بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم وحمة الله وبركاته


زواج العربي بأجنبية.. مستجير من الرمضاء بالنار!




تعتبر قضية الزواج من أهم القضايا في حياة المرأة والرجل معاً؛ لما لهذه القضية من طبيعة فطرية أوجدها الله في البشر من أجل التناسل والتكاثر؛ لذلك فإن اختيار الزوجة أو اختيار الزوج من أصعب الأمور التي يواجهها الرجل والمرأة معاً عند اتخاذ قرار الزواج، الذي يترتب عليه تكوين أسرة يجب أن تتوفر لها كل المقومات النجاح لتأسيس جيل فاعل من الأبناء والبنات


ومن أهم تلك المقومات: الزوجة الصالحة. ولأن الزوجة هي عماد الأسرة فيجب التريث والتأني في اختيارها، وقد نصحنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بقوله فاظفر بذات الدين تربت يداك

ولكن اختيار الزوجة أصبحت له معايير أخرى، خاصة بعد ارتفاع المستوى التعليمي للمرأة وغلاء المهور والمشاكل الاقتصادية التي تعاني منها العديد من الدول العربية؛ لذلك انتشرت ظاهرة الزواج من أجنبية وسط الشباب العربي في الثلاثين عاماً الماضية، وساعد على انتشارها الدراسة بالخارج والسفر والاحتكاك بالثقافات الأخرى. ومعظم الشباب الذين يتزوجون من أجنبية لا يدركون مضار هذا الزواج وأخطاره، فاختلاف الجنسية واللغة ـ وأحيانا الدين! ـ يعني اختلافاً كبيراً في الأسس والمقومات والمعايير الفكرية، وهذا كله يؤثر تأثيراً مباشراً على هذا الزواج، ويتفاوت تأثيره وفقاً للمسافة الفكرية والعرقية

"لها أون لاين" تلقي الضوء على قضية زواج الشباب العربي من أجنبية خلال هذا التحقيق


اختلاف جنسية الزوجين.. السلبيات والإيجابيات

أحد الأزواج يقول إن كل أمر له جانبان


سلبي وإيجابي وقضية اختلاف الجنسيات بين الزوجين لها سلبياتها وإيجابياتها
فهناك عوامل كثيرة يمكن أن تجعل من الزواج مشروعاً فاشلاً منها التباعد الفكري والأخلاقي واختلاف المفاهيم والعادات والتقاليد ولكن العامل الأكبر هو الجنسية المشتركة، فعندما يقترن الرجل بزوجة من الجنسية ذاتها، يشعر بمشاركتها له في أفراحه وأحزانه، إذ إن اهتماماتهما تكون مشتركة، وهذا من شأنه أن يخلف ارتباطاً مثمراً، كما أن هذا الدم المشترك يزيل الحواجز اللغوية والاجتماعية بين الزوجين مما يعزز الحياة الزوجية.

أما في حالة الاختلاف فإن لذلك أثره الفعال على هذا الارتباط لاختلاف العادات والتقاليد وأساليب التفاهم فالمرأة الأجنبية ربما تخرج من كنف أسرة تعيش انفلاتاً أخلاقياً واجتماعياً ولا فرق بين الرجل والمرأة في معتقداتها وهذا في معظمه يتنافى مع ما هو موجود فعلياً في البيئة العربية وربما كانت المصلحة الشخصية للزوجة أهم من المصلحة العامة للزوجين مما يجعلها عديمة الشعور بزوجها، وهذا أمر لا بد من وقوعه إذا ما حدث فعلاً

فالفكر في بيئة يظلها الدين الإسلامي إضافة إلى العادات والتقاليد التي تعد بمثابة دعائم يجب على الفرد اتباعها تختلف عن بيئة كبيرة تنتشر فيها العقائد الفكرية وتتعدد فيها العادات وتختلف التقاليد والكل يمتلك حرية الرأي وكذلك الفعل ومن هذا الفعل تنشأ العداوة والبغضاء وهذا الاختلاف قد يؤدي إلى حياة زوجية منتهية فالاختلاف في الأفكار من الأسباب المهمة التي تقوض منزل الزوجية لما لها من أبعاد اجتماعية وأخلاقية ونفسية ربما تتسرب آثارها إلى الأبناء وبالتالي الانهيار التام للأسرة

