شبهة الطاعنين فى حديث "طوافه على نسائه
فى ساعة واحدة" والرد عليها

روى البخارى وغيره عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال : كان النبى  يدور على نسائه، فى الساعة الوحدة من الليل والنهار، وهن إحدى عشرة( ) قال قتادة : قلت لأنس : أو كان يطيقه؟ قال : كنا نتحدث أنه أعطى قوة ثلاثين"( )0

وفى رواية عن ابن عمر مرفوعاً : "أعطيت قوة أربعين فى البطش والجماع"( ) وله شاهد صحيح عن أنس بن مالك، قال : قال رسول الله  "فضلت على الناس بأربع : بالسخاء، والشجاعة، وكثرة الجماع، وشدة البطش"( )0

هذا الحديث الذى يبين ما اختص به رسول الله ، دون غيره من الناس، ويبين عدله  بين أهل بيته، يطعن فيه أعداء السنة النبوية، بزعم أنه يسهم فى تشويه صورة الرسول ، ويطعن فى عصمته فى سلوكه، حيث يجعل الحديث بزعمهم من رسول الله  مهووساً بالجماع؛ كما زعموا أن الحديث يتعارض مع القرآن الذى يبين أن النبى كان يقضى ليله فى قيام الليل، وقراءة القرآن والعبادة، ويقضى نهاره فى الجهاد ونشر الدعوة0

يقول أحمد صبحى منصور : "البخارى يجعل من النبى مهووساً بالجماع إلى درجة لا يعرفها أشد الرجال فحوله، ولا أعرف من أين لهم ذلك القياس الذى جعلوا به مقدرة النبى – المزعومة – تبلغ قوة ثلاثين رجلاً؟0

ولكن هل كان النبى فعلاً يقضى الليل والنهار فى جماع مستمر؟ وهل كان أصحابه خلفه يهتفون بقدرته الفذة فى النكاح؟ أو هل كانت سنة النبى هى فى الجماع؟0

إن النبى كان يقضى ليله فى قيام الليل، وقراءة القرآن والعبادة، ويقضى نهاره فى الجهاد، والسعى فى توطيد أركان دولته الجديدة، ولم يكن لديه متسع من الوقت ليقطعه فى جماع متصل لجميع النساء، وفى وقت واحد… ولم يكن أصحابه لديهم الفراغ ليشجعوه ويهتفوا لفحولته الخارقة0
أمامنا نوعان من السنة، أى : طريقة الحياة اليومية للنبى… السنة التى ذكرها الرحمن فى القرآن : إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثى الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين آمنوا معك( ) والسنة التى ذكرها البخارى فى صحيحه، ولا يمكن أن نؤمن بالاثنين معاً"( )0

وبنحو قوله قال صالح الوردانى، وزاد : "إن الذين اختلقوا هذه الروايات إنما كانوا يهدفون من ورائها إلى تشويه شخصية الرسول "( )0
ويجاب عن ما سبق بما يلى :
أولاً : ليس فى رواية رواة السنة من الصحابة والتابعين فمن بعدهم إلى أئمة المحدثين كالبخارى ومسلم وغيرهما؛ ليس فى روايتهم الحياة الخاصة لرسول الله ، ما يشوه سيرته العطرة0

لأن رسول الله  معصوم فى سلوكه وهديه، وما ينقل عنه من حياته الخاصة دين، وللأمة فيه القدوة والأسوة الحسنة، وليس أدل على ذلك، ما سبق ذكره من اختلافهم فى جواز القبلة للصائم، وفى طلوع الصبح على الجنب وهو صائم، فسألوا أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها، فأخبرتهم أن ذلك وقع من النبى ، فرجعوا إلى ذلك، وعلموا أنه لا حرج على فاعله( )0

وهذا النقل لما يخصه  فى حياته الخاصة، حث عليه، وكان بإذنه بدليل ما روى أن رجلاً سأل رسول الله ، عن الرجل يجامع أهله ثم يكسل، هل عليهما الغسل؟ وعائشة جالسة، فقال  : "إنى لأفعل ذلك أنا وهذه ثم نغتسل"( )0

