الحمد لله وبعد :



قال الله - تعالى - :"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [المائدة : 105]

يقول شيخ الإسلام - رحمه الله - كما في مجموع الفتاوي 14/481 :"ى الآية فوائد عظيمة :

أحدها :أن لايخاف المؤمن من الكفار و المنافقين فانهم لن يضروه إذا كان مهتديا.

الثانى : أن لا يحزن عليهم و لا يجزع عليهم فان معاصيهم لا تضره إذا اهتدى و الحزن على مالا يضر عبث و هذان المعنيان مذكوران فى قوله واصبر و ما صبرك إلا بالله و لاتحزن عليهم و لا تك في ضيق مما يمكرون.

الثالث : أن لايركن اليهم و لا يمد عينه الى ما أوتوه من السلطان و المال و الشهوات كقوله لاتمدن عينيك الى ما متعنا به أزواجا منهم و لا تحزن عليهم فنهاه عن الحزن عليهم و الرغبة فيما عندهم فى آية و نهاه عن الحزن عليهم و الرهبة منهم فى آية فان الانسان قد يتألم عليهم و منهم اما راغبا و اماراهبا .

الرابع :أن لايعتدى على أهل المعاصي بزيادة على المشروع فى بغضهم أو ذمهم أو نهيهم أو هجرهم أوعقوبتهم بل يقال لمن اعتدى عليهم عليك نفسك لايضرك من ضل إذا اهتديت كما قال و لا يجرمنكم شنآن قوم الآية و قال وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم و لا تعتدوا ان الله لا يجب المعتدين وقال فان انتهوا فلاعدوان الا على الظالمين فان كثيرا من الآمرين الناهين قد يعتدى حدود الله اما بجهل و اما بظلم و هذا باب يجب التثبت فيه و سواء في ذلك الانكار على الكفار و المنافقين و الفاسقين و العاصين.

الخامس :أن يقوم بالأمر و النهي على الوجه المشروع من العلم و الرفق و الصبر و حسن القصد و سلوك السبيل القصد فان ذلك داخل في قوله عليكم انفسكم و فى قوله إذا اهتديتم.

فهذه خمسة أوجه تستفاد من الآية لمن هو مأمور بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر" اهـ.