ما ذكره بعض المفسرين في تأييد رأي أو بيان معنى : "المعدة بيت الداء ، والحمية رأس الدواء"
فمن ذلك ما ذكره الزمخشري في كشافه ، وتابعه النسفي في تفسيره ، عند تفسير قوله تعالى : {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}الأعراف : 31.
ويحكى أن الرشيد كان له طبيب نصراني ، حاذق فقال لعلي بن الحسين بن واقد : ليس في كتابكم من علم الطب شيء ، والعلم علمان : علم الأديان ، وعلم الأبدان ، فقال له : قد جمع الله الطب كله في نصف آية من كتابه ، فقال : وما هي ؟ قال ، قوله تعالى : {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا} ، فقال النصراني : ولا يؤثر عن رسولكم شيء في الطب ؟ فقال : قد جمع رسولنا صلى الله عليه وسلم الطب في ألفاظ يسيرة ، فقال : وما هي ؟ قال : في قوله : "المعدة بيت الداء ، والحمية(الامتناع أو التقليل من الطعام.) رأس الدواء ، واعط ما ذكره بعض المفسرين في تأييد رأي أو بيان معنى المعدة بيت الداء والحمية رأس الدواء كل بدن ما عودته" فقال النصراني : ما ترك كتابكم ، ولا نبيكم لجالينوس طبا أقول : ولئن أصاب في الآية ، فقد أخطأ في ذكره الحديث ؛ فإنه ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وإنما هو من "كلام الحارث بن كلدة" "طبيب العرب(كشف الخفاء ومزيل الإلباس ج 2 ص 214.) ، فنسبته إلى النبي كذب واختلاق عليه ، نعم هناك من قول النبي صلى الله عليه وسلم ما أهو أدق وأوفى من هذا ، وهو قوله صلى الله عليه وسلم : "ما ملأ ابن آدم وعاء شراء من بطنه ، بحسب ابن آدم أكلات -أي لقيمات- يقمن صلبه ، فإن كان ولا بد ، فثلث لطعامه ، وثلث لشرابه ، وثلث لنفسه" ، رواه الترمذي وقال : حديث حسن.
وقد كان الإمام البيضاوي على حق حينما ذكر القصة التي ذكرها الزمخشري ، ولكنه اكتفى بالآية ، ولم يذكر الحديث ، فقد علمت أنه ليس من كلامه صلى الله عليه وسلم.