لنأخذ مثالاً عن الأساليب المتبعة في محاولة شرح التناقضات التي تسللت إلى الكتاب المقدس كنتيجة لقرون من "تصحيح" النصوص. مثالنا هو بين العدد [متى 17: 13] و العدد [يوحنا 1: 21] (النقطة رقم 16 في الجدول أدناه) فيشرح السيد جيه قائلاً: ((إن يوحنا يجيب عن السؤال مباشرة و بشكل حرفي، فهو ليس أيليا، هو يوحنا ابن زكريا.. لم يكن يوحنا مهتماً بتزكية كافة أنواع التأملات في شخصيته، بل يلفت الانتباه للشخص الذي أرسل بهدف إعداد الطريق له.)) فإن كان زيد نائب الرئيس و سأل أحدهم الرئيس: ((هل زيد نائب الرئيس؟)) فأجاب الرئيس: ((نعم)). فهل عندها يمكن أن يقول زيد: ((أنا لست نائب الرئيس)) لأنه "كان يقول في السياق أنه زيد" و يريد "لفت الانتباه" إلى الرئيس؟
هل يبدو هذا منطقياً؟ إن حجج المدافعين هؤلاء يتم عرضها عادة بمزيد من الثقة حتى لا يكلف الناس أنفسهم في تحليلها أو النظر إلى أبعد من ذلك. إن قبول اليهود لعيسى على أنه المسيا يتمحور حول اعتراف يوحنا بأنه إيليا [متى 9: 12]. إن لم يعترف يوحنا بأنه إيليا فإن رسالة عيسى (عليه السلام) ستفقد مصداقيتها بالكامل. أبهذه الطريقة يقوم يوحنا بـ"لفت الانتباه" إلى عيسى؟
من غير المقنع الاعتقاد بأن يوحنا (يحيى) عليه السلام، نبي الله، سيكذب عمداً و خصوصاً في مسألة قد تلغي تماماً رسالة عيسى بالكامل. و من غير المقنع أيضاً أن نبي الله يبقى نبياً من عند الله لسنين عديدة قبل مجيء عيسى (عليه السلام)، محققاً نبوءات عدة، دونما أن يعلم أنه مرسل من عند الله أو أن يعلمه الله أنه أرسله.
يخبرنا القرآن أنه عند وجود تلاعب بكلمة الله بأيدي البشرية فيسهل عندنا كشف هذه التلاعبات من خلال التناقضات التي ستنتج حتماً. فيقول:
أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا (82)
القرآن الكريم - النساء
حتى الكتاب المقدس فإنه يقدم نفس المعيار لاكتشاف هذه التعديلات:
لأنَّ أُناسًا كَثيرينَ شَهِدوا علَيهِ زُورًا (أي على عيسى) فتَناقَضَت شَهاداتُهُم.
الكتاب المقدس – مرقس 14: 56
لقد رأينا في أقسام سابقة، و سنرى في الجدول التالي، بأن "شهادة" الأناجيل التي بين أيدينا اليوم "لا تتفق مع بعضها". إن هذا نتاج عمل أصابع التعديل التي لا تحصى. فنتج عن ذلك "شهادات زور ضده (عليه السلام)" متفقاً مع ما ذكره القرآن. آمل أن تجدوا في هذه الأمثلة النور و الفائدة.
المفضلات