بسم الله الرحمن الرحيـــم

المسيح عليه السلام

غني عن البيان أن كل ما في المخطوط المسمى " إنجيل برنابا " هو ما قاله كاتبه باعتباره برنابا أحد حواريي (تلاميذ ) المسيح عليه السلام عن سيرة وتعاليم المسيح عليه السلام وما رواه عن ربه . وما نحاوله هنا هو معرفة النبوءات التي تحدثت عن المسيح عليه السلام كما رواها كاتب "إنجيل برنابا " ، تصوره للمسيح عليه السلام خاصة ما رواه عن لسان المسيح عليه السلام ، مدى دراية كاتب " إنجيل برنابا " بسيرته ،ومقارنة ذلك بما في الكتب المعتمدة لأصحاب الديانات الثلاث الكبيرة ، اليهودية والمسيحية والإسلام .

وبداية ما هو معنى كلمة مسيح ؟ نشأت كلمة مسيح اشتقاقا من مسح ، ذلك أنه كان من عادة بني إسرائيل مسح ملوكهم بالزيت كناية عن تعيينهم ملوكا من قبل الله ففي صموئيل أول 16 :1 -13 " قال الرب لصموئيل حتى متى تنوح على شاول وأنا رفضته عن أن يملك على إسرائيل املأ قرنك دهنا وتعال أرسلك إلى يسى البيتلحمي لأني رأيت لي في بنيه ملكا … فقال الرب قم امسحه لأن هذا هو ".واسم شاول في القرآن الكريم طالوت ، وقد قام نبيهم بمسح داود (عليه السلام ).ولكن النبوءات بدأت تتحدث عن شخص معين يملك على بني إسرائيل (إسرائيل في العهدين القديم والجديد ) قبل قيام الساعة (يوم الدينونة ). وكلمة مسيح تختلف في معناها عن كلمة مسيا والتي تعني المعزي أو المخلص ، وإن تقاربتا لفظا . فالفرق الوحيد بينهما في اللاتينية أن الحرف الأخير في كلمة المسيح حرف H بينما في كلمة مسيا حرف S . وقد كتب المخطوط بهذه اللغة ذاتها . ومنها ترجم إلى الإنجليزية ومنها إلى العربية .

وسنضطر إلى إعادة ذكر بعض النصوص السابق الإشارة إليها تسهيلا للقاريْ ، ولكن ذلك سيكون في أضيق الحدود .

مريم عليها رضوان الله :

اهتم القرآن الكريم بمريم عليها رضوان الله حتى أنه أسمى إحدى سوره باسمها (سورة مريم )، كما أعطاها لقب صديقة "ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام "( المائدة : 75 ) وفي هذا إشارة مهذبة لما ينتج عن الطعام من دنس ،وأثبت أنها فضلى نساء العالمين "وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين "(آل عمران : 42 ) ،وهو مما يدل على أن القرآن الكريم من الله تعالى فليس من المعقول أن يتعصب محمد رسول الله لامرأة من غير بني إسماعيل على حساب نساء العالمين من نفسه وهو حتى لم يعاصرها أو يعرفها حتى يقال أنه رأى فيها صلاحا لا يمكن أن يكون في غيرها من نساء العالمين من سبقوها ومن تبعوها إلى يوم الدين ،كما أورد قصة ولادتها وأن أمها قد نذرتها لله ( آل عمران :35-37) ، وتعطي الآية 28 من سورة مريم انطباعا بأنها كانت من سبط لاوي نفس سيط هارون وموسى عليهما السلام ، ولكن قد يكون المراد من قوله تعالى "أخت هارون " هو أنها نذرت لعبادة الله ،حيث كان نسل هارون هم القائمون على رعاية الهيكل .كما تحدث عن تبشيرها بميلاد عيسى (يسوع ) وما كان من قومها تجاه ولادته المعجزة ، ولم يذكر ذلك إلا إنجيل الطفولية الغير معترف به من المسيحيين.هذا في الوقت الذي لم يذكر أحد أناجيل المسيحيين ألا وهو إنجيل يوحنا اسمها واكتفى بذكرها بصفتها أمه في 5 جمل .ولم يرد في القرآن الكريم ولا في الأحاديث النبوية أنها أنجبت أطفالا بعد ميلاد المسيح عليه السلام على ما هو وارد في إنجيل متى 13: 55 ،ومرقس 6: 3 بأسمائهم وفي إنجيل لوقا 8 :20 وإنجيل متى 12: 47 ،ومرقس 3: 32 بدون أسماء . كما لم يرد ذكر ليوسف النجار في القرآن الكريم أوفي الأحاديث النبوية والذي تقول أناجيل المسيحيين وإنجيل برنابا انه تزوجها بعد ميلاد المسيح بل تقول أنه كان خطيبها قبل ميلاد المسيح.

وقد وردت بشارة في العهد القديم سفر أشعياء 7: 14 " ولكن يعطيكم السيد نفسه آية ها العذراء تحبل وتلد ابنا وتدعو اسمه عمانوئيل " وورد اسم عمانوئيل مرة أخرى في نفس السفر 8 : 7 ،8 "لذلك هو ذا السيد يصعد عليهم مياه النهر القوية والكثيرة ملك أشور وكل مجده فتصعد فوق مجاريه ويجري فوق جميع شطوطه . ويتدفق إلى يهوذا يفيض ويبلغ العنق ويكون بسط جناحيه ملء عرض بلادك يا عمانوئيل " ولا ندري ما هي العلاقة المحتملة بين هذا النص والمسيح . وبخلاف هذين الموضعين في العهد القديم لم يرد ذكر عمانوئيل هذا .

