جدل جديد بشأن عدد الأقباط في مصر
شنودة: عددنا 12 مليوناً ولا يهمنا ما تقوله الدولة





القاهرة - أحمد حسني

في وقت يعد دلالة متزايدة على تصاعد الاحتقان الطائفي في مصر، دخل البابا شنودة الثالث ومفكرون مسلمون مصريون في جدل بشأن تعداد الأقباط في مصر، وهي السابقة الأولى التي يتحدث فيها البابا عن تعداد الأقباط ويذكر «أنهم 12 مليون نسمة، وأن الكنيسة تعرف أعداد رعاياها عن طريق تعداد داخلي تقوم به لكل الأسر المسيحية... ولا يهمنا الرقم المعلن من قبل أجهزة الدولة».
وقد أثارت تصريحات البابا، التي أطلقها الاسبوع الماضي، والتي تمسك بها في حوار أجراه مع «مجلة الإذاعة والتلفزيون» أمس، حفيظة بعض المثقفين المسلمين.
واعتبر فهمي هويدي انها «المرة الأولى التي يتدخل فيها البابا في هذا الشأن ويعلن رفضه الاعتراف بالإحصاءات التي أجرتها الحكومة، كما أعلن في السابق رفضه الاعتراف بأحكام الطلاق التي تقضي بها المحاكم بشأن الأقباط الأرثوذكس، وهي مواقف لها دلالاتها المسكونة بروح الندية والتحدي التي تشيع جواً من التوتر وعدم الارتياح في علاقة الكنيسة بالدولة».
وأوضح هويدي في مقال نشرته صحيفة «الدستور» المصرية على حلقتين في اليومين الاخيرين، أن «فتح مثل هذا الملف يثير لغطاً لا حدود له ويضيف إلى واقعنا احتقانا نحن في غنى عنه».
وانتقد هويدي في مقال تحت عنوان «عندما صدمنا البابا... ليته ما تكلم» بعض تصريحات البابا الخاصة بتعداد الأقباط، ورأيه في محاضرة «أسقف القوصية» في مصر التي اتهم فيها المسلمين والعرب بسرقة التراث القبطي، وكان رأي البابا فيها أنها «محاضرة تاريخية»، وهو ما اعتبره هويدي «صادما»، إذ كان يربأ بالبابا موقفا مغايرا لموقف القس. موقف جديد
وكان البابا غضب من رئيس لجنة الإعلام في الكنيسة القبطية الأنبا مرقس، عندما أعلن أن عدد المسيحيين 12 مليون نسمة في نهاية أغسطس الماضي.
وأرجع محللون الموقف الجديد للبابا أنه «تعبير عن غضبه من أحداث العنف الطائفية التي تصاعدت حدتها أثناء رحلته العلاجية في الولايات المتحدة الأميركية».
ويعتبر هؤلاء المحللون أن «أكثر ما أغضب البابا هو ما اعتبره تجنياً من الدولة على الأقباط، والذي تمثل في التسوية التي وصلت لها أزمة دير أبوفانا (صراع بين الرهبان والسكان المسلمين على أرض بجوار الدير في صعيد مصر)، والتي لم يرض عنها البابا، الى جانب الحكم بسجن كاهن اتهم بتزوير بطاقة هوية فتاة مسلمة لتزويجها من مسيحي، والحكم بضم الطفلين ماريو وأندرو المسيحيين لوالدهما المسلم».«من أسرار الأمن القومي»
ولا يزال التعداد الحقيقي للأقباط غير معروف وتتعامل معه أجهزة الدولة على أنه من أسرار الأمن القومي، فالدولة ترفض إعلان العدد الرسمي للأقباط وتتحدث عن أعداد تقريبية تتراوح بين خمسة وسبعة ملايين نسمة بنسبة ما بين 7 و10 في المئة من عدد سكان مصر، في الوقت الذي تتحدث فيه الكنيسة عن أنهم 12 مليوناً، أي حوالي 17 في المئة من تعداد المصريين البالغ 76 مليون نسمة.
وبدأ الخلاف بين الدولة والكنيسة في عام 1986، عندما أعلنت السلطات أن العدد الفعلي للأقباط هو مليونان و800 ألف نسمة (تعداد المصريين في ذلك الوقت كان 56 مليون نسمة)، وهو ما جعل البابا شنودة يقول ساخراً: «الدولة تقصد تعداد رجال الدين فقط»، وطلب وقتها البابا بشكل رسمي من الأساقفة في المحافظات البدء في إجراء إحصاء رسمي للأقباط، ولكن الدولة تدخلت وطلبت من الكنيسة التوقف عن هذا التعداد.