الحمد لله وبعد :



مر بالمعروف وإن لم تفعله وانه عن المنكر وإن فعلته..

أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ [البقرة : 44]


قال بن كثير - رحمه الله - :"والغرض : أن الله تعالى ذمهم على هذا الصنيع ونبههم على خطئهم في حق أنفسهم حيث كانوا يأمرون بالخير ولا يفعلونه وليس المراد ذمهم على أمرهم بالبر مع تركهم له فإن الأمر بالمعروف معروف وهو واجب على العالم ولكن الواجب والأولى بالعالم أن يفعله مع من أمرهم به ولا يتخلف عنهم كما قال شعيب عليه السلام : { وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب } فكل من الأمر بالمعروف وفعله واجب لا يسقط أحدهما بترك الاخر على أصح قولي العلماء من السلف والخلف وذهب بعضهم إلى أن مرتكب المعاصي لا ينهى غيره عنها وهذا ضعيف وأضعف منه تمسكهم بهذه الاية فإنه لا حجة لهم فيها والصحيح : أن العالم يأمر بالمعروف وإن لم يفعله وينهى عن المنكر وإن ارتكبه .
قال مالك عن ربيعة : سمعت سعيد بن جبير يقول : لو كان المرء لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر حتى لا يكون فيه شيء ما أمر أحد بمعروف ولا نهى عن منكر
قال مالك : وصدق من ذا الذي ليس فيه شيء ؟

( قلت ) لكنه والحالة هذه مذموم على ترك الطاعة وفعله المعصية لعلمه بها ومخالفته على بصيرة فإنه ليس من يعلم كمن لا يعلم ولهذا جاءت الأحاديث في الوعيد على ذلك "تفسير القرءان العظيم 1/124.



قال النووي - رحمه الله - :"قال العلماء : قال النووي :" قال العلماء : ولا يشترط في الآمر والناهي أن يكون كامل الحال ممتثلا ما يأمر به مجتنبا ما ينهى عنه , بل عليه الأمر وإن كان مخلاّ بما يأمر به , والنهي وإن كان متلبسا بما ينهى عنه , فإنه يجب عليه شيئان : أن يأمر نفسه وينهاها , ويأمر غيره وينهاه , فإذا أخلّ بأحدهما كيف يباح له الإخلال بالآخر ؟" اهـ.