المخطوطات اليونانية
رغم ان المسيح لم ينطق بكلمة يونانية فى حياته أثناء رسالته والاناجيل نفسها تحفظ هذا وتشير لبعض الكلمات الارامية التى كان ينطق بها وتحتفظ بالقليل جدا من هذه الاشارات ، الا ان جميع كتب النصارى المقدسه عندهم مكتوبة ابتداء باليونانية والخلاف تقريبا يقتصر على متى الذى يذكر عنه بابياس انه كتب انجيله لليهود المتنصرين وكتبه بالعبرية ليناسبهم ، واختفت هذه النسخة العبرية وليس لدينا سوى كتاب يونانى اللغة يفترض انه هو نفسه انجيل متى العبرى ولكن اثبات هذا او نفيه فى موضع اخر وحلقه اخرى
ولهذا فوجب علينا أن نتحدث عن اللغة اليونانية ومخطوطاتها
فى الحقيقه لدينا فى العصر الحديث عدة أنواع من النصوص اليونانية للعهد الجديد وليس نصا واحدا وكل منها قام بتجميعها عالم من علماءهم عبر دراسته للمخطوطات التى توفرت له قدر استطاعته وهى تختلف عن بعضها فى الكثير جدا وسنبين كل شىء فى وقته ، واليك بيان باهم هذه التجميعات للنصوص اليونانية للكتاب المقدس عندهم
1) اولها نسخة ارازموس 1516م
2) استفانوس والتى اعتمدت عليها كنيسة انجلترا فى نسخة الملك جيمس الشهيره
3) الزيفير وهى عرفت فيما بعد باسم النص المستلم Textus receptum او Received text
4) بعد هذا بدأ علماء كبار بدراسة الجديد فى المخطوطات وبدأت الاختلافات تصل الى حد يصعب تصوره كما قلنا بالكشوف الجديده ومن أهم هؤلاء العلماء
أ ) جاريسباخ Johann Griesbach 1745-1812 هذا الرجل قام بعمل عظيم فعلا فهو أول من قسم المخطوطات الى انواع حسب نوع الخطوط الى بيزنطى واسكندرى وغربى وسنتناولها بالتفصيل لأهميتها فى وقتها كما أنه من أوائل من درس المخطوطة الفاتكنيه والعجيب انه سمح له فقط بمطالعتها ومنع من نسخ اى شىء منها من قبل السلطات الكنسية لاسباب مفهومة طبعا ، فقام بصورة يومية بالذهاب الى المكان الذى تحفظ فيه المخطوطة وكان يتظاهر بالقراءة بينما كان يحفظ المخطوطة ثم يكتب ما حفظه عند عودته ويعود فى اليوم التالى ليتأكد من صحة ما حفظه ثم يحفظ من جديد ، الى ان نشر فى النهاية نسخته من العهد الجديد والذى كان يخالف النصوص السابقة كثيرا اعتمادا على المخطوطة القديمة الفاتيكانية ، وهو أول من استخدم لفظ الاناجيل المتوافقة على الاناجيل الثلاثة الاولى متى ولوقا ومرقس
ب) بنجل : اول من طالب بتقسيم المخطوطات
ث) ويستكوت وهورت Brooke Westcott 1825–1901 / Fenton Hort 1828-1892 : هذان العالمان الانجليزيان من أهم علماء المخطوطات على الاطلاق وكانا من اساتذة الكتاب المقدس ، وكانا أيضا اسقفين ، وحاولا وضع صيغه لتقرب العلاقة بين الكتابات الجديده المعتمده على المخطوطات الجديده وبين النصوص القديمة ووضعا نسختهما والتى بناء عليها جاءت أهم واشهر النسخ العالمية الحديثه مثل Revised version حتى اخر اصداراتها
ج)جون برجون John Burgon 1813-1888 :رغم علمه الواسع بالمخطوطات وثراء كتبه الا ان صرامته ادت لكثرة اعداءه مما جعل الكثيرون يتجاهلونه
د)نستل Eberhard Nestle 1851-1913 / Erwin Nestle 1883-1972 : لنستل نسخة فى منتهى الأهمية للعهد الجديد فى اليونانية وكان يعتم باختيار القراءة الاكثر شيوعا فى كل موضع فى أفضل المخطوطات واكثرها عددا وبهذا فأن القراءة الأكثر تواجدا فى أفضل المخطوطات تحتل مكانها فى نسخته فى محاولة للوصول لاكثر القراءات قربا من الأصل

ه)متزجر Bruce Metzger 1914- اميركى ووضع اسسا جديدة لنقد النصوص القديمة لاختيار افضل القراءات واقربها للاصل

وغيرهم أمثال تشايندروف الذى اكتشف المخطوطة السينائية وكارل لاشمان …الخ
واذا لاحظت كل هذا فستجد أنه لا حديث عن تطابق او اى شىء من هذا الهذر الذى يردده النصارى العرب بل اعتراف كامل بالاختلافات والتحريف ومحاولات هائلة بالفعل للرجوع لأصل هذه القراءات قدر الاستطاعه رغم محاربة السلطات الكنسية لكثير من المحاولات بالفعل كما رأينا مع جرايسباخ مثلا

وعذرا للاطالة ، واذا كان الموضوع مملا بعض الشىء الا ان له أهمية كمقدمة لما سيأتى فيما بعد لان معرفة هؤلاء العلماء وأعمالهم ضرورى قبل البدء فى النقد المباشر استعانة باعمالهم ونصوصهم والمخطوطات التى استخدموها فى دراسة الكتاب المقدس الحالى (العهد الجديد)
وفى المرة القادمة سنتحدث باذن الله عن أنواع المخطوطات اليونانية طبقا لنوع الخط وهو الاسلوب المتبع فى تقسيمها وسنرى فيها مفاجأة غريبه بعض الشىء

أخوكم د/شريف حمدى