وورد بإنجيل لوقا 1 : 26 -38 "أرسل جبرائيل الملاك من الله إلى مدينة من الجليل اسمها الناصرة إلى عذراء مخطوبة لرجل من بيت داو ود اسمه يوسف . واسم العذراء مريم .فدخل إليها الملاك وقال سلام لك أيتها المنعم عليها الرب معك مباركة أنت في النساء . فلما رأته اضطربت من كلامه وفكرت ما عسى أن تكون هذه التحية فقال لها الملاك لا تخافي يا مريم لأنك قد وجدت نعمة من الله . و ها أنت ستحبلين وتلدين ابنا وتسمينه يسوع … ويملك على بيت يعقوب … فقالت مريم كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلا فأجاب الملاك وقال لها الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك … لأنه ليس شيْ غير ممكن لدى الله فقالت مريم هو ذا أنا أمة الرب ليكن لي كقولك فمضى من عندها الملاك ". وأمة الرب مؤنث عبد الرب ، أما إنجيل متى 1 :18 -23 ففيه "أما ولادة يسوع المسيح فكانت هكذا .لما كانت مريم أمه مخطوبة ليوسف قبل أن يجتمعا وجدت حبلى من الروح القدس فيوسف رجلها إذ كان بارا ولم يشأ أن يشهرها أراد تخليتها سرا . ولكن فيما هو متفكر في هذه الأمور إذا ملاك الرب قد ظهر له في حلم قائلا يا يوسف بن داود لا تخف أن تأخذ امرأتك لأن الذي حبل به فيها هو من الروح القدس فستلد ابنا وتدعو اسمه يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم وهذا كله كان ليتم ما قيل من الرب بالنبي القائل هو ذا العذراء تحبل وتلد ابنا ويدعون اسمه عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا ." ويلاحظ التناقض في الاسم بين النبوءة المشار إليها (أشعياء 7 :14 ) وبين ما حدث فعلا وما هو وارد بنفس النص أي (يسوع ) . ولم يرد اسم عمانوئيل في العهد الجديد إلا في هذا النص .

أما القرآن الكريم ففي آل عمران :45 - 47 " إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى بن مريم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين * ويكلم الناس في المهد وكهلا ومن الصالحين *قالت ربي أنى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر قال كذلك الله يخلق ما يشاء إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون "فقد كان خلق المسيح بأن قال الله "كن " دون أن يمسها إنس ولا جان ولا ملك .وكيف يمكن حدوث تزاوج بين البشر والملائكة والبشر من طين والملائكة من نور ؟

ميلاد المسيح :

وردت في العهد القديم نبوءة عن مولده في بيت لحم في ميخا 5 :2 "أما أنت يا بيت لحم أفراتة وأنت صغيرة أن تكوني بين ألوف يهوذا فمنك يخرج لي الذي يكون متسلطا على إسرائيل ومخارجه ". وفي متي 2: 1 - 6 "ولما ولد يسوع في بيت لحم اليهودية في أيام هيرودس الملك إذا مجوس من المشرق قد جاءوا إلى أورشليم .قائلين أين المولود ملك اليهود فإننا رأينا نجمه في المشرق وأتينا لنسجد له . فلما سمع هيرودس الملك اضطرب وجميع أورشليم معه فجمع كل رؤساء الكهنة وكتبة الشعب وسألهم أين يولد المسيح . فقالوا له في بيت لحم اليهوديه لأنه هكذا مكتوب بالنبي . وأنت يا بيت لحم أرض يهوذا لست الصغرى بين رؤساء يهوذا لأن منك يخرج مدبر يرعى شعبي إسرائيل ". ويلاحظ اختلاف النص على ما هو مدون بالعهد القديم عما أورده إنجيل متى . وفي إنجيل لوقا 2 :4 - 7 " فصعد يوسف أيضا من الجليل من مدينة الناصرة إلى اليهودية إلى مدينة داود التي تدعى بيت لحم لكونه من بيت داود وعشيرته ليكتتب مع امرأته المخطوبة وهي حبلى . وبينما هما هناك تمت أيامها لتلد فولدت ابنها البكر وقمّطته وأضجعته في المذود إذ لم يكن لهما موضع في المنزل ".

أما إنجيل يوحنا فقد ورد ذكر مولده في بيت لحم في 7 : 42 " ألم يقل الكتاب أنه من نسل داود ومن بيت لحم القرية التي كان داود فيها يأتي المسيح ".

أما إنجيل مرقس فلم يذكر مكان ميلاده ولا النبوءة التي تناولته .

وفي إنجيل برنابا الفصول من 1 - 3 يتحدث عن البشارة بمولد (عيسى ) يسوع وبمولده تفصيليا أكثر من كل الأناجيل الأربعة التي يؤمن بها المسيحيون (متى مرقس لوقا يوحنا ) نقتبس بعضا منها " لقد بعث الله في هذه الأيام الأخيرة بالملاك جبريل إلى عذراء تدعى مريم من نسل داود من سبط يهوذا . بينما كانت هذه العذراء العائشة بكل طهر بدون أدنى ذنب المنزهة عن اللوم المثابرة على الصلاة مع الصوم يوما ما وحدها … ولكن الملاك سكن روعها قائلا :"لا تخافي يا مريم لأنك قد نلت نعمة من لدن الله الذي اختارك لتكوني أم نبي يبعثه إلى شعب إسرائيل ليسلكوا في شرائعه بإخلاص .فأجابت العذراء وكيف ألد بنين وأنا لا أعرف رجلا .فأجاب الملاك يا مريم إن الله الذي صنع الإنسان من غير إنسان لقادر أن يخلق فيك إنسانا من غير إنسان لأنه لا محال عنده . فأجابت مريم "إني لعالمة أن الله قدير فلتكن مشيئته .فقال الملاك " كوني حاملا بالنبي الذي ستدعينه يسوع …" ، " أما العذراء فمجدت الله قائلة " اعرفي يا نفس عظمة الله . وافخري يا روحي بالله مخلصي .لأنه رمق ضعة أمته . وستدعوني سائر الأمم مباركة لأن القدير صيرني عظيمة . فليتبارك اسمه القدوس …" . " أما مريم فإذ كانت عالمة مشيئة الله وموجسة خيفة أن يغضب الشعب عليها لأنها حبلى فيرجمها كأنها ارتكبت الزنا اتخذت لها عشيرا من عشيرتها قويم السيرة يدعى يوسف لأنه كان بارا متقيا لله .. كان نجارا .. عزم إذ رأى مريم حبلى على إبعادها .. وبينا هو نائم إذا بملاك الله يوبخه قائلا " لماذا عزمت على إبعاد امرأتك . فاعلم أن ما كون فيها بمشيئة الله فستلد العذراء ابنا . وستدعونه يسوع ..فإنه نبي من الله أرسل إلى شعب إسرائيل " …" كان هيرودس في ذلك الوقت ملكا على اليهودية بأمر قيصر أوغسطس . وكان بيلاطس حاكما في زمن الرياسة الكهنوتية لحنان وقيافا . فعملا بأمر قيصر اكتتب جميع العالم . فذهب إذ ذاك كل إلى وطنه وقدموا نفوسهم بحسب أسباطهم لكي يكتتبوا . فسافر يوسف من الناصرة إحدى مدن الجليل مع امرأته وهي حبلى ذاهبا إلى بيت لحم (لأنها كانت مدينته وهو من عشيرة داود ) ليكتتب عملا بأمر قيصر . ولما بلغ بيت لحم لم يجد فيها مأوى إذ كانت المدينة صغيرة وحشد جماهير الغرباء كثيرا . فنزل خارج المدينة في نزل جعل مأوى للرعاة . وبينما كان يوسف مقيما هناك تمت أيام مريم لتلد . فأحاط بالعذراء نور شديد التألق .وولدت ابنها بدون ألم . وأخذته على ذراعيها . وبعد أن ربطته بأقمطة وضعته في المذود .إذ لم يوجد موضع في النزل . فجاء جوق غفير من الملائكة إلى النزل بطرب يسبحون الله ويذيعون بشرى السلام لخائفي الله . وحمدت مريم ويوسف الله على ولادة يسوع وقاما على تربيته بأعظم سرور .