كما دل على أن هذا النقل من الدين قوله تعالى : وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً( ) فهذا نص قرآنى صريح يأمر بحسن صحبة الزوجة بكل ما تعنيه كلمة "المعروف"( )0

ومعلوم أن مراد الله فى كتابه، من مهامه ، لقوله تعالى : وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم( )0

ومن هنا : كان نقل هذا البيان فى الحياة الخاصة لرسول الله  قولاً وعملاً، دين واجب ذكره، لتتعلم الأمة المراد بخطاب ربها : وعاشروهن بالمعروف ولذا ذكر العلماء من حكم كثرة أزواجه  :
1- نقل الأحكام الشرعية التى لا يطلع عليها الرجال، لأن أكثر ما يقع مع الزوجة مما شأنه أن يختفى مثله0
2- الاطلاع على محاسن أخلاق رسول الله ، الباطنة، فقد تزوج  أم حبيبة بنت أبى سفيان( ) وأبوها إذ ذاك يعاديه، وصفية بنت حى بن أخطب، بعد قتل أبيها وعمها وزوجها0

فلو لم يكن ، اكمل الخلق فى خلقه لنفرن منه! بل الذى وقع أنه كان أحب إليهن من جميع أهلهن( )0

قلت : وفيما سبق من حكم كثرة أزواجه وغيرها، تأكيد لعصمته  فى سلوكه وهديه مع أزواجه الأطهار. لأنه إذا كان ما يقع مع الزوجة، مما شأنه أن يختفى مثله عن الناس، لما فيه من نقص فى قول أو عمل، فهذا بخلاف سيدنا رسول الله  لعصمة الله عز وجل له، فقوله وعمله مع أهل بيته كله كمال، ومما تقتضى به الأمة. وإليك بيان ذلك فى حديثنا0

ثانياً : لا وجه على ما سبق لإنكار أعداء السنة، لما ينقل من أحوال رسول الله ، مع أهل بيته، وزعمهم أن فى ذلك تشويه لشخصيته وسيرته العطرة، لأن فى ذلك المنقول، بيان لعصمته، وعظمة شخصيته، ومحاسن أخلاقه الباطنة مع أهل بيته، وهذا ما دل عليه حديثنا، حيث فيه البيان العملى منه ، لما حث عليه قولاً0

فعن عائشة رضى الله عنها قالت:قال رسول الله :"إن من أكمل المؤمنين إيماناً، أحسنهم خلقاً؛وألطفهم بأهله"( )وعنها أيضاً عن رسول الله  قال:"خيركم خيركـم لأهلـه، وأنا خيركم لأهلى"( ) وهذه الأقوال منه  تأكيداً وبياناً لقول رب العزة : وعاشروهن بالمعروف وهى كلمة جامعة تعنى : التحلى بمكارم الأخلاق فى معاملة الزوجات، من صبر على ما قد يبدر منهن، أو تقصير فى أداء واجباتهن، ومن حلم عن إيذائهن فى القول أو الفعل، وعفو وصفح عن ذلك، ومن كرم فى القول والبذل، ولين فى الجانب، ورحمة فى المعاملة، إلى غير ذلك مما تعنيه المكارم الأخلاقية التعاملية الأسرية0

وذلك هو ما دل عليه حديثنا "عدله  بين نسائه فى القسم" كما قالت أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها : "كان رسول الله ، لا يفضل بعضنا على بعض فى القسم من مكثه عندنا، وكان قل يوم يأتى إلا وهو يطوف علينا جميعاً فيدنوا من كل امرأة من غير مسيس حتى يبلغ التى هو يومها فيبيت عندها"( )0

وهذا الحديث نص صريح يبين لنا حقيقة طوافه  على نسائه جميعاً فى الساعة الوحدة من الليل والنهار0

إنه طواف حب، ومداعبة، بدون جماع، حتى يبلغ إلى التى هو يومها فيبيت عندها، كما هو ظاهر كلام عائشة رضى الله عنها0

ولا يتعارض مع ظاهر حديث أنس رضى الله عنه، فى أن حقيقة طوافه  على نسائه جميعاً بجماع0

