جميل خرطبيل


2- يهوه :

ورد في دائرة المعارف الكتابية مادة: إيل ، الله ، الرب:

من أقدم أسماء الله المعروفة: " إيل " مع مشتقاته: إيليم، إلوهيم، إلوي. وإلوهيم هي صيغة جمع. وقد تدل كلمة إيل على المكانة التي تتمتع بالهيبة أو السلطة أو النفوذ. ثم استخدم كاسم علم لإله إسرائيل. وجاء أيضاً: ( إيل- الله !! ). ( وأقام هناك مذبحا ودعاه إيل اله إسرائيل ) أي الله!! إله إسرائيل( التكوين إصحاح 33: 20).

وفي مادة الله: وهو في العبرية: الوهيم، إيل، عليون، شداي، يهوه. ووردت أدون أو أدوناي، وهذه كلمة عبرية تعني السيد أو المولى. وإذا اقترنت أدوناي بكلمة يهوه فإنها تعني: الرب الإله.

وفي مادة ربّ: يهوه، وتترجم دائماً الرب.

ويقول جورج قرم: " حيثما وردت كلمة الرب في شواهد التوراة فهي في الأصل يهوه"(9).

وهناك حقيقة يجب أن نذكرها وهي أن المترجمين، استخدموا كلمة الله مقابل التسميات تلك، علماً بأن الإله عند اليهود لا يمت بصلة إلى الله الحقيقي!!

إذاً كل تلك التسميات تدل على مسمى واحد، ولا تعنينا هنا تطورات تلك التسميات عبر العهد القديم. إنما يهمنا هنا أن نرى أصل الإله اليهودي:

ترى ثريا منقوش في كتابها" التوحيد في تطوره التاريخي" أن الإله( يهوه) عرف في ثمود:
" ومن جملة الآلهة التي عبدت في منطقة ثمود إله عرف من النصوص الثمودية بالإله( يهو) ولم تقتصر عبادته عند الثموديين بل تغلغلت إلى صحراء مصر الشرقية وصحراء سيناء"(10).

وتقول ربما انتقل إلى مدين، وموسى أخذه عن أهل مدين. فالإله يهوه كان معروفاً في غرب الجزيرة العربية وبمحاذاة سلسلة جبل السراة (11).

وفراس السواح يتحدث عن مصدر الإله " يهوه " والذي هو كنعاني الأصل فيدمجه بالإله آتون ليوفق بين رأيه ورأي فرويد:

" فيهوه نفسه كان إلهاً كنعانياً على ما يبدو، فقد وجد في أرض كنعان عام 1931 بين المكتشفات قطع من الخزف من بقايا عصر البرونز كتب عليها اسم إله كنعاني هو " ياه " أو " ياهو " وهذا الإله ربما كان اليهود قد حملوه معهم إلى مصر ثم عادوا به مختلطاً بالإله آتون وذلك بعد هربهم من هناك أو طردهم"(12).

إلا أنه في" لغز عشتار"، يتخلى عن نظرية فرويد، ويحسم أمره:

" يهوه العبراني ليس إلا إيل الكنعاني في حلة جديدة وتحت اسم جديد فرضته طبيعة الإصلاح الديني الموسوي ورغبة العبرانيين فيما بعد بالتمييز عن جيرانهم الكنعانيين"(13).

" ولم يكن إله موسى التوراتي سوى إيل كنعان وإيل إبراهيم"(14).

نستنتج من ذلك أن إله اليهود" يهوه" إما مصدره كنعاني أو يمني أو من غرب الجزيرة العربية أو مصري. ومهما كانت الاحتمالات في المصدر الأساسي، فهي كلها تتفق على حقيقة جوهرية وهي: بأن اليهود إنما سرقوا فكرة الإله والدين من شعوب المنطقة وليس من إبداعهم.
وإذا عدنا إلى النص التوراتي- سفر التكوين- نكتشف أن ملكي صادق كان موحداً، واسمه يعني: " ملك البر أو السلام"، وكان إبراهيم النبي( في النص) دونه في التوحيد والمكانة فإله ملكي صادق هو إيل( أي الله). ويجب أن ننتبه إلى أن يهوه اليهودي صفاته متدنية، ولا تصل إلى سمو الإله الأصل الذي اقتبسوا عنه إلههم. فيهوه اليهودي إله قبلي خاص بهم، دموي ومحدود الرؤية والتفكير، عصبي المزاج سريع الغضب، قاس وشرير.
جاء في سفر التكوين، الإصحاح 14(18/19):( وملكي صادق ملك شاليم أخرج خبزاً وخمراً. وكان كاهناً لله العلي وباركه وقال مبارك إبرام من الله العلي مالك السموات والأرض).

وجاء في دائرة المعارف الكتابية (ملكي صادق):( ويرى البعض أن معرفة ملكي صادق بالله العلي الحقيقي، وصلت إليه في الأجيال القديمة منذ زمن الطوفان، أو أنه - مثل إبراهيم - تخلى عن الوثنية وتحول إلي التوحيد بإعلان مباشر من الله )(15).

إذاً لم يصل اليهود بعقلهم وذكائهم وحضارتهم إلى الإله والدين، بل كان ذلك سرقة لا أكثر. كما أنهم بقوا وثنيين، لأن يهوه كان خاصاً بهم، والخصوصية تعني الوثنية. بينما الإله العام للجميع هو التوحيد