا يجوز عليه تعمد الخلاف فيما يبلغه وفاقا.
قال القاضي عياض رحمه الله في الشفا:
واعلم أن الأمة مجمعة على عصمة النبي صلى الله عليه وسلم من الشيطان وكفايته منه لا في جسمه بأنواع الأذى ولا على خاطره بالوساوس.
قال القرطبي في تفسيره إن الرسول صلى الله عليه و سلم معصوم من الخطأ في التبليغ والأحكام ، بدليل العقل الدال على صدقه فيما يبلغه عن الله تعالى.
قال الدميري :
وأما عصمته صلى الله عليه وسلم من الكبائر، فمجتمع عليها وكذلك سائر الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
و قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
والناس متفقون علي أن الأنبياء معصومون فيما يبلغون عن الله فلا يقرون في ذلك على خطأ باتفاق المسلمين.
لقد أمر الله تعالى بطاعة رسوله الكريم صلى الله عليه و سلم مطلقا .و لو لم يكن معصوما لما أمر الله بطاعته إذ هو المقتدى به و ا لأسوة الحسنة لأمته فكيف يسوغ أن يأمرهم بشيء و يفعله هو؟
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله عن عصمة الرسول فأجاب :
عصمة الرسول عليه الصلاة والسلام من كل ما ينافي الرسالة, فهو معصوم من الكذب, ومعصوم من سوء الأخلاق, ومعصوم من الخيانة, ومعصوم من الشرك, وغير ذلك مما ينافي الرسالة.
في الديباج على مسلم:
هي كلمة جرت عادة العرب أن تدخلها في كلامها غير قاصدة بها حقيقة الحلف كقولهم تربت يداه وقاتله الله.
أخرج النسائي في سننه عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : من كان حالفا فلا يحلف إلا بالله وكانت قريش تحلف بآبائها فقال لا تحلفوا بآبائكم
في المسند عن بن عباس قال قال عمر رضي الله عنه : كنت في ركب أسير في غزاة مع النبي صلى الله عليه و سلم فحلفت فقلت لا وأبي فنهرني رجل من خلفي وقال لا تحلفوا بآبائكم فالتفت فإذا أنا برسول الله صلى الله عليه و سلم
تعليق شعيب الأرنؤوط : صحيح لغيره وهذا إسناد ضعيف
الر سول صلى الله عليه و سلم قال و أبيه و لم يقل و أبي .
فلم يبق إشكال.
فلما لم يقسم بأبيه ظهر أنه جرت على لسانه مجرى الكلام العادي الذي لا يراد به معناه الحقيقي.و إلا فالعرب إذا أرادت القسم أقسمت بآبائها .و الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم لم يقسم بأبيه.فلم يبق إلا أن نقول إنها من سنن العرب في كلامها.
قال الإمام السهيلي رحمه الله:
ومحال أن يقصد صلى الله عليه وسلم القسم بغير الله تبارك وتعالى ، لا سيما برجل مات على الكفر وإنما هو تعجب من قول الأعرابي والمتعجب منه هو مستعظم ولفظ القسم في أصل وضعه لما يعظم فاتسع في اللفظ حتى قيل على الوجه . وقال الشاعر
فإن تك ليلى استودعتني أمانة ... فلا وأبي أعدائها لا أخونها
بأبي أعدائها ، ولكنه ضرب من التعجب وقد ذهب أكثر شُراح الحديث إلى النسخ في قوله : أفلح وأبيه قالوا : نسخه قوله عليه السلام لا تحلفوا بآبائكم وهذا قول لا يصح ، لأنه لم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم - كان يحلف قبل النسخ بغير الله ويقسم بقوم كفار وما أبعد هذا من شيمته - صلى الله عليه وسلم - تالله ما فعل هذا قط ، ولا كان له بخلق . انتهى قول السهيلي و هو غاية في التحقيق و أعجبني ما أورد فالله يرحمه و يجزل مثوبته.
سأذكر بأقوال العلماء في المسألة قيد المناقشة:
قيل : هي كلمة جرت عادة العرب أن تدخلها في كلامها غير قاصدة حقيقة الحلف .
القول الأول :
أن هذا قبل النهي عن الحلف بغير الله.أورده ابن عبد البر في التمهيد ورجحه البيهقي والنووي و أورده الطحاوي. و أنكره السهيلي.قال ابن حجر في الفتح:
وقال السبكي أكثر الشراح عليه حتى قال بن العربي وروى انه صلى الله عليه و سلم كان يحلف بأبيه حتى نهى عن ذلك.و رجعت إلى تفسير ابن العربي و لم أقف على قوله إن رسول الله كان يقسم بأبيه .
القول الثاني :
قول النبي صلى الله عليه و سلم و أبيه خاص بالشارع دون غيره من أمته .
القول الثالث:
ذهب بعض العلماء إلى أن بعض الرواة صحف قوله ( وأبيه ) من قوله ( والله ) ، قال الحافظ : " وهذا محتمل ، ولكن مثل ذلك لا يثبت بالاحتمال " .
القول الرابع:
أضمر فيه اسم الله تعالى كأنه قال لا ورب أبيه.قال ابن حجر: أو فيه إضمار اسم الرب كأنه قال ورب أبيه.
القول الخامس:
قول الرسول صلى الله عليه و سلم و أبيه كلمة جارية على أَلْسُن العرب تستعملها كثيرا في خطابها وتريد بها التأكيد.
من خلال ما تقدم بينت أن الرسول صلى الله عليه و سلم لم يقسم و لم تكن تلك الكلمة يمينه .و سقت ما يبعد الكلمة عن الأقوال الأخرى .
لم يبق القول إلا أن الرسول الأكرم صلى الله عليه و سلم قال كلمة لا تتعلق بالقسم كما قال ابن فارس في كتابه الماتع الصاحبي في فقه اللغة:
فمن سنن العرب مخالفة ظاهرِ اللفظ معناه، كقولهم عند المدح: قاتله الله ما أشعره فهم يقولون هذا ولا يريدون وقوعه.
إن الحلف بغير الله أمره خطير جدا حتى إن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: (لأن أحلف بالله كاذباً أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقاً) وذلك لأن الحلف بالله توحيد والكذب معصية، والحلف بغير الله شرك،فانظر كيف هاب ابن مسعود الحلف بغير الله و لو كان صادقا و استمرأ و جوز الحلف بالله و لو كان كاذبا. ومن المعلوم أن المعصية دون الشرك، والذنب الذي يوصف بأنه شرك أو كفر يكون أعظم من غيره وأشد.و لكي نقضي على حلم النصراني المسكين نجيب عن هذا السؤال الذي سيكون الضربة القاصمة القاضية.
يتبع بحول الله و قوته..
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة أبو جاسم في المنتدى شبهات حول القران الكريم
مشاركات: 10
آخر مشاركة: 11-05-2013, 06:02 AM
-
بواسطة فريد عبد العليم في المنتدى المنتدى الإسلامي العام
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 20-10-2009, 03:07 AM
-
بواسطة خفيف ظل في المنتدى شبهات حول السيرة والأحاديث والسنة
مشاركات: 1
آخر مشاركة: 13-10-2009, 08:45 PM
-
بواسطة أبـــ(تراب)ـــو في المنتدى شبهات حول السيرة والأحاديث والسنة
مشاركات: 11
آخر مشاركة: 19-11-2007, 08:34 PM
-
بواسطة ياسر الشيخ في المنتدى شبهات حول السيرة والأحاديث والسنة
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 07-02-2006, 03:44 AM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى

المفضلات