بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
3. العتق بالمكاتبة:
المكاتبة هي منح الحرية للرقيق متى طلبها بنفسه مقابل مبلغ من المال يتفق عليه السيد والرقيق. والعتق هنا اجباري لا يملك السيد رفضه او تأجيله بعد اداء المبلغ المتفق عليه والا تدخلت الدولة لتنفيذ العتق بالقوة, ومنح الحرية لطالبها .قال تعالى:(والذين يبتغون الكتاب مما ملكت ايمانهم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيراوآتوهم من مال الله الذي آتاكم)[1]
وهنا قولان للفقهاء في الوجوب:
اولا: لا يجب ذلك بل مستحب , ودليلهم قوله تعالى :(ان علمتم فيهم خيرا), فاللفظ :(ان علمتم فيهم خيرا)قرينة ظاهرة صرفت الأمر في قوله تعالى :(فكاتبوهم...)من الوجوب الى الاستحباب . فاذا قال العبد لسيده :كاتبني على مبلغ كذا, وقال السيد: لم اعلم قيك خيرا, فالقول قول السيد لأنه اعلم بحال عبده من ناحية الأمانة والصلح.
ثانيا:واجب على السيد ان يجيب العبد على المكاتبة وواجب عليه ان يعتقه اذا ادى المبلغ المتفق عليه.واصحاب هذا القول كما قال القرطبي هم:عكرمة وعطاء ومسروق وعمرو بن دينار والضحاك ابن مزاحم , وجماعة من اهل الظاهر,,, واحتجوا بفعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه , وذلك ان سيريت ابا محمد بن سيرين سأل انس بن مالك الكتابة وهو مولاه, فأبى انس,فرفع عمر رضي الله عنه الدرة وتلا قوله تعالى:(فكاتبوهم ان علمتم فيهم خيرا), فكاتب انس,وما كان عمر رضي الله عنه ليرفع الدرة على انس فيما له مباح ان يفعله,ومما يؤكد الوجوب سبب نزول الآية :(والذين يبتغون الكتاب..........), نزلت كما روى القرطبي في غلام لحويطب يقال له((صبيح)), طلب من مولاه ان يكاتبه وفابى حويطب, فانزل الله سبحانه الآية, فكاتبه حويطب على مئة دينار ووهب له عشرين دينارا ,فأداها صبيح وأُعتق.
ومنذ اللحظة الأولى التي يطلب فيها المكاتبة , يصبح عمله عند سيده باجر او يتاح له –اذا رغب- ان يعمل في الخارج بأجرو حتى يجمع المبلغ المتفق عليه.
والإسلام يسر المكاتبة على العبد بأحكام شرعها له واهمها:
1) رخص للعبد المكاتب ان يفك رقبته من مال الزكاة, قال تعالى:( وفي الرقاب..)[2]
2) تقسيط المال الذي يؤدى الى السيد على مراحل , لما روى البخاري وابو داود عن عائشة رضي اللع عنها قالت:دخلت عليَ بريره فقالت:ان اهلي كاتبوني على تسع اواق فضه في تسع سنين , كل سنه أوقية فاعينيني.....
3) على السيد ان يعين عبده في مال الكتابة للأمر الذي أمره الله به في قوله تعالى:(فكاتبوهم ان علمتم فيهم خيرا وآتوهم من مال الله الذي آتاكم)[3], والإعانة هي اما ان يعطيه شيئا مما في يده, واما ان يحط عنه شيئا من مال الكتابة,قال الإمام الشافعي:يجبر السيد على الإعانة ويحكم بها الحاكم على الورثة إن مات السيد ولم يعن عبده المكاتب بمال.[4]
4) اذا ادى العبد للسيد كتابته(اي المال المتفق عليه)عُتق فورا ,ولايحتاج الى ان يتلفظ السيد بلفظ العتق.
5) نقل القرطبي في تفسيره عن بعض السلف :ان العبد اذا تم بينه وبين السيد عقد الكتابة لتحريره يصبح بموجب هذا العقد حرا,ولايرجع ابدا الى الرق ,ويكون مدينا لسيده بالمال الذي تعاقد عليه.

[1] النور:33

[2] التوبة:60

[3] النور:33

[4] عبدالله ناصح علوان,نظام الرق في الإسلام, ص57