بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله



بعد أثبتنا في الموضوع السابق إلقاء شبه المسيح على المصلوب وتغير هيئة المسيح لكي يتم رفعه للسماء حتى لا يقتله اليهود ,هناك دليل آخر على أن ما قاله القرآن في شأن المسيح هو الحق , بأن اليهود لم يقتلوه ولم يصلبوه , سنناقش قضية عدم الصلب نفسها بعدما ناقشنا قضية إلقاء الشبه .

نقرأ مثلاً :-

إنجيل 10
17 لِهذَا يُحِبُّنِي الآبُ، لأَنِّي أَضَعُ نَفْسِي لآخُذَهَا أَيْضًا. 18لَيْسَ أَحَدٌ يَأْخُذُهَا مِنِّي ، بَلْ أَضَعُهَا أَنَا مِنْ ذَاتِي. لِي سُلْطَانٌ أَنْ أَضَعَهَا وَلِي سُلْطَانٌ أَنْ آخُذَهَا أَيْضًا. هذِهِ الْوَصِيَّةُ قَبِلْتُهَا مِنْ أَبِي».

هنا يوضح يسوع أنه لن يستطيع أحد أن نفسه [ روحه ] منه , بل الأمر يرجع إليه بإيعاز من الآب , إما أن يضعها وإما أن يأخذها , فالأمر يرجع إليه .


لكن يدور الآن سؤال :-


ما معنى قول يسوع لَيْسَ أَحَدٌ يَأْخُذُهَا مِنِّي ؟


كيف يستطيع أحد أن يأخذ روح إنسان آخر ؟؟


أقول هناك فرق بين " الموت " وبين " القتل " فالأول يتم بإرادة الله عز وجل بإنقضاء أجل الإنسان المحدود وإنتهاء أيامه في الحياة فيموت بحتف أنفه , أو كما يُقال بالمصري [ موتة ربنا ] , فالروح لم تعد صالحة لأن تسكن في هذا الجسد بعد الآن , لتوقف القلب عن ضخ الدم وتوقف العقل عن العمل وإعطاء الإشارات لباقي أجزاء الجسم التي تعمل من أجل إحياءه .


أما القتل فهو بأمر الله عز وجل ولكن الفرق أنه يكون بنقض البنية , فبنية الإنسان تكون سليمة ولكن لعامل أو مسبب خارجي يتم نقضها مثلاً عن طريق الطعن , فالقتل ليس حتف أنف بل نقض بنية .


لذلك يقول المجرم :- أنا حقتل؛ لأن الموت بنزع الروح بيد الله فقط ,أما نقض البنية عن طريق القتل فيستطيع أي شخص أن يفعله ولكن ليس بنزع الروح من الجسد.


فهنا يقول يسوع أنه لن يستطيع أحد أن يأخذ نفسي مني أي بنقض البنية وهوالقتل , فيسوع يعترف أنه لن يُقتل ولن يستطيع أحد أن يقتله فلا يوجد أحد يستطيع أخذ نفسه منه , والقتل في حد ذاته ليس موتاً بل نقض بنية.


فالنتيجة المنطقية هي :- يسوع يعترف أنا لن أُصلب , وصدق قول الله عز وجل


{ وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا }
النساء 157