وفي القرآن الكريم كانت ولادة المسيح عليه السلام في معزل ـ شرقي ـ عن الناس فلم يكن معها سوى الله ليعينها في مخاضها ولا في ولادتها للمسيح مريم :16 -26 ، وفيه أن الله قد منح المسيح عليه السلام القدرة على النطق وهو بعد وليد " يكلم الناس في المهد وكهلا "(آل عمران :46 وأنظر المائدة :110 ومريم : 16 -30 )ـ وهو ما لم تذكره أي من الأناجيل باستثناء إنجيل الطفولية ، والذي لا تعترف به الكنيسة ـ ليطمئنها ولينصحها بهز جذع النخلة لتشد من أزرها . ورغم أن الله قادر على تغذيتها وهي ساكنة في مكانها إلا أنه كلفها وهي في النفاس أن تهز النخلة تعظيما لقيمة العمل .وفي القرآن الكريم أيضا أن المسيح عليه السلام وهو وليد دافع عن أمه عندما اتهمها قومها بالزنى "فأتت به قومها تحمله قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا * يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا* فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا * قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا * وجعلني مباركا أينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا * وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا "(مريم : 27 - 33 )فقد كان نطقه أبلغ رد على الذين اتهموها .

ختان المسيح :

في إنجيل برنابا فصل 5 " فلما تمت الأيام الثمانية حسب شريعة الرب كما هو مكتوب في كتاب موسى أخذا الطفل واحتملاه إلى الهيكل ليختناه .فختنا الطفل وسمياه يسوع " وذكر إنجيل لوقا 2 :21 -22 نفس الشيْ .ويسوع هو نفس لفظ يشوع وقد حدث هذا التغيير كنتيجة لاختلاف اللهجات أو تمييزا له . وقد يفهم من أعمال الرسل 13 : 6 و 8 أن معناها الساحر ، فإن صح هذا يكون المسئول عن هذا الاسم هم اليهود فهم يعتبرونه ساحرا كذابا . ويجدر بنا هنا أن نتدارس أصل كلمة يسوع فكلمة يسوع مترجمة عن اللغات اللاتينية وليس في أي منها حرف العين ولا ندري من أين أتى المترجمون بحرف العين في نهاية الكلمة . بينما ترجموا الحرف اللاتيني J في أول الكلمة إلى ياء ،بينما المنطقي أن يكون أصلا حرفا من حروف القلقلة وهو حرف العين . ومع ملاحظة أن الرومان كانوا يضيفون حرف S في نهاية أسماء الأعلام . والذي أذهب إليه أن الترجمة الصحيحة للفظي Jesus , Jesu هو عيسى أو عيسو كاسم توأم يعقوب عليه السلام . ويسوع هو نفس لفظ يشوع وقد حدث هذا التغيير كنتيجة لاختلاف اللهجات أو تمييزا له . وقد يفهم من أعمال الرسل 13 : 6 و 8 أن معناها الساحر ، فإن صح هذا يكون المسئول عن هذا الاسم هم اليهود فهم يعتبرونه ساحرا كذابا .

نشأة المسيح :

في حديث الملاك إلى مريم عليها رضوان الله قال لها " ويملك على بيت يعقوب "(لوقا 1 : 33 ) ومنها اشتقاق كلمة المسيح ، وقد كانت فلسطين أيامها تحت الاحتلال الروماني ، ومن هنا بدأ العداء مبكرا بينه وبين الرومان إذ تصوروا أنه سينزع منهم الملك على إسرائيل . وعلى حسب ما يرويه إنجيل برنابا في فصلي 6 ، 7 ، وإنجيل متى 2 فإن مجوسا علموا من النجوم أنه قد ولد ملك لليهود ونشروا الخبر في فلسطين فثارت ثائرة الرومان وقتلوا كل الأطفال المولودين حديثا في بيت لحم ، ولكن مريم عليها رضوان الله كانت قد سافرت بابنها عيسى إلى مصر .ويتفق إنجيل برنابا مع إنجيل متى على أن هذا هو تفسير نبوءة وردت في العهد القديم " نواح في الرامة …"(أرميا 31 :15 ) على أن ذلك ليس صحيحا فليس هذا هو أوان ولا مكان تحقق هذه النبوءة ، فالنبوءة تذكر الرامة كمكان للحدث وليس بيت لحم .كما أن راحيل هي أم يوسف (عليه السلام )وبنيامين وليس يهوذا .

وعادت مريم عليها رضوان الله مصطحبة معها ابنها عيسى عليه السلام بعد زوال خطر الموت .

