--------------------------------------------------------------------------------


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين والحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون ,والحمد لله الذي لم يتخذ ولداً ولم يكن له شريك فى الملك ولم يكن له ولي من الذل,وأشهد أن لا إله إلا الله إلا الله وحده لاشريك له الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد,الأول بلا ابتداء والآخر بلا انتهاء, وأشهد أن سيدنا وإمامنا وعظيمنا وحبيبنا وشفيعنا وسيدنا محمد رسول الله , أرسله الله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيداً أرسله بالحق بين يدي الساعة بشيراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً, أرسله إلى الثقلين الجن والإنس عربهم وعجمهم ليخرجهم من الظلمات إلى النور بإذن ربهم ويهديهم إلى صراط مستقيم صرات الذي له مافي السموات ومافي الأرض وهو صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.أما بعد
فهذا الحديث يدور حول الذين أسماهم الله فى كتابه الكريم بالذين أوتوا الكتاب,
والذين أوتوا الكتاب لقب يطلقه القرآن الكريم على أصحاب الكتب السابقة كاليهود والنصارى,هؤلاء يسميهم القرآن الكريم أهل الكتاب أو الذين أوتوا الكتاب ويخصهم بأحكام خاصة سواء فى الحروب مع المسلمين أو فى أسلوب الجدال فيقول الله سبحانه وتعالى(ولاتجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هى أحسن إلا الذين ظلموا منهم)
فالذين ظلموا منهم هم الذين يتعدون على المسلمين ويحاولون أن يشوهوا جلال الدين الإسلامي فهؤلاء نجد القرآن الكريم قد حدد منهم موقفاً آخرفقال,قاتلوا الذين لايؤمنون بالله ولاباليوم الآخر, ولايحرمون ماحرم الله ورسوله,ولايدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون) والنداءات التي جائت فى القرآن الكريم خاصة بأهل الكتاب هي ثلاثة عشر نداءاً منها فى سورة آل عمران ست نداءات ونداءان فى سورة النساء وخمس نداءات فى سورة المائدة,
فنجد أول هذه النداءات نداء فى الآية الرابعة والستين من سورة آل عمران يقول الله سبحانه وتعالى فيه(قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ
وهو نداء من الله سبحانه وتعالى لأهل الكتاب أن تتفق كلمتهم مع كلمة المسلمين حول كلمة واحدة سماها القرآن الكريم كلمة سواء يستوي فيها المسلمون وغيرهم, لايقصد بهذه الكلمة أن يحصل المسلمون على مكاسب دنيوية أوفر أو أن يحصل محمد صلى الله عليه وسلم على زعامة معينة فالله سبحانه وتعالى قال (مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللّهِ وَلَكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلاَئِكَةَ وَالنِّبِيِّيْنَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ
مستحيل أن يرسل الله رسولاً ثم يحاول ذلك الرسول أن يستقطب الناس وأن يجعلهم قسمة بينه وبين الله أو أن يدعوا إلى تأليه نفسه أو أن يدعوا الناس إلى عبادته بأن ينصب نفسه إلهً أو ابن إله أو جزءاً من إله فما كان للرسل أن يفعلوا ذلك وإنما جاء رسل الله وجاء أنبياء الله ليدلوا الناس على التوحيد السليم المستقيم وليعرفوهم بربهم فيصبحون عباداً لله لا لغيره,هذا هو منهج المرسلين وهذه الآية الرابعة والستون من آل عمران كانت هي التي يدور حولها خطابات الرسول صلى الله عليه وسلم ورسائله ورسله الموجهين يميناً وشمالاً وشرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً الذين كانوا يتحركون من المدينة المنورة المركز الإسلامي الأول يتجهون فى طول البلاد وعرضها يدعون ملوك ورؤساء العالم إلى الإسلام,
كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في هذه الرسائل(من محمدٍ عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم مثلاً أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين وإن توليت فإنما عليك إثم الأريسيين, يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ.
ثم يأتي النداء الثاني
فى الآية الخامسة والستين من سورة آل عمران(يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَآجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ.) مالكم ولإبراهيم! ماهي العلاقة التي تربطكم بإبراهيم؟ إن إبراهيم لم يعبد إلا الله وحده,إبراهيم لم يقل أبداً إن لله ولداً, مالكم ولإبراهيم! لِمَ تُحَآجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنزِلَتِ التَّورَاةُ وَالإنجِيلُ إِلاَّ مِن بَعْدِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ هَاأَنتُمْ هَؤُلاء حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلمٌ فَلِمَ تُحَآجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ .
