بقلم: يحيى كريدية

تصدح الحناجرُ بالتكبير، وتغرغرُ المآقي بالدموع كلّما نَطَقَ مُهتدٍ جديد بشهادتي الإسلام، بل تكاد تكون تلك اللحظات مِنْ أكثر المواقف العاطفية التي تُزلزلُ كيان المسلم وتُشعرُه بعزّة الإسلام وعَظَمة هذا الدين، فعلى الرَّغم مِن كل التشويه المتعمّد والدسائس والمكايد ومكر الليل والنهار ما زالت جموع المُهتدين تدخل في دِين الله أفواجاً، وأغلب ما يكون ذلك في هذا الزمان عن فهمٍ ووعيٍ بعد دراسةٍ وبحثٍ طويلين.
تنهال التبريكات والدعوات لمن يعتنق الإسلام، وتكثُر الابتسامات والمعانقات وعبارات التشجيع إثْر إعلان أحدهم إسلامه.

لاشك أن كل تلك المشاعر تعتبر من الأمور الحسنة والطيبة تجاه المُهتدين الجُدد، ولكن ماذا بعد؟
لا بُدّ من واجبات وخطوات عملية لمساعدة أولئك المسلمين الذين يَلِجُون عالماً جديداً فيه الكثير من الصعوبات والمفارقات وخاصة في المرحلة الأولى بعد اعتناقهم للإسلام، أرى أنها تتمثل بأبرز الخطوات الآتية:
- الدعاء الصادق لهم بالثبات على دين الإسلام على مسمعٍ منهم وبظهر الغيب.
- الوقوف لجانب المسلم الجديد وتعهّده، وإشعاره أنه ليس وحيداً فيما سيواجهه من الصعوبات في المرحلة المقبلة، وخاصة ضغط المجتمع والأهل والأصدقاء.
- تأمين الملاذ والملجأ الآمن لمن يحتاج لذلك منهم، وعدم التخلّي عنهم وعن مساندتهم في مثل تلك الظروف.
- تذكيرهم بسنن الله تعالى في الابتلاء، وأن المرحلة الأولى هي الأشد صعوبة، وأنه ستليها مرحلة السكينة والاطمئنان وتخطي العقبات بإذن الله.
- تأمين بيئة صالحة لهم لتعلّم أحكام الشرع وتأدية العبادات، كالمراكز الإسلامية، وبيوت الأصدقاء الثقات.
- مراعاة التدرّج والأولويات في تعلّم أحكام الشرع، والعبادات والآداب والأخلاق الإسلامية، مع إزالة الرواسب الخاطئة العالقة في الأذهان عن الإسلام، وبيان حقائق الإسلام بعيداً عن التشدُّد المنفِّر والتسيُّب المميّع لأحكام الدّين. ويمكن الاستفادة من أصحاب التجربة والمراكز ودور النشر ومواقع الانترنت المتخصصة في ذلك.
- تأمين الصحبة الصالحة التي تحقّق النموذج الصالح والقدوة الطيبة.
- إظهار روح الأخوّة الإسلامية الصادقة بكل مقتضياتها.
- توجيه المسلم الجديد إلى التعاطي الأمثل مع الأهل وخاصة الوالِدين وفق أحكام الإسلام الحنيف بعيداً عن الإفراط والتفريط، فهذه من أبرز المشاكل والتحدّيات التي تؤرّق المسلمين الجدد.
- إذا كان المسلم الجديد من غير العرب فيطلب مراعاة هذه الخصوصية، فليس من الحكمة ولا مِن المطلوب إقحام وحمل المسلمين الغربيين على العادات والتقاليد والطبائع العربية.
- طول النَّفَس وحُسن الاستماع والإنصات لمشاكل وهموم المسلمين الجدد الذين يتعهّدهم، مع إيجاد أنجع الحلول المناسبة وأخفّها ضراراً على نفسية المسلم الجديد.
- توجيه المميزين من المسلمين الجدد لأن يكونوا دعاةً في بيئتهم وبين أبناء جلدتهم السابقين، بعد تمكينهم من المعارف والعلوم وأدوات الدعوة إلى الله تعالى.

وأختم كلامي بالتذكير بأن الهداية والتوفيق من الله تعالى، وأن الفترة المقبلة ستشهد - بإذن الله - إقبال المزيد من معتنقي الإسلام في كل بقاع الأرض، لذلك ينبغي للعلماء والدعاة المزيد من العناية والتأصيل الفقهي والدعوي المبني على نصوص القرآن الكريم الذي أولى هؤلاء عناية تربوية وتشريعية، حتى نزلت بعض السور تُبشّر بهم (مثل سورة النصر والفتح)، وأخرى تُفصّل أحكاماً وآليات لاستيعابهم في مجتمع ودولة الإسلام (مثل سورة الممتحنة). وكذا أحداث السيرة المليئة بواقائع تعرض معاملة النبي صلى الله عليه وسلم لركب المهتدين الجُدُد خاصة عام الوفود، حيث توافد الناس يدخلون في دين الله أفواجاً، مع مراعاة واقع وأحوال هذه الشريحة من إخواننا وأخواتنا في الله تعالى.

http://www.4newmuslims.org/a/arta5.htm