وفي فصل 9 من إنجيل برنابا يتعرض لهذه الفترة من حياة المسيح عليه السلام ولم يتحدث عن هذه الفترة إلا إنجيل لوقا 2 :4 "وكان الصبي ينمو ويتقوى بالروح ممتلئا حكمة وكانت نعمة الله عليه ".ويشير إنجيل متى إلى أنه كان يناقش الكتبة في هذه المرحلة السنية (متى 12 :54 ).

بدء الوحي

يذكر إنجيل برنابا في الفصل 10 أن الإنجيل أوحي للمسيح عليه السلام وهو في الثلاثين من عمره وهو يصلي ، وقد أشار لذلك أيضا إنجيل لوقا 3 :21 -23 .وفي إنجيل يوحنا 7: 16 - 18 "أجابهم يسوع وقال تعليمي ليس لي بل للذي أرسلني . إن شاء أحد أن يعمل مشيئته يعرف التعليم هل هو من الله أم أتكلم من نفسي . من يتكلم من نفسه يطلب مجد نفسه أما من يطلب مجد الله الذي أرسله فهو صادق وليس فيه ظلم " وهذا يوضح أن المسيح مرسل من الله وليس قادما من نفسه ، وأن تعليمه (الإنجيل ) ليس من عنده بل من الله ، ووجود كلمة ليس في الجملة تدل على اختلافه عن الله .كما توضح الجملة أنه إنما كان يطلب تمجيد الله ولا يريد أن يمجد هو .كذا في يوحنا 7 :28 "فنادى يسوع وهو يعلم في الهيكل قائلا تعرفونني وتعرفون من أين أنا ومن نفسي لم آت بل الذي أرسلني هو حق الذي أنتم لستم تعرفونه " ويؤدي لفظ "بل" الاختلاف بين ما قبله وبعده ، أي بينه وبين الذي أرسله. وكذا فإنه في يوحنا 8 :26 " إن لي أشياء كثيرة أتكلم وأحكم بها نحوكم لكن الذي أرسلني هو حق . وأنا ما سمعته منه فهذا أقوله للعالم "، وتفيد كلمة "لكن " التباين بين ما قبلها وبعدها .وفي يوحنا 12 : 44 - 49" الذي يؤمن بي ليس يؤمن بي بل بالذي أرسلني ..لأني لم أتكلم من نفسي لكن الآب الذي أرسلني هو أعطاني وصية ماذا أقول وبماذا أتكلم وأنا أعلم أن وصيته حياة أبدية فما أتكلم أنا به فكما قال لي الآب هكذا أتكلم " وفي يوحنا 14 :24 "الكلام الذي تسمعونه ليس لي بل للآب الذي أرسلني " . وفي مرقس 9 :37 " من قبل واحدا من أولاد مثل هذا باسمي يقبلني ومن قبلني فليس يقبلني أنا بل الذي أرسلني " . أما كون أنه مرسل من الله فقد ورد في أكثر من 30 موضعا منها متى 10 :40 ، لوقا 4: 18، لوقا 9 :48 ، لوقا 10 :16 ، يوحنا 4 :34 ، يوحنا 5 :24 ،30، يوحنا 8 :29 ،42 ،يوحنا 9 : 4 ، يوحنا 12 :49 ، يوحنا 13: 16 .

حوار المسيح مع الشيطان

نجد في إنجيل متى 4 :1 -11 حوار تم بين إبليس ( المجرب القديم ، الشيطان ) وبين المسيح عليه السلام يريد به الشيطان أن يضل رسول الله بعد أن صام أربعين يوما . ويستلفت النظر فيه قول الشيطان " لأنه مكتوب أنه يوصي ملائكته بك فعلى أيديهم يحملونك حتى لا تصدم بحجر رجلك ". وهذا يتناقض بطبيعة الحال مع ما وصفت به نهاية المسيح في أناجيل المسيحيين ، ولكنه يتفق مع ما جاء عنه في سفر المزامير ففي مزمور 91 :1 -16 "أقول للرب ملجإي وحصني إلهي فاتكل عليه .. الساكن في ستر العلي في ظل القدير يبيت .. يسقط عن جانبك ألف وربوات عن يمينك . إليك لا يقرب . إنما بعينيك تنظر وترى مجازاة الأشرار لأنك قلت أنت يا رب ملجإي . جعلت العلى مسكنك لا يلاقيك شر ولا تدنو ضربة من خيمتك لأنه يوصي ملائكته بك لكي يحفظوك في كل طرقك على الأيدي يحملونك لئلا تصدم بحجر رجلك .. أرفعه لأنه عرف اسمي يدعوني فاستجيب له معه أنا في الضيق أنقذه وأمجده من طول الأيام أشبعه وأريه خلاصي ". أما إنجيلي مرقس ولوقا فيرويان الحدث مختصرا ويذكران أن تجريب الشيطان له كان طوال أربعين يوما مخالفين بذلك ما في إنجيل متى ، ولم يشر إنجيل يوحنا للحدث من قريب أو بعيد . أما إنجيل برنابا فقد ذكر الواقعة ولكنه لم يذكر الحوار الذي تم بين المسيح عليه السلام والشيطان ، ويذكر رعاية الملائكة له كوحي أوحي إليه قبل الصيام " لا تخف يا يسوع لأن ألف ألف من الذين يسكنون فوق السماء يحرسون ثيابك . ولا تموت حتى يكمل كل شيْ ويمسي العالم على وشك النهاية "

وفي القرآن الكريم أن الله أيده بالروح القدس (جبريل عليه السلام ) ( البقرة : 87 ، البقرة :253 ،المائدة :110)وأنه لم يتعرض لإهانة أو أذى " وجيها في الدنيا والآخرة " ( آل عمران :45 ) .

معجزات على يد المسيح

للدلالة على أن المسيح عليه السلام رسول الله أمده الله تعالى بمعجزات كثيرة لا تكفي فقط لإثبات نبوته بل إنها كانت أيضا ابتلاء للذين لا يقدرون الله حق قدره فظنوا أنه أكثر من إنسان ، ومن هنا وصفته نبوءة لأشعياء (8 : 14 ) "ويكون مقدسا وحجر صدمة وصخرة عثرة لبني إسرائيل وفخا وشركا لسكان أورشليم "، وتوضح الرسالة إلى رومية 9 : 32 ، 33 أنه المقصود بهذه العبارة " فإنهم اصطدموا بحجر الصدمة كما هو مكتوب ها أنا أضع في صهيون حجر صدمة وصخرة عثرة وكل من يؤمن به لا يخزى " ولاحظ اختلاف النصين ، ومع هذا عاداه اليهود منكرين نبوته ومدعين أن هذه المعجزات بفعل الشيطان .

