زينب عبداللاه
مازالت المحاولات المستميتة والمتكررة لمنع ختان الإناث في مصر* بكل الطرق حتي وان خالفت السنة والشريعة * مستمرة ومتواصلة .. حيث تقدم المجلس القومي للمرأة مؤخرا بطلب إلي مجمع البحوث الإسلامية للموافقة علي إصدار قانون لمنع ختان الإناث في مصر، وقد رفض المجمع في جلسته الأخيرة هذا المشروع .. ولم تكن هذه هي المحاولة الأولي لإصدار مثل هذا القانون .. حيث سبق أن تقدم أحد أعضاء مجلس الشعب وهو النائب محمد عبدالعزيز الشهاوي في عام 1998 بمشروع قانون لمنع ختان الإناث بشكل مطلق إلا في حالات واشتراطات معينة ومحدودة وتوقيع عقوبات علي من يخالف أحكام هذا القانون بالحبس والغرامة .. وتصدي لهذا القانون مشروع آخر تقدم به النائب محمد خليل قويطة لتنظيم إجراء ختان الإناث بالمستشفيات ومنع إجرائه إلا بمعرفة الأطباء .. وفي المستشفيات والعيادات الخاصة والمرخصة والمجهزة ومعاقبة من يقوم بإجراء هذه العملية من غير الأطباء بعقوبة الحبس والغرامة .. وقد لاقي هذا المشروع الأخير لتنظيم عملية ختان الإناث تأييدا واسعا من جانب أعضاء المجلس في هذا الوقت .. كما أيدته الجمعية المصرية للأخلاقيات الطبية وأكدت علي خطورة وبطلان تجريم ختان الإناث في المشروع الذي تقدم به النائب محمد عبدالعزيز الشهاوي وللخروج من هذا المأزق قررت لجنة الاقتراحات والشكاوي رفض مشروعي القانونين والاكتفاء بالعقوبات الجنائية الموضوعة في القانون الجنائي في حالة المخالفات.
ليعود الحديث مؤخرا عن إصدار قانون لمنع الختان والذي لاقي رفضا جماعيا من أعضاء مجمع البحوث الإسلامية في جلسته الأخيرة والذي سبق وأن أصدر فتواه في أكتوبر 1994 بالموافقة علي فتوي الإمام الأكبر الشيخ جاد الحق علي جاد الحق والتي أشار نصها إلي: 'إنه اتفقت كلمة فقهاء المذاهب علي أن الختان للرجال والنساء من فطرة الإسلام وشعائره وأنه أمر محمود ولم ينقل عن أحد من فقهاء المسلمين قول بمنع الختان للرجال أو النساء أو عدم جوازه أو إضراره بالانثي إذا ما تم علي الوجه الذي ورد عن الرسول (صلي الله عليه وسلم) وقد صدرت هذه الفتوي بعد مقابلة سفير أمريكا لشيخ الأزهر وحديثه عن حقوق الإنسان ازاء قضية ختان الإناث بعد أن أذاعت محطة 'C.N.N' فيلما عن هذا الموضوع .. كما سبق واصدر الدكتور محمد سيد طنطاوي فتواه عندما كان مفتيا للديار المصرية عام 1994 تنص علي أن الختان للرجال والنساء من صفات الفطرة التي دعا إليها الإسلام وحث علي الالتزام بها .. وكذلك فتوي الدكتور نصر فريد واصل عام 1996 والتي تنص علي أن ختان الإناث سنة تنظيمية ولا يجوز تجريمه.
وعن المشروع الذي تقدم به المجلس القومي للمرأة حاليا لمجمع البحوث الإسلامية يقول الدكتور عبدالفتاح الشيخ عضو المجمع انه لا حاجة لإصدار مثل هذا القانون وانه لا يجوز ان يتم إصدار قانون لمنع أمر مباح.
مشيرا إلي أن هناك عدة آراء عن الختان في الشريعة الإسلامية .. رأي يري بأنه واجب .. ورأي يري بأنه مكرمة للانثي .. ورأي يري انه مباح، والمباح لا يجوز منعه إلا بنص من القرآن أو السنة وليس من حق الدولة أن تصدر قرارا أو قانونا بمنعه لأن القانون يترتب عليه اقرار عقوبة علي من يخالفه .. ويتساءل كيف يعاقب المرء علي أمر مباح .. مشيرا إلي أن هناك حالات يتحتم فيها الختان .. وحالات أخري لا يلزم فيها الختان .. والأطباء هم المختصون بتحديد ذلك .. ولكن ما حدث هو أن أصدر وزير الصحة من قبل قرارا بمنع الختان في المستشفيات الحكومية والتابعة لوزارة الصحة وهو ما فتح المجال للجوء إلي وسائل غير شرعية وغير مضمونة باللجوء لغير المتخصصين وهو ما يؤدي إلي مخاطر وحوادث عديدة خاصة في الريف.