شيرين طالبة في المرحلة الثانوية تحكي معاناتها
ولدت لأب مسلم عربي مصري الجنسية وأم مسيحية إنجليزية الجنسية ثم انفصلا بسبب الهوة العميقة بين الشرق والغرب في العادات والتقاليد والثقافة وقبل كل ذلك اختلاف الديانة الذي كان السبب الأساسي للطلاق حيث كانت الأم تحاول جذب أطفالها إليها لتلقينهم ديانتها واصطحابهم معها إلى الكنيسة ويعمل الأب جاهداً لانتشال أطفاله من الضياع وغرس الدين الإسلامي ومبادئه السامية في نفوسهم وعندما اشتد الصراع كان لا بد أن يقع أبغض الحلال فأخذ الأب أطفاله راغباً في تربيتهم على العادات والتقاليد الإسلامية والعربية في بلده.
وتضيف شيرين أنها عانت كثيراً هي وأخواتها من حرمان الأم، مما أثر على تحصيلهم العلمي، إضافة إلى أن والدهم لم يكن يرعاهم رعاية كافية لتعويضهم عن حنان الأم المفقود.

وتنصح شيرين كل شاب عربي مسلم يفكر في الزواج من امرأة أجنبية أن يدرس قراره جيداً قبل التنفيذ وأن يضع في اعتباره نتائج هذا الزواج وما سيترتب عليه من آثار سلبية يكون ضحيتها الأبناء.


* أميرة نموذج مختلف للأبناء الذين يولدون لأبوين يختلفان في الجنسية فهي سعيدة بأنها نتيجة خليط أب يمني وأم مجرية وتقول:

لقد اكتسبت مميزات كثيرة من هذا الخليط، فهي تتحدث أكثر من لغة وتحمل أكثر من هوية وقد أسلمت والدتها على يد أبيها ولم تنقطع صلتهم ببلد أبيهم فهم يزورونها في كل إجازة، ولها صداقات في البلدين، لكل ذلك فهي سعيدة وراضية عن وضعها.

وتختلف مشكلة سامية عن غيرها من الأبناء الذين يولدون لأبوين يختلفان في الجنسية، فأبوها سوداني وأمها إيطالية وقد أخذت سامية كل ملامح والدتها الإيطالية فهي ذات بشرة بيضاء وعينين زرقاوين وشعر أشقر وبما أنها تعيش في السودان فقد كانت ملامحها هي سبب معاناتها وخاصة عندما تتحدث بالعربية، فالكل يتساءل عن هويتها، وهي مطالبة بأن تثبت بأنها سودانية الجنسية وفي غالب الأحيان لا يصدقها أحد، خاصة وسط زميلاتها في الكلية، مما سبب لها إحباطاً شديداً، وتضيف: لقد وصل بها الأمر إلى درجة أنها حاولت أن تغير ملامحها عن طريق العدسات وصبغ شعرها حتى تغير ملامحها لتكون أقرب لأهل أبيها ولكنها تعبت فهي لا تستطيع أن تستمر في تزييف ملامحها طوال حياتها.

وحول تأثر الأبناء باختلاف جنسية الأبوين، تقول أم خالد ـ أستاذة علم نفس في إحدى الكليات الجامعية للبنات

إن الزواج في مضمونه هو استقرار نفس وتوافق وتفاهم مشترك وسكن ومودة ورحمة بين الزوجين، ولكي يكون الزواج كذلك لا بد أن يعتمد على قدر معين من التفاهم في أمور كثيرة، منها النواحي الثقافية والاجتماعية والتناسب الزمني بين أعمار الزوجين وفي حالة الاختلاف الكبير في هذه الأمور يحدث الكثير من المشكلات النفسية والتي يدفع الأبناء ثمنها. فإذا تناولنا حالة زوجين غير متفاهمين في النواحي السابقة فالأب من إحدى الدول العربية والأم من جنسية غير عربية تختلف عن الأب في أسلوب التربية والتنشئة الاجتماعية، وثقافتها مغايرة وتتحدث لغة غير عربية، ولها عادات وتقاليد اجتماعية مختلفة تختلف باختلاف البلد القادمة منها فما قد نراه في ثقافتنا عيباً قد يكون في تلك البلاد أمورا طبيعية فيحدث ما يسمى بسوء العلاقات الأسرية وتحدث المشاجرات والمنازعات مما يجعل الأبناء يشعرون بعدم الأمان والقلق ويدفعهم إلى البحث عن الأمن المفقود في البيت إلى مكان آخر فيصبحون صيداً سهلاً لرفقاء السوء أو الانحرافات السلوكية والمتمثلة في الهروب من المدرسة أو كثرة الغياب أو التأخر الدراسي أو التدخين أو الوقوع في براثن المخدرات.

