إشكالات حول عصيان إبليس و إزالتها



يقول الشاب : (( كيف لأبليس أن يعصي خالق الكون الذي خاطبه وعلم بقدرة اللهالعظيمه و هو أكثر شخص متيقن بأن هناك نار وجنه فكيف يعصيه!!!! ))

العصيان له أسباب كثيرة و التي منها الكبر و سبب عصيان آدم الكبر قال تعالى :﴿ و إذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ [1] .

وكبر إبليس جعله يخالف أمر الخالق كما أن كبر التلميذ قد يجعله يخالف أمر مدرسه مع علمه بأنه سيؤذيه و كبر الولد قد يجعله يخالف أمر والده مع علمه بأنه سيعاقبه .
و العلم بالشيء لا يستلزم العمل له و غاية ما في العلم بالشيء التحفيز على العمل له الناس قد تعلم الحق و تفعل الباطل و قد تعلم بأضرار التدخين وتدخن و قد تعلم بعقوبة القتل القانونية و تقتل .

يقول الشاب: ((فلو ان الله خلقابليس لاختبار عباده فإن ابليس لايدخل النار لانه لاذنب له ))

الله خلق إبليس لحكم بالغة و ليست محصورة في اختبار العباد ، و الله لم يجبر إبليس على المعصية ، ولو أجبره على المعصية لما ذمه عليها فالله علم مسبقا أنه سيخلق إبليس و يعصيه و الله خلق فيه القدرة على فعل الطاعة و المعصية ، وإبليس شاء المعصية لنفسه ، وفعلها لذلك يستحق العقوبة .

و قدر الله نؤمن به ولا نحتج به ، و لو كان الاحتجاج بالقدر مقبولا لقبل من إبليس وغيره من العصاة فلما لم يقبل علم أنه لا يصح .

ولو كان القدر حجة للعباد لم يعذب الله أحدا من الخلق لا في الدنيا ولا في الآخرة ، ولو كان القدر حجة لم يقطع سارق ولا قتل قاتل ولا أقيم حد على ذي جريمة .

و هل لو سرق شخص مال و اعترض عليه المسروق قائلا :كيف تسرق مالي فقال له السارق : الله قدر لي السرقة أتقبل حجة السارق ؟!!

و لو كان الاحتجاج بالقدر جائزا لكان عذاب الله تعالى للعصاة ظلم تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ؛ لأن العصاة على هذا الفكر العفن سيكونون مسيَّرون إلى أعمالهم ، بغير قصد ولا نية منهم وهذا يستلزم أن بعث الرسل، وإنزال الكتب كل ذلك عبث لا نفع فيه و هذا لا يجوز على الله .


يقول الشاب : (( جواب حكمةالله وتعوذ من الشيطان صار يزيدني شكاً ولا يطمئن قلبي فإني اعتبرها تشفير العقلالا يفكر ))

ليس لنا الاعتراض على فعل الله فالله الملك ، و الملك يفعل في ملكه ما يشاء ،و الأدب مع الله ألا نسأل لما فعل كذا بل نسأل ما الحكمة من فعل الله كذا ، و عدم العلم بحكمة الله في فعل شيء لا يستلزم العلم بعدم الحكمة في فعل هذا الشيء .

و الله سبحانه و تعالى لم يخلق إبليس عبثا ولا قصد بخلقه إضرار عباده وهلاكهم ، وإبليس وإن كان للأديان والإيمان كالسموم للأبدان ففي إيجاد السموم من المصالح والحكم ما هو خير من تفويتها .

و من حكم خلق إبليس التوبة إلى الله بعد اقتراف السيئات ، و رؤية الله صبر المؤمنيين على إغراء الشيطان و إغوائه و أن تظهر للعباد قدرة الله على خلق المتضادات فكما خلق جبريل الذي هو من أشرف الذوات خلق الشيطان أخبث الذوات ،وأن تستخرج العبوديات المتنوعة التي لولا خلق إبليس لما ظهرت كالجهاد و الحب في الله والبغض في الله و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر .


[1] - البقرة الآية 34