لم تكن أمثال هذه المعجزات بجديدة على بني إسرائيل ، فقد ورد بكتاب موسى ومن تلوه من أنبياء بني إسرائيل الكثير من أمثالها .

فإنه استجابة لدعاء نوح عليه السلام أرسل الله الطوفان ليغطي كل سطح الأرض وبارتفاع أكبر من أعلى الجبال ( هود :42 ،43 ، تكوين 7 :19) أي ما يزيد عن ارتفاع البحر حاليا بأكثر من ثلاثة آلاف متر ، ولم يقل أحد أن نوحا إله .

واستجابة لدعاء هود عليه السلام دفنت بالرمال مدن عاد التي لم يكن لها من مثيل . واستجابة لدعاء صالح عليه السلام دمر قوم ثمود (ففي القرآن الكريم أن الله تعالى أنبأهم بنبوتي هود وصالح عليهما السلام (إبراهيم :9 ) ـ وإن لم يرد ذكر أي من هاتين النبوءتين في العهد القديم بنسخته الحالية ـ ) .ولم يقل أحد أن هودا وصالحا آلهة .

ولم تحرق النار إبراهيم عليه السلام عندما ألقاه قومه فيها ( القرآن الكريم الأنبياء : 69 وإنجيل برنابا 28 : 16 - 22 ) وبعد أن قطع إبراهيم عليه السلام أربعة من الطير وجعل على كل جبل جزء دعاهن فأتينه سعيا (البقرة :260 ) ولم يقل إنسان أن إبراهيم إله . ويبدو أن هذه الحادثة هي ما ورد في تكوين 15 :9 -17 .

وأحال الله يد موسى إلى اللون الأبيض بدون سوء ( الأعراف : 108 ،طه :22 ،الشعراء : 33 ، النمل :12 ، القصص :32 ، وفي العهد القديم خروج 4 :6 ،7 وهي هناك برصاء كالثلج !) وبأمر الله تحولت عصا موسى عليه السلام لحية تسعى ( خروج 4 :2-4 ) وأمره الله أن يذهب إلى فرعون ومعه هذه العصا ليصنع بها الآيات وأسماها هذا الإصحاح عصا الله (خروج 4 :17 -20 ) ، ويذكر القرآن الكريم أنه أرسل بتسع آيات لفرعون (الإسراء :101 ،النمل :12 ) ذكر القرآن الكريم خمس منها متتاليات الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم (الأعراف :133 ) . أما العهد القديم فتارة يشير للعصا كعصا موسى وتارة يشير إليها كعصا هارون وتارة يشير إليها كعصا الله وينسب إليها المعجزات التي صنعها الله وقد ورد تحولها إلى ثعبان في خروج 4 :3 و خروج 7 : 10 ، وتحويلها مياه النهر دما (خروج 7 :14 - 19 ) ، وتحويلها التراب إلى ضفادع (خروج 8 : 5 )وتحويلها التراب بعوضا (خروج 8 : 17 ) وإسقاطها البرد (خروج 9 : 23 ) وانتشار الجراد (خروج 10 :13 ) ،ولم يذكر العهد القديم أن معجزة إحالة لون يد موسى للبياض كانت من ضمن المعجزات التي واجه بها موسى عليه السلام فرعون .

وبهذه العصا شق موسى بحر سوف (البحر الأحمر حاليا ) بإذن الله ليصبح كل قسم كالجبل الشامخ ( الشعراء :63 وغيرها ،وخروج 14 :16 ) وبها فجر الله لبني إسرائيل اثني عشر عينا ( البقرة :60 ، الأعراف :160 ، وخروج 17 :5 -6 ) بل يقول العهد القديم أن موسى استعملها في الحرب بين إسرائيل (بني إسرائيل ) وعماليق . وفي القرآن الكريم وعلى يد موسى عليه السلام أحيا الله إنسانا بضربه بجزء من بقرة ليشهد عمن قتله (البقرة : 73 ) وشقت الأرض لتبتلع قورح وأتباعه كشهادة لموسى عليه السلام أنه مرسل من الله (عدد 16 :29 - 31 ) ـ وربما كان قورح هذا هو قارون الذي ذكر القرآن الكريم قصته في سورة القصص :76 - 82 وأشار إليه في مواقع أخر .ـ وفي عصر موسى وفي مصر نسخ الله أناسا حيوانات لأنهم استهزءوا بآخرين (إنجيل برنابا 27 : 5 -7 ، وفي القرآن الكريم أنهم كانوا من بني إسرائيل وأنهم اعتدوا في السبت (البقرة : 65 ، الأعراف : 166 ) فمسخوا قردة كما مسخ بعض أهل الكتاب خنازير (المائدة :60 ). ويعترف الجميع بأن موسى عليه السلام رجل ميت .

وفي سفر يشوع 10 :12 - 14 "كلم يشوع الرب .. وقال أمام عيون إسرائيل يا شمس دومي على جبعون ويا قمر على وادي ايلون . فدامت الشمس ووقف القمر ..أليس هذا مكتوبا في سفر ياشر . فوقفت الشمس في كبد السماء ولم تعجل للغروب نحو يوم كامل " ولا وجود لسفر ياشر هذا في العهد القديم .وفي سفر يشوع أيضا 3 :13 -17 أن يشوع شق نهر الأردن ليعبر بنو إسرائيل .ولم يعتبر يوشع في يوم ما إلها . ويشوع هو يوشع بن نون خادم موسى عليه السلام الوارد ذكره في سورة الكهف :60 .

وفي سفر ملوك أول أنزل إيليا (إلياس عليه السلام ) النار من السماء (ملوك أول 18 :38 ، ملوك ثاني 1 : 10 ،12 ) كما أنزل المطر بإذن الله ( 1 ملوك 18 :38 - 45 ) ويشق الماء (ملوك ثاني 2 :8 ) ويقيم ميتا (ملوك أول 17 : 18 -23 ) ولم يدعي أحد أن إيليا إله .

