:bsm:



الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيهِ كما ينبغيْ لجلالِ وجهِهِ وَعَظِيْمِ سلطانِهِ حمداً نستأهلُ بهِ غفرانَهُ ونستمنحُ عطفَهُ ونصرَهُ ورضاهُ ونصليْ ونسلمُ على سيدِنَا محمدٍ نورُ الهدى وَالنبيُ المصطفى وعلى الِهِ وصحبِهِ ومنْ سارَ على نهجِهِ وبعدُ

ايها الاخوةُ والاخوات الكرامُ السلامُ عليكمْ ورحمةُ اللهِ تعالَى وبركاتُهُ وبَعدُ
ارتايْت انْ اتحدثَ فِي هذهِ الفقرةِ المفتوحةِ حولَ موضوعِ حلقةِ قناةِ الجزيرةِ الفضايئةِ والذي بثتْهُ منذ يومين واعادَتْهُ بالامس وستعيدُ بثَّهُ اليوم المتعلقُ بتدنيسِ المصحفِ الشريفِ على ايدي جنودِ الكفرِ الامريكانْ في معتقلاتِ غوانتينامو

ففي البدايةِ اقولُ بانَّ المثلَ القائلَ المكتوبَ ظاهرٌ منْ عنوانِهِ ينطبقُ على هذهِ الحلقةِ فقدْ جاءَتْ المقدمةُ ممهدةً لقَبُوْ لِ هذهِ الجريمةِ او الحدِّ منْ ردةِ الفعلِ الغاضبةِ بشأنِهَا

فكانَتْ المقدمةُ على النحوِ التالِي (المقدس لَدى العربِ والمسلمينَ جدليَّةٌ تاريخيةٌ بينَ الحقيقةِ الدينيةِ والحاجةِ التعبوديةِ. كلامٌ عن تدنيسِ القرآنِ الكريمِ في غوانتانامو, أليسَ المقدسُ لدى العربِ عاملَ استنهاضٍ, أم عنصرِ تخديرٍ وعنفِ؟ )

وهُنَا لا بدَّ منْ تسليطِ الضوءِ قليلاً على واقعِ القداسةِ ثمَّ التعريجِ على اتهامِ هذا المصطلحِ بانَّهُ جَدَليةٌ تاريخيةٌ وانَّهُ يُستغلُ كعنصرِ تخديرٍ ومنْ ثمَّ استخلاصِ بعضِ النتائجِ من هذهِ الحلقةِ
فاقولُ وباللهِ التوفيقُ

انَّ لفظَ القداسةِ ليسَ لها معنى اصطلاحيٌّ وانَّما اسْتُخدمَتْ في النصوصِ الشرعيةِ بمعناها اللغويِ واصبحَ هذا المعنى هو المستخدمَ وبالرجوعِ الى معاجمِ اللغةِ نجدُ ما يلي:

قَدُسَ ( بفتحِ القافِ وضمِ الدالِ ) بمعنَى طَهُرَ
وَقَدَسَ الرجلُ اللهَ أي صلَّى لَهُ وعظَّمَهُ وكبَّرَهُ وفي التنزيلِ الحكيمِ ﴿( ونحنُ نسبحُ بحمدِكَ ونقدسُ لَكَ ) ﴾أَي نصلِّّي لَكَ ونعظمُكَ ونكبرُكَ .. وفلانٌ قدسَ اللهَ أيْ نزهَهُ عما لَا يليقُ بالالوهيةِ .. واللهُ قدسَ فلانَاً او شيئاً أي طهرَهُ وباركَ عليِهِ ...والقداسةُ أي الطهرُ والبركةُ وتاتي كذلكَ بمعنَى الشريعةِ .. هكذَا وردَ في المعجمِ الوسيطِ

ومنْ هنَا ندركُ ان القداسةَ والتقديسِ هي مظهرٌ للفطرةِ والتدينِ تتمثلُ في تعظيمِ الشيءِ وتنزيهِهِ والصلاهِ لَهُ فاذَا كانَ هذا الشيُ مقدساً من ذاتِهِ أيْ ان ذَاتَهُ تستوجبُ التقديسَ والتنزيْهِ فهو الخالقُ عزَّ وجلَّ فهو مُقدسٌ في ذاتِهِ وصفاتِهِ سبحانَهُ وتعالَى

وندركُ كذلكَ انَّ اللهَ الخالقَ قدْ طهرَ اشياءً وباركَ فيهَا وجعلَهَا مقدسةً لارتباطِهَا بعبادَتِهِ وبعقيدةِ المسلمينَ كالقرانِ الكريمِ والكعبةِ المشرفةِ والسنةِ الطاهرةِ

وهنا لا بدَ من التفريقِ بينَ التقديسِ والتكريمِ فانَّ اللهَ قد كرمَ اشياءً لكنَّهُ لمْ يعطِهَا القدسيةَ فكرمَ بني ادمَ وجعلَ دمَ المسلمَ ومالَهُ وعرضَه حراماً لكنَّها غيرُ مقدسةٍ
فلفظُ التقديسِ ومصطلحُ التقديسِ مرتبطٌ حتَمَاً بالفطرةِ والناحيةِ الروحيةِ أي انَّه موجودٌ فِي العقائدِ الروحيةِ ولا واقعَ لَهُ بهذَا المعنَى في العلمانيةِ والالحاديةِ لذلكَ وجبَ على المسلمينَ الحرصُ والتدقيقُ في المصطلحِ

والقولُ في مقدمةِ البرنامجِ بانَّ هذا المقدسَ جدليةٌ تاريخيةٌ قولٌ خبيثٌ ينمُ عنْ كيدِ للاسلامِ الامرُ الذي اعطى ذلكَ العلمانيُ اللبنانيُ الجراةَ في محاولةِ النيلِ منَ القرانِ فلقدْ صرحَ قائلاً بان القداسةِ امرُ نسبيٌ ولا يوجدُ شيءٌ مقدسٌ بذاتِهِ ثم قالَ على استحياءٍ منْهُ بان الخالقِ هو المقدسُ الوحيدُ ولا قداسةَ لغيرِهِ وتحتَ الضغطِ اعتبرَ انَ كلَ ما يتعلقُ باللهِ مقدسٌ..

فالبحثُ في المقدسِ من زاويةٍ راسماليةٍ هي دخولٌ لجحرِ الضبِ وراءَ الكفرِ ذلكَ ان هذا التقديسَ هو اما اعتقادٌ واما عبادةٌ لا يؤخذُ الا منْ نصوصِ الشرعِ
ثمَّ حاءَ الاتهامُ المبطنُ للاسلامِ والحركاتِ الاسلاميةِ بانَّها تستغلَ هذا المفهومَ لخداعَ او تخدرَ بِهِ الناسَ

لقدْ اكدَّتْ هذه الحلقةُ فكرةَ ان القنواتِ الاعلاميةَ العربيةَ هي خطُ دفاعٍ اوليٍ واستراتيجيٍ للفكرِ الغربيِ العلمانيِ واكدتْ كذلكَ انها راسُ حربةٍ للهجومِ على الاسلامِ وتمييعِ قضايا المسلمين الرئيسةِ
لذلك لا بدَ من ادراكِ هذه الحقائقِ والوقوفِ عليها


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته