سنتحدث هنا من السيرة النبوية الشريفه عن بعض الجوانب التربوية والدروس المستفاده منها وسنركز على دروس هامة مستفادة من حياة الرسول :salla-s:في المدينة إلى ان اراد الله له الأنتصار الأكبر بقتح مكه.
بعد الهجرة النبوية من مكه الى المدينة بدأ الرسول :salla-s: ينظم العلاقة الانسانية بين المهاجرين والأنصار ثم نظم العلاقة بين اليهود الذين كانوا في المدينة بين المسلمين ووبدات تنزل الآيات القرانية التي تنظم شؤون الأسره والمجتمع والدولة الإسلامية الجديدة.
وبما أن المسلمين أصبحوا قوة منظمة كمجتمع وكدولة فقد بدأت المواجهات العسكرية بين المسلمين والمشركين ,وكانت أول غزوة حربية هي غزوة بدر التي وقعت في السنة الثانية للهجرة والتي انتصر بها المسلمون انتصارا كبيرا مع قلة عددهم أمام المشركين وقد اراد الله سبحانه فيها تثبيت المسلمين على الإيمان .
إلا أن أثر الهزيمة التي لحقت بالمشركين ظلت تؤرقهم فقرروا الإنتقام والثأر لبدر , وقعت غزوة أحد وكانت لها طابع تربوي عميق قوي بليغ الدلالة يجدر بنا أن نذكرالدروس العظمية لهذه المعركة.
كان عدد المشركين ثلاثة الآف مقاتل بينما عدد المسلمين يقارب سبعمائة رجل وقبل بدء المعركة نظم الرسول :salla-s: صفوف المقاتلين المسلمين وجعل ظهره و ظهور المقاتلين إلى جبل أحد وقام بوضع خمسين من أمهر الرماة فوق الجبل وقال رسول الله :salla-s:( لا يقاتلن أحد منكم حتى نأمره بالقتال) وأمر قائدهم بأن لا يتحركوا من مواقعهم سواء انتصر المسلمون أم انهزموا.
لقد كان الرسول :salla-s:يعلم بفراسته , حجم ذكاء القائد العسكري الفذ خالد بن الوليد , فوضع الرماة علىالجبل لحماية ظهور المسلمين من هجوم خالد وعسكره.
والتحم الجيشان ...... وأشتدت المعركة ....وواجه المسلمون العديد من المفاجآت لعل اهمها استشهاد حمزه بن عبدالمطلب رضي الله عنه , وعندما بدا أن المسلمين هم الذين سيحسمون المعركة لصالحهم وجد الرماة انفسهم في وضع شعروا أن دورهم قد انتهى , فتركوا أماكنهم من الجبل باحثين عن الغنائم ورأى خالد بن الوليد أن هذه الفرصة الثمينة يجب الا تهدر فدار بجيشه من وراء الجبل وهجم على المسلمين وتخلخل الصف , بل واشيع أن النبي قد قتل وهرب كثير من المسلمين الى الجبل لحماية أنفسهم’ بل ان النبي قد أصيب في وجهه الكريمة وجرح جروحا بالغة .
وانتهت المعركة لصالح المشركين .
من خلال السرد المقتضب للمعركة احد أود أن اشير الى حقيقتين هامتين أراد الله سبحانه وتعالى إبلاغها الى المسلمين:1- عندما أشيع في المعركة أن الرسول قد قتل اضطرب صف المسلمين وتراجع الكثير عن أداء واجبه . نزل القرآن الكريم يعلم المسلمين حقيقة هامة وهي بأن الولاء يجب ان يكون للإيمان بالله لا لشخص الرسول الكريم. فالإنتماء الحقيقي إنما هو للعقيدة. (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ) (آل عمران : 144 )
وقد وعى هذا الدرس العظيم أقرب الناس الى النبي وهو أبو بكر الصديق رضي الله عنه, وذلك عندما توفي وكانت مفاجأة مدوية على رؤس المسلمين ومن بينهم عمر بن الخطاب رضي الله , فقال ابو بكر رضي الله ( من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت )
ثانيا: الهزيمة في غزوة احد كان سببها الرئيسي مخالفة الرماة لأمر النبي وهنا درس عميق للمتدينين , لقد كان الاعتقاد الذي ترسخ عند المسلمين بأن إيمانهم بالله دون العمل والأخذ بالأسباب واحترام منطق العقل يكفي لمواجهة مفاجآت الحياة.
إن إقامة الشعائرالتعبدية فقط دون العمل لن يقطف منها اية ثمار لإن الإسلام قد جاء ليعيد الوفاق بين المادة والروح , بين العقل والوجدان.
والكثير قد يتساءل عن سبب ما آلت اليه الأمة الإسلامية , فأجيب بلا تردد إن أكثر الأسباب الجوهرية هو إهمال منطق العقل وعدم الأخذ بأسباب العلم, وتسخير قوانين الطبيعة لخدمة الرسالة الكبرى , إن الله سبحانه لم يخلق الكون للمؤمن فقط , بل للكافر أيضا ووقد أشار الله سبحانه الى أن التفوق في الحياة مرهون بالأخذ بالأسباب , ((كُلاًّ نُّمِدُّ هَـؤُلاء وَهَـؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُوراً) (الإسراء : 20 )
وأقول يخطيء من يظن ان غزوة أحد هي هزيمة , بل كانت انتصار وانتصار كبير لمنهج الدعوة القرآنية, منهج العلم والعمل,
وقد صور الله سبحانه مشهد المعركة تصويرا مؤثرا , (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ()ذْ تُصْعِدُونَ وَلاَ تَلْوُونَ عَلَى أحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غُمَّاً بِغَمٍّ لِّكَيْلاَ تَحْزَنُواْ عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ مَا أَصَابَكُمْ وَاللّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) (آل عمران : 153-152 )



للحديث بقيه ان شاء الله
الدعاء لأهل غزه وللعامة المسلمين