و أقام أليشع (اليسع ) ميتا (ملوك ثاني 8 :5 ) وشق الماء ملوك ثاني 2 : 14 . ولم يقل بشر أنه إله .

وما أكثر ما فعل أنبياء الله من معجزات بإذن الله .

فلم تكن إذا المعجزات التي حدثت على يد المسيح عليه السلام حدثا فذا لم يسبق حدوثه حتى يبرر ذلك ما ذهبت إليه طوائف من أهل الكتاب .نعرض أدناه هذه المعجزات كما دونتها المصادر المختلفة :

ففي إنجيل برنابا فصل 11 :1 - 13 يشفي المسيح عليه السلام أبرص بإذن الله ، ونجد هذه الواقعة في متى 8 :2-4 ، مرقس 1 : 40 -45 ، لوقا 5 : 12 - 15 ، ولم يذكرها إنجيل يوحنا .

وفي إنجيل برنابا فصل 15 :3 -14 أنه أحال الماء خمرا ، ولم يذكر هذه الواقعة من أناجيل المسيحيين إلا إنجيل يوحنا 2 :1 -11 . وهو أمر غريب على نبي من أنبياء الله .

وفي إنجيل برنابا 20 : 2 - 8 أنه قام بمشيئة الله بتسكين عاصفة ، ونجد هذه الواقعة في متى 8 : 23 -27 ، مرقس 4 :37 -39 ، لوقا 8 :23 -25 . ولم يذكرها إنجيل يوحنا .

وفي إنجيل برنابا فصل 21 :2 - 13 شفا بإذن الله شخصا به شيطان لم تقو سلسلة على إمساكه ، وقد وردت هذه المعجزة أيضا في متى 8 :28 -32 ، مرقس 5 :1 -20 ، لوقا 8 : 26 -39 .

وفي نفس الفصل :17 - 30 شفا بإذن الله ابنة الكنعانية بعد تمنع لأن الكنعانيين كانوا من غير أهل الختان وهم من غير بني إسرائيل الذي أرسل إليهم . ونجد هذه الواقعة في متى 15 : 22 - 28 و مرقس 7 : 24 - 30 ، ولم ترد في إنجيلي يوحنا ولوقا .

وفي فصل 31 من إنجيل برنابا من 7- 24 شفى ابن قائد مائة بقدرة الله . وقد وردت هذه الواقعة في متى 8 :5 -13 وفي لوقا 7 :1 -10 ولم ترد في إنجيلي مرقس ويوحنا .

وفي إنجيل برنابا فصل 34 :1 - 3 شفي بإرادة الله رجل ذو يد متيبسة . وقد وردت هذه المعجزة في متى 12 : 9- 13 وفي مرقس 3 :1 -5 وفي لوقا 6 :6 -10 .ولم يوردها إنجيل يوحنا .

وفي فصل 47 : 3 - 18 من إنجيل برنابا ورد أنه عليه السلام أقام ميتا باسم الله وهو ابن وحيد لأرملة من نايين ، وقد وردت هذه الآية في إنجيل لوقا 7 :11 - 17 ، ولم توردها باقي أناجيل المسيحيين .

وفي إنجيل برنابا 65 :1 - 10 أبرأ باسم الله مقعدا منذ 38 سنة في يوم سبت ، ولم يرد ذكر هذه المعجزة إلا في إنجيل يوحنا 5 :1 -9 ،ولم تذكره باقي أناجيل المسيحيين .

وفي فصل 69 : 13 - 16 من إنجيل برنابا أنه دعا الرب إله إبراهيم فشفي رجل كان به شيطان فهو لا يسمع ولا يتكلم ولا يبصر .وقد أورد إنجيل متى 12 : 22 28 هذه الواقعة وأورد لوقا 11 :14 حادثة شبيهة كذا في متى 9 :32 هناك واقعة أخرى شبيهة.

وفي إنجيل برنابا فصل 71 : 3- 10 أن غنيا كان مشلولا فحملوه ودلوه إلي المسيح على ملاءة فشفاه بإذن الله وترد هذه الواقعة في متى 9 :2-8 ، مرقس 2 :3-12 ، لوقا 5 :18 - 26 ؛ ولكنه فيها مفلوج وليس مشلولا .

وفي فصل 98 : 5- 19 من إنجيل برنابا أن المسيح عليه السلام باسم الله وبالدعاء أطعم 5000 رجل بخلاف النساء والأطفال بخمسة أرغفة وسمكتين ، وتبقى اثنتي عشر قفة .وقد وردت هذه المعجزة في أناجيل المسيحيين الأربعة (متى 14 :14 -21 ، مرقس 6 : 34 -44 ، لوقا 9 :11-17 ، يوحنا 6 :1 -14) بل يبدو أنها هي نفسها تكررت في إنجيلي متى 15 : 32 -38 و مرقس 8 : 1 -19 . فالفارق في تفاصيلها هنا وهناك لا يذكر ، والفارق الزمني لا يذكر أيضا ، ومعلوم أن المكررات أمر وارد في الكتاب المقدس للمسيحيين .

ويبدو أن هذه المعجزة هي التي ذكرها القرآن الكريم في سورة المائدة : 112 -115 وهي فيه قد نزلت من السماء أي أنها أقوى مما ذكر في باقي المصادر .

وفي فصل 156 :1 -7 من إنجيل برنابا أن المسيح عليه السلام بإذن الله قد شفا أكمها (أعمى منذ ولادته ) ، ولم يذكر هذه الواقعة رغم أهميتها إلا إنجيل يوحنا 9 :1-7 .

وينفرد إنجيل برنابا بذكره أن المسيح عليه السلام قد أوقف الشمس مدة اثنتي عشر ساعة بإذن الله للتدليل على صحة قصة عن هوشع وحجي ، وذلك في فصل 189 :2 .

كما انفرد بذكر واقعة أنه قام بدحرجة الجنود الرومانيين كما تدحرج البراميل بإذن الله عندما أرادوا أخذه (فصل 152 :22 - 27 ).

