السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على سيدنا محمد
بسم الله الرحمن الرحيم
قال أحد السلف:
"لا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا ،
وإن جاروا ، ولا ندعو عليهم ، ولا ننزع يدا من طاعتهم ،
ونرى طاعتهم من طاعة الله عز وجل فريضة ،
ما لم يأمروا بمعصية ، وندعو لهم بالصلاح والمعافاة ".
قال تعالى :ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول
وأولي الأمر منكم [النساء :59].
وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال :
من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن عصاني فقد عصى الله ،
ومن يطع الأمير فقد أطاعني ، ومن يعص الأمير فقد عصاني .
وعن أبي ذر رضي الله عنه قال :
إن خليلي أوصاني أن أسمع وأطيع وإن كان عبدا حبشيا مجدع الأطراف .
وعند البخاري عن أنس:ولو لحبشي كأن رأسه زبيبة .
و في الصحيحين أيضا :على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره ،
إلا أن يؤمر بمعصية ، فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة .
وعن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال،
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم :
"من رأى من أميره شيئاً فكرهه فليصبر
فإنه ليس أحد يفارق الجماعة شبرا فيموت
إلا مات ميتة جاهلية}.
فقد دل الكتاب والسنة على وجوب طاعة أولي الأمر ،
ما لم يأمروا بمعصية ، فتأمل قوله تعالى :
أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم [النساء :59]
كيف قال :أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ، ولم يقل :
وأطيعوا أولي الأمر منكم ؟ لأن أولي الأمر لا يفردون بالطاعة ،
بل يطاعون فيما هو طاعة لله ورسوله .
وأعاد الفعل مع الرسول لأن من يطع الرسول فقد أطاع الله ،
فإن الرسول لا يأمر بغير طاعة الله ، بل هو معصوم في ذلك ،
وأما ولي الأمر فقد يأمر بغير طاعة الله ،
فلا يطاع إلا فيما هو طاعة لله ورسوله .
فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .
"إنما الطاعة في المعروف".كما جاء بالحديث.
وأما لزوم طاعتهم وإن جاروا ، فلأنه يترتب على الخروج من
طاعتهم من المفاسد أضعاف ما يحصل من جورهم ،
بل في الصبر على جورهم تكفير السيئات ومضاعفة الأجور ،
فإن الله تعالى ما سلطهم علينا إلا لفساد أعمالنا ،
والجزاء من جنس العمل ، فعلينا الاجتهاد في الاستغفار
والتوبة وإصلاح العمل .
قال تعالى :وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم
ويعفو عن كثير [الشورى :30] .
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه :
ألا أخبركم بأفضل آية في كتاب الله حدثنا بها
النبي صلى الله عليه وسلم :
وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم الآية :
(يا علي ما أصابكم من مرض أو عقوبة أو بلاء
في الدنيا فبما كسبت أيديكم .
والله أكرم من أن يثني عليكم العقوبة في الآخرة وما عفا
عنه في الدنيا فالله أحلم من أن يعاقب به بعد عفوه ).
وقال أحمد بن أبي الحواري قيل لأبي سليمان الداراني :
ما بال العقلاء أزالوا اللوم عمن أساء إليهم ؟ فقال :
لأنهم علموا أن الله تعالى إنما ابتلاهم بذنوبهم ، قال الله تعالى :
وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير.
وقال عكرمة :ما من نكبة أصابت عبدا فما فوقها إلا بذنب
لم يكن الله ليغفره له إلا بها أو لينال درجة لم يكن يوصله إليها إلا بها .
وقال تعالى :أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها
قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم [آل عمران :165]
وقال تعالى :ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك
من سيئة فمن نفسك [النساء :79] .
وقال تعالى :وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا
يكسبون [الأنعام :129] .
وقال تعالى :
(وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ
رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ.الأنفال 46)
وقال تعالى :
(من يعمل سوءا يجز به).[النساء:123
روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال :
لما نزلت من يعمل سوءا يجز به بلغت من المسلمين مبلغا شديدا ،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
قاربوا وسددوا ففي كل ما يصاب به المسلم كفارة حتى النكبة
ينكبها والشوكة يشاكها .
فإذا أراد الرعية أن يتخلصوا من ظلم الأمير الظالم ، فليتركوا الظلم
وليستغفروا الله ويتوبوا لله ويتراحموا فيرحموا ولا يظلموا أنفسهم
وإخوانهم فيسلط الله عليهم جبارين ينتقمون منهم وإعملوا أن الله
مالك الملك العزير الجبار المتكبر.
وعن مالك بن دينار :أنه جاء في بعض كتب الله :
أنا الله مالك الملك ، قلوب الملوك بيدي ، فمن أطاعني
جعلتهم عليه رحمة ،ومن عصاني جعلتهم عليه نقمة ،
فلا تشغلوا أنفسكم بسب الملوك ، لكن توبوا أعطفهم عليكم .
وفي رواية أخرى عن ابن أبي رواد عن أبيه عن بعض
أهل الكتاب بهذا المعنى.
*اللهم مقلب القلوب ثبت قلبي على طاعتك.
*اللهم لا تسلط علينا بذ نوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا
وأمنا في أوطاننا وأمن روعاتنا وأستر عوراتنا وإهدنا
لأحسن الأخلاق والأعمال وإهدي ولات أمورنا لما تحب
وترضى وهيء لهم البطانة الحسنة ياالله.