إذ الجمع بينهما حينئذ يكون، بحمل المطلق فى كلام أنس على المقيد فى كلام عائشة ووجه آخر : بحمل كلام عائشة على الغالب، وكلام أنس على القليل النادر، فلا مانع من أنه  إذا طاف على نسائه جميعاً فى بعض الأحيان يكون بجماعهن جميعاً، وتكون له  القدرة على ذلك، لم اختصه الله به من القوة وكثرة الجماع، وهو صريح قوله  : "فضلت على الناس بأربع: كثرة الجماع، وشدة البطش… الحديث( )0

وقوله  : "أعطيت قوة أربعين( ) فى البطش والجماع"( ) وفى ذلك تصريح بأن الصحابة رضى الله عنهم، كانوا يتحدثون عن قوة رسول الله ، فى الجماع من خلال نحو هذه الأحاديث المرفوعة، ولا يتحدثون بالقياس والظن و… كما يزعم أعداء خصائصه وعصمته 0
ثالثاً : ليس للناقل لخصائص رسول الله ، من رواة السنة والسيرة، أى دخل فيها سوى النقل، وأداء الأمانة، أمانة الدين، كما قال  : "نضر الله امرءاً سمع منا حديثاً فحفظه حتى يبلغه"( ) وقوله  : "بلغوا عنى ولو آية… الحديث( ) فإذا أدوا هذه الأمانة، كان لهم خير الجزاء من ربهم، والشكر الجميل منا، لم أدوا إلينا من الدين!0
أما الافتراء عليهم والزعم بأنهم يتدخلون فيما ينقلون، ويجعلون من النبى  قوة فى الجماع لا يعرفها أشد الرجال فحولة … الخ( ) فهذا محض كذب عليهم، لا دليل عليه، ونكران لجميلهم وفضلهم، واستخفاف بعقل القارئ!0
رابعاً : إنكار أعداء العصمة، لم اختص به سيدنا رسول الله  فى حديثنا هذا من قوة البدن، وكثرة الجماع، إنكار لكتاب الله عز وجل، ورد على رب العزة كلامه، القائل : تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات( )0

ومع أن كثرة أزواجه ، يشترك فيها مع من سبقه من الأنبياء كما قال عز وجل : ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك وجعلنا لهم أزواجاً وذرية( )0
وكذلك طوافه  على نسائه فى الساعة الواحدة من الليل والنهار يشترك فيها مع من سبقه من الأنبياء، كما دل على ذلك قوله  : "كان لسليمان ستون امرأة( ) فقال : لأطوفن عليهن الليلة. فتحمل كل واحدة منهن غلاماً فارساً يقاتل فى سبيل الله، فلم تحمل منهن إلا واحدة فولدت نصف إنسان. فقال رسول الله : "لو كان استثنى لولدت كل واحدة منهن غلاماً، فارساً، يقاتل فى سبيل الله"( )0

إلا أنه ، اختص فى طوافه بخرق العادة له فى كثرة الجماع، مع التقلل من المأكول والمشروب، وكثرة الصيام والوصال، وقد أمر من لم يقدر على مؤن النكاح بالصوم، وأشار إلى أن كثرة تكسر شهوته( ) فانخرقت هذه العادة فى حقه ( )0

خامساً : ليس فى الحديث كما يزعم أعداء السنة، ما يتعارض مع كتاب الله عز وجل، ويشغله  عن قيام الليل متهجداً لربه عز وجل : قال تعالى : ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً( ) وقال سبحانه : إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثى الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين آمنوا معك( )0
لأن الحديث واضح وصريح فى طوافه  على نسائه فى ساعة واحدة من النهار أو الليل، والساعة هى قدر يسير من الزمان، لا ما اصطلح عليه أصحاب الهيئة( )0