ويضيف ان الرسول (صلي الله عليه وسلم) قد أعطي الارشاد والطريقة لاجراء الختان في حديثه لأم عطية بقوله: 'اخفضي ولا تنهكي'.
وان كان المطالبون بإصدار مثل هذا القانون يستندون إلي انه من حق الحاكم تقييد ما هو مباح .. كما يشير د.الشيخ فإن ذلك لا يكون بإصدار قانون بالمنع ولكن بوضع ضوابط لتنظيم عملية الختان بما يحد من مخاطرها.
كما يؤكد الدكتور محمد إبراهيم الفيومي عضو المجمع علي انه تم رفض إصدار هذا القانون لأن الشريعة تبيح اجراء الختان وهناك حالات تحتاج بالفعل لاجراء هذه العملية ولكن علي أيدي أطباء متخصصين .. ولأن ينظم هذا الأمر بما يضمن سلامة الفتيات .. أما إصدار قانون بمنع الختان فإنه يعد أمرا مخالفا للشريعة.
وقد أكدت جمعية الأخلاقيات الطبية علي خطورة وبطلان تجريم ختان الإناث وذلك لعدة أسباب أهمها أن مشروع القانون يخالف الشريعة الإسلامية .. حيث ان الفقهاء الأربعة قد أجمعوا علي مشروعيته وتدرجت أحكامهم بين كونه واجبا أو سنة أو مكرمة .. وأن جميع الفتاوي الدينية في مصر أكدت مشروعيته.
كما أشارت إلي انه من الناحية الطبية ليس للختان أية أضرار أو مضاعفات علي الاطلاق إذا ما أجري عن طريق متخصص وتحت مخدر عام وفي مكان مجهز طبيا لهذه العملية التجميلية البسيطة مع الالتزام بالأسلوب الصحيح .. كما ورد في السنة النبوية الشريفة 'بالخفض وعدم الانهاك' .. ولذلك فإن الحرص علي حماية الفتيات من الممارسات الخاطئة لا يتحقق عن طريق تجريم إجراء هذه السنة الشريعة والتي يلتزم بها 85 % من أبناء الشعب المصري .. وان نتيجة هذا التجريم هو دفع الحريصين علي اتباع هذه السنة الشريفة إلي إجرائها في الخفاء عن طريق غير المتخصصين.
وأن هذا المشروع وأي مشروع مماثل بتجريم ختان الاناث يخالف العديد من مواد الدستور ويحكم عليه بعدم الدستورية لانه يخالف المادة الثانية من الدستور التي تنص علي ان مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع وأي قانون بحظر ختان الإناث يخالف مبادئ الشريعة الإسلامية، حيث انه لم يرد مطلقا أي حديث أو حكم فقهي يحظر أو يمنع ختان الإناث، كما وردت العديد من الأحاديث الشريفة التي تأمر بختان الإناث ومن بينها أحاديث صحيحة السند.
كذلك أشار تقرير جمعية الأخلاقيات الطبية إلي مخالفة أي قانون لحظر ختان الإناث للمادة 46 من الدستور التي تكفل الدولة فيها حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية والمادة 45 التي تنص علي أن لحياة المواطنين حرمة يحميها القانون وختان الإناث أمر يتعلق بأخص خصائص المواطن وحرمات جسده وأكدت الجمعية استعداد أساتذة أمراض النساء والولادة بالجمعية للمشاركة في تدريب الأطباء علي الأسلوب الجراحي الصحيح لهذه العملية البسيطة وتأييد الجمعية لتنظيم اجرائها وليس لمنعها بقانون .. حيث ان الاحتياج لاجراء هذه العملية لا يشمل كل الإناث ولكنه يقتصر طبقا لتقديرات بعض الأطباء علي حوالي ثلث الحالات فقط وهذا الأمر لابد وان يترك تقديره للطبيب المختص.
وفي النهاية نتساءل هل تتوقف المحاولات لإصدار مثل هذا القانون الذي أكدت جميع الأطراف علي مخالفته للشريعة والدستور أم تستمر إرضاء للضغوط الخارجية والدعوات المنقولة من مجتمعات غير إسلامية لإصدار هذا القانون؟!


http://www.elosboa.com/elosboa/issues/451/0606.asp