وهناك أيضاً مشكلة اللغة فقد تواجه التلميذ صعوبة في التفاهم مع زملائه في المدرسة بسبب ازدواجية اللغة فأم التلميذ تتحدث بلغة غير عربية داخل البيت بصفة دائمة في حين يطلب منه التحدث باللغة العربية داخل المدرسة مما يحدث اضطرابات نفسية شديدة قد تصل إلى الوقوع في بعض الأمراض النفسية، مثل الانطواء أو الاكتئاب أو اضطرابات اللغة والكلام، والسبب ليس في التلميذ ولكنه نتيجة عدم التفاهم بين الأبوين بسبب اختلاف اللغة.

وتضيف أم خالد أن العلاقات الأسرية قد تزداد سوءاً بسبب عدم التفاهم لدرجة تصل إلى أن يهجر الزوج الزوجة أو يطلقها أو يترك المنزل ويهمل رعاية الأبناء وينشغل بأمور أخرى، فيدفع الأبناء ثمناً لذلك الحرمان العاطفي بين الوالدين أو أحدهما بسبب الهجر أو الطلاق أو السفر أو الإهمال مما ينتج عنه عدم إشباع الجانب العاطفي، وهو الأهم بالنسبة للأبناء وهم في أشد الحاجة إليه.

تضيف أن الاختلاف بين الزوجين قد يدفع كل طرف منهما إلى الإصرار في التعامل مع الأبناء من واقع تجربته وخبرته والتقليل من رأي الآخر وفي هذا ازدواجية في التعامل مع الأبناء، فكل واحد له أسلوبه الذي يخالف الأمر وتتأرجح المعاملة بينهما بين الجمود والتحرر والتساهل والشدة بطريقة يسيطر عليها التناقض، وهذا في حد ذاته يوجد في نفس الأبناء الاضطرابات الخلقية والسلوكية فتصبح شخصياتهم مهزوزة ومترددة.

الأستاذة عواطف العبيد ـ مستشارة تربوية ـ تقول: إن الأصل في الزواج أن يختار الرجل ذات الدين امتثالاً لأمر الرسول – صلى الله عليه وسلم –: "فاظفر بذات الدين تربت يداك". ولم يجعل الجنس أو اللون عائقاً أمام الرجل إذا أراد الزواج، فالأصل الإباحة. إلا أن واقعنا المعاصر وما نشهده من تغيرات جذرية في أحيان كثيرة يجعل زواج الرجل من بيئته أفضل له على المدى البعيد، فعادة ما تكون الزوجة من بيئة مختلفة كلياً عن الزوج وهنا تنشأ مشكلة انتماء الأبناء فهم غرباء في بلد الأب كما أنهم غرباء في بلد الأم أما إذا وقع الطلاق فإن صلتهم ستنقطع بأحد الوالدين تماماً؛ لأنهم سيعيشون في بلد الأب أو بلد الأم.

فكيف يكتب النجاح لزواج مثل هذا قائم على أسس ضعيفة؟!

فهذا الزواج سيفشل بكل تأكيد على المدى البعيد والعاقل من يحسبها بعقله لا بعاطفته وهواه.

وتناشد الأستاذة عواطف العبيد كل من يريد الزواج من أجنبية أن يحكم عقله ويراجع قراره ويدرس نتائجه وأن يضع في اعتباره أنه سيتنازل عن أمور كثيرة...

فالمسألة خطيرة جداً وتحتاج أن يتعامل معها الرجل بوعي كامل

يتبع ان شاء الله