شبهة



الإسراء:

سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المَسْجِدِ الحرام إلى المسجد الأقصى (آية 1).

اختلف المفسرون فيما يتعلق بالإسراء فقالوا إنه كان من الكعبة أو من الحِجْر، أو من بيت أم هانئ.

وقال محمد: بينما كنت نائماً في بيت أم هانئ بعد صلاة العِشاء، أُسري بي . فارتدّ كثير من قريش ورأوا أن هذا من أضغاث الأحلام، أو الأوهام. ومن أقواله في الحديث إن الصلاة كانت خمسين، فتوسّط لدى الله وجعلها خمسة وقت الإسراء (ابن كثير في تفسير هذه الآية).

وقد أورد الرازي عدة شبهات حول أحاديث الإسراء والمعراج:

- 1 - الحركة البالغة في السرعة إلى هذا الحدّ غير معقولة. وصعود الجرم الثقيل إلى السموات غير معقول. وصعوده إلى السموات يوجب انخراق الأفلاك، وذلك محال.

- 2 - هذا المعنى لو صحّ لكان أعظم من سائر المعجزات. وكان يجب أن يظهر ذلك عند اجتماع الناس حتى يستدلّوا به على صدقه في ادّعاء النبوّة. فأما أن يحصل ذلك في وقت لا يراه أحد ولا يشاهده أحد، فإنه يكون عبثاً، وذلك لا يليق بالحكيم.

- 3 - تمسّكوا بقوله وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلاّ فِتْنةً للناس (الإسراء 60). وما تلك الرؤيا إلا حديث المعراج، وإنما كان فتنة للناس لأن كثيراً ممن تبع محمداً لما سمع هذا الكلام كذَّبه وكفر به، فكان حديث المعراج سبباً لفتنة الناس، فثبت أن ذلك رؤيا رآها في المنام.

- 4 - اشتمل حديث المعراج على أشياء بعيدة منها ما روي من شق بطنه وتطهيره بماء زمزم وهو بعيد، لأن الذي يمكن غسله بالماء هو النجاسات العينية، ولا تأثير لذلك في تطهير القلب من العقائد الباطلة والأخلاق المذمومة. ومنها ما روي من ركوب البُراق وهو بعيد، لأن الله لما سيّره من هذا العالم إلى عالم الأفلاك، فأيّ حاجةٍ إلى البراق. ومنها ما رُوي أنه تعالى أوجب خمسين صلاة ثم إن محمداً لم يزل يتردد بين الله وبين موسى إلى أن أعاد الخمسين إلى خمس بسبب شفقة موسى. قال القاضي: وهذا يقتضي نسخ الحكم قبل حضوره، وإنه يوجب البداء وذلك على الله محال، فثبت أن ذلك الحديث مشتمل على ما لا يجوز قبوله، فكان مردوداً (الرازي في تفسير الإسراء 17: 1).

وبالإضافة إلى كل ما قاله المفسرون عن هذه القصة، فهي باطلة من أصلها لأن بيت المقدس (هيكل سليمان أو المسجد الأقصى) كان قد هُدم عام 70م ولم يُبْنَ إلا في عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، بعد محمد بنحو مئة عام. فبعد أن بدأت دولة الأمويين بحكم معاوية، آلت الخلافة لعبد الملك بن مروان عام 65 ه (684م) فنالت مدينة القدس عنايةً كبرى في عهده. وبعد أن زارها بعث إلى وُلاته في أرجاء العالم الإسلامي يقول إن الله وجَّهه لبناء قبَّة الصخرة والمسجد الأقصى، وأنه لا يريد أن ينفذ هذا الأمر إلا إذا إمرته الرعية. فجاءته الرسائل من أنحاء العالم الإسلامي تحبِّذ الأمر، وتقول إن عليه أن يمضي في ما عزم عليه. ويقول كتاب الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل لمؤلفه قاضي القضاء مجيد السيد الحنبلي (وقد كتبه سنة 90ه) إن عبد الملك بن مروان جدَّ في بناء القبة والمسجد الأقصى ليصرف الناس عن الحج إلى مكة وقت سيطرة عبد الله بن الزبير على الحجاز.

وجمع عبد الملك بن مروان أمهر رجال الهندسة والبناء والزخرفة فأقاموا نموذجاً لقبة الصخرة عُرض على الخليفة ، فشاور أعوانه وأقرّوه وتمّ تنفيذه. (عن كتاب القدس ومعاركنا الكبرى لمحمد صبيح).

وقصة المعراج هذه أُخذت من كتب الفرس ومن خرافاتهم القديمة، فإنها مذكورة في كتبهم 400 سنة قبل الهجرة في كتاب يسمى ارتيوراف نامك (معراج).

تجهيز للرد