دع البكاء على الأطلال والدار .......واذكر لمن بات من خل ومن جار
وذر الدموع نحيباً وابك من أسف .......على فراق ليال ذات أنوار
على ليال لشهر الصوم ماجعلت ..........إلا لتمحيص آثام وأوزار
يالائمي في البكاء زدني به كلفاً ........واسمع غريب أحاديث وأخبار
ما كان أحسننا والشمل مجتمع ........منا المصلي ومنا القانت القاري



وداعاً يا شهر يا رمضان ! وداعاً يا شهر الخيرات والإحسان ! وداعاً يا ضيفنا الراحل ! مضى كثيرك ولم يبق بين أيدينا منك إلا أيام قلائل ، ولئن قال ابن رجب في لطائفه عند الفراق : ياشهر رمضان ترفّق ، دموع المحبين تدفّق ، قلوبهم من ألم الفراق تشقّق . عسى وقفة للوداع تطفيء من نار الشوق ما أحرق ، عسى ساعة توبة وإقلاع ترقع من الصيام ماتخرّق ، عسى منقطع من ركب المقبولين يلحق ، عسى أسير الأوزار يُطلق ، عسى من استوجب النار يُعتق . اهـ فما أحرانا بتدبّر قوله ، وفعل يطفيء حرارة الوداع .



إذاً لم يبق عليك إلا الإقبال على ما بقي من شهرك إذ هذه الأيام هي الخاتمة ، وهي سر الشهر ، وأفضل أيامه على الإطلاق ، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم تقول عنه عائشة رضي الله عنها : (( كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا الليل ، وأيقظ أهله ، وجدّ ، وشد المئزر )) ولك في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة .

هذه الليلة العظيمة التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفر له ماتقدم من ذنبه )) متفق عليه من حديث أبي هريرة . وقد أخبر الله عن هذه الليلة أنها خير من ألف شهر في كتابه المبين فقال تعالى : (( إنا أنزلناه في ليلة القدر * وما أدراك ماليلة القدر * ليلة القدر خير من ألف شهر )) وأخبر رسول الهدى صلى الله عليه وسلم أن هذه الليلة في ليالي العشر حين قال صلى الله عليه وسلم : (( تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان ))

أقبلي على عشر رمضان حفظك الله بكل جهدكِ وقوتكِ واحرصي على أن يكون ختام شهركِ ختاماً حياً مباركاً ، تزوّّدي فيها بالطاعات ، احرصي على الفريضة مع الجماعة إذا إستطعتي، إلزمي النافلة القبلية والبعدية ، واحرصي على أداء صلاة التراويح ، ولا زمي فيها دعاء : اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني فهي وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لأم المؤمنين . أكثر من قراءة القرآن ،

ونوّّعي في القراء مابين حدر وترتيل ، ولتكن عنايتكِ بالتدبّر لآيات القران الكريم فإن في ذلك خير كثير . قمي برعايتك والديك وقبّلي رأسهما كل مساء ، والزميهما بالطاعة والبر فإن ذلك من أعظم فرص استغلال شهر رمضان . صلي أرحامك ، وتعاهدي جيرانك فإن ذلك من خلق المسلمة .

وإنني إذ أدعوكِ إلى التمعّّّن في هذه الأحاديث إنما أدعوكِ للتحرر من الكسل واستقبال الآخرة ، والإقبال على عشر رمضان الأخية، ففيها بإذن الله تعالى سر السعادة المرتقبة التي تبحثِ عنها ، وإنما حين أقرر لكِ أن هذا هو طريق السعادة آمل منكِ أن تجرّبي هذا الطريق ولن تجدي أجمل منها ولا أسعد على وجه هذه الحياة ، وهؤلاء الذين تريهم في مجتمعك تبرق أسارير وجوههم يالاستقامة هم كانوا مثل ما أنتِ فيه الآن من الحيرة والاضطراب ، والهم والغم ، وخاضوا هذه التجربة في بداية حياتهم وحينما وجدوا المفقود والسر الغائب في حياتهم قرروا التوبة ، وهم اليوم وكل يوم يرددون قول القائل : والله إنها لتمر بي ساعات يرقص فيها القلب فرحاً من ذكر الله . ويلهجون بقول الله تعالى : (( قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون ))



وفقني الله وإياكم وسدد خطانا وعلى طريق الخير بإذن الله تعالى نلقاكم .