بسم الله الرحمن الرحيم


هل قصة سليمان في القرآن حقيقة تاريخية؟ أم هي مجرد حكايات ذكرت في كتب أساطير قديمة؟ ما هي أهم الفروقات بين قصة سليمان في الكتاب المقدس وقصة سليمان في القرآن؟ هل سليمان كان يعرف لغة الطير؟ هل كان له خدم من الجن؟ وهل الطيور كانت تشكل جزءا أساسيا من جيشه؟ وما علاقته بملكة سبإ؟ وما قصته مع النمل؟

دعونا أولاً نتكلم عن ملك سليمان ، وهل هو ملك على الأرض ام انها محدودة بحسب ميراثه كرسي أبيه وحسب الرسالة التي أرسله الله لها ؟

فارق كبير عندما نتحدث عن مُلْك سليمان و دولة سليمان ... فمملكة سليمان تسع الأرض كلها ، فليس هذا يعني بأنه ملك الأرض وكل الدول تحت رعايته ، بل المقصود بأن المعجزات التي أنعم الله عليه بها كانت من جنس مكونات الكون ،فكل ملك من ملوك الدنيا جنوده من الإنس، أما سليمان فجنوده من الإنس والجن والطير، وكل ملك من ملوك الدنيا له مراكب تحمله أينما أراد من دواب وسيارات وطائرات، أما سليمان عليه السلام فكانت الريح مسخَّرة له بأمر الله تحمله حيث شاء وكيف شاء، تقطع في ساعات ما تقطعه الريح المعهودة في شهر، ولا تحتاج إلى صيانة أو وقود أو طعام .

قد بلغت مملكة سليمان مبلغًا عظيمًا من التقدم المادي، فقد هيأ الله مادة الصناعة، وسخَّر له الصنَّاع المهرة من الشياطين وسخَّر له من الشياطين كل (بناء) يقوم بأعمال البناء في البرّ، و(غواص) يغوص في البحر يستخرج كنوزه وأسراره، فهل أتيح لملك من ملوك الأرض ما أتيح لسليمان من تسخير الجن والشياطين، والمردة منهم بهذه الصورة؟ حتى صنعوا له ما يشاء من قصور فخمة وقدور ضخمة وتماثيل حسنة .


وخلاصة القول: فقد بلغت مملكة سليمان من القوة المادية مبلغًا عظيمًا.

أما دولة سليمان : فسليمان نبي الله وليس حكيم أو ملك فقط كما تزعم المسيحية أو اليهودية .

قال الله تعالى: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ}

أي: ورثه في النبوة والملك ... أي أن دولة سليمان كانت حكمه على بني اسرائيل .. والله عز وجل لم يُرسل رسول أو نبي إلا لأمم معينة وليست للبشرية أجمع ولكن رسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كانت للبشرية اجمع ....... فلا يصح ان يقال بأن سليمان كل ملكاً على الكون بكل ما فيه من بلاد وشعوب وخيرات لأن في عهد سليمان كان هناك امم وثنية كثيرة ولم نقرأ أو نسمع بأن سليمان حارب الوثنية من المحيط إلى الخليج ! .

لذلك وجدنا الهدهد يأتي بنبأ لسليمان لكونه نبي حيث أشار بأن هناك ملكة تسجد للشمس والقرآن لم يذكر بأن الهدهد كان يبحث عن مملكة ليست خاضعة لسليمان كما إدعى الترجوم الثاني لاستير بقول ديك الغابة : طرت كاشفاً كل العالم متسائلاً : هل هناك من بلاد أو مملكة غير خاضعت لسيدي الملك ........ وهذا يؤكد بان كاتب هذا الترجوم يتحدث من ناحية أن سليمان كان ملك على الكون بكل بلاده وممالكه وليس بكونه نبي .. وهذا غير موجود بالقرآن .

وقول {وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ}

أي: من كل ما يحتاج الملك إليه من العدد والآلات، والجنود، والجيوش، والجماعات من الجن، والإنس، والطيور والوحوش، والشياطين السارحات، والعلوم والفهوم، والتعبير عن ضمائر المخلوقات، من الناطقات والصامتات.

وتأكيد لما تم ذكره : عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ الله عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَمَّا فَرَغَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ مِنْ بِنَاءِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سَأَلَ اللَّهَ ثَلَاثًا: حُكْمًا يُصَادِفُ حُكْمَهُ، وَمُلْكًا لَا يَنْبَغِي لَأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ، وَأَلَّا يَأْتِيَ هَذَا الْمَسْجِدَ أَحَدٌ لَا يُرِيدُ إِلَّا الصَّلَاةَ فِيهِ إِلَّا خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ" فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَمَّا اثْنَتَانِ فَقَدْ أُعْطِيَهُمَا وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ قَدْ أُعْطِيَ الثَّالِثَةَ". أخرجه أحمد (2/176 ، رقم 6644) ، والنسائي (2/34 ، رقم 693) ، قال الحافظ فى الفتح (6/408) : رواه النسائى بإسناد صحيح. وابن ماجه (1/452 ، رقم 1408) والحكيم (1/370) وابن حبان (14/330 ، رقم 6420) ، والحاكم (1/84 ، رقم 83) ، والبيهقي فى شعب الإيمان (3/494 ، رقم 4175) . وأخرجه أيضًا : ابن خزيمة (2/288 ، رقم 1334) ، والديلمي (1/224 ، رقم 860) ، وصححه الألباني في " التعليق الرغيب" ( 2 / 137 ). قال العلامة السندي في "شرح سنن ابن ماجه": ( حُكْمًا يُصَادِف حُكْمه ) أَيْ يُوَافِق حُكْم اللَّه وَالْمُرَاد التَّوْفِيق لِلصَّوَابِ فِي الِاجْتِهَاد وَفَصْل الْخُصُومَات بَيْن النَّاس.

إذن سُليمان ما كانت دولته هي الكون أجمع أو معنى اخر نقول أن سليمان لم يكن ملكاً على الكون كله .


يتبع :-