الاقتصاد الإسلامى بديلا للرأسمالية العالمية
كتب هانى صلاح الدين

تصاعد الأزمة المالية وانهيار قطاع البنوك أخطار تهدد الاقتصاد العالمى وتنذر بمزيد من الانهيارات الاقتصادية، وقد دفع هذا التصاعد للأزمة كل الاقتصاديين للبحث عن طوق نجاة، ومن أجل ذلك سيعقد اتحاد البنوك العالمى 24 مارس المقبل اجتماعا من أجل طرح الحلول للأزمة المالية ويتوقع كثير من الخبراء أن يسفر هذا الاجتماع عن تخفيض كبير للفائدة بالبنوك العالمية، مما يعد خطوة نحو التطبيق العملى للاقتصاد الإسلامى الذى يقوم على تحريم الربا.

لم يقف الأمر عند توجه الاقتصاديين الغربيين نحو الاقتصاد الإسلامى بل نجد أن أكبر مؤسسة مسيحية بالغرب تحث الاقتصاديين على وضع أسس الاقتصاد الإسلامى فى الحسبان، حيث أكد الفاتيكان أنه يتوجب على البنوك الغربية أن تنظر إلى القواعد المالية الإسلامية بتمعن من أجل أن تستعيد الثقة وسط عملائها فى خضم هذه الأزمة العالمية.
وقالت صحيفة الفاتيكان الرسمية المعروفة باسم «أوسيرفاتور رومانو» «قد تقوم التعليمات الأخلاقية، التى ترتكز عليها المالية الإسلامية، بتقريب البنوك إلى عملائها بشكل أكثر من ذى قبل، فضلاً على أن هذه المبادئ قد تجعل هذه البنوك تتحلى بالروح الحقيقية المفترض وجودها بين كل مؤسسة تقدم خدمات مالية».

وأضافت الجريدة أن على البنوك الغربية أن تستعمل أدوات مثل السندات الإسلامية طويلة الأجل أو ما يعرف بالصكوك كضمانة إضافية.

أما خبراء الاقتصاد الإسلامى فقد أكدوا أن الحل الأمثل للأزمة المالية التى تهدد الاقتصاد العالمى يكمن فى الاقتصاد الإسلامى وأن اعتراف الفاتيكان بمثالية هذا الاقتصاد دليل واضح على أمان ورسوخ قيمه الاقتصادية.

إن النظام الرأسمالى يقوم على اليد الخفية الهادفة إلى الربح بأى وسيلة فى المقام الأول، كما أن النظام الاشتراكى يقوم على اليد الباطشة، أما الاقتصاد الإسلامى فهو اقتصاد أخلاقى وقيمى فى المقام الأول هذا ما أكده الدكتور عبدالحميد الغزالى، أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة.

وأشار الغزالى إلى اعتراف المؤسسات والمنظمات الغربية بأن نحو 56 مؤسسة نقدية إسلامية فى أمريكا وأوروبا كانت هى الأقل تأثرًا بالأزمة المالية إلى حدِ أن الأزمة لم تمسَّها بالأساس، بالإضافة إلى توصيات لجنة الموازنة فى مجلس الشيوخ الفرنسى، التى أكدت ضرورة الأخذ بنظام التمويل الإسلامى لتصويب أخطاء النظام المتبع.

وأضاف أن حجم النشاط المالى العالمى يقدَّر بـ 600 تريليون دولار، 150 منها فقط تحت رقابة السلطات المصرفية والبنوك المركزية، مما وضع العالم أمام اقتصاد منفلت بصورة حادة فى قطاع التمويل العقارى عن طريق الإقراض بلا ضوابط، الأمر الذى أدى إلى نشوب الأزمة وتفاقمها.


وعن البعد السياسى للأزمة أكد د. الغزالى أن سياسة القطب الواحد قد انتهت بلا رجعة، ونحن نتكلم الآن عن عالم متعدد الأقطاب، فهناك قوى ظهرت بقوة على الساحة مثل الصين واليابان ودول فى جنوب شرق آسيا. من جانبه أكد الدكتور حسين شحاتة، الخبير الاستشارى فى المعاملات المالية الشرعية بجامعة الأزهر أن الأزمة الحالية ضربت النظرية الرأسمالية فى مقتل، وأعادت إلى الواجهة من جديد الحديث عن النظام الاقتصادى الإسلامى كبديل لكونه أكثر مثالية وأمانًا واستقرارًا.

وكان علماء الاقتصاد الوضعى قد تنبأوا من قبل بانهيار النظام الاقتصادى الاشتراكى، لأنه يقوم على مفاهيم ومبادئ تتعارض مع فطرة الإنسان وسجيته ومع أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية، كما تنبَّأ العديد من رواد النظام الاقتصادى الرأسمالى بانهياره، لأنه يقوم على مفاهيم ومبادئ تتعارض مع سنن الله سبحانه وتعالى ومع القيم والأخلاق، كما أنه يقوم على الاحتكار والفوائد الربوية (نظام فوائد القروض والائتمان)، والتى يرونها أشد الشرور لأنها تقود لسيطرة أصحاب القروض (المقرضون) على المقترضين، وتسلب حرياتهم وأعمالهم وديارهم، وتسبب آثارًا اجتماعية واقتصادية خطيرة.

وأضاف أن من علماء الاقتصاد العالمى، ومنهم الذين حصلوا على جائزة نوبل فى الاقتصاد، مثل «موريس آليه» أكدوا أن النظام الاقتصادى الرأسمالى يقوم على بعض المفاهيم والقواعد التى هى أساس تدميره، إذا لم تعالج وتصوَّب تصويبًا عاجلاً، كما تنبَّأ العديد من رجال الاقتصاد الثقات أن النظام الاقتصادى العالمى الجديد يقوم على مبادئ تقود إلى إفلاسه.

وأضاف شحاتة أن من أسباب انهيار الاقتصاد الغربى أنه يقوم على نظام المشتقات المالية التى تعتمد اعتمادًا أساسيا على معاملات وهمية ورقية شكلية تقوم على الاحتمالات، ولا يترتب عليها أى مبادلات فعلية للسلع والخدمات، فهى عينها المقامرات والمراهنات التى تقوم على الحظ والمقامرة، والأدهى والأمرُّ أن معظمها يقوم على ائتمانات من البنوك فى شكل قروض، وعندما تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن ينهار كل شىء وتحدث الأزمة المالية.

وشدد شحاتة على أن التوسع والإفراط فى تطبيق نظام بطاقات الائتمان بدون رصيد (السحب على المكشوف)، والتى تحمِّل صاحبها تكاليفَ عالية، من أسباب الأزمة، وعندما يعجز صاحب البطاقة عن سداد ما عليه من مديونية يُزاد عليه فى سعر الفائدة، وهكذا حتى يتم الحجز عليه أو رهن سيارته أو منزله، وهذا ما حدث فعلاً للعديد من حاملى هذه البطاقات، فقادتهم إلى خلل فى ميزانية البيت، وكانت سببًا فى أزمة فى بعض البنوك الربوية.


http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=78421