وفي إنجيل برنابا 193 :5 - 31 ورد أنه عليه السلام أقام لعازر أخو مريم المجدلية من الموت بعد دفنه بأربعة أيام ، والتي استقبلته مسرعة عند قدومه رغم أنه قال لها أنه لا يموت ولكنه مات . فصلى لله ثم قال لعازر هلم خارجا فقام وعليه كفنه .ولم يذكر هذه المعجزة إلا إنجيل يوحنا 1 -46 وبه ورد دعاء المسيح لله "ورفع يسوع عينيه إلى فوق وقال أيها الآب أشكرك لأنك سمعت لي وأنا علمت أنك في كل حين تسمع لي ولكن لأجل هذا الجمع الواقف قلت ليؤمنوا أنك أرسلتني" لم يقل ليؤمنوا أني إله أو ابن إله .

وقد ورد في إنجيل برنابا شفاء جموع بإذن الله في فصل 69 : 34 و71 :15 .

وفي إنجيل برنابا فصل 167 : 14 وللتدليل على أنه لا يجب رفض أمر ما لمجرد أن المرء يجهل كيفيه حدوثه ، يقول المسيح عليه السلام " حقا إني لم أجد أحدا يرفض الصحة وإن لم يمكن إدراك كيفيتها لأني لا أدري حتى الآن كيف يشفي الله المرض بواسطة لمسي " .

في فصل 70 :12 من إنجيل برنابا يقول المسيح عليه السلام " إذا كان إلهنا لم يرد أن يظهر نفسه لموسى عبده ولا لإيليا الذي أحبه كثيرا ولا لنبي أتظنون أن الله يظهر نفسه لهذا الجيل الفاقد الإيمان . أي معجزة أكبر من أن يظهر الله نفسه ، هل تعطى هذه المعجزة لكفرة بني إسرائيل ؟؟؟ أما في مرقس 8 :12 فترد نفس العبارة " لماذا يطلب هذا الجيل آية الحق أقول لكم لن يعطى هذا الجيل آية " بينما في لوقا 11 :29 " هذا الجيل شرير يطلب آية ولا تعطى له آية إلا آية يونان " وفي متى 12 :39 ومتى 16 :4 نفس المعنى الأخير .فهناك تناقض بينها وبين ما ورد في مرقس الذي قال أن هذا الجيل لا يعطى آية ، وتتناقض هذه النصوص مع الآيات (المعجزات ) التي صنعها بإذن الله وأوردتها الأناجيل .

هل اقتصر فعل هذه المعجزات على المسيح عليه السلام ليحسب أنه أكثر من إنسان ؟ في فصل 126 :3 و11 و16 من إنجيل برنابا شفى الله مرضى وأخرج شياطين على يدي تلاميذ المسيح عليه السلام ، ونفس الشيْ نجده في إنجيل لوقا 10 :17 ، 18 . فهل التلاميذ أيضا آلهة أو أنصاف آلهة ؟؟؟!



ويلاحظ أن إنجيل برنابا أشمل من أي من أناجيل المسيحيين في بيانه للمعجزات ، وكثيرا ما يكون وصفه لها أكثر إسهابا عنها . ولكنه يبين بوضوح قبل أوبعد الإتيان بأي معجزة منها أنها من الله وليست من المسيح ، بل وفي الآيات الكبرى (كإحياء الموتى بإذن الله ) فإنه يعترض على ظن البعض بقدرته عليها .

ولكن إنجيل برنابا بالمقارنة بالقرآن الكريم يظل قاصرا عن بيان كل ما آتى الله به رسوله ابن مريم من معجزات فلم يرد به أنه أخبرهم بما في بيوتهم ( ظننت يوما أن ذلك كان إشارة إلى الرجل الذي كان مع السامرية وليس بزوج لها ، والله أعلم ) كما لم يرد به أنه تكلم في المهد ( القرآن الكريم آل عمران :46 ،المائدة :110 ، مريم : 29،30 ) ، ولم يرد به أنه صنع من الطين كهيئة الطير ثم أحياها بإذن الله ( آل عمران :49 ) ( ولاشك أن هذه الآية أقوى من إحياء جسد ميت ) ، ولم يصف هو أو أي من أناجيل المسيحيين المائدة التي أنزلت من السماء ـ والتي أسمى الله بها إحدى سور القرآن الكريم ـ بالقدر من العظمة التي وصفت بها في القرآن الكريم .

دلالة المعجزات :

ماذا قال المسيح عليه السلام عن هذه المعجزات (الآيات ) ؟ في إنجيل يوحنا 5 :19 " الحق الحق أقول لكم لا يقدر الابن أن يعمل من نفسه شيئا " ، وفي إنجيل يوحنا 5 : 30 - 37 " أنا لا أقدر أن أفعل من نفسي شيئا كما أسمع أدين ودينونتي عادلة لأني لا أطلب مشيئتي بل مشيئة الآب الذي أرسلني " ـ هناك فرق بين مشيئته ومشيئة الله وهو من يعبر عنه هنا بالآب ، وهو إنما يتبع مشيئة الله ـ ." إن كنت أشهد لنفسي فشهادتي ليست حقا الذي يشهد لي هو آخر وأنا أعلم أن شهادته التي يشهدها لي هي حق .أنتم أرسلتم إلى يوحنا فشهد للحق وأنا لا أقبل شهادة من إنسان " ـ شهادته ليست حقا ولكن الآخر الذي يشهد له والذي ليس هو إنسانا هي شهادة الحق الله ،أليس هذا دليل تفارق بينه وبين الله ـ ويستمر النص المشار إليه " وأما أنا فلي شهادة أعظم من يوحنا لأن الأعمال التي أعطاني الآب لأعملها هذه الأعمال بعينها التي أعملها هي تشهد لي أن الآب قد أرسلني والآب نفسه الذي أرسلني يشهد لي . لم تسمعوا صوته قط ولا أبصرتم هيئته " يقول هذا وكل الجمع يسمعون صوته ويرون هيئته فكيف يكون هو الآب أو الآب هو ؟؟وواضح من النص أن الأعمال معطاة له وليست من عنده " التي أعطاني الآب " ودلالة هذه الأعمال أن الآب قد أرسله أي أنه رسول من رسل الله .كذا في إنجيل يوحنا 8 :28 "لست أفعل من نفسي شيئا بل أتكلم بهذا كما علمني أبي " .