فهذه طبيعة الإنسان المجادل الذي يجادل فى كل شئ هناك أناس فيهم هذه الطبيعة يجادلون فى كل شئ, يجادل فيما يعرف وفيما لايعرف المهم أن يجادل,المهم أن يدعي الفصاحة, ويدعي العلمانية, ويدعي المعرفة, فالله يفضح هؤلاء ويقول لهم, هَاأَنتُمْ هَؤُلاء حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلمٌ فَلِمَ تُحَآجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ
مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلاَ نَصْرَانِيًّا وَلَكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَاللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ
واتبعوه هنا معناها صاروا على نهجه وهذا هو الإتباع , إتبعوه أي جعلوا عقيدتهم كعقيدته, سلوكهم كاسلوكه,أخلاقهم كأخلاقه وهؤلاء هم أولى الناس بإبراهيم إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَاللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ. هكذا بين الله لهم سبحانه أن أولى الناس بإبراهيم هو محمد صلى الله عليه وسلم, والذين اتبعوا محمد صلى الله عليه وسلم أصحاب العقيدة الصافية,أصحاب العقيدة الخالصة,أصحاب التوحيد فهؤلاء هم أولى الناس بمحمد ومحمد هو أولى الناس بإبراهيم لأنهم على منهج واحد وعلى سنة واحدة, يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ
هذا هو النداء الثالث فى الآية السبعين من سورة آل عمران, يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ ,هم يشهدون على هذا الكفر وبالرغم من معرفتهم حق المعرفة بالتناقضات البشعة الموجودة فى كتبهم,تناقضات وتحديات للعصر ولكل فهم وهم يشهدون على هذا ومع ذلك فابالرغم من معرفتهم اليقينية أن هذا هو الباطل لاشك فيه فإنهم يحاولون أن يبينوه للعالم على أنه الحق لاشك فيه فتخيل أخي لو أن كتاب من كتبهم الصغيرة يحتوي على عشرات من الأكاذيب الواضحة التي تخالف العلم وتخالف النصوص وتتناقض مع بعضها كتاب صغير يتكون من ثلاثين أو أربعين صفحة يحتوي على كل هذه الأخطاء فما بالك بكتبهم الكبيرة التي تتكون من مئات الصفحات!!!.
قال الله تبارك وتعالى للذين يشككون فى حقيقة القرآن
أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا) النساء
والذي أنزل عليه القرآن هو رجل كان غير مثقفاً ولاخريج جامعة ,رجل نشأ في بيئة أمية وكان أميً ثم جاء بهذا العلم الذي حير الفلاسفة وحير العلماء فى كل بلاد الدنيا وفى كل زمان ومكان,
والنداء الرابع فى الآية الحادية والسبعين (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ
لماذا تغطون الحق بالباطل والباطل بالحق وتدخلون المسألة فى عماء وتجهيل لماذا؟ (للفائدة المادية بالطبع) والله تبارك وتعالى فضح أمر أصحاب الفائدة المادية فقال(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ (35)التوبة) إذاً المسألة كلها مالية فقط ومن أجل المال يكافحون بالباطل مع أنهم ينسبون للمسيح أنه قال حينما جائوه بالجزية وقالوا له أنعطي الجزية لقيصر وأرادوا أن يحرجوه فقال لهم أروني ,ماهذه الدنانير أو النقود فقال لهم ولمن هذه الصورة قالوا لقيصر فأدار الوجه الثاني من النقود(العملة) وقال لهم وما هذه الكتابة قالوا لقيصر فألقى العملة فى وجههم وقال أعطوا مالقيصر لقيصر ومالله لله(كلام يقولونه!) ولكن لايطبقونه فهم أغنى الناس وأثرى الناس مالياً والدين عندهم أصبح عملاً تجارياً استغلالياً,
إن الله سبحانه وتعالى علمنا فى القرآن الكريم من نتبع فقال سبحانه (اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ) هؤلاء الذين ينبغي أن يتبعوا والرسل جميعاً كانوا يقولون (إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ) لكن إذا كان كل شئ فى الحياة له ثمن حتى دخول الجنة لاتدخلها إلا بثمن فأي إسلوب هذا وأي عبادة هذه كلما أردت أن تقترب من الله وجدت حاجزاً ومانعاً ولابد أن تدفع حتى تمر وإن لم تجد ماتدفع فأنت بعيد عن الله لأنك فقير ,والأغنياء عندهم هم الذين سيدخلون الجنة لأنهم كلما دفعوا أكثر كلما كان لهم نصيب أكثر فى الجنة أليس هذا جنون ؟ أليس هذا هو الكفر بعينه؟ أهذه هي المساواة عندهم؟ لاحول ولا قوة إلا بالله
وللحديث بقية (يتبع)إن شاء الله