شبهة



كاتب محمد:

وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ ; (آية 93).

قالوا: المراد بالقسم الأول من هذه العبارة مسيلمة الكذّاب، والمراد بالقسم الثاني عبد الله بن أبي سَرْح الذي كان يكتب الوحي لمحمد، ثم ارتدّ ولَحِق بالمشركين. وسبب ذلك فيما ذكر المفسرون أنه لما نزلت المؤمنون 23: 12 “وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلاَلَةٍ مِنْ طِينٍ ; دعاه النبي فأملاها عليه، فلما انتهى إلى قوله “ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ ; (المؤمنون 23: 14) عَجِب عبد الله في تفصيل خلق الإنسان فقال: “تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ! ; (المؤمنون 14). فقال محمد: هكذا أُنزلت عليّ . فشكّ عبد الله حينئذ وقال: لئن كان محمد صادقاً، لقد أُوحي إليّ كما أُوحي إليه، ولئن كان كاذباً لقد قلتُ كما قال. فارتدّ عن الإسلام ولحِق بالمشركين، فذلك قوله: ومن قال سأُنزل مثل ما أنزَل الله رواه الكلبي عن ابن عباس. وذكره محمد بن إسحاق، قال: حدّثني شرحبيل قال: نزلت في عبد الله بن سعد بن أبي سرْح ومَنْ قال سأُنزل مثل ما أنزَل الله ارتدّشّعن الإسلام، فلما دخل محمد مكة أمر بقتله وقتل عبد الله بن خَطَل ومِقْيَس بن صُبَابة ولو وُجدوا تحت أستار الكعبة، ففرّ عبد الله بن أبي سرح إلى عثمان وكان أخاه من الرضاعة، أرضعت أمُّه عثمانَ، فغيّبه عثمان حتى أتى به إلى محمد بعد ما اطمأن أهل مكة فاستأمنه له، فصمَت طويلاً ثم قال: نعم . فلما انصرف عثمان قال محمد: ما صَمَتُّ إلا ليقوم إليه بعضُكم فيضربَ عُنُقَه . فقال رجل من الأنصار: فهلاّ أومأتَ إليَّ؟ فقال: إن النبي لا ينبغي أن تكون له خائنة الأعين (القرطبي في تفسير الأنعام 6: 109).

ولقد كان عبد الله معذوراً في ترك محمد فإنه ساعد محمداً في أقواله، بل كان يأخذ جُملاً برُمّتها ويضعها في القرآن ويقول إنها وحي، فقال: إذا كان الوحي بهذه الصفة فأنا أكون نبياً أيضاً، لأنني ساعدته على تأليفه . وشهادة عبد الله مهمة لأنه كان كاتباً له، عاشره وعرف أسراره، وتأكد أن تأليف عبارات القرآن لم يكن بطريقةٍ خارقةٍ للعادة بل كان بطريقة عادية، وإلا لما أخذ محمد أقواله ووضعها في القرآن! كما أن أسلوب عبد الله يشبه أسلوب القرآن، فأين إعجاز القرآن؟!

تجهيز للرد