السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
ترتيب آيات كل سورة على ما هي عليه الآن في المصحف توقيفاً من النبيعن جبريل عن الله تعالى فهو ترتيب توقيفي من الله تعالى. وعلى ذلك نقلته الأُمة عن نبيها
ولا خلاف في ذلك مطلقاً. وهذا الترتيب للآيات في سورها على الشكل الذي نراه الآن، هو نفسه الذي أمر به رسول الله، وهو نفسه الذي كان مكتوباً بالرقاع والأكتاف والعسب واللخاف ومحفوظاً في الصدور. وعليه فإن ترتيب الآيات في سورها قطعي أنه توقيفي عن رسول الله، عن جبريل، عن الله تعالى. وأما ترتيب السور بالنسبة لبعضها فإنه كان باجتهاد من الصحابة رضوان الله عليهم، فقد أخرج أحمد وأصحاب السنن وصححه ابن حبان والحاكم من حديث ابن عباس قالوا: "قلت لعثمان: ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني وإلى براءة وهي من المئين فقرنتم بهما ولم تكتبوا بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم ووضعتموها في السبع الطوال؟ فقال عثمان: كان رسول الله
كثيراً ما تنـزل عليه السور ذات العدد، فإذا نزل عليه شيء - يعني منها - دعا بعض من كان يكتب فيقول: ضعوا هؤلاء الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا، وكانت الأنفال من أوائل ما نزل بالمدينة، وبراءة من آخر القرآن وكانت قصتها شبيهة بها فظننت أنها منها. فقُبِض رسول الله
ولم يبين لنا أنها منها". ولّما لم يفصح النبي
بأمر براءة أضافها عثمان إلى الأنفال اجتهاداً منه رضي الله عنه. ونقل صاحب الإقناع أن البسملة لبراءة ثابتة في مصحف ابن مسعود، وروى أن الصحابة كانوا يحتفظون بمصاحف على ترتيب في السور مختلف مع عدم الاختلاف في ترتيب الآيات، فمصحف ابن مسعود على غير تأليف العثماني من حيث ترتيب السور، وكان أوله الفاتحة ثم البقرة، ثم النساء ثم آل عمران، بعكس العثماني فترتيبه الفاتحة ثم البقرة ثم آل عمران ثم النساء. ولم يكن أي منهما على ترتيب النـزول. ويقال أن مصحف علي كان على ترتيب النـزول أوله اقرأ ثم المدثر ثم ن والقلم ثم المزمل ثم تبت ثم التكوير ثم سبح، وهكذا إلى آخره المكي ثم المدني. وهذا كله يدل على أن ترتيب السور بالنسبة لبعضها كان باجتهاد من الصحابة ولذلك كان ترتيب السور في القراءة ليس بواجب في التلاوة ولا في الصلاة ولا في الدرس ولا في التعليم، بدليل أن النبي
قرأ في صلاته في الليل بسورة النساء قبل آل عمران، أخرجه مسلم عن حذيفة بن اليمان. وأمّا ما ورد من النهي عن قراءة القرآن منكوساً فإن المراد قراءة الآيات في السورة الواحدة منكوسة لا قراءة السور منكوسة.
المفضلات