الحمد لله وبعد :



من طرق المناظرة


قال شيخ الإسلام رحمه الله :" من طرق المناظرة : أن يقع التفضيل بين طائفتين , ومحاسن إحداهما أكثر وأعظم , ومساوئها أقل وأصغر , فإذا ذكر ما فيها من ذلك , عورض بأن مساوئ تلك أعظم كقوله تعالى "يسألونك عن الشهر الحرام" البقرة 217 ,وإن كان كل من الطائفتين ممدوحا , لا يستحق الذم , بل هناك شبه في الموضعين , وأدلة في الموضعين , وأدلة أحد الصنفين أقوى , وشبهته أضعف وأخفى , فيكون أولى بثبوت الحق ممن تكون أدلته أضعف , وشبهته أقوى وهذا حال النصارى واليهود مع المسلمين , وهو حال أهل البدع مع أهل السنة " اهـ بواسطة "طريق الوصول إلى العلم المأمول للشيخ السعدي - رحمه الله - رقم 218 صفحة 59 - 60

قلت : وهذا طريق جيد وأصل عظيم في المناظرة كالقياس الأولي فإذا أقر النمصراني مثلا بكتاب يأمر بالقتل والزنى بنسبة ألف بالمئة أوليس الاولى أن يقبل كتابا كالقرءان مثلا فيه زنى بدرجة أقل - إن سلمنا للنصراني بذلك - ؟

وأية البقرة 217 دليل واضح على هذا الأصل فقد قال ربنا "يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة : 217]

قال بن كثير - رحمه الله - في تفسير الأية :"{ يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير } لا يحل وما صنعتم أنتم يا معشر المشركين أكبر من القتل في الشهر الحرام حين كفرتم بالله وصددتم عن محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه وإخراج أهل المسجد الحرام منه حين أخرجوا محمدا صلى الله عليه وسلم وأصحابه أكبر من القتل عند الله"اهـ .

قلت
: الكفار أنكروا على رسول الله صلى الله عليه وسلم القتال في الشهر الحرام فبين ربنا أن القتال في الشهر الحرام كبير لكن فعلكم يا كفار اعظم من القتال في الشهر الحرام حيث كفرتم بالله واخرجتم الرسول صلى الله عليه وسلم وصددتم عن سبيل الله وعن مسجده .

فعلى فرض وجود سيئات في الفريقين فسيئاتكم اكبر وهذا يؤدي بكم الى عدم عيب اهل الحق بذلك .

وهذه الطريقة في المناظرة تنفع المناظر فإذا تكلم مع نصراني مثلا حول القتل مثلا في الإسلام يقارن ذلك مع ما ورد في الكتاب المسمى مقدسا ويضع نسبة مثلا للديانتين فما رجح كان هو الأولى بالإتباع وهكذا باقي الشبهات لنصل في الأخير إلى أي الديانتين أحق بالإتباع على فرض عدم معرفتنا أيهما الحق وإلا فالإسلام بين جلي ولله الحمد والمنة .