واستدلال النصارى على ألوهية المسيح بقول بولس عن المسيح : "مجد المسيح الذي هو صورة الله" (كورنثوس (2) 4/4) لا يصح فهو دليل على مغايرة المسيح لله فالإضافة تقتضي المغايرة ، وصورة الشيء ليست هي الشيء ،ومعنى صورة الله أي نائب عن الله في إبلاغ الشرع ، واستدلال النصارى على ألوهية المسيح بقول المسيح في إنجيل يوحنا: " إن إبراهيم تشوق إلى أن يرى يومي هذا، فقد رآني وابتهج بي، من قبل أن يكون إبراهيم كنت أنا " (يوحنا 8/56-58) لا يصح ؛ لأن المسيح كان له لحظة بداية ، وأي مخلوق له لحظة بداية ، ومادام له لحظة بداية فلا يقال عنه أزلي ، وقول المسيح : من قبل أن يكون إبراهيم كنت أنا لابد أن تأول تأويلاً يتفق مع كون المسيح له لحظة بداية أي من قبل أن يكون إبراهيم رسولاً كنت مكتوبا عند الله أنني سأكون رسولاً ،واستدلال النصارى على ألوهية المسيح بقول بولس عن المسيح : "الله خالق الجميع بيسوع المسيح" (أفسس3/9)، ومثله ما جاء في مقدمة يوحنا "كان في العالم ، وكون العالم به ، ولم يعرفه العالم" (يوحنا 1/10) ، " وبكلمة الله خلق الله السماوات والأرض" ( المزمور 13/6 ) لا يصح فالخلق هنا يستحيل أن يكون هو الخلق الحقيقي ؛ لأن المسيح ولد بعد خلق العالم فكيف خلق العالم به ، وكلمة الله صفة من صفاته ، والصفة لا تكون ذاتاً ، والمسيح ذات ثم إن جملة ( العالم خلق بالمسيح ) لا يمكن أن يفهم منها أن المسيح هو الخالق فليس الكلمة هي الخالقة كقولك إن الله خلق السماوات والأرض بقدرته فليست القدرة هي الخالقة ، والمقصود بالخلق هنا الخلق المجازي أي الخلق الروحي أي إحياء القلوب الموتى القاسية من ظلمة الكفر والمعاصي والطغيان إلى نور الهداية والإيمان ، واستدلال النصارى على ألوهية المسيح بقول بولس : "أنا أناشدك إذاً أمام الله والرب يسوع المسيح العتيد أن يدين الأحياء والأموات عند ظهوره وملكوته" (تيموثاوس (2) 4/1) مع النص التوراتي : " الله هو الديان" ( المزامير 5/6 ) لا يصح؛ فالدينونة أطلقت على المسيح وعلى تلاميذه ، ولم يقل أحد بتأليه تلاميذه بما فيهم الخائن يهوذا الأسخريوطي: " فقال لهم يسوع : الحق أقول لكم : إنكم أنتم الذين تبعتموني في التجديد ، متى جلس ابن الإنسان على كرسي مجده تجلسون أنتم أيضاً على اثني عشر كرسياً تدينون أسباط إسرائيل الاثني عشر" (متى 19/28) ثم هناك نصوص تنفي عن المسيح الدينونة " لأنه لم يرسل الله ابنه إلى العالم ليدين العالم بل ليخلّص به العالم. الذي يؤمن به لا يدان ، والذي لا يؤمن قد دين، لأنه لم يؤمن باسم ابن الله الوحيد" (يوحنا 3/17)، فالمسيح لن يدين أحدا ً، وفي إنجيل يوحنا قال المسيح : " وإن سمع أحد كلامي ولم يؤمن فأنا لا أدينه، لأني لم آت لأدين العالم بل لأخلص العالم، من رذلني ولم يقبل كلامي فله من يدينه. الكلام الذي تكلمت به هو يدينه في اليوم الأخير" (يوحنا 12/47-48 ،ومعنى الديان القاهر الحاكم القاضي الذي خضع له الناس والذي يطيعونه الناس ، وهذا لا ينطبق على المسيح فالناس لم يخضعوا له ، وقد حكم عليه جمع منهم بالموت ففي إنجيل مرقس : " فالجميع حكموا عليه أنه مستوجب الموت " (مرقس 14 / 64)

__________________