والساعة هنا : هى حق له، ولأهل بيته( ) ولا تشغله عن حق ربه عز وجل، ولا عن حق رسالته، ونشر دعوته فهو القائل  لعبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما، لم أخبر عنه، أنه يصوم النهار أبداً، ويقوم الليل، ويقرأ القرآن كله ليلة، خاطبه رسول الله  بقوله : "فإن لجسدك عليك حقاً، وإن لعينك عليك حقاً، وإن لزوجك عليك حقاً، وإن لزورك عليك حقاً"( )0
وهكذا كان رسول الله ، فى سيرته يعطى كل ذى حق حقه، يدل على ذلك ما روى عن عائشة رضى الله عنها سألت، ما كان النبى ، يصنع فى أهله؟ قالت : كان فى مهنة أهله، فإذا حضرت الصلاة، قام إلى الصلاة"( ) وفى رواية قالت : "كان بشراً من البشر، يفلى ثوبه، ويحلب شاته، ويخدم نفسه"( )0
وتلك هى سنته ، العدل، وإعطاء كل ذى حق حقه، فمن كان عليها فقد اهتدى، ومن كان عمله على خلافها فقد ضل، وذلك ما صرح به المعصوم ، فعن ابن عباس رضى الله عنهما قال : "كانت مولاة للنبى  تصوم النهار، وتقوم الليل، فقيل له، إنها تصوم النهار، وتقوم الليل، فقال رسول الله  : "إن لكل عمل شرة( ) والشرة إلى فترة( ) فمن كان فترته إلى سنتى فقد اهتدى، ومن كانت فترته إلى غير ذلك فقد ضل"( ) وما حث عليه  فى أن يكون نشاط المسلم واستقراره على سنته المطهرة، وسيرته العطرة، لا يكون إلا بالعدل، وإعطاء كل ذى حق حقه، لربه، ولجسده، ولأهله… الخ ولأنه ، لا يخالف قوله عمله، كان طوافه على نسائه جميعاً، سواء بمسيس أو بدونه، من العدل بإعطاء كل ذى حق حقه، بدون أن يشغله ذلك عن حق ربه عز وجل وإليك نماذج من قيامه الليل بما لا يتعارض مع طوافه على نسائه!0
1- فعن عائشة رضى الله عنها، قالت : "ما صلى رسول الله  العشاء قط فدخل على، إلا صلى أربع ركعات، أو ست ركعات( ) ثم يأوى إلى فراشه فهذا تأكيد من زوجته عائشة، بأنه ، ما ترك قيام الليل، منذ دخل عليها0
2- وتحكى عائشة رضى الله عنها، أنها : "افتقدت رسول الله ، ذات ليلة تقول : فظننت أنه ذهب إلى بعض نسائه، فتحسست، ثم رجعت، فإذا هو راكع، أو ساجد، يقول : سبحانك وبحمدك، لا إله إلا أنت، تقول : فقلت : بأبى وأمى، إنك لفى شأن، وإنى لفى آخر"( ) تعنى : أنها غارت حيث افتقدته، وظنت أنه ذهب إلى بعض نسائه، ولكن إذ بها تجده قائماً بين يدى ربه عز وجل يناجيه0
3- وتوضح عائشة رضى الله عنها، كيف كان رسول الله ، يجمع بين حق الله تعالى فى قيام الليل، وبين حق أهل بيته وحقه، فتقول : "كان رسول الله ، ينام أول الليل، ويحى آخره، ثم إن كانت له حاجة إلى أهله قضى حاجته ثم ينام، فإذا كان عند النداء الأول قالت : وثب( ) ولا والله : ما قالت قام، فأفاض عليه الماء، ولا والله : ما قالت : اغتسل. وأنا أعلم ما تريد، وإن لم يكن جنباً توضأ وضوء الرجل للصلاة. ثم صلى الركعتين"( )0
فتأمل : كيف جعل رسول الله ، الجماع تابعاً لقيام ليله، وبعد فراغه منه، ثم ينام، حتى إذا دخل وقت الفجر قام بسرعة، وبكل نشاط استعداداً لصلاة الفجر، بإفضاء الماء على جسده تطهيراً من الجنابة – إن كان جنباً – وتأمل دقة التعبير قالت : "وثب" يقول الأسود بن يزيد راوى الحديث "لا والله : ما قالت قام… إلخ وإن لم يكن جنباً، توضأ وضوء الرجل للصلاة، ثم صلى الركعتين أى سنة الصبح0