تعاليم المسيح

أكد المسيح أكثر من مرة أنه لم يأت لنقض ناموس موسى "لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء ما جئت لأنقض بل لأكمل " ( متى 5 :17)وطالبهم بأن يتبعوه " على كرسي موسى جلس الكتبة والفريسيون فكل ما قالوه لكم أن تحفظوه فاحفظوه وافعلوه .ولكن حسب أعمالهم لا تعملوا لأنهم يقولون ولا يفعلون "( متى 23 :2 ،3 ) وكما في إنجيل لوقا 16 :17 " ولكن زوال السماء أو الأرض أيسر من أن تسقط نقطة واحدة من الناموس ". وأكد أن أهم الوصايا هي التوحيد " فقال يسوع تحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك هذه هي الوصية الأولى والعظمى "( متى 22 :27 ).وبينما أوضح إنجيل برنابا لعنة المسيح عليه السلام للأصنام ولعبّادها (فصل 26 -29 وفصل 33 :11 -23 وفصل 118 :1-4 وفصل 128 :1 - 7 وفصل 152 :7 - 21 وغيرها ) فإن أناجيل المسيحيين خلت من أي إشارة إلى لعنة الأوثان أو الأصنام مع أنه كانت هناك أصنام الرومان بل وكان بعض بني إسرائيل يعظمونها . ولما للتوحيد من أهمية خصص له فصل قائم بذاته . ولكن يبدو واضحا أنه أحل العمل في السبت فقد واظب على نقض هذا الأمر ،فقد أكل تلاميذه السنابل في السبت (متى 12 :1-5 ،مرقس 2 :23 -27 ،لوقا 6: 1-4 )وشفا بإذن الله ذي اليد المتيبسة في السبت (متى 12 :10- 12 ، مرقس 3:2-5 ، لوقا 6:6-10)وشفا بإذن الله المرأة المنحنية في يوم سبت (لوقا 13 :10- 16 )وشفا بإذن الله المستسقي في يوم سبت أيضا ( لوقا 14 : 1- 6 )وشفا المقعد مدة ثمانية وثلاثون سنة في يوم سبت (يوحنا 5 -18 ) وفي يوم سبت أيضا شفا بإذن الله إنسانا (يوحنا 7 :23 )كما أن شفاء الأكمة (المولود أعمى ) كان في يوم سبت (9 :14 -16 ) .

وفي القرآن الكريم ورد أنه بأمر الله قد أحل لهم بعض ما حرم عليهم " ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم " (آل عمران :50 ) فإذا أضفنا لهذا قول الله تعالى في القرآن الكريم "إنما جعل السبت على الذين إختلفوا فيه " (النحل :124 )وما في النساء :154 فإننا نستطيع أن نجزم بأنه أحل العمل في السبت .ومن قوله تعالى في القرآن الكريم " وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومها إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم "( الأنعام : 146 ) يفهم أن الله أحل لبني إسرائيل على لسان المسيح عليه السلام هذه المحرمات التي حرمت على اليهود .واحسب أن غسيل المسيح لأرجل تلاميذه يعني إضافة غسيل الأرجل إلى نسك الاغتسال للصلاة أضافته شريعة الله التي أعطاها للمسيح عليه السلام إذ يخلو الاغتسال للصلاة لدى اليهود من غسيل الأرجل ، مع بعض أمور أخر لم تبينها أي من الأناجيل سواء المعترف بها أم غير المعترف بها .

ولكنه لم يغير في الدين الذي أنزل على موسى وما كان له أو لغيره أن يغير فيه .فالله لا يتغير فكيف يتغير دينه .

وفي متى 23 :23 يوجز المسيح (عليه السلام )الخلاف الرئيسي بينه وبين الكتبة والفريسيين في قوله " ويل لكم أيها الكتبة والفريسيين المراءون لأنكم تعشرون النعنع والشبت والكمون وتركتم أثقل الناموس الحق والرحمة والإيمان كان ينبغي أن تعملوا هذه ولا تتركوا تلك ". وقد ورد هذا الحوار مفصلا في إنجيل برنابا فصل 32 :6 -20.

أما إنجيل برنابا فيسهب في وصف هذه الأمور لتشمل عديدا من الفصول يوضح فيها المسيح عليه السلام كيف تكون التوبة وكيف يمكن تعميق الإيمان وكيف يجب أن يكون التراحم … شارحا إياها ومؤيدا قوله بالنصوص التي سبق أن وردت على لسان أنبياء الله لبني إسرائيل .وأقواله تمثل قمة من قمم الحكمة البشرية ـ إذا افترضنا جدلا أن ما بها ليس وحيا إلهيا ألقي به لرسول الله المسيح عليه السلام ونقلها عنه برنابا ـ . وقد كانت هذه التعاليم هي السبب الأساسي لاهتمامي بنشر إنجيل برنابا ، فالحكمة هي ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أولى الناس بها ، كما قال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم .بل إن الحكمة البالغة التي تميزت بها هذه التعاليم في رأيي كافية وحدها لإثبات الأصل الإلهي لها .

أما أناجيل المسيحيين فإنها تكاد تكون خلوا من أمثال هذه الأقوال .

وبينما يبين إنجيل برنابا أن واحدة من أهم خصائص المسيح تبشيره بالنبي الذي يأتي بعده فقد وصف نفسه أكثر من مرة طبقا لما جاء بالنبوءة عنه شخصيا منها " أنا صوت صارخ في اليهودية كلها يصرخ :"أعدوا طريق رسول الرب " كما هو مكتوب في أشعيا" . (فصل 42 :10 ،11 ) .أما أناجيل المسيحيين فإنها تنسب هذا القول ليوحنا المعمدان (يحي عليه السلام ) باعتباره يبشر بالمسيح فهي تعتبر المسيح هو مسيا . ويفصل إنجيل برنابا تماما بين شخصية مسيا أو النبي أو رسول الرب أو المعزي وبين شخصية المسيح . على أن هناك في أناجيل المسيحيين نبوءات عن "النبي " وعن "المعزي " ، وهي تشير بوضوح لمحمد بن عبد الله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد تناولت هذا الموضوع بالتفصيل في فصل "محمد رسول الله " .