4- وبنفس شهادة عائشة رضى الله عنها، شهد ابن عباس رضى الله عنهما، عندما بات عند خالته أم المؤمنين ميمونة رضى الله عنها0

ففى الصحيحين عنه : أنه بات عند ميمونة أم المؤمنين رضى الله عنها – وهى خالته – قال : فاضطجعت على عرض الوسادة، واضطجع رسول الله  وأهله فى طولها، فنام رسول الله ، حتى انتصف الليل أو قبله بقليل أو بعده بقليل، ثم استيقظ رسول الله ، فجلس، فمسح النوم عن وجهه بيده، ثم قرأ العشر الآيات خواتيم سورة آل عمران، ثم قام إلى شن( ) معلقة، فتوضأ منها فأحسن وضوءه، ثم قام يصلى. قال ابن عباس رضى الله عنهما : فقمت فصنعت مثل ما صنع، ثم ذهبت فقمت إلى جنبه، فوضع رسول الله ، يده اليمنى على رأسى، وأخذ بأذنى اليمنى يفتلها بيده، فصلى ركعتين ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين ، ثم ركعتين ، ثم ركعتين، ثم أوتر، ثم اضطجع حتى جاءه المؤذن، فقام فصلى ركعتين خفيفتين ثم خرج فصلى الصبح"( )0

5- وحتى عندما زار أم سليم، وأم حرام، وبات عندهما، لم يمنعه ذلك من قيام الليل على ما جاء فى رواية أنس بن مالك رضى الله عنه قال : صلى رسول الله  فى بيت أم سليم، وأم سليم، وأم حرام خلفنا، ولا أعلمه إلا قال : أقامنى عن يمينه"( )0
وبعد : فهل قصر رسول الله ، مع طوافه على نسائه جميعاً فى ساعة واحدة من الليل أو النهار فى قيام الليل؟0
أو هل تعارض حديث طوافه مع كتاب الله عز وجل، كما يزعم أعداء السيرة العطرة؟0
إن حديث طوافه ، على نسائه جميعاً، يبين بياناً عملياً على ما سبق؛ القرآن الكريم وعاشروهن بالمعروف ويبين البيان العملى لخيرية وكمال أخلاقه وعصمته مع أهل بيته، كما قال : "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلى" إنه يبين كمال رأفته، وحبه، وعدله مع أهل بيته، كما صرحت بذلك عائشة رضى الله عنها "لا يفضل بعضنا على بعض فى القسم، من مكثه عندنا، وكان قل يوم يأتى إلا وهو يطوف علينا جميعاً، فيدنوا من كل امرأة من غير مسيس حتى يبلغ إلى التى هو يومها، فيبيت عندها"0
كما أن الحديث يبين ما اختص به رسول الله ، وفضل به على سائر الناس من "قوة أربعين رجلاً فى البطش والجماع" والأمر هنا : ليس من عند نفسه، ولا من عند رواة السنة – رحمهم الله – وإنما من عند ربه عز وجل، وهو ما يفيده مجئ لفظ "أعطيت" بالبناء للمجهول. فتأمل0
كما أنه ليس فى كثرة جماعه دليل على (هوسه بالجماع) على حد زعم أعداءه وأعداء عصمته ؟0
لأن الأمر فى ذلك راجع إلى قيامه بواجب العدل بين أهل بيته، كما أنه يرجع إلى طبيعته البشرية، وما اختصه به ربه عز وجل، ولم يكن فى ذلك كله ما يشغله عن حق ربه عز وجل، فهو مع ما طبعت عليه بشريته من كثرة الجماع، فهو بالإجماع أعبد الناس، ولم يخل بعبادته شيئاً، لأنه ، لم يكن يأتيها إلا على مشروعيتها، وهذا هو غاية العصمة والكمال فى البشرية0
وتأمل مع ما سبق من أحاديث قيامه الليل، حديث عائشة رضى الله عنها : "كان رسول الله  إذا صلى، قام حتى تتفطر رجلاه، فقالت : يا رسول الله : أتصنع هذا، وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال : "يا عائشة! أفلا أكون عبداً شكوراً"( )0
صلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد
وعلى آله وسلم ورزقنى قدوة به فى تعدده
وفى عدله مع أهل بيته